صنعاء نيوز/د . موسى الحسيني [email protected] -
كشف تكنيك البحث في كوكل الى ان هناك 71 موقعا من مختلف الاقطار العربية ساهمت بنشر الجزء الاول من هذه الدراسة ( من بينها عدد من الصحف الورقية ) ، اضافة لمجموعات كثيرة على الفيس بوك او مجموعات كوكل على الانترنت ، مايكشف حجم انشغالات العقل العربي و المواطن العربي قارئ عادي او مثقف ، بهذه المشكلة . موجة الجنون والعنف التي تجتاز وتعم كل الوطن العربي والتي تخرب ككارثة ماساوية كل ما حققه او انجزه الانسان العربي على قلته من اعمار . واشد ما في هذه الهجمة انها لاشك ستنعكس على ما تبقى من ممن حافظوا على عقولهم من العرب ، ان قدراتهم العقلية ستتعرض الى حالة من عدم اليقين واضطراب الايمان بالذات وبالانسان العربي ، بل حتى يمكن ان تمتد لهم مشاعر الاحباط والاحساس بالعجز والفشل وانعدام الامن ، فتجتاحهم حالة الجنون بفعل ما يعرف بالايحاء ، والضغوطات النفسية التي يتعرضون لها من الخوف من الحاضر والياس في ما يمكن ان يكون ايجابي في المستقبل ، وانهيار تلك الطموحات التي ظلت تنعش المواطن العربي وتحقن روحه المعذبة بالامال في ان ياخذ دوره في صناعة ومسار الحضارة العالمية ويخرج مما هو فيه من الوقوف على هامش الحياة
لذلك يرى الكاتب ان الموضوع يحتاج لكثير من الدراسات والمتابعة التي قد لاتتوفر له الفرصة لتحقيقها ، ويدعو كل المختصين العرب بعلم النفس وعلم النفس الاجتماعي لتحمل مسؤولية متابعة الموضوع وتعزيزه ، ليسهموا بذلك في النزول بمعارفهم وخبراتهم للحياة اليومية و لايتمترسوا فقط في مقاعدهم الاكاديمية او الوظيفية . بلادنا تخرب وتضربها موجة اشد وحشية ودمار مما مارسه التتار في بغداد عند سقوط الدولة العباسية . لاشك ان مختصينا يتابعون ما عمله الاميركان والغربيين من دمار في العراق وليبيا وسوريا ، من تدمير لعقل الانسان ومسخ كرامته في كل الاقطار العربية . هم ابناء هذا البلد ستلاحقهم موجات الخراب والتخريب ، وسيدفعوا ثمنها هم واطفالهم من بعدهم ، ان لم يساهم مع غيرهم من المختصين الاجتماعيين بالبحث عن الاسباب واقتراح الحلول المناسبة . علنا بذلك نحافظ على ما تبقى من مؤسسات وبني عامة ، وفسحة العقل الصغيرة التي فظلت.
بالعودة للموضوع الاصلي ، قلنا في الجزء الاول ، ان الموضوع يتناول عنصرين او موضوعين يتداخلان هنا فيغدوان ظاهرة سلوكية مريضة جديدة واحدة ، هي حالة جنون وان غلفت عمدا بالتاسلم .ان التاسلم لم يكن الا مؤشر اوعرضا من اعراض المرض ، بل هو المرض نفسه .
ان دعوى الانتماء للاسلام تاتي كحالة تبرير يحاول المريض من خلالها ان يحقق شيئا من التوازن النفسي الذي يشعر بفقدانه وتخلخله بدون ارادة منه . او هو محاولة لاشعورية لجأ لها المرضى لتخفيف الضغوطات التي تسببتها حالات القلق والاحباط والاحساس بالضعف والعجز امام ظروف خارجية او ضغوطات خارجية او داخلية ، . المتاسلم لايؤمن بالله لقناعة بكونه حق او خالق مطلوب عبادته شكرا له على خلقه ، وخوفا من عقابه او طمعا في ثوابه ، بل هو يتدين ويعبد الخالق كميكانزيم دفاعي لاشعوري يريد ان يحقق من خلاله التوازن النفسي والتعويض عن عجزه والتخلص من نتائج القلق والاحباطات التي يعاني منها ، فالانسان في لحظات الضعف والاحساس الشديد بالعجز ، يبحث عن قوة تعينه للتخلص من ضعفه وعجزه ، فلم يجد تلك القوة الا عند الخالق ، العظيم ، الجبار ، القادر ، الرحيم ، فهو يعبده لاحبا واعترافا بقدرته وحكمته بل ليأمن شره او عقابه اولا ثم بامل ان يخدع الخالق ويسرق منه عظمته ، وجبروته ، وقدرته ليواجه بها هو ضعفه . لذلك نجده كما قلنا في الجزء الاول صادقا بتوسلاته بهذ الخالق خاشع في صلاته مخلص بكل العبادات التي يمارسها ، لكنه لايحسب اي حساب لهذا الخالق في ما يعرف بالمعاملات ، فهو يسرق ، ويقتل وينهب ، ويزني دون خوف من عقاب او رغبة بثواب ، هو يحتاج الله فقط لتحسين اوضاعه الدنيوية ومن اجل ان يتمتع بالحياة الدنيا ويطفأ حاجاته وغرائزه دون حساب للاخرة او لضوابط الشريعة في الموضوعات التي تتناقض او لاتحقق حاجاته الدنيوية هذه . لاحظ فرويد أن الله عند المتاسلم مطالب بتحقيق " تعزيم (طردالارواح الشريرة )لقوى الطبيعة ،مصالحتنا من قسوة الاقدار كما تتجلى في الموت بوجه خاص ، واخيرا تعويضنا عن الالام والاوجاع والحرمانات التي تفرضها حياة المتمدنيين المشتركو على الانسان " (مستقبل وهم ، ص : 25 ).
ان التاسلم في جوهره هو حالة تمرد حقيقي على الدين، وتهرب من الالتزام باخلاقياته ، مقابل اتهام الاخرين بالكفر وعدم الالتزام بالدين ، كعملية اسقاطية ، ووسيلة دفاعية لخداع الذات ، تكتمل بها عناصر الجنون كحالة واضحة تعبر عن نفسها بكل ما يصدر عنهم من سلوكيات . وكانهم بتاسلمهم ضمنوا لانفسهم الاعفاءمن واجب الخوف من الله ، او انهم بلغوا درجة من الوهم ما يسمح لهم ان ينصبوا انفسهم بدائل عن الله ، ليصدروا الاحكام على عباده وينفذوها نيابة عن الله، ما يعطيهم الحق في قتل الناس ، وان كانوا مسلمين مثلهم ،انه دين جديد كل ماهيته تتمحور حول الحقد على الاخر ، واغرب ما في هذا الحقد انه يتمركز على كراهية الاخرين من المسلمين ، لكنه ينسجم ويتعاطف ويتعاون ويتحالف مع اعداء الاسلام الحقيقين من صهاينة او صليبين ، مع ان الله لايغفر ان يشرك به ويغفر مادون ذلك ، وان المسلم هو من قال بالشهادتين ، وهو تعالى الذي قدس اسمه ووسمه بالرحمة ، وما ارسل رسوله الا كنبي لاشاعة الرحمة بين العالمين ، الا ان هذا لايعني شيئاً للمتاسلم الذي ضمن موافقة الله على تحريف دينه وترجمته بالطريقة التي يرغب بها هو وتتناسب مع غرائزه . خطابهم اليومي ، يخلوا من ما يؤشر الى الاهتمام بالمسائل الاجتماعية او الاقتصادية ، او ابداعات القيم الاخلاقية وحتى الاجتماعية التي تضمنتها الشريعة الاسلامية فالحقد هو دينهم . بدلا من ذلك يركز على الخرافة ، والقصص الخيالية التي على السامع ان يتقبلها تحاشيا لتهمة التكفير والشك بوجود الخالق ، وعالم الارواح حتى ان احدهم توصل بعد تروي ودراسة الى ان " جرائم الشيعة ابتدأت منذ ايام نبينا أدم عندما قتل قابيل ( الشيعي) اخاه هابيل (السني ) من اجل الغيرة والحسد "، فهم جماعات مستلبة العقل كليا ، لاتفهم ولا تستوعب الا ما تعيشه هي من هلاوس . على السامع ان يتقبلها على انها دين ، وصفها فرويد على انها " أوهام تخلقها الرغبة ونافيه للواقع ، لانجد نضيرا لها ، الا في حالة ذهان الهلاوس " ( مستقبل وهم ، ص : 61 ) . يصل بعض هذه الهلاوس الى حد الشرك بالله ، والكفر بمشيئته .رايت مرة شريطاً لاحد الخطباء في المجالس الحسينية التي تعقد عادة في عاشوراء ، تخليدا لذكرى فاجعة الامام الحسين ،وكانت هناك نخلة في نهاية المجلس المنعقد في احد ساحات مدينة الكويت قال هذا الخطيب حاثاً الناس على البكاء ، لانه يرى السيدة فاطمة الزهراء تقف وراء تلك النخلة جائت لتتعرف على من سيبكي بقوة ويشاركها الحزن ، لتسجل اسمائهم بغية اثابتهم في الدار الاخرة ، وكما حدثتي صديق كويتي ان الناس جاؤوا في اليوم التالي ليسوروا النخلة باعتبارها اكتسبت القدسية مجرد ان اختبئت الزهراء خلفها ، وبدات حملة زيارات ونذور للنخلة الكل يطلب شفاعتها ، الا ان احد لم يسال نفسه وهناك عادة الاف المجالس المشابهة تعقد في مختلف انحاء العالم فكم نسخة من السيدة فاطمة نحتاج لتراقب كل تلك المجالس ،ربما ان للشيخ هذا مكرمة خاصة ، بحيث لاتحضر الا مجالسه . طبعا سيحكم هو وكل المرضى الذين تبركوا بالنخلة عليَ بالكفر والخروج على المذهب حالما يقرؤا دراستي هذه .يبدو ان السيدة فاطمة كانت دائما تخص هذا الشيخ بامتيازات خاصة فقد اعطته مرة الاف الاكياس من الشوكالا تشفي من كل الامراض ، ليوزعها على مريديه ، كما وكلته مرة او نفخت فيه من روح الله قدرة ان يشفي ببصاقه كل الامراض ، لنرى الناس يقفوا في طابور طويل كل يحمل قنينة ماء يريد ان يحضى ببصقة من الشيخ بها ليتخلص من امراضه . تلك هي الفرضية الاساسية التي قام عليها البحث الاصلي وهذه الدراسة ايضا .
سنركز في هذا الجزء على المؤشرات والدلالات التي تؤكد صحة نظريتنا في ان التاسلم جنون او اضطراب عقلي و نوبات من الحالة الفصامية يمر بها المريض عادة . يعبر المرض عن نفسه من خلال مجموعة من السلوكيات الشاذة على معايير السلوك السوي .فالتاسلم هومرض وعرض، ايضا ، لمجموعة مركبة من الاضطرابات النفسية يعاني منها هؤلاء المتاسلمين. وسنبين في الجزء الاخير ماهي الاسباب التي ادت لانتشار المرض ، وحصوله . فالدلائل كلها تشير الى ان التاسلم هو حزمة من الاحباطات المتداخلة مع احساس شديد بالضعف والعجز ، وعقدة الشعور بالاضطهاد ، وانعدام الامن ، تداخلت مع الموروث الثقافي العربي لتتخذ الصورة التي هي عليها الان ، تاسلم .
تقسم الامراض النفسية عادة الى
1: امراض عصابية : وهي في مدرسة التحليل النفسي عبارة عن " اصابات نفسية المنشأ تكون فيها الاعراض تعبيراً عن صراع نفسي يستمد جذوره من التاريخ الطفلي للشخص . وبشكل تسوية ما بين الرغبة والدفاع "( معجم مصطلحات التحليل النفسي ) او هي بلغة اكثر وضوحا : " اضطرابات وظيفية غير مصحوبة باختلال جوهري في ادراك الفرد للواقع وهي اما ان تكون اعصبة واقعية مثل عصاب القلق ، او اعصبة نفسية مثل الهستيريا والعصاب الوسواسي " ( للاستزادة بالمعلومات راجع ملحق كتاب " الموجز في التحليل النفسي" لفرويد ، ص : 98 )
2 : امراض ذهانية : وهي عند فرويد حالة " نكوص في التنظيم اللبيدي من مرحلة العلاقات بالموضوعات الى مرحلة النرجسية ويتم عن طريق هذا النكوص انكار الواقع انكارا متفاوت المدى يكون مصحوبا في الان ذاته بانطلاق الدوافع الغريزية بلا ضابط او اعتبار لمقتضيات الواقع " ( فرويد ،الموجز في التحليل النفسي " ، الملحق ، ص : 95 ) .
من خلال الملاحظة والمتابعة لسلوكيات المتاسلمين يتاكد الحسم بالقول ان التاسلم هو حالة مرضية ذهانية تتوفر فيها كل المقومات المعروفة لتميز الذهانات من غيرها من الامراض النفسية .ولايبدو مبالغة القول بان التاسلم مرض قائم بذاته ، تتداخل فيه احيانا خصائص امراض متعددة ، مثل البارنويا ، والفصام ( او الشيزوفرينيا ) ، بنفس الوقت ، ما يجعل الدارس يميل لتبني الحالات التي وصفها فرويد بانها تجمع بين البارنويا والشيزوفرينيا وما اطلق عليه مصطلح البارافرينيا .
تعرف الامراض النفسية والعقلية من خلال ما تعكسه من مؤشرات واعراض سلوكية مضطربة ، واستجابات لاتتساوق او تلتئم مع معايير السلوك السوي الذي يقره المجتمع ، يمارسها المريض بدون ارادة منه ، او يعتقد بحكم ما يعاني منه من اختلالات عقلية انها هي الافضل ،
يظل تعريف بلولر السويسري للمرض هو الاكثر تداولا وهو يعرف المرض : " هي الحالات التي تتصف بتغيير محدد في الفكر والعاطفة وبالعلاقة بالعالم المحيط " ( علي كمال ، ص : 23) وهو في تعريف اخر طرحه الاميركي كربلاين يؤكد على تلازم المرض مع "الهلاوس خاصة هلاوس السمع والبصر والنقص في الانتباه الى العالم الخارجي ، والنقص في حب الاستطلاع ، واضطراب الفكر مع وجود ارتباطات فكرية تعصى على الفهم ، وتغير في الكلام بحيث يصبح غير مفهوم ، نقص في الحكم والبصيرة ، الاوهام ،والعاطفة المثلومة ، والسلبية ، والسلوك النمطي ، هذه الاعراض توجد في المريض مع صفاء وعيه وصحة ادراكه وذاكرته " ( علي كمال ، نفس الصفحة )
لو حاولنا تطبيق هذه التعريفات على ما ظهر من سلوكيات المتاسلمين فقط خلال هذه الايام العشرة التي تفصل بين كتابتنا للجزء الاول من الدراسة وحتى اليوم .
1 : هجوم مجموعة من السلفيين على نقطة حدودية مصرية في سيناء وقتل 19 ضابط وجندي وجرح اخرين ، والسبب المعلن هو رغبتهم في الاستيلاء على مدرعتين من اجل تنفيذ عمليات ضد العدو الصهيوني ، النتيجة ان احد المدرعات تم تدميرها قبل ان تدخل الاراضي المحتلة ، وهروب الجماعة التي كانت تقل المدرعة الثانية . اي انهم لم يسببوا الاذى ولا حتى لجندي واحد من جنود العدو ، في حين قتلوا من مواطنيهم المسلمين 19 شخص وجرح اخرين .مع انهم كانوا بنفس التخطيط والقدرة والارادة يمكن ان يتسللوا للمركز الصهيوني في الطرف الاخر ، مباشرة ، وينفذوا نفس العملية بما يمكن ان يحقق لهم عملية نوعية يمكن ان تؤذي العدو معنويا على الاقل .
ان التحليل المنطقي لهذه العملية يؤشر الى ان من خطط ونفذ كان يعاني لاشك فيه من " نقص في الحكم والبصيرة " . تحت ضغط من " الاوهام " ،ويعاني من "اضطراب الفكر ،"لاشك انها كانت نتيجة لارتباطات فكرية تعصى على فهم الانسان العادي " انها نتيجة ل " هلاوس مختلفة " يمكن ان يكون سمعها من واحدة من حوريات العين التي تنظر قدومه لها في الجنة ،او ارادة الخالق الذي دعاه لعمل كهذا مقابل ان يخصص له مكان في الجنة . وغيرها من الهلاوس التي يعيشها هؤلاء المجانين .
2 : عرضت الجزيرة يوم 16 /8 / 2012 ، وبنشرات عدة في اوقات مختلفة ، بيان لمن اسمته امير احد الجماعات المتاسلمة في سوريا ليذيع بيان ينفي فيه ان مجموعته قامت باعدام مجموعة من الاشخاص بشكل اعتباطي بل تم التنفيذ بعد محاكمتهم محاكمة عادلة .
كيف عادلة مثلا ، من هذا القاضي الذي اصدر الحكم ، ما هي القواعد الشرعية او القانونية التي استنذ اليها في اصدار الحكم ، ومن يشهد بعدالته ونزاهته وعلمه بالشريعة ، وما هي الفرص التي منحها للضحايا للدفاع عن انفسهم .
ثم ان الله تعالى خص ذاته المقدسة بالثواب والعقاب ، ولذلك خلق الجنة والنار ، اليس من الشرك والعدوان على الذات الالهية ان يستلب احد المتاسلمين هذا الحق من الخالق ويمنحه لنفسه . ان الله وحده الذي يعلم بالنوايا ، فيغفر او يعذب من يشاء ، " وان تبدو ما في انفسكم او تخفوه يحاسبكم به اللع فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شئ قدير " (البقرة :248) ، " الله يحكم ولامعقب لحكمه " (الرعد 41 ) ، "يقولون هل لنا من الامر من شئ قل ان الامر كله لله " (ال عمران : 154 ) ، " ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون " ( المائدة : 44 )
ولو حاولنا تطبيق تعريفات اعراض المرض او الجنون على هذا الحاكم القاتل باسم الله : سنجد انه يعيش حالة " هلاوس مختلفة " و " اوهام " يوم نصب نفسه وكيلا او بديلا عن الخالق واعطى نفسه الحق في ان يقتل الناس باسم الله . وانه يعاني من " نقص في الحكم والبصيرة ".وهو الخارج فعليا وعمليا على القانون بحمله السلاح بوجه الدولة تحقيقا لاهداف اعداء العرب والمسلمين
3 : ضرب الشيخ عبد الفتاح مورو ، وهو يخطب في احد مساجد تونس ، بكاس زجاجي على وجهه لانه حذر من خطر انتشار الفكر التكفيري الوهابي
4 :خبر عن قطع اذن شاب من قبل السلفيين لوقوفه مع فتاة في طنطا .
5 : فيديو يقوم به المتمردون في سوريا بالقاء الناس احياء من الطابق السادس في احد البنايات .
6 : عدة مقاطع فيديو مختلفة لعمليات ذبح وقطع الرؤوس بالسكين ، مع التهليل والتكبير . الذي يوحي ان المجرمين القتلة كانوا يعيشوا حالى نشوة غريبة وهم يمارسوا جريمتهم .
7 : فيديو اخر للعرعور يصرخ فيه عليكم اليوم ان تحقوا دمشق ، احرقوا كل شئ اشعلوا النيران في الشوارع ، صبوا البانزين والزيت والمازوت وعجلات السيارات واحرقوها . ويحار الانسان اين تقع دمشق هذه التي يريد هذا الرجل احراقها . ولماذا ما الذي سيحققه من هكذا حرائق ، وهل فعلا هو يريد مرضاة الله والتقرب اليه بهكذا افعال.
8 : ما حصل يوم 16 /8/2012 من هجوم بالعصي والسكاكين من قبل مجموعة من السلفيين على محتفلين دعماً لقضية الاقصى في مدينة بنزرت ، وضربهم ، واثخانهم بالجراح .
ان محاكمة عقلية بسيطة لهذا الحادث تعكس سيطرة " هلاوس مختلفة ونقص في الانتباه للعالم الخارجي " ، و " نقص في حب الاستطلاع ، واضطراب الفكر مع وجود ارتباطات فكرية تعصى على الفهم " و " نقص في الفكر والبصيرة " و " اوهام غريبة " لانا نعرف جميعا ان القدس كما لها مكانة خاصة عند عامة المسلمين باعتبارها اولى القبلتين وثاني الحرمين ،هي ايضا قضية قومية عربية ،والدفاع عنها ليس قضية خاصة بالاسلام والمسلمين فقط بل ايضا هي هًم كل المخلصين من ابناء الامة العربية مسلمين او من اديان مختلفة ، علمانيين او متاسلمين . ان انتشار التعاطف مع القضية يجب ان يثير ارتياح المسلمين عامة وعموم العرب ان تكسب قضيتهم التي يؤمنون بها هذا المدى من الاهتمام العام . اما ان يحتكروا ذلك لانفسهم فقط ويمنعوا الاخرين من الدفاع عنها فموضوع عصي على استيعاب الانسان العادي .
9 : هجوم مجموعة من السلفيين على مظاهرة لدعم القضية الفلسطينية في مدينة قابس التونسية ، وحرق علم فلسطين يوم 16 / 8 /2012 .
10 :هذا اضافة الى ما نراه على اجهزة التلفزيون من مجازو وتفجيرات وقتل وتخريب يومي في العراق وسوريا وليبيا واليمن .
.
بمتابعة سيل الفتوى التي يصدرها من يسمونه علمائهم او فقهائهم نرى انها تعكس حالة جنون وانفصام عن الواقع حقيقية تسيطر على عقول هؤلاء الذين يمثلون العقل المفكر لمجانين التاسلم ، ففتاويهم لاعلاقة لها بجوهر الدين بل تعكس تعلق شديد و اهتمام بامور دنيوية من التفاهة حتى لاتستحق التوقف عندها . تعكس تحكم لاشعور او مكونات " الهو " الغريزية ، كما كشفه ماهيته علماء مدرسة التحليل النفسي . فمرة نسمع من المغرب احدهم يفتي بجواز استعمال المرأة للجزر او الخيار وما شابه من ادوات مصتعة لاشباع رغباتها الجنسية . ويلقي احدهم سلسلة محاضرات في خطورة التبول واقوفا ،ومرة ينشب الخلاف حول قياس مسافة ارتفاع الثوب عن الركبة كسنة وتقليد للسلف الصالح ويفتي اخر بهدم اضرحت الاولياء التي يشترك المسلمين من مختلف الطوائف باحترامها ، ويتسابق معه الاخر بالافتاء بضرورة هدم اهرامات مصر . ووزارة الاوقاف المصرية تفتي بان اسرائيل جارة ولايجوز الجهاد ضدها او الحرب عليها . وتوصية بعدم جواز قراءت المراة لسورة يوسف لما فيها من صور اغراء ، ويحرم احدهم العمل في شركة فودا فون للاتصالات ، ويحرم الاخر شراء سيارة الشوفرليت . وتتسابق الصحافة لنشر خبر عن صلاة الوليد بن طلال ل 1530 ركعة في ليلة واحدة ( بحسابات زمن ما تستغرقه كل ركعة ولو دقيقة ، مقابل ما في الليلة الواحدة من الدقائق ) تكشف كذب الخبر لكن احد لم يعترض عن الاموال التي نهبها الوليد بن طلال من اموال المسلمين ، واستثمارها في عمل محطات فضائية تنشر الفحشاء والمنكر . ولم يستنكر احدهم ما يستنكره على المراة السعودية في حق زوجته بقيادة السيارة او الحجاب ..
ولم نسمع مثلا من اعترض او افتى بضلالة سلطان بن عبد العزيز الذي مات مخلفا لورثته 267 مليار دولار .
وفي الطرف الاخرافتى او اوصى المرجع الاعلى في العراق بضرورة الاقتصاد وعدم الاسراف باستعمال الكهرباء غير الموجودة اصلا . فاين يمكن ملاحظة الكهرباء وترشيد او الاسراف في استهلاكها غير ان يكون صاحبنا يعيش حالة هلاوس وتفكك في التفكير المنطقي ، ويحرم في رسالته ذبح الشاة اما شاة اخرى حرصا على ان تتاثر نفسيتها بالمشهد وتنجرح مشاعرها ، لكن لم نسمع منه استنكار واحد لجرائم قتل وتفجير السيارات المفخخة بتجمعات المدنيين في شوارع بغداد والمدن العراقية الاخرى ، يبدو انه يستهين بنفسية وارواح البشر ويسترخصها ولا يساويها حتى بالشاة ..
ويحذر الاخر من جرائم الشيعة " التي ابتدأت منذ أيام نبينا أدم عندما قتل قايبل الشيعي اخاه هايبل ( السني ) من اجل الغيرة " .
ولعل اخر ما سمعناه من فتاوى الحديثة ، احدها لشيخ اسمه وسام عبد الله ، يعلن فيها انهم سيذبحوا من يخرج في مظاهرات 23 أب / اوغسطس ، ضد حكم الاخزان . والفتوى الاخرى لشيخ اخر اسمه هشام اسلام ، عضو لجنة الفتوى في الازهر ، يقول فيها ان كل من يتظاهر ضد حكم الاخوانالمسلمين في مصرفهو من الخوارج ، ومتهم بالخيانة العظمى لله ، ثم للوطن ، وهو كافر ودمه مهدور . ما يعكس تضخم وتصاعد روح العدوانية وحب القتل عند هؤلاء الناس المرضى ، بشكل يعلنونه صراحة وبافتخار بدون تردد على وسائل الاعلام وامام الكاميرات .
ان نوبات الجنون تمر عادة بحالات هيجان تتسم باشتداد الميول العدوانية عند المريض وواضح ان حالة جنون التاسلم وصلت هذه الايام لاشد حالاتها الهياجية .فكما قلنا ان الشخصية العربية شخصية محبطة .( سنوضح فيما سياتس معنى هذا الاحباط واسبابه ) لكن ما نود التعرف عليه هنا عن اسباب حالة الهيجان الحالية معتمدين بذلك على نظرية الاحباط – العدوانية ، التي ترى ان اغلب حالات العدوان هي نتيجة للشعور الحاد بالاحباط ، و ان كل حالة احباط تؤدي لتصاعد الميول العدوانية عند الشخص المحبط .
في حالة المتاسلمين الذين عاشوا او عانوا كثيرا من حالات الاحباط التي استمرت تضغط عليهم لسنوات طويلة منذ السبعينات ، وجدوا في الانتصارات الاخيرة التي حققوها في تونس ومصر ما يبشر في الوصول للاهداف التي تمنوا ان يحققوها من تاسلمهم ، كاشباع غرائزهم المحبطة وغير المشبعة ، والتخلص من الحرمانات التي عانوا منها ، وغيرها من الهلاوس التي يسيطر على مخيلاتهم عن ان يعيشوا الجنة في الدنيا . تلك الامنيات التي تصوروا على يبدو انها ستتحقق حالما تظهر نتائج الانتخابات. الا ان الوصول للحكم لم يحقق لهم الانجاز المطلوب بعد ، وكما فهمت من بعضهم ان قياداتهم تبرر لهم عدم تحقيق كل ما يرغبون به هو بسبب وجود الجماعات العلمانية و بقية المسلمين ، الذين ما زالوا يعارضوا انجاز ما يطمحون به من قوانين او فرض الشريعة ( كما يفهمونها هم ، لاكما هي عليه )، وليس من السهل تحقيق ذلك الآن . يعني لاالحور العين نزلت لهم ، ولا الحرمانات انتهت . احباط جديد ما يحفز عوامل القلق و التوتر . ووفقا لنظرية الاحباط – العدوانية التي ترى ان الانسان خلال توجهه لتحقيق اهدافه ، فان عوامل القلق والخوف تتصاعد وتشتد ، بقوة تتناسب مع حجم هذا الاقتراب او البعد . كما تزداد التوترات وتشتد درجة القلق والخوف التي يولدها الاحباط شدة كلما اقترب الانسان من هدف وظهور عوامل او موانع مُحبطة (بكسر الباء ) . ما يفجرعادة التوجهات والافعال العدوانية بقوة .
هكذا نرى ان المتاسلم يعيش الان حالة مركبة من نتائح الاحباط ، فهو بسبب الاحباطات التي عاشها تاسلم بامل ان يحقق نوعا من التوازن التفسي ليخفف عوامل الضغط التي تسببها الاحباط وعوامل الشعور بالضعف والعجز وفقدان الامن .و ظل بامل ان يُوفق ويتمكن ان يسرق من الخالق قوته وقدرته ،ويوم بدأ يعتقد انه نجح بذلك من خلال ما حققه من انتصارات سياسية في تونس ومصر ،الا انه اصطدم في ان هذا الانتصار لم يحقق له بسرعة ما يتمناه من نتائج دنيوية او اشباع لحاجاته الغريزية ، ما جعله يغرق بدوامة احباط جديد ، اي انه وصل الهدف لكنه لم يجد لا الحور العين ولا الجنات التي تجري من تحتها انهار الخمر في انتظاره ولم يتحقق الخلاص من العوز والحاجة ، ولم يتغير عمليا شئ من احواله العامة باستثناء بعض المساعدات او الرشاوى التي تقدمها عادة الحركات لمتاسلمة لانصارها لتكسب تمسكهم بها . عاد محبطا من جديد بشكل اكثر شدة ، لكنه بنفس الوقت ، ها هو تنظيمه او جماعته يتسيطر على مقدرات الدولة .
اي انه وصول الهدف لكنه لم يحصل بعد على ما كان يحلم به من هلاوس واحلام ،ما يجعله يعيش ما يعرف بعلم النفس بحالة الحرمان النسبي . وهي احد النظريات التي قامت على او تفرعت من نظرية الاحباط – العدوانية ، اعتمدها علماء النفس الاجتماعي في تفسير الثورات والهبات الشعبية . يمكن تلخيصها بالشكل التالي :اذا امتدت حرمانات مجموعة من البشر واستمرت توقعاتهم في التغيير والتخلص من الحرمانات فترة طويلة ، ثم كانت النتائج سطحية او اقل من التوقعات المأمولة ، سيؤدي ذلك لتعزيز ظهور العنف او الثورة ، اي انه عندما تكون الفجوة كبيرة بين التوقعات والامال المنتظرة ، وبين ما يحصل على الارض او الواقع ، سيسبب ذلك حالة شديدة ومكثفة من الاحباط ، ويقود بالنتيجة للعنف والثورة .
هناك عامل اخر يلعب دورا اساسيا في ظهور الافعال العدوانية عند الماسلمين .ان التاسلم كميكازيم دفاعي يلجأ له المحبط ، والضعيف الذي انهكه الشعور بالضعف والعجز ، والذي يريد ان يسرق من الله قدرته وقوته ، يجد بالانتصار السهل الذي حققوه بالوصول للسلطة ،ما يوحي انه نجح في كسب الخالق الى صفه وتمكن من التغرير به ، ما حقق له شعورا بالقوة ، وقدرةعلى التخلص من العجز والضعف . هو بعدوانيته على الاخرين ،يريد ان يؤكد لذاته انه فعلا امتلك القوة الكافية لتدمير الاخر ، فالعدوانية غير المنضبطة لا بقيم اخلاقية او دينية تنطلق الان في عملية لتاكيد الذات التي عاشت القهر والقمع لسنوات طويلة . ثم هو بسبب الاحباط الشديد كما قلنا بسبب ما عاناه من حرمان نسبي ، يتمنى او يتحدى الموت ، الذي يتقرب به في الوصول للخلاص النهائي، في اخر محطة من الدنيا الاخرة التي ستحقق له جميع الاشباعات لكل ما عاشه من حرمانات . فهو انجز ما اراد من سرقة وخداع الخالق فاكتسب دعمه في الدنيا ،كما هي مرضاته في الاخرة ليضمن بذلك له مقعدا في الاخرة ، ايضاً .
وهو من خلال ميكازيم التبرير الذي يلجأ له المرضى ومن يعانون من اضطرابات نفسية ، يستطيع خداع نفسه بان ما يمارسه هو جهاد من اجل ان تكون كلمة الله هي العليا ، والله المعني بالاشعور هو نفسه المتاسلم الذي غدا من خلال ما انجزه من خداع للخالق يتوهم انه تحلى بنفس قدرات الخالق . عبر نتيشه في كتابه " اصل الاخلاق وفصلها " عن عملية خداع الذات التي يعيشها المتدين في لتبرير عدوانيته : " نحن معشرالطيبين ،نحن معشر العادلين ، فالذي يطلبونه لايسمونه انتقاما بل يسمونه انتصار للعدل ، وما يكرهونه ليس عدوهم انهم يكرهون الظلم والكفر . انهم يعتقدون وياملون بالانتقام او بنشوة الانتقام اللذيذ . بل بانتصار مشيئة الله ، انتصار اله العدالة على الكفار. ما تبقى لهم على وجه الارض ليسوا اخوانهم في الكراهية ، بل اخوانهم في المحبة على ما يقولوا . " ( ص:43 )
ثم هناك دور الامير ايضا الذي يمثل عاملا فاعلا في تصعيد الانفعالات والتوترات الذي تشجع على الممارسات العدوانية . لكي يخفف الامير من منافسة الاخرين من اتباعه ، له ، اومن يطمع في مشاركته ما يمكن ان يغنمه من ملذات الدنيا ، بقدرته الالهيه التي اكتسبها باوهامه من خلال كيه لجبينه بحجر ساخن ، فهو يدفع المستعجلين من انصاره للتزوج بالحوريات الدنيوية او بالرفاهية في العيش، للانتحار في عملية قتل جماعية من اجل ان يضمن فرصة سريعة للقاء بحوريات الاخرة والحياة المرفهة ، فالابواب مفتوحة لمن يمتلك قدرة على الصبر او من هو على عجلة من امره .
لذلك اتوقع ان يستمر العنف ويشتد بما لايمكن ان يتصوره الانسان ، فليس هناك ما يمكن ان تقدمه حكومات التاسلم من انجازات او مشاريع يمكن ان تحقق الاشباع لحاجات المجتمع ، كما ان المخاطر الخارجية لن تتوقف عن تهديد وجوده .يعني المزيد من مشاعر الاحباط واحاسيس العجز وعدم القدرة على الانجاز وانعدام الامن .
في الجزء الاخير سنناقش الاسباب السياسية - الاقتصادية – الاجتماعية التي اوصلت هؤلاء الناس الى حالة جنون التاسلم