صنعاء نيوز/عبداللَّه الصعفاني - -
هل عندنا رغبة حقيقية في إصلاح أحوالنا المائلة في هذه البلاد التي وصفت ببلد الحكمة والإيمان.. فإذا بمجاميع من أبنائها يتبارون على إثبات أن الأمر ليس كذلك.
هل عندنا رغبة حقيقية في إصلاح أحوالنا المائلة في هذه البلاد التي وصفت ببلد الحكمة والإيمان.. فإذا بمجاميع من أبنائها يتبارون على إثبات أن الأمر ليس كذلك.
} لم يعد الكثيرون ممن تعرض حمار صبرهم للقهر يعولون كثيراً أو حتى قليلاً على مثل هذا السؤال ولا على إجابته.. ربما لأن الأجوبة واضحة من عناوينها.. وربما لأنه ليس أسوأ من ذل السؤال إلاَّ ذل الإجابة وعجزها.
} سمّوه تشاؤماً.. لكن مع المتشائم كل الحق إذا سأل المتفائلون : ما هو دليل هذه الرغبة في إصلاح الحال المائل؟ وما هي آفاق هذه الرغبة؟ وما الذي وفّرناه ونوفّره من العوامل الموضوعية للتنفيذ؟
} كما تلاحظون تبدو الإجابات مرتعشة ارتعاشة هذا التنافر بين الذي نقوله وما نفعله.. بين تشريعات تتقوس من ثقلها ظهور قوافل من الجِمال لكنها عاجزة عن إقناع جميع أهل الحِل والعقد بتنفيذها ولو من باب القول التنموي الذاتي «أتح لنفسك فرصة».
} ولا يجاري التشريعات النافذة من دون نفاذ إلاَّ عدد المؤتمرات والندوات التي ناقشت المشاكل وتلمست الحلول وولّدت التوصيات.. فيما النتيجة لم ينجح أحد.. حيث لا تقييم ولا متابعة للنتائج بعد مرور زمن على مختتم الكلام؟
} دعونا من هذا الفاصل الذي حمله ربيع العرب وخريفهم ولنستحضر استفهاميات لا بأس إن جاءت من قبيل البكاء على اللبن المسكوب.. حيث الصيف هو الآخر موعد مع فساد اللبن تماماً كالشتاء الذي أضعنا فيه الذمم!!
}} المكابرة في التحايل على الدستور والقوانين وإفراغ أغاني النشرة من معانيها قاد إلى مستمع وقارئ إذا لم يتميز من الغيظ مما يسمعه فإنه يخرج لسان التهكم ويقطب جبين الاستنكار من بروق سحب تلمع وتتقارح لكنها لا تمطر.. ومن جديد هل عندنا رغبة في إصلاح أحوالنا المائلة؟ وما هي آفاق هذه الإصلاحات؟ وما الذي وفّرناه من عوامل التنفيذ الموضوعية؟
منذ ثورة سبتمبر ونحن نخطو خطوة لنعود خطوتين وسط سباق المثابرين على توزيع دماء قضية التقدم على القبائل.
أكثر من نصف قرن من تسويف المسوفين ونهب الناهبين واحتقان الفاسدين وتدليل الظالمين والتواطؤ مع البهلوانيين والمقطقطين اللاعبين على كل الحبال.. ووصل الحال بنا حد أنه عندما فكّر الشباب بعمل ثورة سقطت تحت مفارقات تستدعي قول المسيح عليه السلام : مَنْ كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر!!
} تقول أبجديات البلدان الناهضة التي تأخذ بمبادئ العدالة والحكم الرشيد.. أننا كتبنا أفضل المواد الدستورية ولم ننفذها.. وحشدنا أغزر ما في القوانين ثم ضربنا الأولى في الثانية ليبقى السؤال القديم معلّقاً : متى تكون الهيبة للدولة والسيادة للقانون؟
} وحتى عندما نفذنا بعض مصطلحات العالم الناهض حولناها إلى محض أغنيات وأسطوانات مشروخة.. متطايرة تقود إلى ذات الشكوى.. فمن قات هو السلوى وهو البلوى إلى سلاح هو المجرم وهو الضحية.. حيث كانت عند المقتول رغبة في إزهاق روح القاتل.
} فصلنا بين السلطات ولم نفصل؟ وضعنا دستوراً ولم ننفذه.. أعلنّا المواطنة المتساوية فبقي المستنسخ من زمن العبد وزمن الجارية.. تحدثنا عن سيادة القانون وطوّعناه تحت أقدام الوجاهات والنافذين من نهّابة الأراضي ولصوص خطف الكحل من العين.
} الحرية عندنا أن أَقِلّ أدبي عليك وتفعل أنت ما تريد.. والديمقراطية أن يقرط النافذ كل شيء بطريقة ديمقراطية.
} عندنا تقدم في الحريات حد الفوضى وتعطيل لمفاهيم المسؤولية وقواعد المحاسبة.. وعندنا ديمقراطية تحتضن البيروقراطية.. وكلام كبير محكوم بالترهل وعدم احترام الواجب أو الوفاء باستحقاقات الوظيفة.. وهدرة إنسانية لا تراعي أنه رُب كلمة قالت لصاحبها دعني اللَّه يرحم والديك.. وعندنا - أيضاً - نزوع بائس بائس لإلغاء الآخر.. وفردية مشدودة إلى عقدة الخوف من زقّ المهرة.
} نلوك أحاديث النزاهة والشفافية ونسوي أمورنا مع الفاسدين.. سيولة في ادّعاء الإنسانية والتصرف بعقد سادية.. حيرة بين النفخة الكذابة وبين المرونة الرخوة.. دونما إدراك لقدرة الآخر على فهم ما أصاب برقوق أهل السوق.
} ولا حل لكل هذه المعادلات التي يتسابق المتسابقون على صناعتها إلاَّ باستدعاء الشفافية والتحقيق في كل ظاهرة مرضية والتأسيس لسلطة حقيقية لا يتم فيها دعم الكاذب أو تأمين الخائن أو إعلاء شأن الرويبضة.