صنعاء نيوز /د.طارق عبدالله ثابت الحروي -
[email protected]
وانتهاء بإرهاصات حيثيات الملف الخارجي بشقيه الإقليمي والدولي بهذا الشأن في تطور سياسي جذري علني يغلب عليه الطابع الرسمي؛ تم الإعداد والتأسيس لمساراته الرئيسة باتجاه بناء وإرساء مداميك الدولة البحرية المدنية الحديثة المنشودة والجزء الأكبر والمهم من أدق تفاصيله منذ نهاية عقد التسعينيات على أيدي عناصر التيار الوطني المعتدل ورائده الزعيم علي الصالح (حفظه الله ورعاه) بالتعاون والتنسيق ومن ثم الشراكة مع أخيه الملك عبدالله أل سعود (حفظه الله ورعاه) (ولي العهد سابقا) بامتداداته الدولية والإقليمية، على عكس ما يظنه الكثيرين بأنه وليد ما يسمى بـ(ثورة الربيع العربي) المزعومة.
- وهذا ما بدأ وضحا في مضامينه وأبعاده في خارطة الطريق الجديدة للمرحلة الانتقالية الحالية ومن مواقف المجتمع الدولي والخليجي- السعودي التي تمثلها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة وقرار مجلس الأمن رقم (2014)، ليس فيما يتعلق بالحفاظ على وحدة اليمن نظاما وشعبا وأرضا فحسب، لا بل وبأدواره المحورية كشريك لضمان الانتقال الأمن باليمن إلى مصاف الدولة البحرية المدنية الحديثة بما يتفق مع أولويات المصلحة الحيوية لهذه الأطراف، فلو افترضنا على سبيل المثال لا الحصر أن مصالح هذا الأطراف تصب قلبا وقالبا بصورة رسمية وغير رسمية في البعد الاستراتيجي أكثر منه المرحلي ضمن إطار سيناريو إعادة تقسيم اليمن إلى دويلات كما يعتقد الكثيرين.
- فما الداعي من الأساس لمواقفها الحالية، التي تعمدت تضمينها في أول وأهم وثيقة رسمية على مستوى المنطقة في القرن الحالي تم الإعلان عنها في مراسيم قل نظيرها في تاريخ المنطقة، بحيث أخذت على نفسها عهدا وموثقا رسميا وألزمتها علنا أمام العالم بالحفاظ على وحدة اليمن واستقرارها وأمنها ليس هذا فحسب، لا بل وبدورها المحوري المباشر وغير المباشر بضمان الانتقال الأمن لها إلى مصاف دولة النظام والقانون، مادامت مصالحها مثلما يظن الكثيرين (وما يزالون) مع إعادة تقسيم اليمن إلى دويلات متناحرة ومتنافرة كما هو حاصل في المشهد الصومالي ؟ وما طبيعة حقيقة هذه المصالح بالضبط ؟
- بمعنى أخر أكثر دقة وتحديد يمكن الإشارة إلى أنه في الوقت الذي عجزت فيه بريطانيا قبل أكثر من 130 عاما من احتواء اليمن كلها وتحويلها إلى ممر وعقدة استراتيجية فريدة من نوعها في إمبراطوريتها العظمى، فقد فضلت التراجع خطوة إلى الخلف كي تتمكن من القفز خطوتين إلى الأمام من خلال تبني خيارا أخر أكثر أهمية وضرورة بهذا الشأن؛ يقضي بالسيطرة فقط على الأجزاء الحيوية (الجنوبية والشرقية) من البلاد، التي نجحت إلى حد كبير في تهيئة كافة الأجواء اللازمة ومن ثم فصلها من خلال سياسات تدريجية معدة لمثل هذا الأمر، سيما في ضوء ما حققته من نجاحات مهمة في طرد اغلب السكان منها وحصرهم في تلك الأجزاء المحدودة من مساحة اليمن (الشمالية والغربية)، أما عن السبب وراء ذلك ؟
- فإنه يكمن باعتقادي في طبيعة حيثيات التساؤل ذي الطابع الاستراتيجي لدي دوائر صنع القرار البريطاني الأكثر أهمية وإلحاحا بهذا الشأن الذي فرض نفسه بقوة على كل خياراتها المتاحة بعدما فشلت من السيطرة على الأجزاء الشمالية والغربية من البلاد، والذي تتمحور حيثياته حول طبيعة الأجزاء الحيوية المهمة من البلاد التي يجب احتلالها لضمان تحقيق الحد الأعلى من أولويات مصالحها ومصالح حلفائها، فكانت الإجابة على أرض الواقع واضحة جدا، واليوم باعتقادي فإن حيثيات هذا التساؤل تعيد طرح نفسها بقوة في إرهاصات المشهد الحالي الذي تعيشه البلاد منذ العام 2001م، فإذا كان الجواب عنها هو نفسه، بأن مصالح الأطراف الدولية والإقليمية كانت ومازالت إلى حد كبير تتركز في الأجزاء الجنوبية والشرقية.
- فإن المنطق- أيضا- يقول إنه من غير المعقول- وفقا- لذلك أن تقدم هذه الأطراف على تبني خطوة بهذا الحجم (المبادرة وآليتها) تقف قلبا وقالبا بالضد منها، سيما أن البيئة الداخلية والخارجية الحاضنة والمحفزة لإعادة تقسيم اليمن إلى دويلات قد أصبحت أكثر نضوجا بالمقارنة بما كانت عليه في الماضي زمن الاحتلال البريطاني؛ ابتداء مع وجود قرارين لمجلس الأمن صادرين في العام 1994م لدعم المطالب الانفصالية لثلة محدودة من أبناء البلاد.
- ومرورا بوجود جزء لا بأس به من الشعب اليمني وبعض قواه السياسية التي يمكن التعويل عليهما بهذا الشأن في دعم وتأييد هذه المطالب، وانتهاء بطبيعة الأجواء الدولية والإقليمية التي تصب قلبا وقالبا بهذا الشأن كـ(خرائط إعادة تقسيم المنطقة العربية وما يجاورها ضمن إطار حيثيات مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال أفريقيا والقرن الأفريقي الكبير...، وتقسيم السودان إلى دولتين ومن قبله الصومال إلى دويلات...الخ، أجواء ما أصطلح على تسميتها إعلاميا بثورات الربيع العربي،...).
- أما عن الشاهد في هذا الأمر فإنه يدور حول تلك الحقيقة الدامغة في أرض الواقع والتي تؤكد إلى حد كبير طبيعة ومستوى ومن ثم حجم الأدوار التي لعبتها قيادة حركة التغيير الوطني ورائدها الرئيس السابق علي الصالح في إحداث هذه النقلة النوعية غير المسبوقة في مسارات الموقف السعودي- الخليجي ومن ورائه الدولي والإقليمي إزاء اليمن نظاما وشعبا وأرضا وطموحا منذ العام 2000م، علي خلفية التغييرات الجذرية التدريجية الحاصلة في الموقف السعودي الذي يقف ورائه التيار الوطني المعتدل ورمزه الوطني الملك عبدالله آل سعود (ولي العهد سابقا) إزاء مشروع إرساء مداميك الدولة المدنية الحديثة المنشودة- أولا.
- وإعادة صياغة وبلورة العلاقات السعودية- اليمنية على أسس جديدة من التعاون والتنسيق ومن ثم الشراكة التي يغلب عليها الطابع المصيري- ثانيا- وأخيرا الحفاظ على وحدة اليمن وإعادة فرض الأمن والاستقرار فيها التي دخلت نطاق جديدا منذ العام 2009م، ولم تبلغ حد الذروة إلا في العام 2011م، في ضوء ما مثلته المواقف السعودية- الخليجية ومن ورائها المواقف الدولية والإقليمية من قفزة نوعية بهذا الشأن، كي يتحول أعداء وخصوم الأمس إلى أصدقاء وشركاء اليوم ومن ثم حلفاء المستقبل- وفقا- لمسارات جديدة يغلب عليها الطابع الاستراتيجي؛ تقوم على أسس جديدة من التعاون والتنسيق ومن ثم الشراكة الحقيقية القائمة على المصالح المشتركة.
وللحديث بقية,,,,
والله ولي التوفيق وبه نستعين