صنعاء نيوز/محاسن الحواتي - -
لعلها بخير .. حاولنا مرارا التواصل معها أيام الثورة الليبية هاتفها لا يرد كلما قصفت طرابلس العاصمة ذكرنا حبيبة ، وآخرين وكل الشعب الليبي، لكنها الوحيدة التي سألنا الله أن ترد علينا .. ما حكاية حبيبة؟ هي امرأة في الخمسين من عمرها ممتلئة بيضاء ذات وجه بيضاوي جميل يشع بالطيبة جلست أمامنا في مطار القاهرة وصالة القاهرة همست لوالدتي (انظري يا أمي إلى هذه المرأة ألا تشبه فلانة أو كأنها هي) .. ثبتت أمي نظارتها على وجهها جيدا وقالت (سبحان الله يخلق من الشبه أربعين) عندما ابتسمنا .. بادلتنا المرأة الابتسامة بل جاءت وانضمت إلينا طلبنا ثلاثة شاي .. حدثناها بما قلنا ضحكت وقالت (أنا كأني أعرفكم من قبل) تبادلنا الكلام وتعرفنا ببعض هي مغادرة إلى بيتها في لبيبيا ونحن مغادرون إلى صنعاء .. هي مصرية تزوجت بليبي في السبعينيات وانجبت منه ثلاثة ذكور وبنتاً واحدة اسمتها محاسن على اسم أمها ، غادرت مصر مع زوجها ولم تعد إلا بعد خمس عشرة سنة عندما رجعت وجدت الشقة فارغة إلا من شقيقها الأصغر لقد توفت والدتها وغادر أخواها الكبار الشقة وبقي الصغير شاباً في العشرينيات وحيدا .. روت هذه الحكاية وهي تبكي .. بكاء مرا على والدتها التي لم ترها وعلى حياتها التي انتهت بوفاة زوجها الليبي وزواج ابنتها الوحيدة محاسن ومغادرتها إلى السعودية.
❊ تقول حبيبة: هذه زيارتي الثانية لمصر بعد سبع سنوات جئت لأرى إخوتي واطمئن عليهم .. لقد تزوج اخي الصغير وسكن هو وأسرته الصغيرة في الشقة .. عندما جئت لم يقابلن بسرور بل ظن أنني جئت للإقامة في مصر وبالتالي مشاركته الشقة .. حاولت أن أفهمه لكنه اتهمني بأني السبب في وفاة أمي لأنها كانت تسأل عليّ ليل نهار على حد قوله وأنا غير مهمته وأن أمي أصيبت بالجلطة لأنها كانت تكتوي بنار الفراق كل يوم »ابنتها الوحيدة غادرت ولم تسأل عنها ٥١ سنة«.
تروي حبيبة هذه الفصول المؤلمة من حياتها ودموعها تنهمر ووجهها أحمر وجفونها زادت انتفاخا كل ذلك في صالة المغادرة وهي تنتظر هبوط طائرة (الخطوط الجوية الافريقية الليبية) في ٩٠٠٢م بكينا مع حبيبة وهي تختتم مأساتها بالقول لم أمكث مع إخوتي سوى أسبوعين فقط اتهموني جميعا أنني سبب وفاة أمي مع أن ظروفي كانت لا تسمح لي بالسفر إلى مصر زوجي في البداية كان قاسيا وديكتاتورياً غيوراً منعني من الخروج إلا معه ..
ثم مرض بعد زواجي بخمس سنوات ولازمته في مرضه سنوات طوال إلى أن مات .. أبنائي عندما التحقوا بالجامعة وجدت الوقت والفرصة للسفر .. ابنتي الوحيدة بالسعودية مع زوجها وثلاثة أبناء وطفلة أخاف لو تغيب عني عدد تلك السنوات التي غبتها عن أمي أو أموت دون أن أراها .. أخاف التاريخ يعيد نفسه أنا وحيدة أمس ماتت والدتي وأنا مسافرة وبنتي وحيدة التي اسميتها لأمي محاسن .. تزوجت وسافرت وتركتني وقد سمت ابنتها الوحيدة حبيبة على اسمي .. ودعنا بعضاً وتعاهدنا على التواصل وليطمئن كل على الآخر..
❊ إنها الأقدار تلعب لعبتها مع حبيبة المرأة الجميلة ذات القلب الرقيق عندما اندلعت الثورة الليبية حاولنا أن نتواصل معها لكن تلفونها صامت صامت .. فيارب اكتب لحبيبة عمرا ترى فيه ابنتها وحفيدتها وإخوتها.