صنعاء نيوز/جميل مفرح - -
يا ألهي عفوك وغفرانك، نسألك أن تلطف بنا، وأن تجعل بمداواتنا مما يستحق سريع نجدتك وكرم إغاثتك.. ما الذي يحدث فينا منا وعبرنا؟ وما الذي صرنا إليه من وحشية غبراء تتبرأ من فداحتها أعتم الظلمات وتستنكر كيفيتها الحيوانية في أشد ضراوتها.. غدت تضاريسنا التي ندعي إنسانيتها ونعتقد بلا حدود بسويتها ونؤمن مطلقا بسمو رتبتها، موحشة حد الإيلاء،
> يا ألهي عفوك وغفرانك، نسألك أن تلطف بنا، وأن تجعل بمداواتنا مما يستحق سريع نجدتك وكرم إغاثتك.. ما الذي يحدث فينا منا وعبرنا؟ وما الذي صرنا إليه من وحشية غبراء تتبرأ من فداحتها أعتم الظلمات وتستنكر كيفيتها الحيوانية في أشد ضراوتها.. غدت تضاريسنا التي ندعي إنسانيتها ونعتقد بلا حدود بسويتها ونؤمن مطلقا بسمو رتبتها، موحشة حد الإيلاء، ومهجورة حد الاخافة أو غائبة حد العدم.. صرنا مقفرين كخرائب لم تعد تستطيع حتى البكاء، لم نعد نجد مما أودعت فينا من صفات البشر سوى زخات الشر تراوح بنا بين التصديق والتكذيب وبين الاعتراف والاستكبار، بين السخرية من ذواتنا والخوف مما ستغدو عليه خلال اللحظات الوجيزة القادمة.
> سيدي.. لم نعد ندرك مما شيدته نفخاتك في تفاصيلنا إلا ما تخدعنا به المرآة من هياكل ومجسمات متهالك كل ما بداخلها من فرضيات واعتقادات وظنون في المشابهة بالإنسان الذي يجب أو كان يجب أن يكون ذلك ما يمليه التعود على حواسنا ويفرض عليها أن تؤمن به وبما غاب عنها من أوصافنا وتشاكل عليها من سرائرنا..
> سيدي ها نحن كل اعتراف وحساب سري للذات لا نجد في أحافيرنا أي طلل حقيقي يدل على كوننا مكرمين كما قالت وتقول لنا نصوصك الماجدة الخالدة، ها نحن لا نحتكم على حقيقة لنا سوى أننا لا نمتلك حقيقة وإن دققنا في كل ذرة من ذرات وجودنا، وأحيانا يصل بنا الكفر بأنفسنا حد الفصام والانقسام على برزخ حدود مساحته ممتدة بين جداري الأزل والأبد.. ولا تخفيك الاعتراف بأننا حتى لا نكاد نصدق بأننا كنا يوما أو لحظة من الدهر حقيقة أو جزءا من حقيقة.
> إلهنا المقدس العظيم.. ترفق بنا قبل أن نحاول أن نغدو آلهة من غبار، وقبل أن نتحول إلى قصاصة هشة متبقية من زاوية صفحة مطموسة بالخيلاء بترت من كتاب قديم جدا، أزهقت روحه وتناثرت أشلاؤه إبان غزواتنا المغولية الشريرة على ما تبقى من دعة وسلام واعتدال في مساحاتنا التي أصبحت أضيق من أن تذكر.
> ربنا الكبير حد الألوهية والربوبية والرأفة والرحمة حد القداسة في منتهاها والجلال في اطلاقيته.. لم تعد المحبة تستطيع النيل من أفئدتنا لم تعد تجد لنفسها مكانا شاغرا يليق بقدسيتها.. صارت متسولة وضيعة وزائرة غريبة نصدها فقط لنمط من مكانتها ولنشعرها بعدم الحاجة إليها في هذا العصر المفرط في التقدمة.. سيدنا المحبة بهجة فرأف بها منا ما دامت لم تعد قادرة على أن تتخللنا وتصبح شيئا منا.
> ربنا لا تضق بنا ذرعا ولا تأبه بنا، عدا في اللحظات الأخيرة من التأرجح على مشارف الخطايا الكبرى، أدركنا فقط قبل ومضة من الإعياء وقبل أن تمزق سلاسل النجاة أكفنا ببرهة أو بعض برهة.. ذلك كاف لأن نستعيد ولو متأخرين ذاكرتنا وذكرياتنا من إنسانيتنا المزعومة، ولأن نتذكر أنك دائم الوجود من حولنا تحرسنا من أنفسنا، وتلاطف بأنفسنا منا.