صنعاء نيوز/ بقلم : د/ سعاد سالم السبع[1] -
مركز النوع الاجتماعي بجامعة صنعاء.. حيثيات جديدة للمناقشة!!(3)
لماذا برنامج ماجستير التنمية الدولية في مركز النوع الاجتماعي بجامعة صنعاء؟ !!
الاهتمام بالتنمية الدولية في أي بلد ما ينبغي أن يسبقه الاهتمام بالتنمية المحلية؛ فطريقة الوصول تنمويا إلى العالمية في أي بلد يتطلب أن تكون التنمية المحلية قد قطعت أشواطا كبيرة في مسار التقدم في ذلك البلد، لأن العالمية مراحل تبدأ بالمحلية ثم الإقليمية ثم العالمية ، وكما يقال ( العولمة تبدأ بالأقلمة والأقلمة لا تسبق المحلية) ، وهذه حقيقة واقعية ، فالجوائز العالمية لا تمنح لأي شخصية إلا إذا كانت مؤثرة محليا ثم إقليميا ، وشهادات الجودة والاعتماد لا تمنح لأي مؤسسة إلا إذا كانت برامجها قد حققت الأهداف المحلية لتلك المؤسسة .
ما قيمة أي برنامج دراسي إذا لم يكن له علاقة بالمجتمع المحلي؟!! هذا السؤال يطرق رأسي كلما تذكرت برنامج التنمية الدولية في مركز النوع الاجتماعي بجامعة صنعاء، فقد كنت من الذين استبشروا خيرا بدعم الدنمرك لبرنامج دراسي للدراسات العليا في مركز النوع الاجتماعي بالجامعة، وكنت أتوقع أن يهدف هذا البرنامج إلى دعم قدرات المرأة اليمنية الفقيرة بالدرجة الأولى ، كونها الأكثر حرمانا من التعليم والأكثر تعرضا للعنف المبني على أساس النوع الاجتماعي، لكنَّ الداعمين وبعض الزميلات اللائي كن على تواصل بهم قرروا أن يكون البرنامج موجها للقادرين ماديا ولاسيما الذين لهم خبرات في العمل مع المنظمات الأجنبية للالتحاق بالبرنامج...
دار نقاش طويل حول تسمية البرنامج ، واعترضت أنا وبعض الزميلات والزملاء على تسمية البرنامج وتساءلنا عن جدوى برنامج في التنمية الدولية في مجتمع يفتقر إلى أبسط مقومات التنمية المحلية. لكن الزميلات المتواصلات مع الداعمين بررن بقاء التسمية بوجود برنامج مشابه في جامعة ركسيلده الدنمركية التي ستشارك المركز في تأهيل الملتحقين بالبرنامج في مجال التنمية الدولية، كما صرحن بأن الداعمين اشترطوا للشراكة والدعم أن نلتزم ببرنامجهم، وعليه فلن يأتي الدعم إلا إذا نفذنا البرنامج نفسه في مركزنا..
وفكرنا –نحن- بمرونة ورأينا أنه بالإمكان أن نبدأ بما يريدون بعد يمننة البرنامج، ثم نستثمر البرنامج في تأسيس المركز خدميا وفي بناء قدرات المنتسبين إليه، وفي خلق استمرارية للبرنامج بعد ذلك لتنمية المجتمع المحلي وتطوير موارد المركز، ومن ثم توجيه بعض هذه الموارد لتحقيق أهداف المركز الأساسية التي أنشئ من أجلها ، وأهم هذه الأهداف تحقيق عدالة النوع الاجتماعي..
وكنا متفقين على أن يتم فتح البرنامج بصورة قانونية، ويمر بالإجراءات المتبعة في جامعة صنعاء، من حيث إجراءات تسجيل البرنامج وإجراءات قبول الطلبة وتسجيلهم، وأن يتم يمننة بعض مفردات البرنامج لتلائم بيئتنا وثقافتنا، وأن يتم اختيار هيئة التدريس فيه ممن تنطبق عليهم المعايير العلمية..
لكن ما إن وصل الدعم حتى انفجر الوضع بين إدارة المركز والأخوات المتواصلات بالداعمين، حيث بدأت رئيسة قسم الدراسات العليا (منسقة البرنامج) تتخذ إجراءات خاصة بالبرنامج دون إطلاع إدارة المركز عليها، فغضبت مديرة المركز حينها ووجهت بأن لا يتم اتخاذ أي إجراءات في موضوع البرنامج إلا بموافقتها ولا سيما التواصل بالداعمين، واشتد الخلاف بينهما ، وبدأت رئيسة القسم في العمل على استقلالية البرنامج ماليا وإداريا وأكاديميا عن إدارة المركز بمبرر أنها لا تستطيع العمل تحت إدارة المركز، وقامت بالتواصل بالداعمين بدون الرجوع للإدارة وبصفتها الذاتية وليست الرسمية، وبسبب هذه المشكلة استقالت مديرة المركز حينها، بعد أن وجدت أن إدارة الجامعة الممثلة برئيسها الأسبق قد بارك استقلال البرنامج عن إدارة المركز..
ومن هنا بدأ انحراف العمل عن مساره القانوني في المركز حيث صار قسم الدراسات العليا يعمل كمركز مستقل داخل مركز النوع الاجتماعي وتمت إدارة البرنامج سنتين بتكتم شديد عن كل أعضاء المركز، وأصبح له طاقمه المالي والإداري الخاص، وحدثت ازدواجية غير مقبولة داخل المركز حيث صار للمركز ختمان رسميان مختلفان ، ومديران ماليان اثنان، ويعمل المركز بطاقمين إداريين مختلفين مما أدى إلى ممارسة مخالفات مالية وإدارية وأكاديمية بالجملة..
ومن أهم هذه المخالفات أنه تم تمرير البرنامج بصورة سرية دون عرضه على مجلس المركز حتى أنه تم عرضه على مجلس الدراسات العليا ومجلس الجامعة دون دعوة مديرة المركز حينها للاجتماع، ولم يتم تسجيل الطلبة عبر نيابة الدراسات العليا، ولم تطبق عليهم شروط القبول التي تطبق على بقية طلبة الدراسات العليا ، واختير للتدريس في البرنامج بعض الكوادر كمجاملة، وكان فيهم من لا تنطبق عليهم شروط التدريس في برنامج الماجستير ، المهم توالت المخالفات والأخطاء نتيجة استقلالية البرنامج عن إدارة المركز وبالتالي عن الجامعة...
وبدأ العمل بمنهجية على تطفيش كل الأعضاء الذين لم يوافقوا على الممارسات السابقة ، واشتد الخلاف بين أعضاء المركز واستمرت المخالفات في البرنامج ولا سيما أن المركز بقي فترة طويلة بدون إدارة، ورفعنا الأمر لرئيس الجامعة حينها بضرورة تعيين إدارة للمركز، فقام بتعيين مديرة جديدة للمركز تعمد اختيارها ممن ليست لهن معرفة ولا خبرة بما يدور في المركز، وحينما وصلت اصطدمت باستقلالية قسم الدراسات العليا عن إدارة المركز، فكانت تشكو حال المركز وعدم الشفافية في البرنامج لرئيس الجامعة(طميم) بمذكرات رسمية ، مذكرة بعد مذكرة، (أشار التقرير إلى ذلك في الفقرة رقم (5) ص 4 ) ،فكان رئيس الجامعة يمتص غضبنا ويعدنا بتصحيح الوضع ثم يماطل ويطنش ، واستمر الحال على ما هو عليه حتى التقى الداعمون بهيئة المركز وعرفوا المشكلات التي بين الإدارة ومنسقة البرنامج، فاستاءوا من هذا الأمر وطلبوا من إدارة المركز أن تعالج المشكلات وتصحح وضع البرنامج إداريا حتى يستمروا في دعم المركز، وكان هذا الاجتماع في كوبنهاجن نهاية 2010 م بحضور نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا حينها الذي وعد هو بنفسه أن يعالج الأمر مع رئيس الجامعة، وطمأن المانحين بأنه سيفعل شيئا من أجل المركز...
ثم عدنا وانتظرنا دور نائب رئيس الجامعة في تصحيح الوضع، ولكنه على ما يبدو لم يكن على وفاق مع رئيس الجامعة فأهمل الموضوع، فاتخذنا معا –نحن غير القابلين لما يحدث في المركز- قرارا بمواجهة رئيس الجامعة بما حدث في الدنمارك ومطالبته بتصحيح وضع البرنامج وإعادته للعمل تحت إدارة المركز، وكما هو معهود من (طميم) يعد ويعد ويعد ولا يفعل شيئا، وظللنا نلح عليه ، وهو يطبع لنا صدره بأنه سيوقف المخلفات، وبدلا من إيقاف المخالفين وحدهم أصدر قرارا جماعيا بإقالة كل رؤساء الأقسام وإلغاء تسمية منسق البرنامج تحت تسمية إعادة الهيكلة، ثم بعد هذا القرار بيوم فوجئنا بقرار جديد ( نفس الأول) مع حذف المادة الخاصة بإلغاء المنسقة، ثم المفاجأة الثالثة أصدر قرارا بتعيين إحدى صديقاتها مديرة للمركز ، ثم أعطى الضوء الأخضر للمجموعة المقالة التي ارتكبت مخالفة فصل البرنامج عن إدارة المركز بممارسة نشاطها وكأن الإقالة لم تحدث، يعني بكلمات بسيطة( عمد رئيس الجامعة بقاء الفساد في المركز وفي البرنامج رسميا)
وما كان منا جميعا إلا أن رفعنا الأمر إلى وزارة التعليم العالي للتحقيق في وضع المركز وفي قانونية القرارات التي أصدرها مدير الجامعة، وللأسف استمرت اللجنة ما يقارب العام في التحقيق والعمل يُمارس في المركز مخالفا للقانون ، وأخيرا قدمت اللجنة تقريرها للوزير الذي بدوره حوله لرئيس الجامعة السابق ، الذي أخفى التقرير فكان أسوأ من سلفه في دعم الفساد داخل المركز، ونحن نأمل أن يقرأ رئيس الجامعة الجديد القضية بموضوعية ويأخذها بجدية، فقد أثبت تقرير وزارة التعليم العالي هذه المخالفات القانونية في الفقرة السابعة ص 4 حيث نص على أنه " تم الاطلاع على بعض قرارات رئيس الجامعة والتي تضمنت إجراء تغييرات في رئاسة المركز وأقسامه وإدارته المالية وأمانة المركز وفي فترات وجيزة ومتلاحقة ودون إحالة الأشخاص الذين تم إعفاؤهم من مناصبهم إلى التحقيق لمعرفة أسباب التغييرات المفاجئة وبالجملة، والتي استهدفت بالأساس بعض مقدمي الشكوى ، وفي مقدمتهم رئيسة المركز السابقة ، التي رفعت بعض الرسائل لرئيس الجامعة للمطالبة بتصحيح وضع المركز ، مما يدعو للشك في الدوافع التي أدت إلى إصدار هذه القرارات والتغييرات في مواقع مهمة وخلال فترة وجيزة بدعوى إعادة الهيكلة" ..
وسنظل نطالب بإعادة فتح ملف مركز النوع الاجتماعي في جامعة صنعاء مع قدوم كل إدارة جديدة حتى يُصحح وضع المركز ليحقق أهدافه الأساسية، ويتم التحقيق في المخالفات التي تمت وفي الإقالات التعسفية التي مورست ضد المطالبين بإلغاء الفساد في المركز وسنستمر في متابعة جميع المخالفات التي تمت منذ وصول الدعم وإلى اليوم، فلن تسقط أي قضية بالتقادم مهما حاول المستفيدون الترقيع.. وإن الحق آخره اليقين... وللقضية تفاصيل في مقال قادم..
[1] - أستاذ المناهج وطرائق التدريس المشارك بكلية التربية –جامعة صنعاء –
[email protected]