صنعاء نيوز - قال المسؤول السابق للأمم المتحدة في العراق إنه وجّه موظفيه للتغطية على شروط "غير مناسبة وشبيهة بالسجن" في معسكر المعارضين الإيرانيين، وتجميل الصورة في التقارير المقدمة للمنظمة.
بيروت: في أول مقابلة له منذ أن ترك منصبه احتجاجاً، قال الطاهر بومدرة لصحيفة الـ "واشنطن تايمز" إن مارتن كوبلر، ممثل الأمم المتحدة الخاص للعراق، أراد نقل المنشقين بسرعة إلى معسكر "ليبرتي" الذي كان قاعدة للجيش الأميركي قرب مطار بغداد، ثم انتقل إلى خارج العراق.
وقال بومدرة، الرئيس السابق لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، إن كوبلر قام بـ "تضليل الأمم المتحدة والمنشقين، في معلوماته التي قدمها عن الأوضاع في معسكر ليبرتي، لأنه كان متسرعاً لنقلهم من مخيم أشرف، حيث عاشوا منذ العام 1986.
"زيارتي الأولى لمعسكر ليبرتي في كانون الاول (ديسمبر) كانت صدمة حياتي. لقد زرت الكثير من السجون لكن هذا المكان كان أسوأ من السجن"، أضاف بومدرة، وهو ناشط جزائري في مجال تعزيز حقوق الإنسان وإصلاح نظام العقوبات في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.
وأشار إلى أن العراقيين قاموا بتخريب المخيم بعد انسحاب القوات الأميركية، فالمرافق كانت في حالة سيئة والحاويات التي كانت تستخدم كمساكن للجنود تكدست بالنفايات، كما تم تحطيم الأبواب والنوافذ.
وقال بومدرة إن كوبلر طلب منه العودة مع فريقه والتقاط صور للمخيم والمرافق، والتأكد من أن الصور الأكثر جاذبية ترفق في الملف الذي سيتم تقديمه إلى المقيمين وأعضاء السلك الدبلوماسي.
"أرادنا أن نصور المخيم على أنه مكان يتمتع بمعايير المعيشة العالية، ويلبي جميع متطلبات اللاجئين"، يقول بومدرة الذي غادر العراق في أيار (مايو)، مضيفاً: "وجدت نفسي افتعل التقارير والصور لتضليل منظمتي، المجتمع الدولي واللاجئين".
تم نقل نحو الفي لاجئ من معسكر أشرف إلى معسكر ليبرتي بموجب اتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة. وشكا العديد من المعارضين الإيرانيين ومؤيديهم، بما في ذلك مجموعة من المشرعين الحزبيين والمسؤولين السابقين في الولايات المتحدة، بسبب الظروف المعيشية المتدنية في معسكر ليبرتي.
بدورها، استفسرت الصحيفة من مكتب كوبلر في مقر الأمم المتحدة بنيويورك حول ادعاءات بومدرة، فقال المتحدث باسم إدارة الأمم المتحدة للشؤون السياسية الذي يشرف على بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، جاريد كوتلر إنه "من المؤسف أن يتم تقديم مثل هذه الصورة المشوهة للجهود التي تبذلها الأمم المتحدة في العراق لإيجاد حل سلمي لوضع معسكر أشرف".
وقال كوتلر إن بعثة الأمم المتحدة في ظل قيادة كوبلر عملت "بجد ومن دون تحيز لتسهيل التوصل إلى حل سلمي يحترم حقوق واهتمامات السكان وحكومة العراق على حد سواء"، مضيفاً أن "هذه الجهود هي واحدة من الأسباب الرئيسية التي وضعت حداً للوضع المتوتر ومنعت الإنزلاق إلى مزيد من العنف".
ظروف المعيشة صعبة لكنها أفضل من حياة العراقيين أنفسهم
سعت مجموعة من المنشقين المعروفة باسم مجاهدي خلق إلى الإطاحة بنظام حكم رجال الدين في إيران في أوائل الثمانينات. وقام الرئيس العراقي صدام حسين في ذلك الوقت بإعطائهم حق اللجوء في مخيم أشرف، وهي قاعدة بالقرب من بغداد. بعد الاطاحة بصدام في عام 2003، نزع الجيش الأميركي سلاح المنشقين الذين نبذوا العنف في العام 2001.
وسعى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، حليف إيران، لإغلاق معسكر أشرف، الذي قامت القوات العراقية بمهاجمته عدة مرات مع نتائج مميتة. ويخشى المنشقون من أن المالكي سوف يسلمهم إلى إيران، حيث يتوقعون أن مصيرهم سيكون السجن والتعذيب أو الإعدام.
وتوصلت الأمم المتحدة لاتفاق مع القادة العراقيين لنقل المعارضين لمخيم ليبرتي.
وقال بومدرة، المسؤول الرئيسي للامم المتحدة في المحادثات مع العراقيين لإغلاق معسكر أشرف، إن كوبلر نصح بعدم قبول مذكرة التفاهم التي خرجت من تلك المحادثات لأن العراقيين كانوا رافضين للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وأضاف: "قلت له إن هناك قيم معينة من الأمم المتحدة التي لا يمكن المساومة عليها. لكن في النهاية، اضطررنا للمساومة".
من جهتهم، يقول مسؤولو الولايات المتحدة والأمم المتحدة الذين زاروا معسكر ليبرتي أن الأوضاع هناك تلبي المعايير الإنسانية الدولية. وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية الذي تحدث شرط عدم الكشف عن هويته إن مسؤولين من السفارة الأميركية في بغداد أجروا زيارات أسبوعية إلى معسكر ليبرتي.
وأضاف: "على الرغم من وجود بعض المشاكل، إلا ان المخيم يلبي الاحتياجات الإنسانية الأساسية"، مشيراً إلى أن سكان معسكر ليبرتي يحصلون على أكثر من 53 غالون من الماء يومياً، والتي لا تشمل المياه المعبأة في الزجاجات التي يتم توفيرها، إضافة إلى الكهرباء على مدار الساعة".
وأضاف": هذا يفوق بكثير ما يحصل عليه معظم العراقيين".
لكن سكان المخيم يقولون إن الكثير من المياه التي يتلقونها تفسد لأن البنية التحتية في حال من الفوضى.
يقول بومدرة إنه أصبح مهمشاً بعد أن اشتكى من الممارسات الخادعة، مضيفاً: "لقد أصبحت عقبة بالنسبة لهم".
استقال الناشط في نهاية المطاف وقضى الشهرين الماضيين يدرس وضعه، مشيراً إلى أنه فقد احترام كل هذه المؤسسات، وكذلك احترامه لنفسه لأنه كان جزءاً منها.
سياسة الولايات المتحدة بشأن مجاهدي خلق
وضعت إدارة كلينتون مجاهدي خلق على قائمة وزارة الخارجية للمنظمات الإرهابية الأجنبية في العام 1997 بينما كانت تحاول فتح المفاوضات مع إيران. وقدمت محكمة استئناف أميركية في حزيران (يونيو) طلباً لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون لاتخاذ قرار في غضون أربعة أشهر لإزالة مجاهدي خلق من قائمة الإرهاب.
قامت بريطانيا والاتحاد الأوروبي بشطب مجاهدي خلق من قوائم الإرهاب في عامي 2008 و 2009 على التوالي. لكن وجود الجماعة على قائمة الولايات المتحدة يردع الدول الأخرى من استقبال المنشقين الإيرانيين.
"وجود إسم منظمة مجاهدي خلق على القائمة الإرهابية لا يساعد الأمم المتحدة في مراقبة أو حماية الحقوق الأساسية لهذا المجتمع. كما أن إبقاء المنظمة على اللائحة سوف يشجع الحكومة العراقية على تسليم الايرانيين ويشجع الممارسات الخاطئة التي تمارس بحقهم"، يقول بومدرة. |