صنعاء نيوز/عبداللَّه الصعفاني -
* كما أن هناك قواعد ذهبية لدخول الامتحان وإحراز النجاح.. هناك قواعد ذهبية - أيضاً - لتجاوز محطَّات الفشل السياسي الجاثم على هذه البلاد منذ فترة غير قصيرة.. وهذا النجاح المأمول لا يتحقَّق بابتسار الحلول، وإنَّما بمراجعة قواعد السلوك السياسي، وفي مقدِّمتها تشذيب الخصومة السياسية والابتعاد عن الشخصنة والكيد الفاجر.
* إلى هنا ويكفي.. فلقد قضينا أعواماً من التعاطي مع المواقف المنفِّرة الموحشة والمبالغة في شيطنة الآخر وتشويه المنافسين، حتى صار البعض نماذج بائسة من هتلر وهو ينام وتحت مخدَّته النسخة الأصلية من كتاب «الأمير»، حيث الغايات تبرِّر الوسائل القميئة.
* اليمن اليوم تتوسط عملية سياسية تفرض التعاطي معها بمسؤولية غير مكبَّلة بالغبار الذي أهلناه على النوايا الحسنة حتى سلَّمنا بأنها الطريق إلى جهنَّم بسبب هذا التباري العزوف عن مراجعة قواعد السلوك الملتزم بآداب الخصومة السياسية.. وهو ما يجعل السياسي في اليمن يزاوج في بهلوانية عجيبة بين صبّ اللعنات على الشرّ، فيما سلوكه يسحب لأن يكون الشرّ نفسه.
* وأصدقكم القول : أشعر بتململ عميق، ليس لأننا فشلنا في إيجاد الدولة العميقة، وإنَّما لأن صور الخفَّة تحاصرنا وسط ادِّعاءات بامتلاك العمق الشعبي، فيما تتوارى دلائل إثبات المصداقية التي تأخذ دور الماء المكذِّب لأدعياء الغوص والقدرة على مغادرة البحر الهايج.
* يتلفَّت الشعب يمنةً ويسرةً فيرجع البصر حسيراً، ليس لأنه ما يزال يبحث عن مناضلين أمثال غاندي ولوثر كنج ونيلسون مانديلا، وإنَّما بحثاً عن قيادات حزبية تمتلك دافع الحرص على حلّ مشاكل اليمن بوقت أفضل وبتكلفة أقلّ من تداعيات استمرار صراع الإرادات المحكومة بالانفعال.
* أشعر بتململ عميق من فواصل ترويعنا بالموت حتى نقبل بالحمَّى.. وأشعر بالتململ لأن التعامل مع الشباب يتمّ بانتهازية، وأن المواجهات السياسية تبدو بلا أفق يتجاوز شطحات قوى لا تستطيع مغادرة قوالب التفكير المنتج للعنف خارج الحاجة إلى حوار يؤكِّد على امتلاك أدوات التحوُّل دونما قفز على التوازن والتوافق والتصالح العام.
* وأخيراً.. أشعر بالتململ لأن البُعد الشخصي والجهوي في آليات العمل ومكوِّنات الانتقال ما تزال تعطي الأولوية للشخص على القضايا وعلى الأبعاد الوطنية.. وما نزال ننتظر عودة الحياة، ولكن بمكوِّنات ولجان محكومة بمصالح الجماعات الحزبية والفئوية والقبلية والمناطقية، عنوان وظائفها : لجان تمويت الحقائق.