صنعاء نيوز/الكاتب علاء الريماوي -
الانسان قيمة الحياة ، وقيل الانسان أغلى ما نملك ، النبي صلى الله عليه وسلم إعتبر أن دم المسلم يعدل عنده الكعبة وبذلك كان رباط مقاصد الشريعة حفظ النفس هذا ما أكده الاثر الوارد في قصة عمار بن ياسر الذي اباح له النبي إظهار الكفر حين اليقين بالهلاك .
هذا المعنى اكدته ايضا الثقافة الاممية التي اعتبرت فلسفة التنمية قائمة على العدالة وتحقيق قيمة الانسان الذي تدور معه التنميه به ، ومعه ولاجله .
هذا الفهم ظل غائبا في حضرة التكوين المادي للحياة وارتفاع المادة على قيمة البشر ، بل زاد الامر بؤسا حين رسخت نظم الاستبداد معاني العبودية في البشر معتبرة الشعوب مرتزقة الحاكم الذي يموت الناس فداؤه ، ويجوعون حتى تشبع دوابه .
هذه المقدمة أردتها لحوار أضطرر اليه على حاجز مع ضابط شرطة صهيوني على أحد الطرق الالتفافية التي تجمع العرب والمستعمرين في الضفة الغربية .
الحاجز أقيم بهدف فحص المركبات الخاصة ، والعامة على حد سواء ، أوقفنا شرطي وجاء معه مجموعة من المختصين الذين بدأوا فحص المركبة التي نستقل .
في عملية الفحص كان التركيز على النوافذ والتهوية والمكيف ومتانة المقاعد ، والعدد المسموح به داخل المركبة ، حزام الامان ، وصلاحية المقاعد في المركبه .
ثم انتقل الفاحص الى الهيكل الخارجي وصوت المحرك ، وسلامة الاطارات ، ووجود الاحتياط ، وأسئلة أخرى تتعلق بالسائق ورخصته .
أثناء العمل وبفضول الصحفي نحن لسنا تحت سيادتكم وهذا عمل الشرطة الفلسطينية ، ضحك ثم تدخل شرطي اخر وقال أنتم حين تمرون في( شوارعنا) تشكلون على مواطني اسرائيل خطر ، عشرات الحوادث في هذا الطريق السيارات العربية هي سببها .
في النقاش عرفت أن وزارة المواصلات في الكيان هي من تشرف على الحملة ، وان الهدف هو حماية المستعمرين من تردي وضع السيارت العربية .
في الختام اعطي السائق ورقة مطبوعة تفيده في مواطن الخلل الذي عليه اصلاحه ، ثم خلاصة الورقة اعطي اشعارا لشهر واحد واذا لم يتم المعالجة سيتم احتجاز السيارة .
المفاجأة أن المركبة كانت حديثة الترخيص من وزارة المواصلات الفلسطينية ، السؤال الطبيعي للسائق كيف سمحوا لك الترخيص مع كل هذا الخلل ؟ الاجابة ابتسامة ... ثم قول للسائق " النا معارف " يعني واسطه .
هذه الكلمة السحرية التي تعرف في بلادنا "بفيتامين واو " حلال المشاكل وفاتح الأبواب المغلقة ومسهل العيش الكريم ، والشافع عند المخالفة .
هذا الحديث وغيره كان السبب في انهيار منظومة الدولة الراعية للتنمية في الوطن العربي ، خاصة وأن منظومة الحكم تميل الى سيطرة العسكر ومنظومة الامن التي أمعنت في تعزيز ثقافة العبيد .
هذا الواقع انعكس على أداء قطاعات العمل المهمة كالصحة ، التعليم ، الصناعة ، التجارة وغيرها من القطاعات المهمة والتي باتت قناعة المواطن وثقته بها معدومة .
قناعة المواطن لها من الوجاهة ما يؤيدها من حقائق الواقع الذي يعاش ، حديث الاهمال الطبي ، وفساد التعليم بمراحله يحتاج وقوفا وطنيا لمكافحته وتصويبه .
في الاوراق الاسرائيلية اليوم حديث عن تجهيزات إستقبال العام الدراسي الجديد في حديث التجهيزات كانت لجان العمل قد انهت ، تعديل المناهج ، تقييم الاداء لكل مدرسة ، تحديد مواطن الخلل ، ضبط المخالفات ، بناء الاحتياجات الصفية ، تأهيل طواقم العمل ، تقييم أداء صناديق دعم المعلم ، تأمين الدراسات العليا للمعلمين من خلال صناديق التوفير والاجازات العلمية .
إسرائيل ) دولة احتلال ، ملعونة ، يخرب بيتها ، هذا ما نتفق عليه ، ونبذل كل ما نملك لتحقيقه ، لكننا اليوم نريد معرفة بعض الاسباب التي جعلت هذا المحتل الطارئ يتفوق على أمة كانت حضارتها تخرم عين الشمس بإنجازاتها .
في ختام حوارنا داخل المركبة عجوز يجاورني المقعد ، التفت الي وقال " يا ابني مشكلتنا اليوم إنه المواطن عنا بسواش في نظر المسؤول حبة بندوره ، واحنا المواطنين الي رخصنا حالنا ، مثلما تكونوا يولا عليكم " .
ضحك بعض منا ، وسكت بعض اخر ، وعلمت أن السكوت كان إتقاء السماعين ، والكتابين فأدركت أن المسافة بين الاتقان والفشل ، بين الاصلاح والتغير هي مغادرة الصمت والمطالبة الجارفة بتغير السلبية والمبادرة ، واتقاء الله في ما نملك وما يوكل الينا ، عندها سيكتب أعداؤنا عنا خوفهم من حضارة بدأت تعود لتهزم الغاصب . |