صنعاء نيوز - بيان توضيحي بشأن العدالة الانتقالية في اليمن
تتابع منظمة تمكين ومعها عدد من منظمات المجتمع المدني الأخرى بقلق بالغ التحركات بشأن العدالة الانتقالية من خلال محاولات مختلفة من الأطراف السياسية والحكومية والدولية، والتي تتجه أنظارها نحو مشروع قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، فمنها من يبذل جهوداً من أجل إقرار القانون ومنها من يحاول إعاقة هذا القانون وأيضاً الجهود المتعلقة بمساندة وتوجيه مسار القانون؛ وهناك من يقول أنها موضة، وذلك يعود إلى نقص الوعي بالعدالة الانتقالية وأهميتها وأهدافها، مما يثير العديد من المسائل المتعلقة بكيفية ومسار العدالة الانتقالية التي نقول أن "القانون ليس كل العدالة الانتقالية" ولا كل العدالة الانتقالية هي القانون، حيث يتطلب كل جزء أو مكون منها قانون أو قرار رسمي لتحقيقها.
وفي هذا الصدد تود منظمتنا أن توضح الأتي:
o أن العدالة الانتقالية ضرورة ملحة للدول الخارجة من الصراعات والتي تمر بمرحلة انتقالية كاليمن، ولكن من الأهمية أن تتوفر مناخات وأطر ملائمة لتحقيق وتطبيق العدالة الانتقالية كضرورة توفر البيئة السلمية وتوقف العنف، وتوفر الإطار الديمقراطي المناسب، والأهم هو سيادة وحكم القانون، ووجود بُنى مؤسسية وقضائية وتشريعية سليمة تتوافق مع العدالة الانتقالية، بالإضافة إلى ضرورة وجود مؤسسات وطنية وغير حكومية مشاركة في كافة مكونات ومراحل العدالة الانتقالية.
o إن العدالة الانتقالية تقوم على منظور حقوقي كونها مرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان خلال فترات الصراع، وبالتالي فهي لا تقوم على منظور سياسي كما هو حاصل في اليمن.
o إن العدالة الانتقالية تتطلب إرادة سياسية وشعبية، فضلاً عن أهمية وعي المواطنين وصانعي القرار بها وبجوهرها.
o إن العدالة الانتقالية ليست انتقائية ولا انتقامية، ولا ينبغي أن تقوم على أساس تقاسم أو توافق سياسي، وإنما على أسس ومعايير وقواعد محددة مع مراعاة أن تستجيب للسياق الوطني ومع الالتزام بكافة أركانها ومكوناتها.
o إن العدالة الانتقالية تستلزم وجود إستراتيجية وبرنامج ونظام متكامل لتحقيقها وتطبيقها، وبالتالي يُشكل القانون أحد آلياتها وأركانها.
لذلك؛ فإننا نتوجه إلى صانعي القرار في اليمن وفي مقدمتهم الأخ رئيس الجمهورية والفاعلين الدوليين والمحليين، ومنظمات المجتمع المدني والنشطاء والشباب لمراجعة مسار تطبيق العدالة الانتقالية، علماً بأننا جميعاً سوف نتحمل المسئولية في حالة الفشل أو ما قد يحدث نتيجة استمرار هذا المسار في ظل القصور الواضح لهذه العملية، والأحداث الجارية التي تسعى إلى طمس ملفات الحقيقة والأدلة، وربما يتطلب الأمر عدالة انتقالية للمرحلة الانتقالية.
وعليه؛ فإننا نقترح الأتي :
أولاً: تشكيل لجنة فنية للمشاورات الشعبية والحوار حول العدالة الانتقالية، لتكون الخطوة الإجرائية الأولى نحو إستراتيجية وبرنامج وطني تُحدد بموجبه شكل وطبيعة ومتطلبات ومكونات ومراحل وكل ما يتعلق بتطبيق وتحقيق العدالة الانتقالية في اليمن، وتعتبر هذه المرحلة الأولى من العدالة الانتقالية
ثانياً: أن يكون مؤتمر الحوار أحد المحطات قبل النهائية من المرحلة الأولى، وتقدم فيه تصور لبرنامج العدالة الانتقالية.
ثالثاً: أن يتم الاستفادة من التجارب الأخرى التي طبقت فيها العدالة الانتقالية، وليس نقل التجارب مع مراعاة السياق الوطني/ المحلي.
رابعاً: أن لا يتم الاقتصار على مشروع القانون المقدم حالياً بطلب إقراره، والذي يخص في مجمله إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة الوطنية، مما يعني أنه يعاني كثير من القصور؛ حيث من الضروري أن يترافق معه عدد من الإجراءات والقرارات التي تحقق من شأنها أن تهيئ المناخ والبيئة الضرورية للعدالة الانتقالية، تتمثل أهمها في الأتي:
- تشكيل لجان الحقيقة للكشف عن الحقائق والاستماع إلى الضحايا والشهود.
- جمع كافة البيانات والمعلومات والأدلة المرتبطة بانتهاكات حقوق الإنسان، والتحرك بصورة عاجلة للحفاظ على الملفات ذات العلاقة بالعدالة الانتقالية، والوقوف أمام محاولات إتلاف أو تضييع أو القيام بأفعال أو الامتناع عن أفعال تؤثر عليها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وأن يتم جمع الأدلة حتى من المؤسسة القضائية التي أصدرت أحكاما تُعد انتهاكا لحقوق الإنسان أو ذات الطابع السياسي أو الانتقامي.
- اتخاذ إجراءات وقرارات بشأن الإصلاحات المؤسسية في المؤسسات ذات العلاقة بانتهاكات حقوق الإنسان، أو المؤسسات ذات العلاقة بتحقيق العدالة الانتقالية؛ ومنها المؤسسة الأمنية والعسكرية، وبما في ذلك المؤسسات القضائية.
- التحريز على كافة الوثائق المرتبطة بهذا المجال واتخاذ التدابير اللازمة لقيام لجان كشف الحقيقة بعملها ودورها على أكمل وجه مع إتاحة الإمكانيات كافة للجان الحقيقة وتسليمها كل المستندات والوثائق اللازمة لعملها فضلاً عن صلاحيات واسعة لهذه اللجان للقيام بدورها مثل الاستماع والاستدعاء واقتراح إصلاحات لنجاح عملها.
- أن تُتخذ إجراءات ضرورية لمن كان لهم صلة أو من يُشتبه أو يُتهم في ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان بعدم إشراكهم في صناعة القرار وعدم تمكينهم من أي شيء خاصة القيادات ومن تابعيهم.
صادر عن مؤسسة تمكين |