صنعاء نيوز/الكاتب علاء الريماوي -
نجح الغرب ومعه إسرائيل في صناعة فزاعات عالمية تديم حالة الحرب على ديار المسلمين واستباحة أراضيهم وترسيخ قواعدهم بحجة محاربة الإرهاب الذي تشكل في حربه من محور خير كما سماه بوش الصغير .
في حكاية المحور والصغير كان التخطيط الأمريكي حينها يقوم على فكرة بناء شرق أوسط جديد يعيد ترتيب المنطقة بحيث يتم التخلص من صدام حسين ، مع إعادة ترتيب لحكم سوريا ، لبنان ، ومن ثم منهجية تغيير في شكل الدولة في إيران ، وبعدها زحف منظم في أفغانستان وباكستان يتيح ترتيب منطقة تشكل موردا اقتصاديا مهما مع الخليج العربي .
والاهم ضمان حالة من التبعية التي لا تعطل الهيمنة الأمريكية على المنطقة مضافا إلى ذلك بقاء اسرائيل الوكيل المتحكم والامر .
هذه الحالة القائمة رسخت ظهور ما يعرف بالحركات الجهادية التي كانت حاضرة منذ السبعينيات في مصر بعد قيام النظام حينها بضرب قواعد حركة الإخوان بقوة جعلت بعض الشباب يرى في الإعدامات والعذاب الذي تعرض له مبررا للخروج على الدولة ومقاومة ظلمها .
هذا الشعور بالألم بدأ يتحول الى منهجية فكرية وشرعية تستهوي الشباب الذي يعيش فطرة المواجهة ، والثأر من الظلمة حتى أصبح يتجذر لدينا وجود لجماعات التكفير والهجرة والجهاد .
هذا الفكر اخذ بالرسوخ بعد متغيرات مهمة تلاحقت في المنطقة جعلت من الصعب مقاومتها بالفكر والإقناع وهذه المتغيرات هي .
1. الثورة الإيرانية وشعور في جيل الشباب أن الظلم يمكن القيام عليه والنجاح في إسقاطه خاصة أن فساد الأنظمة البين ، وعجزها الواضح كان أقوى من النظر في العواقب التي ستجرها حالة المواجهة المفتوحه .
2. مذبحة حما السورية كانت فيصل الفكر مع إعدامات مصر للعلماء والتي أو جدت قاعدة مهمة لقناعة التكفير الذي أصبح مدرسة جدلية قادرة على الإقناع في ظل فقدان حجة الدفاع المنطقي عن منهج الاعتدال والوسطية .
3. حرب الروس في أفغانستان : أسست هذه الحرب ظاهرة استقطاب للشباب ، وحققت للسيف والنار شهرة عالية وتفاعل منقطع النظير بين كافة الأوساط مما جعل حالة الإسناد شعبية في الوطن العربي .
4. اتفاق رسمي وغربي على حرب الإخوان المسلمين ومطاردتهم بكل الوسائل مع تشجيع كبير للحركات السلفية والصوفية وتقريبهما لعمل إحلال في توجهات الشباب المتدين ، مع ظهور في هذه المرحلة للتيارات الخليجية التي يعرف عنها الحدة لطبيعتها الموروثة عن البيئة والمحيط والتي يسهل عندها حكم التكفير والتفسيق والتضليل .
هذه النقاط الأربع قابلها تغير في مزاج الانظمة (التي حرصت على القرب من هذه الجماعات واحيانا الاستخدام ) خاصة في نظرتها للمجاهدين الأفغان الذين استقبلوا بالاعتقال والمضايقة والمتابعة مما جعل القناعة تتجذر بضرورة المواجهة وخاصة أن هؤلاء الشباب يحملون فكرا يعتبر أدوات النظام كافرة مباحة الدم .
هذه القناعة تبلورت على شكل كيانات منظمة ترسخ لها رمزية مقبولة ، محببة تمثلت بالشيخ اسامة بن لادن الذي نجحت أمريكا في كسب عداوته الظاهرة بعد محاولة اغتياله في السودان والتي تزامت مع شعور عروبي دافق حمل أمريكا مآسي الوطن العربي ودعم الكيان الصهيوني في حرق الفلسطينيين .
هذا الواقع تزامن مع تدهور غير مسبوق وسقوط مدوي للنظام الرسمي العربي في قدرته على نصرة الشعب الفلسطيني ومواجهة الغرب في سيطرته على المنطقة .
هذا العجز رافقه موجة قمع غير مسبوقة لمعارضي النظام الرسمي ، و رافق ذلك بروزا لحركات مقاومة في فلسطين ، لبنان أعادة بوصلة الثقافة العربية الى حقيقة قدرة المواجهة وهزيمة المشروع الغربي المتمثل في الحركة الصهيونية في فلسطين .
هذه القناعة تحولت الى موجة أحداث الحادي عشر من سبتمبر والتي كانت فيصل المواجهة التي بعثرت الأوراق في أفغانستان ، العراق ، ومن ثم الصومال ، مما جعل الساحات هذه محضن مواجهة ومبررا لحمل السلاح .
حمل السلاح ومبرره يمكن تلخيص اسبابه في النقاط الاتيه .
1. غياب الأمل لدى الشباب في الدول العربية والإسلامية في تحقيق الأحلام واللحاق بركب الحضارة .
2. تغلغل الدولة الأمنية على حساب العدالة المجتمعية والولوغ في أعراض الناس من غير رحمة ولا سياسة تعزز حالة الانتماء .
3. غياب القدوة المثل ( السني ) الرائد والقائد في عملية النهضة و الأخطر السماح إلى انتقال الى جهات مرجعية خارجة عن فلسفة وثقافة الأمة .
4. فشل مصر والسعوديه في احتواء الأمة وقيادتها خاصة في ملفات فلسطين ، العراق مما جعل حاضن الغضب يخرج من قمقمه في المنطقه .
5. بروز مشيخة السلطان بصورة الذليل المضيع لدينه الخائف من قول الحق ، الفاسد والراقص على موائد الأرز والفتيت مما جعل البحث عن مرجعيات مغبرة ثيابهم في ميدان العمل مما ساعد على تسود من هم اقل دراية والأقرب للمجزافة .
6. الاختراق الأمني والاستخدام من المخابرات العاملة عربيا وغربيا في استخدام الشباب الصادق في أجندات المنطقة وحسابات المحاور مما جعل عصاة الساحر تنقلب على سيدها .
هذا الحديث المتشعب خليط مقتضب ، نجد فيه أن جيل الشباب المتفجر ، يحمل إثمه ، أنظمة الفساد العربي ، ورجال مشيخته ، وأركان السياسة التي تمسحت بالسلطان وغضت الطرف عن قمع الإسلام المعتدل .
اليوم لا بد لنا من التنويه على أنه تحقق للوطن العربي فرصة تاريخية في التغيير الذي تكون بعد الربيع العربي والمتمثل بصعود ديمقراطي في مصر ، تونس ، المغرب ، ليببا ، هذا الصعود نعمة في كونه ميلاد لامل في التغيير سيمهد لحالة ايجابية تفاعلية يمكن لها أن تحقق الكثير .
لكنها في المقابل مرعبة خطرة ، مدمرة ، اذا حاول نظام العسكر ومرتزقته ، وأعداء التغير ، وأبواق الدولار ( كما يفعلون اليوم ) إفشال هذا المشروع .
أنا أتنبؤ إذا استمر الافشال قائما بموجة عنف لن يحمد عقباها .
لأن القناعة بخيارعدم التداول للسلطة والمؤامرة إن ترسخت في ذهنية المقهور فسيتحول ذلك الى جنون لا يستطيع ضبطه عاقل معتدل ، ولا مرشد واع ومعها سيتحول الوطن العربي الى عراق جديد بنسخة الدم .
|