صنعاءنيوز/بقلم/فيصل الصوفي -
تقول حكاية صينية قديمة إن فلاحا بحث في أرجاء بيته عن فأسه ولم يعثر عليه، فأدرك أن الفأس قد سرق.. أطل من النافذة يراقب أولادا يلعبون في الجوار، ولفت انتباهه أحد الصبية، ظنه الذي سرق الفأس.. ولكي يتأكد أخذ يراقب تصرفات الصبي، وفي النهاية قرر أن حركاته وكل شيء فيه يدل على أنه سارق فؤوس نموذجي، وأنه هو الذي سرق الفأس من داخل البيت.. وفي اليوم التالي ذهب الفلاح إلى مزرعته ووجد فأسه هناك وتذكر أنه نسيه في اليوم السابق ولم يأخذه معه إلى البيت.. وعاد مرة أخرى يتفرس في ذلك الصبي ويراقب تصرفاته فلم يلاحظ فيها ما يدل على أنها تصرفات سارق فؤوس..
في الحياة العامة يفكر كثير من الناس، بمن في ذلك السياسيون بالطريقة نفسها التي فكر بها ذلك الفلاح الصيني، تصوراتهم الخاصة يسقطونها على الآخرين ويحكمون عليهم بناء على تلك التصورات الذاتية، وإذا كان الفلاح بطل تلك الحكاية الصينية قد صحح نظرته إلى ذلك الصبي بعد أن عرف الحقيقة واكتشف أن الفأس لم يسرق وأنه هو الذي نسيه، فإن بعض جهابذة السياسة عندنا ينسون فؤوسهم ويتهمون خصومهم الأبرياء بسرقتها.. يسقطون عيوبهم على الآخرين ويحملونهم أسباب عجزهم وفشلهم.. يصرون دائما أن الآخر هو المشكلة، ولا يمنحون عقولهم فرصة التفكير في أسلوب تفكيرهم ومراجعة تصرفاتهم التي هي سبب مشاكلهم، وحتى لو عرفوا الحقيقة في نهاية المطاف يخفونها في مستقر نفوسهم ويستمرون في المكابرة على طريقة المعاند اليمني "عنزة ولو طارت".
الرئيس السابق علي عبدالله صالح سلم السلطة بطريقة حضارية.. سلمية.. ديمقراطية، ودخل منذ ذلك الحين وحتى اليوم مصطلح جديد في الأدبيات السياسية العربية والدولية يعرف بــــــ"النموذج اليمني" في حل الأزمات السياسية التي خلقها "التبيع العربي"، ولا يزال علي عبدالله صالح متمسكاً بالمرجعيات التي أنتجت النموذج اليمني، ويقود حزبه في هذا الاتجاه حرصا منهما على مصالح اليمنيين.. في حين أن الآخرين لا يكتفون بتضييع الفؤوس وعرقلة الجهود الهادفة بلوغ التسوية نهايتها بنجاح، بل يخلقون كل يوم مشاكل جديدة، ويلقون باللائمة على صالح.. يختصرون القضايا والمشاكل الكبيرة إلى أربعة حروف.. ص ا ل ح.. ويحلونها حلولا خاطئة إضافة إلى ما فيها من لغة آمرة ووصاية ونزعة إقصائية، وأخلاق مرذولة أيضا.. يغادر البلاد!!.. يعتزل العمل السياسي.. يترك رئاسة حزب المؤتمر..
وبالمناسبة.. بوسعنا جميعا المقارنة- وبتجرد- بين صالح الذي أعاد الرؤساء والزعماء اليمنيين المنفيين إلى وطنهم، وبين حملة الفؤوس الذين يسعون لإخراج صالح من وطنه اليوم.. بين صالح الذي كان له الفضل الأول في تطبيق الديمقراطية ورعاية العمل السياسي وحماية التعددية الحزبية وبين هؤلاء الذين لا يستطيعون رؤية الديمقراطية والتعددية الحزبية والتنافس السياسي إلا إذا خلت الساحة من حزب المؤتمر الشعبي وقيادته..