صنعاء نيوز / *نزار جاف -
الاصلاحات، الحرکة الخضراء، التطبيع و إعادة التأهيل، مصطلحات کانت متداولة بصورة غير مألوفة طوال الاعوام الماضية، وکان لکل واحدة منها مدلولاتها و معانيها و مخارجها الخاصة، وقد احتلت کل واحدة منها مساحة و بعدا متميزا في الاعلام الاقليمي و الدولي، إذ کان يعول على إحداها او إثنتين منها او کلها في إحداث التغيير المناسب و المرجو في بنية النظام الايراني.
cid:
[email protected]
المصطلحات الثلاثة آنفة الذکر، لم يعد لها أي حضور يذکر في الاعلام بعد أن کانت"حديث الدنيا و شاغلة الناس"، وبدلا منها بدأت وسائل الاعلام المختلفة تردد مصطلحات جديدة من قبيل"التغيير في إيران"، "الربيع الايراني"، "تطبيق العقوبات الدولية"، "المقاومة الايرانية"، ولم يکن حدوث هذا"الانقلاب"الملفت للنظر في المصطلحات المتعلقة بالقاموس السياسي الخاص بالملف الايراني مجرد مسألة إعتباطية او طارئة وانما هي في حقيقة الامر حاصل تحصيل مسار و نهج سياسي للنظام الايراني و التأثيرات و التداخلات و التنافرات المستخلصة و المستجدة من جراء ذلك.
الاصلاحات في ظل نظام ولاية الفقيه، ذلك المصطلح الذي حمل مشعله علي أکبر هاشمي رفسنجاني بداية الامر ثم أدلى بها الى محمد خاتمي و بهرت العالم لأعوام عديدة من دون أن يکون لها أي إنعکاس او تأثير على أرض الواقع، أما الحرکة الخضراء التي هي في الاساس إتجاه سياسي نابع من رحم النظام نفسه و يهدف الى إجراء عملية جراحية في بعض مفاصل النظام"من دون التأثير على بنيته الاساسية"، فهي قد استنفذت أغراضها الاساسية بعد أن أثبتت فشلها في الکامل في قيادة و توجيه الانتفاضة الشعبية الايرانية عام 2009، وإنطوت و إنکفئت على نفسها و لم تعد سوى شئ من الماضي ان صح التعبير، وفيما يخص تطبيع العلاقات الدولية مع النظام و إعادة تأهيله، فهو أمر أدرك المجتمع الدولي إستحالته على الرغم من أن المجتمع الدولي قد قدم عروضا سخية و مغرية جدا للنظام من أجل ذلك کان أبرزها وضع منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة ضمن قائمة المنظمات الارهابية، و قبل ذلك غض الطرف عن جرائم الاغتيال السياسي الذي قام به النظام ضد معارضين إيرانيين کورد في فينا و برلين، في سبيل أن يتجاوب النظام مع القواعد الدولية و يقبل بدوره المناط به على ذلك الاساس، غير ان نظاما تعود على منطق"تصدير الارهاب"و"إثارة المشاکل و الازمات"، لا و لم و لن يکون في إمکانه أبدا التعايش و البقاء في أجواء يهيمن عليها الامن و الاستقرار وانما يريد أن يقبل به کعضو في المجتمع الدولي بقوانينه و شروطه الخاصة وهو بطبيعة الحال مالايمکن القبول به أبدا، ولذلك فإن هذا المصطلح قد بات في نهاية المطاف مصطلحا غير عملي و لايمکن الاستفادة منه بأي وجه من الوجوه.
النظام الايراني و أنصاره و مؤيديه، يسعون بکل مافي وسعهم من أجل عدم القبول بالامر الواقع و يصرون على السباحة ضد التيار، لقد إنتهت المرحلة الذهبية من عمر النظام و هو يعيش الان مرحلة الصدأ و الزنجار لأن تآکله و تصدعه قد بدأ فعلا، وليس بإمکان مبتدئ بالسياسة أن يقول بأن قوة و مکانة النظام الايراني عام 1995 مثلا هي نفس قوته و مکانته عام 2012، حيث أن قوة الاعوام الماضية قد ذهبت الى غير رجعة وليس أمام النظام"کأي کهل يتصابى"، سوى الاستعانة إجراء الرتوشات و الفذلکات المناسبة على هيکله العام"وليس على بنيته فقد قضي أمرها"، لکن(لايصلح العطار ماأفسده الدهر)، ومن هنا، فإن النظام على مشارف دخوله بوابة مفترق يؤدي الى طرق أهونها ترکه السلطة طواعية و خروجه بکرامته من الساحة السياسية لإيران، لکنه قطعا لن يفعل ذلك أبدا لأنه لايحمل ذرة حب و عطف و انسانية تجاه شعبه بل وحتى ليس بإمکانه أن يتحلى بشئ من أخلاق الشاه الراحل عندما إستسلم للأمر الواقع و ترك البلاد نزولا عند رغبة الشعب، وهو بذلك يقف بوجه سنن التأريخ و منطق التغيير، وأن النار الهادئة تحت الصفيح الايراني الساخن أساسا ستحرق في النتيجة أقدام النظام و تجبره على الانصياع ذليلا لذلك الربيع الايراني القادم قريبا و الذي بات ملالي إيران يشمون نسائمه منذ بدأت قوائم نظام بشار الاسد تترنح!
*. كاتب و باحث عراقي