صنعاءنيوز/د.طارق عبدالله ثابت الحروي -
- اليوم وبعد مرور عقدين ونيف من عمر الوحدة اليمنية أستطيع القول بملء فمي لقد فعلها زعيم اليمن ورمزها الوحدوي الرئيس السابق علي الصالح (حفظه الله ورعاه) ورفاقه من عناصر حركة التغيير الوطني (نية وإرادة وأفعال قدر ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا)؛ جزءاهم الله عني وعن أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأجل التسليم ألف مليون خيرا ورفعة ومجدا وسؤدد.
- ومن نصر إلى نصر لك سيدي ولرفاقك وأبناء شعبك، ومن ثم للقيادات الشابة الجديدة من عناصر حركة التغيير الوطني (الحركة التصحيحية الثانية) وقائدها الشاب أخي العميد الركن أحمد الصالح، التي سوف تتحمل تبعات المسئولية كلها في المرحلة القادمة، وأدامها الله عليك وعليهم بركة وعافية وعمر مديد كي ترى حلمك بيمن جديد على يد أبنائك الشباب الأكفاء والمخلصين والمؤمنين باليمن شعبا وأرضا وتاريخا وطموحا من عناصر حركة التغيير الوطني واقعا ملموسا كما أردت وأكثر ومن ثم حقيقة ساطعة من حقائق القرن الـ21.
- فالأعمال العظيمة عندما تكون بحجم الأوطان كما تعرف أيها الزعيم تحددها البدايات والنهايات وأنت ورفاقك هذا حجمكم- وفقا- للنوايا والإرادة ومن ثم الأفعال عند خط البداية والنهاية بغض النظر عن طبيعة ومستوى ومن ثم حجم الانجاز وما النصر والتوفيق الذي ننشد إلا من الله وبه وإليه، فاليمن اليوم باعتقادي- وفقا- للدلائل التاريخية بالرغم من كل ما يحيط بها من أخطار وتحديات جمة ظهرت بارزة قوية في السنوات الأخيرة وبلغت حد الذروة منذ أحداث مطلع العام الماضي، باقية واحدة موحدة إلى ما شاء الله وبقدرته حتى تستوفي كل أقدارها المكتوبة بالاستناد إلى حكمة الله منها.
- وفي المقابل فهي - وفقا- لبعض أهم الحسابات المادية الوضعية، التي يجب وليس ينبغي إعادة تصحيحها (تقييما وتقويما) واستكمال أهم الحلقات الأساسية فيها لتواكب ضمان تلبية الحد الأعلى من أولويات المصلحة الوطنية العليا بالمثل، كانت ومازالت وسوف تظل متجذرة في أرض الواقع شكلا ومضمونا، على واحد من أهم الأسس والمعايير الأساسية الأكثر تأثيرا وتأثرا وأثرا بهذا الشأن التي يمثلها معيار المصالح، باعتبارها المدخل الأهم لضمان بقائها واستمرارها واقفة على أقدامها وشامخة برأسها كأحد أهم النماذج الحية في طريق الوحدة العربية المنشودة.
- بفضل الدور المحوري الذي لعبه الزعيم ورجاله من عناصر حركة التغيير الوطني ولا تحتاج منا في المرحلة الانتقالية الحالية (2011- 2014م) إذا كنا صادقين معها ومخلصين لها انتماء وولاء، إلا تصحيح اتجاهاتها ومساراتها الرئيسة وإعادتها إلى طريقها الطبيعي الذي يضمن لها تحقيق الحد الأعلى من أولويات المصلحة الوطنية العليا المنشودة لليمن نظاما وشعبا وأرضا وتاريخا وطموحا، في ضوء استمرار تنامي المعطيات الظرفية السائدة في البيئتين الداخلية والخارجية الحاضنة والمحفزة لها.
- أما بالنسبة للجدل المثار حول هذا الأمر والذي يمكن إعادة بلورة بعض أهم معالمه الرئيسة في جملة من التساؤلات التي سوف نحاول من خلال الإجابة عنها تفسيره في مقالتنا هذه؛ مفادها كيف يمكن الاعتقاد بأن الوحدة بقت وسوف تظل باقية- وفقا- لبعض أهم الحسابات المادية الوضعية بهذا الشأن التي تم اعتمادها من قبل عناصر حركة التغيير الوطني؟ على خلفية ما لعبته من أدوار محورية مهمة بهذا الشأن أسهمت في تجذيرها على أرض الواقع شكلا ومضمونا على أهم الأسس الرئيسة الحاكمة بهذا الشأن التي تمثلها لغة وسياسة المصالح.
- بالرغم من أن معظم الدلائل التاريخية تشير إلى العكس من ذلك؛ جراء استمرار تنامي حدة التحديات والمخاطر التي تكاد تعصف بها بين ليلة وضحاها، وكيف تم تجذيرها على أساس لغة المصالح كما تم الإشارة إليه آنفا ؟ ثم بعد ذلك يبرز تساؤلا مهما أخر تدور حيثياته حول ما الذي نقصد به هنا على وجه التحديد بالمصالح أهي المصالح العامة أم الخاصة ( المشروعة وغير المشروعة) أم الاثنين معا ولماذا ؟ وما الفارق بينهما ؟ وكيف يمكن الاستشهاد على ذلك بدلائل تاريخية لها شأنها في المشهد السياسي الحالي ؟
- بمعنى أخر كيف تسنى لحركة التغيير الوطني إلى حد ما احتواء الأمواج الهائجة التي ظهر عليها المشهد الداخلي بعد العام 1994م في اتجاه ابتلاع الجنوب والسيطرة على مقدراته من قبل عناصر التيار التقليدي وشركائه، للحيلولة دون وجود أية احتمالية لإمكانية حصول اليمن على فرصة حقيقية للنهوض ضمن استراتيجية معدة لمثل هذا الغرض مسبقا تقف ورائها إعدادا وإشرافا ورعاية عناصر اللجنة الخاصة على الجانب السعودي ومن ورائهم الأطراف الدولية والإقليمية المعنية ؟ ومن ثم إعادة توجيهها بما يضمن تحقيق أولويات المصلحة الوطنية العليا في المدى المتوسط والبعيد من خلال الإيقاع بها- وفقا- للغة المصالح بحشرها حشرا في دهاليز شرهها وأطماعها غير المشروعة في الجنوب والشرق كما في الشمال والغرب ؟
- كي تتضح ملامح هذا الأمر في المرحلة الانتقالية الحالية بحرصها الشديد على الحيلولة دون انفصال الجنوب أو فك الارتباط والذي لا يفسره سوى أمر واحد له علاقة بطبيعة ومستوى ومن ثم حجم المصالح القائمة والمقبلة لها المتوقعة والمحتملة ومن ثم المرغوبة ليس هذا فحسب، لا بل وميلها شكلا ومضمونا كحل وسط إلى تبني مطلب الفيدرالية ضمن إطار تجربة الأقاليم نوعا ما، باعتباره المدخل الأمثل للحيلولة دون وجود كيان دولة حقيقي يلبي الحد الأعلى من أولويات المصلحة الوطنية العليا؛ وهذا ما يفسر في المقابل حرصها الشديد على ان يكون لها مواطئ قدم لها شأنها في كل جزء من البلاد سياسيا وحزبيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا وعسكريا.....الخ.
- وما طبيعة الدور التاريخي الذي لعبته إدارة الرئيس السابق علي الصالح بهذا الشأن ليس كمخرج أساسي للمعطيات الظرفية المناهضة والمناوئة لبقاء واستمرار الوحدة السائدة في البيئتين الداخلية والخارجية منذ اليوم الأول التي يصعب تجاوزها أو تجاهلها فحسب، وإنما كذلك كمنهج عمل في أحد أهم جوانبه الرئيسة له مؤشراته الرئيسة بالرغم من محدودية حركته ومر دوداته بالمقارنة بما يجب (نعمل بالممكن ولا ننسى الطموح) ؟
- وأخيرا ما طبيعة المقترح الذي نضعه بين أيدي المعنيين بإدارة الشأن العام في بلادنا باتجاه إحداث نقلة نوعية متعددة الأبعاد والمضامين في واقع اليمن؛ بما يعزز إلى حد كبير من وحدة التراب الوطني وكيانه القومي وصولا إلى تماسك نسيجه المجتمعي إلى أقصى الحدود، كي نتمكن من تجاوز كافة أو معظم الحلول والمعالجات الجزئية والوقتية والمرحلية المتبعة لاحتواء الظروف والملابسات السلبية المحيطة بالدولة نظاما وشعبا وأرضا وتاريخا وطموحا ؟
- أما عن السبب الأساسي باعتقادي الكامن وراء ذلك فيمكن إعادة بلورته في محاولة موضوعية جادة؛ نهدف من ورائها إلى تحديد أمر مهم لا بل وفي غاية الأهمية له علاقة بأن ما جرى من تجذير للمصالح الخاصة غير المشروعة أكثر منها المشروعة للغالبية العظمى من قيادات ووجهاء التيار التقليدي المحافظ (القبلي) والمتطرف (الديني) وحلفائهم وشركائهم القدماء والجدد أفرادا وجماعات، ضمن نطاق حدود المحافظات الجنوبية وإقليم الشريط الساحلي ككل منذ العام 1994م الذي ألقت عليه تقارير اللجنة الرسمية (هلال- باصرة) بعض حزم الضوء المهمة، وصولا إلى استمرار تنامي حالات النكوص الحادة في واقع المسار الوطني؛ جراء المواقف الإقليمية والدولية المباشرة أكثر منها غير المباشرة المناهضة والمناوئة له.
- لم يكن بالمطلق لا في الشكل ولا المضمون مسارا وطنيا محسوبا على حركة التغيير الوطني يدور الجزء الأكبر والمهم من إرهاصاته ضمن نطاق حدود خيارات قيادة حركة التغيير الوطني ومن ثم سيطرتها شبه المطلقة وإنما خارجها، جراء اختلال كفة المعادلة الداخلية الحاكمة للبلاد ومن ثم مصادر القوة والثروة لصالح التيار التقليدي وشركائه في الداخل والخارج بعد العام 1994م.
- إلا انه بالمقابل يسعنا القول بهذا الشأن- أيضا- أن قيادة حركة التغيير الوطني لم تكن لتبقى مكتوفة الأيدي إزاء ذلك وإنما سعت للتعامل مع هذا الأمر متجاوزة الكثير من العقبات كما هو على أرض الواقع؛ من خلال تجنبها الوقوف أمام الأمواج القوية الهادرة أو محاولة السير باتجاه معاكس لها أي في مواجهتها؛ لان النتيجة بالنسبة لها كانت معروفة مسبقا لغير صالحها، وإنما بمحاولة مجاراتها ومسايرتها وإعادة تفريغها وتوجيهها- وفقا- لأولوياتها الرئيسة المحددة مسبقا؛ بهدف احتواء أثارها وتداعياتها السلبية الهائلة على حاضر ومستقبل اليمن ومن ثم تقليصها والتخفيف من قوة اندفاعها إلى أبعد حد ممكن، باتجاه تغيير مساراتها الرئيسة.
- على خلفية ما حققته حركة التغيير الوطني من مواطئ قدم حقيقية بهذا الشأن مكنتها إلى حد كبير من إعادة توجيهها، بصورة أسهمت في الحفاظ على الوحدة حاضرا ومستقبلا، إلى ان تتوفر البيئة الحاضنة والمحفزة لإعادة تصحيح مساراتها المنحرفة ومعالجة كافة التشويهات التي نالت من الكثير من مضامينها وأبعادها ودلالاتها الرئيسة واستكمال أهم حلقاتها الرئيسة الأكثر أهمية وإلحاحا ذات العلاقة بتلبية الحد الأعلى من أولويات المصلحة الوطنية العليا.
- وتأسيسا على ما تقدم فسوف يتم الدخول في صلب موضوع مقالتنا هذه مباشرة بالاستناد إلى حيثيات إرهاصات المشهد الداخلي والسياسي منه- بوجه خاص- الذي تعيشه اليمن نظاما وشعبا وأرضا وطموحا في المرحلة الانتقالية الحالية تحديدا، كامتداد وتتويج طبيعي لهذا المسار الذي أخذت به عناصر حركة التغيير الوطني في العقدين الماضيين وليس أقل من ذلك أو أكثر، بصورة نجحت إلى حد كبير من خلاله في تحويل خصوم وألد أعداء الأمس على المستويين الداخلي والخارجي إلى أصدقاء وحلفاء ومن ثم شركاء لكلا منهم دوره المرسوم في مهمة الانتقال الأمن باليمن إلى مصاف الدولة البحرية المدنية الحديثة المنشودة وولوج مرحلة التنمية الشاملة والمستدامة من أوسع أبوابها وهنا يكمن بيت القصيد بالتحديد.
- ابتداء بالحضور الواسع النطاق نسبيا لعناصر التيار التحديثي التحرري في حيثيات إرهاصات المشهد الداخلي والسياسي الحالي منه- بوجه خاص- من موقع الحكم والسيطرة النسبية على جزء مهم وكبير من مقاليد السلطة ومن ثم الإدارة (وليس من موقع الإدارة فقط كما كان عليه الحال سابقا؛ بحكم أن معظم مقاليد الحكم والسيطرة كانت بأيادي عناصر التيار التقليدي وشركائه "1967- 1989م" و1994- 2011م").
- منذ اللحظة التي قبل فيها قائد ورائد حركة التغيير الوطني الرئيس علي الصالح (حفظه الله ورعاه) ورفاقه تسليم مقاليد السلطة بانسيابية ومرونة منقطعة النظير إلى أيادي رفاقه في إدارة الرئيس عبده ربه منصور (حفظه الله ورعاه)، ضمن إطار رؤية وطنية متكاملة الأبعاد ذات طابع استراتيجي بهذا الشأن تصب قلبا وقالبا في اتجاه تحقيق الحد الأعلى من أولويات المصلحة الوطنية العليا المنشودة، التي تتكشف ملامحها الرئيسة تباعا، وبصورة غير مسبوقة في تاريخ اليمن المعاصر.
- لدرجة نستطيع من خلالها القول بثقة تامة أن إدارة الرئيس الهادي كانت ومازالت وسوف تظل واحدة من أهم الحلقات الرئيسة في هذه الاستراتيجية التي سوف تحدد من خلالها طبيعة ومستوى ومن ثم حجم النوايا والإرادة ومن ثم الاستعداد المبني على القدرة المادية والمعنوية التي أصبحت عليها حركة التغيير الوطني للإمساك بزمام الأمور بأياديها والتقدم بخطى محسوبة وواثقة نحو أقدارها المكتوبة، وهذا ما سوف تتضح ملامحه الرئيسة مع نهاية المرحلة الحالية وبداية المرحلة القادمة.
- سيما في ضوء ما نستشفه من مضامين وأبعاد خارطة الطريق الجديدة التي حددتها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة في اتجاه تأسيس وإرساء مداميك الدولة البحرية المدنية الحديثة المنشودة- وفقا- لأهم أولويات المصلحة الوطنية العليا (احتواء الأزمة السياسية- الأمنية، إرساء مداميك الدولة الجديدة نظاما وشعبا وأرضا وطموحا، فصل السياسية نهائيا عن الجيش والأمن، إعادة رص وتوحيد الجبهة الداخلية سياسيا وشعبيا،... الخ)؛ على ثلاثة محاور أساسية الاول يركز على الملف السياسي بأبعاده المختلفة التي لها علاقة بحيثيات إعادة ترتيب البيت الداخلي ضمن إطار السلطة المركزية للدولة الموحدة على مستوى الدولة والنظام،....
- والثاني له علاقة بحيثيات الملف العسكري والأمني بأبعاده المختلفة التي لها علاقة بحيثيات بناء وإرساء ومن ثم ترسيخ مداميك المؤسسة الدفاعية والأمنية الجديدة على أسس وطنية ومهنية جديدة، والثالث له علاقة بحيثيات الملف السياسي والشعبي بأبعاده المختلفة التي لها علاقة بحيثيات إعادة رص وتوحيد الجبهة الداخلية الرسمية وغير الرسمية كخطوة رئيسة لولوج أهم مرحلة من مراحل العمل الوطني قاطبة (مرحلة التنمية الشاملة والمستدامة المنشودة).
- وفي نفس الوقت كانت ومازالت وسوف تظل الحلقة الأهم الأكثر ضرورة وحسما لإسقاط سيناريو تمزيق اليمن من الأساس بضربة نوعية واحدة، باعتبارها بداية النهاية لكافة الدعاوي الانفصالية الجديدة والمشاريع الصغيرة الأكثر خطورة على اليمن ترابا وكيانا ونسيجا ونظاما وتاريخا وطموحا، في ضوء عملية الانتقال الآمنة والمرنة لمقاليد السلطة إلى أيادي عناصر حركة التغيير الوطني من أبناء المحافظات الجنوبية في مشهد سياسي قل نظيره ليس هذا فحسب.
- لا بل والطريقة التي حاولت فيها عناصر حركة التغيير الوطني استيعاب المطالب التي ترفعها الفعاليات السياسية والمجتمعية عموما لتمثيل ما يسمى إعلاميا بـ(القضية الجنوبية)،....الخ قدر الإمكان في مؤتمر الحوار الوطني الشامل بما يضمن تلبية الحد الأعلى من أولويات المصلحة الوطنية العليا للبلاد في نهاية المطاف.
[email protected] وللحديث في هذا الأمر بقية
والله ولي التوفيق وبه نستعين