صنعاء نيوز/د.طارق عبدالله ثابت الحروي -
-اليوم وبعد مرور عقدين ونيف من عمر الوحدة اليمنية أستطيع القول بملء فمي لقد فعلها زعيم اليمن ورمزها الوحدوي الرئيس السابق علي الصالح (حفظه الله ورعاه) ورفاقه من عناصر حركة التغيير الوطني (نية وإرادة وأفعال قدر ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا)؛ جزءاهم الله عني وعن أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأجل التسليم ألف مليون خيرا ورفعة ومجدا وسؤدد.
- ومن نصر إلى نصر لك سيدي ولرفاقك وأبناء شعبك، ومن ثم للقيادات الشابة الجديدة من عناصر حركة التغيير الوطني (الحركة التصحيحية الثانية) وقائدها الشاب أخي العميد الركن أحمد الصالح، التي سوف تتحمل تبعات المسئولية كلها في المرحلة القادمة، وأدامها الله عليك وعليهم بركة وعافية وعمر مديد كي ترى حلمك بيمن جديد على يد أبنائك الشباب الأكفاء والمخلصين والمؤمنين باليمن شعبا وأرضا وتاريخا وطموحا من عناصر حركة التغيير الوطني واقعا ملموسا كما أردت وأكثر ومن ثم حقيقة ساطعة من حقائق القرن الـ21.
- فالأعمال العظيمة عندما تكون بحجم الأوطان كما تعرف أيها الزعيم تحددها البدايات والنهايات وأنت ورفاقك هذا حجمكم- وفقا- للنوايا والإرادة ومن ثم الأفعال عند خط البداية والنهاية بغض النظر عن طبيعة ومستوى ومن ثم حجم الانجاز وما النصر والتوفيق الذي ننشد إلا من الله وبه وإليه، فاليمن اليوم باعتقادي- وفقا- للدلائل التاريخية بالرغم من كل ما يحيط بها من أخطار وتحديات جمة ظهرت بارزة قوية في السنوات الأخيرة وبلغت حد الذروة منذ أحداث مطلع العام الماضي، باقية واحدة موحدة إلى ما شاء الله وبقدرته حتى تستوفي كل أقدارها المكتوبة بالاستناد إلى حكمة الله منها.
- وفي المقابل فهي - وفقا- لبعض أهم الحسابات المادية الوضعية، التي يجب وليس ينبغي إعادة تصحيحها (تقييما وتقويما) واستكمال أهم الحلقات الأساسية فيها لتواكب ضمان تلبية الحد الأعلى من أولويات المصلحة الوطنية العليا بالمثل، كانت ومازالت وسوف تظل متجذرة في أرض الواقع شكلا ومضمونا، على واحد من أهم الأسس والمعايير الأساسية الأكثر تأثيرا وتأثرا وأثرا بهذا الشأن التي يمثلها معيار المصالح، باعتبارها المدخل الأهم لضمان بقائها واستمرارها واقفة على أقدامها وشامخة برأسها كأحد أهم النماذج الحية في طريق الوحدة العربية المنشودة.
- بفضل الدور المحوري الذي لعبه الزعيم ورجاله من عناصر حركة التغيير الوطني ولا تحتاج منا في المرحلة الانتقالية الحالية (2011- 2014م) إذا كنا صادقين معها ومخلصين لها انتماء وولاء، إلا تصحيح اتجاهاتها ومساراتها الرئيسة وإعادتها إلى طريقها الطبيعي الذي يضمن لها تحقيق الحد الأعلى من أولويات المصلحة الوطنية العليا المنشودة لليمن نظاما وشعبا وأرضا وتاريخا وطموحا، في ضوء استمرار تنامي المعطيات الظرفية السائدة في البيئتين الداخلية والخارجية الحاضنة والمحفزة لها.
- التساؤلات المثارة.
- أما بالنسبة للجدل المثار حول هذا الأمر والذي يمكن إعادة بلورة بعض أهم معالمه الرئيسة في جملة من التساؤلات التي سوف نحاول من خلال الإجابة عنها تفسيره في مقالتنا هذه؛ مفادها كيف يمكن الاعتقاد بأن الوحدة بقت وسوف تظل باقية- وفقا- لبعض أهم الحسابات المادية الوضعية بهذا الشأن التي تم اعتمادها من قبل عناصر حركة التغيير الوطني؟ على خلفية ما لعبته من أدوار محورية مهمة بهذا الشأن أسهمت في تجذيرها على أرض الواقع شكلا ومضمونا على أهم الأسس الرئيسة الحاكمة بهذا الشأن التي تمثلها لغة وسياسة المصالح.
- بالرغم من أن معظم الدلائل التاريخية تشير إلى العكس من ذلك؛ جراء استمرار تنامي حدة التحديات والمخاطر التي تكاد تعصف بها بين ليلة وضحاها، وكيف تم تجذيرها على أساس لغة المصالح كما تم الإشارة إليه آنفا ؟ ثم بعد ذلك يبرز تساؤلا مهما أخر تدور حيثياته حول ما الذي نقصد به هنا على وجه التحديد بالمصالح أهي المصالح العامة أم الخاصة ( المشروعة وغير المشروعة) أم الاثنين معا ولماذا ؟ وما الفارق بينهما ؟ وكيف يمكن الاستشهاد على ذلك بدلائل تاريخية لها شأنها في المشهد السياسي الحالي ؟
- بمعنى أخر كيف تسنى لحركة التغيير الوطني إلى حد ما احتواء الأمواج الهائجة التي ظهر عليها المشهد الداخلي بعد العام 1994م في اتجاه ابتلاع الجنوب والسيطرة على مقدراته من قبل عناصر التيار التقليدي وشركائه، للحيلولة دون وجود أية احتمالية لإمكانية حصول اليمن على فرصة حقيقية للنهوض ضمن استراتيجية معدة لمثل هذا الغرض مسبقا تقف ورائها إعدادا وإشرافا ورعاية عناصر اللجنة الخاصة على الجانب السعودي ومن ورائهم الأطراف الدولية والإقليمية المعنية ؟ ومن ثم إعادة توجيهها بما يضمن تحقيق أولويات المصلحة الوطنية العليا في المدى المتوسط والبعيد من خلال الإيقاع بها- وفقا- للغة المصالح بحشرها حشرا في دهاليز شرهها وأطماعها غير المشروعة في الجنوب والشرق كما في الشمال والغرب ؟
- كي تتضح ملامح هذا الأمر في المرحلة الانتقالية الحالية بحرصها الشديد على الحيلولة دون انفصال الجنوب أو فك الارتباط والذي لا يفسره سوى أمر واحد له علاقة بطبيعة ومستوى ومن ثم حجم المصالح القائمة والمقبلة لها المتوقعة والمحتملة ومن ثم المرغوبة ليس هذا فحسب، لا بل وميلها شكلا ومضمونا كحل وسط إلى تبني مطلب الفيدرالية ضمن إطار تجربة الأقاليم نوعا ما، باعتباره المدخل الأمثل للحيلولة دون وجود كيان دولة حقيقي يلبي الحد الأعلى من أولويات المصلحة الوطنية العليا؛ وهذا ما يفسر في المقابل حرصها الشديد على ان يكون لها مواطئ قدم لها شأنها في كل جزء من البلاد سياسيا وحزبيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا وعسكريا.....الخ.
- وما طبيعة الدور التاريخي الذي لعبته إدارة الرئيس السابق علي الصالح بهذا الشأن ليس كمخرج أساسي للمعطيات الظرفية المناهضة والمناوئة لبقاء واستمرار الوحدة السائدة في البيئتين الداخلية والخارجية منذ اليوم الأول التي يصعب تجاوزها أو تجاهلها فحسب، وإنما كذلك كمنهج عمل في أحد أهم جوانبه الرئيسة له مؤشراته الرئيسة بالرغم من محدودية حركته ومر دوداته بالمقارنة بما يجب (نعمل بالممكن ولا ننسى الطموح) ؟
- وأخيرا ما طبيعة المقترح الذي نضعه بين أيدي المعنيين بإدارة الشأن العام في بلادنا باتجاه إحداث نقلة نوعية متعددة الأبعاد والمضامين في واقع اليمن؛ بما يعزز إلى حد كبير من وحدة التراب الوطني وكيانه القومي وصولا إلى تماسك نسيجه المجتمعي إلى أقصى الحدود، كي نتمكن من تجاوز كافة أو معظم الحلول والمعالجات الجزئية والوقتية والمرحلية المتبعة لاحتواء الظروف والملابسات السلبية المحيطة بالدولة نظاما وشعبا وأرضا وتاريخا وطموحا ؟
- الأسباب الذاتية والموضوعية.
- أما عن السبب الأساسي باعتقادي الكامن وراء ذلك فيمكن إعادة بلورته في محاولة موضوعية جادة؛ نهدف من ورائها إلى تحديد أمر مهم لا بل وفي غاية الأهمية له علاقة بأن ما جرى من تجذير للمصالح الخاصة غير المشروعة أكثر منها المشروعة للغالبية العظمى من قيادات ووجهاء التيار التقليدي المحافظ (القبلي) والمتطرف (الديني) وحلفائهم وشركائهم القدماء والجدد أفرادا وجماعات، ضمن نطاق حدود المحافظات الجنوبية وإقليم الشريط الساحلي ككل منذ العام 1994م الذي ألقت عليه تقارير اللجنة الرسمية (هلال- باصرة) بعض حزم الضوء المهمة، وصولا إلى استمرار تنامي حالات النكوص الحادة في واقع المسار الوطني؛ جراء المواقف الإقليمية والدولية المباشرة أكثر منها غير المباشرة المناهضة والمناوئة له.
- لم يكن بالمطلق لا في الشكل ولا المضمون مسارا وطنيا محسوبا على حركة التغيير الوطني يدور الجزء الأكبر والمهم من إرهاصاته ضمن نطاق حدود خيارات قيادة حركة التغيير الوطني ومن ثم سيطرتها شبه المطلقة وإنما خارجها، جراء اختلال كفة المعادلة الداخلية الحاكمة للبلاد ومن ثم مصادر القوة والثروة لصالح التيار التقليدي وشركائه في الداخل والخارج بعد العام 1994م.
- إلا انه بالمقابل يسعنا القول بهذا الشأن- أيضا- أن قيادة حركة التغيير الوطني لم تكن لتبقى مكتوفة الأيدي إزاء ذلك وإنما سعت للتعامل مع هذا الأمر متجاوزة الكثير من العقبات كما هو على أرض الواقع؛ من خلال تجنبها الوقوف أمام الأمواج القوية الهادرة أو محاولة السير باتجاه معاكس لها أي في مواجهتها؛ لان النتيجة بالنسبة لها كانت معروفة مسبقا لغير صالحها، وإنما بمحاولة مجاراتها ومسايرتها وإعادة تفريغها وتوجيهها- وفقا- لأولوياتها الرئيسة المحددة مسبقا؛ بهدف احتواء أثارها وتداعياتها السلبية الهائلة على حاضر ومستقبل اليمن ومن ثم تقليصها والتخفيف من قوة اندفاعها إلى أبعد حد ممكن، باتجاه تغيير مساراتها الرئيسة.
- على خلفية ما حققته حركة التغيير الوطني من مواطئ قدم حقيقية بهذا الشأن مكنتها إلى حد كبير من إعادة توجيهها، بصورة أسهمت في الحفاظ على الوحدة حاضرا ومستقبلا، إلى ان تتوفر البيئة الحاضنة والمحفزة لإعادة تصحيح مساراتها المنحرفة ومعالجة كافة التشويهات التي نالت من الكثير من مضامينها وأبعادها ودلالاتها الرئيسة واستكمال أهم حلقاتها الرئيسة الأكثر أهمية وإلحاحا ذات العلاقة بتلبية الحد الأعلى من أولويات المصلحة الوطنية العليا.
- وتأسيسا على ما تقدم فسوف يتم الدخول في صلب موضوع مقالتنا هذه مباشرة بالاستناد إلى حيثيات إرهاصات المشهد الداخلي والسياسي منه- بوجه خاص- الذي تعيشه اليمن نظاما وشعبا وأرضا وطموحا في المرحلة الانتقالية الحالية تحديدا، كامتداد وتتويج طبيعي لهذا المسار الذي أخذت به عناصر حركة التغيير الوطني في العقدين الماضيين وليس أقل من ذلك أو أكثر، بصورة نجحت إلى حد كبير من خلاله في تحويل خصوم وألد أعداء الأمس على المستويين الداخلي والخارجي إلى أصدقاء وحلفاء ومن ثم شركاء لكلا منهم دوره المرسوم في مهمة الانتقال الأمن باليمن إلى مصاف الدولة البحرية المدنية الحديثة المنشودة وولوج مرحلة التنمية الشاملة والمستدامة من أوسع أبوابها وهنا يكمن بيت القصيد بالتحديد.
- الطرف الأول: التيار التحديثي التحرري.
- ابتداء بالحضور الواسع النطاق نسبيا لعناصر التيار التحديثي التحرري في حيثيات إرهاصات المشهد الداخلي والسياسي الحالي منه- بوجه خاص- من موقع الحكم والسيطرة النسبية على جزء مهم وكبير من مقاليد السلطة ومن ثم الإدارة (وليس من موقع الإدارة فقط كما كان عليه الحال سابقا؛ بحكم أن معظم مقاليد الحكم والسيطرة كانت بأيادي عناصر التيار التقليدي وشركائه "1967- 1989م" و1994- 2011م").
- منذ اللحظة التي قبل فيها قائد ورائد حركة التغيير الوطني الرئيس علي الصالح (حفظه الله ورعاه) ورفاقه تسليم مقاليد السلطة بانسيابية ومرونة منقطعة النظير إلى أيادي رفاقه في إدارة الرئيس عبده ربه منصور (حفظه الله ورعاه)، ضمن إطار رؤية وطنية متكاملة الأبعاد ذات طابع استراتيجي بهذا الشأن تصب قلبا وقالبا في اتجاه تحقيق الحد الأعلى من أولويات المصلحة الوطنية العليا المنشودة، التي تتكشف ملامحها الرئيسة تباعا، وبصورة غير مسبوقة في تاريخ اليمن المعاصر.
- لدرجة نستطيع من خلالها القول بثقة تامة أن إدارة الرئيس الهادي كانت ومازالت وسوف تظل واحدة من أهم الحلقات الرئيسة في هذه الاستراتيجية التي سوف تحدد من خلالها طبيعة ومستوى ومن ثم حجم النوايا والإرادة ومن ثم الاستعداد المبني على القدرة المادية والمعنوية التي أصبحت عليها حركة التغيير الوطني للإمساك بزمام الأمور بأياديها والتقدم بخطى محسوبة وواثقة نحو أقدارها المكتوبة، وهذا ما سوف تتضح ملامحه الرئيسة مع نهاية المرحلة الحالية وبداية المرحلة القادمة.
- وفي نفس الوقت كانت ومازالت وسوف تظل الحلقة الأهم الأكثر ضرورة وحسما لإسقاط سيناريو تمزيق اليمن من الأساس بضربة نوعية واحدة، باعتبارها بداية النهاية لكافة الدعاوي الانفصالية الجديدة والمشاريع الصغيرة الأكثر خطورة على اليمن ترابا وكيانا ونسيجا ونظاما وتاريخا وطموحا، في ضوء عملية الانتقال الآمنة والمرنة لمقاليد السلطة إلى أيادي عناصر حركة التغيير الوطني من أبناء المحافظات الجنوبية في مشهد سياسي قل نظيره ليس هذا فحسب، لا بل والطريقة التي حاولت فيها عناصر حركة التغيير الوطني استيعاب المطالب التي ترفعها الفعاليات السياسية والمجتمعية لتمثيل ما يسمى إعلاميا بـ(القضية الجنوبية)،....الخ قدر الإمكان في مؤتمر الحوار الوطني الشامل بما يضمن تلبية الحد الأعلى من أولويات المصلحة الوطنية العليا للبلاد في نهاية المطاف.
- الطرف الثاني: التيار التقليدي المحافظ والمتطرف وشركائه.
- ومرورا بالحضور الواسع النطاق لعناصر التيار التقليدي وشركائهم في إرهاصات حيثيات ما يسمى بـ(القضية الجنوبية)، التي ظهر عليها المشهد الداخلي والسياسي في الأشهر الأخيرة، باتجاه الحفاظ على الوحدة شكلا أكثر منه مضمونا من خلال الحيلولة دون وجود أية احتمالية لإمكانية تقسيم البلاد وتفتيتها تحت أية صيغة من الصيغ الحالية المتداولة، التي لا تراعي إلا الحدود الدنيا لمصالحها المتنامية ومصالح حلفائها الإقليمين بامتداداتهم الدولية، باعتباره بالدرجة الأساس أمرا مرجعه المصالح الخاصة غير المشروعة أكثر منها أولويات المصلحة الوطنية العليا للبلاد والمصالح الخاصة المشروعة، بغض النظر عن طبيعة رؤيتها ومواقفها الحالية والقادمة المستندة إلى طبيعة أهدافها المرحلية والإستراتيجية التي تتناقض وتختلف إلى حد كبير مع أولويات المصلحة الوطنية العليا.
- لدرجة يصعب بموجبها على الكثيرين استيعابها فكيف يمكن تصديق ما جرى ويجري وسيجري، سيما أن هذه العناصر والقوى- وفقا- لمجمل الدلائل التاريخية هي نفسها التي تتحمل كامل المسئولية التاريخية والوطنية والدينية والأخلاقية والإنسانية...الخ عن كل ما جرى ويجري خلال العشرين عاما ونيف الماضية من نكوص وتشويه وانحرافات نالت من طبيعة ومستوى ومن ثم حجم الفرصة التاريخية التي نالتها اليمن عن استحقاق وجدارة عام 1990م.
- أما عن الشاهد الأهم في هذا الأمر فهو باعتقادي أن استمرار تنامي الحضور النوعي والكمي لعناصر التيار التقليدي وشركائه القدماء والجدد بامتداداتهم الخارجية في إرهاصات حيثيات المشهد الداخلي والسياسي اليمني وجزئه الجنوبي منه- بوجه خاص- تحركه إلى حد كبير لغة المصالح الخاصة المتنامية غير المشروعة أكثر منها المشروعة القائمة والمقبلة (المتوقعة والمحتملة والمرغوبة).
- أكثر بكثير من أية اعتبارات وطنية وثيقة الصلة بأولويات المصلحة الوطنية العليا كجزء من حيثيات الاستراتيجية التي أخذت بها حركة التغيير الوطني للحفاظ على الوحدة واستمرارها تحت أسوء الظروف المتوقعة والمحتملة كالتي نعيشها منذ سنوات على أيدي خصومها والد أعدائها التاريخيين في الداخل والخارج، لدرجة أصبحت بموجبها هذه العناصر مستعدة تمام الاستعداد لخوض إرهاصات أسوء السيناريوهات لحمايتها وضمان بقائها واستمرارها، وهو الأمر الذي تستعد حركة التغيير الوطني ومن ورائها الشعب اليمني لقطف ثماره في المرحلة الحالية والقادمة.
- ففي الوقت الذي أصبح من الصعب جدا على حركة التغيير الوطني الإمساك بزمام الأمور في أياديها كي يتسنى لها إعداد وتهيئة المسرح الداخلي لعملية الانتقال الآمنة لليمن إلى مصاف الدولة البحرية المدنية الحديثة المنشودة من خلال تأسيس وإرساء ومن ثم ترسيخ مداميك الوحدة فكرا ومشروعا وأفرادا ؛ جراء اختلال كفة المعادلة الداخلية إلى حد كبير لصالح خصومها وأعدائها في التيار التقليدي وشركائه منذ العام 1994م، لم يبقى أمامها إلا الخوض في إرهاصات حيثيات خيار أخر أكثر حساسية وتشابكا وتعقيدا، قلما تتأتى الجرأة والشجاعة لأحد للخوض فيه مهما كانت الاعتبارات التي تقف ورائه.
- والسبب في ذلك هو أنها سوف تكون عاجزة إلى حد كبير عن وضع أية خطوط فاصلة وحواجز بينها وبين خصومها وألد أعدائها من عناصر التيار التقليدي الذين سوف يتسترون بها وبعناصرها للقيام بما يريدون القيام به دون أية مسئولية تاريخية ووطنية وقانونية وأخلاقية...الخ؛ وهذا ما حدث بالفعل شكلا ومضمونا، لدرجة تحملت قيادة حركة التغيير الوطني وعناصرها كامل المسئولية عن الانحرافات والتشوهات التي نالت من اليمن نظاما وشعبا وأرضا وتاريخيا وطموحا.
- يقوم على وجود ضرورة ملحة لمسايرة الأوضاع الجديدة الخارجة عن سيطرتها التي أفرزها متغيري تحقيق الوحدة الاندماجية بدلا من التدرجية عام 1990م وحرب صيف عام 1994م ضد قوى الردة والانفصال، بدلا من مواجهتها والوقوف أمامها، جراء انعدام وجود أية إمكانية لاحتوائها وإيقافها؛ من خلال الاستيعاب الكامل لحيثيات الأوضاع الجديدة في أجندة حركتها المتبعة؛ باتجاه احتوائها ومن ثم إعادة توجيهها لصالحها في المدى المتوسط والبعيد كما أشرنا آنفا، من خلال السعي وراء فتح أعين وشهية هذه العناصر لاستثمار معظم ما نهبته من موارد وثروات وأموال هائلة منذ العام 1967م في الأجزاء الجنوبية والشرقية بدلا من تهريبها ومن ثم استثمارها في الخارج.
- لا بل وشجعتها على إعادة الكثير من هذه الأموال للاستثمار فيها، إلى جانب نجاحها في جلب أخريين من شركائهم للاستثمار معها فيها- وفقا- لما تشير إليه الكثير من الدلائل التاريخية بهذا الشأن أن اليمن في المستقبل سوف تصبح بؤرة من أهم بؤر الاستثمار العالمي وعلى مختلف الأصعدة- مستفيدة في ذلك- من وقوع البلاد بين فكي عناصر التيار التقليدي واستشراء حالات الفساد في جهازها الإداري والاستنزاف الحادة لمواردها وثرواتها والتي أصبحت نهبا لمن يشاركها المكاسب ووقفت بالمرصاد لكل فرد أو جهة أراد أن يقوم بأية دور وطني بهذا الشأن، وهذا ما بدأ واضحا بشكل جلي في ثلاثة محاور رئيسة على أقل تقدير.
- المحور الأول.
- يدور المحور الأول حول حيثيات الملف السياسي والاقتصادي الذي شكلت تحركات أولاد الشيخ عبدالله الأحمر ضمن إطار سياسة تقاسم الأدوار فيما بينهم عنوانا رئيسا لها ابتداء بالدور الذي ظهر فيه صادق الأحمر بهذا الشأن وتوج أخيرا بتشكيل مجلس قبلي- سياسي جديد؛ يضم في عضويته العناصر والقوى المنتمية للتيار التقليدي في معظم أرجاء البلاد والجنوب خاصة، سيما في حال أمعنا النظر في نتائج مؤتمرهم المزعوم الذي حشدوا لها كل طاقاتهم المتبقية.
- من حيث عدد الحاضرين من المشايخ والذي تشير بعض المصادر أنه لم يتجاوز الـ600؛ بالمقارنة بمجلس قبائل اليمن الذي أعدت له عناصر حركة التغيير الوطني في العام 2011م (أكثر من عشرة ألف شخصية اجتماعية وقبلية من كل محافظات اليمن)، أو العناصر التي تم تعينها مسبقا كأعضاء في الهيئة الإدارية لهذا الكيان المولود ومنهم الرئيس من حضرموت وعدم سعي صادق الأحمر نفسه وراء محاولة تبوء هذا المنصب في خطوة لها دلالات مقصودة، وأخيرا طبيعة الرسالة التي وجهها صادق الأحمر إلى دعاة الانفصال بشكل مباشر.
- ومرورا بطبيعة الأدوار التي لعبها ومازال كلا من حميد الأحمر وأخيه حسين في الساحة السياسية التي ظهرت بارزة بهذا الشأن بظهور حزب التضامن الذي يرأسه الأخير وصولا إلى الدور الذي يلعبه حميد الأحمر من خلال العديد من العناصر الجنوبية القريبة منه في اتجاه تأسيس كيان سياسي- حزبي جديد برئاسته يضم قيادات وعناصر لها شأنها من أبناء المحافظات اليمنية والجنوبية منها- بوجه خاص- وصولا إلى الحضور اللافت للنظر لأولاد الشيخ الأحمر في الساحة الإعلامية (قنوات، صحف،...).
- إلى جانب الفعاليات السياسية والحزبية والمجتمعية والقبلية التي ينضوي بداخلها أولاد الأحمر، بصورة جعلت منهم ومن يلتفون حولهم من عناصر التيار التقليدي وشركائهم ضمن سياسة تقاسم الأدوار المعتمدة فيما بينهم، أذرعه شبه مؤثرة إلى حد ما نسبيا؛ ممتدة إلى حد ما في الأوساط الرسمية وغير الرسمية السياسية والحزبية والمجتمعية والشعبية، وصولا إلى أوساط الشباب في الساحات.
- (لكن باعتقادي يسهل تقطيعها إربا في أية وقت؛ جراء انتفاء قيامها على أسس ذاتية وموضوعية يعتد بها تضمن بقائها واستمرارها)، بالإضافة إلى حالة الاتفاق الحاصلة بين اللقاء المشترك والحوثيين والتي بالرغم من أن المبرر المعلن كان المساهمة في التهيئة لأجواء الحوار الوطني إلا أن (القضية الجنوبية) ومصالحها كانت محور الارتكاز فيه.
- وانتهاء بطبيعة ومستوى ومن ثم حجم الأدوار ذات الطابع الاقتصادي والتجاري في الأشهر الأخيرة التي يقف ورائها حميد الأحمر باتجاه الهيمنة على بعض المرافق الاقتصادية والتجارية الحيوية سواء من خلال شرائها كـ(ساحل خليج عدن، ميناء الحاويات في عدن،....الخ) بحسب المصادر،كنوع من أنواع من الاستثمار لأمواله المنهوبة من موارد وثروات البلاد أو من خلال محاولة إحكام السيطرة عليها عبر تكليف عناصر التيار التقليدي المدنية والعسكرية والأمنية بإدارتها كـ(ميناء المخأ، والمكلاء، الحديدة....الخ) ليسهل عليها تمرير ما تريد (من/إلى) داخل وخارج البلاد.
- بالتعاون والتنسيق ومن الشراكة مع قيادات وعناصر التيار التقليدي وشركائهم، وهذا ما بدأ واضحا إلى حد كبير في نهمها الذي لم تستطيع أن تخفيه عن العيان في تقاسم الوزارات والمحافظات ذات العلاقة، بالإضافة إلى طبيعة ومستوى ومن ثم حجم المصالح والاستثمارات الاقتصادية والتجارية المشروعة وغير المشروعة التي تمتلكها هذه القيادات والعناصر في هذه الأجزاء على مدار العقدين الماضيين.
- المحور الثاني
- في حين تدور إرهاصات المحور الثاني حول حيثيات الملف السياسي- الديني الذي تشكل تحركات قيادات وعناصر حزب الإصلاح وجامعة الإيمان وعبد المجيد الزنداني منها- بوجه خاص- عنوانا رئيسا لها؛ ابتداء بالأدوار المحورية التي تلعبها قيادات وعناصر الحزب في العملية السياسية- الدينية التي بلغت حد الذروة مع انشقاق عناصرها عن هيئة علماء المسلمين أثناء الأزمة وتحولها إلى كيان جديد يشرعن لكل تحركات حزب الإصلاح وحركة الأخوان المسلمين إزاء أية قضية وبالطريقة التي تؤيد وتشرعن لمواقفها السياسية- أولا.
- وإرهاصات إثارة ملف تأسيس جامع الإيمان على نفقة الدولة في اتجاه السعي وراء محاولة بناء صرح ديني تؤكل له مهمة لعب دور الند لجامع الصالح في الجانب الفكري والمنهجي والبشري- ثانيا- وصولا إلى تأسيس فروع جامعة الإيمان في عدة محافظات وتتويجها بافتتاح فرع جامعة الإيمان في محافظة عدن وفي قلب أهم مناطق الحراك الجنوبي، في تحدي واضح لها، في ضوء ما أشره حفل الافتتاح الذي حضرته عناصر حزب الإصلاح بعشرات الألوف- وفقا- للمصادر من دلالات ومضامين بهذا الشأن.
- سيما في حال أخذنا هذا الأمر من تلك الزاوية الأهم ذات العلاقة بتوقيت تأسيسه الذي يأتي في ظروف وملابسات سلبية استثنائية في ضوء استمرار تنامي حالات التوتر الحادة في علاقة ممن يطلق عليهم الكثير من المغرر بهم حتى اليوم بالشماليين والجنوبيين- من جهة- وعلاقة عناصر الحراك بعناصر حزب الإصلاح- من جهة ثانية- وخاصة في ظل امتناع مرجعيات حزب الإصلاح عن تقديم الاعتذار الصريح لأبناء المحافظات الجنوبية عن كافة الفتاوى التي أطلقتها عقب اندلاع إرهاصات حرب صيف 1994م.
- ومرورا بالعملية السياسية- الأمنية التي يتصدرها الجناح الديني في حزب الإصلاح المهيمن على مقدرات اللقاء المشترك والذي من خلالهما تعيد قيادات الجناح السياسي- الديني ترتيب أوضاعها الداخلية تنظيميا وحزبيا ثم خارجيا على مستوى النظام والشعب والأرض، سيما في ضوء انخراطها في كل ترتيبات العملية السياسية الحالية التي حددتها خارطة الطريق الجديدة (المبادرة والآلية).
- من خلال ثلاثة محاور رئيسة (الملف السياسي، الملف العسكري والأمني، الملف السياسي- الشعبي "مؤتمر الحوار")؛ استعدادا منها لخوض إرهاصات حيثيات المرحلة القادمة باقتدار نسبي، في ضوء ما سوف تكشف عنه الأشهر المقبلة من تغييرات مهمة في واقعها الداخلي والسياسي منه- بوجه خاص- على خلفية ما نستشفه من تحركات لعناصرها بهذا الشأن على المستويين الداخلي والخارجي.
- في ضوء استمرار تنامي حالات الصمت المطبق لعناصر التيار التقليدي وشركائهم حيال مسارات العملية السياسية الحالية التي أفضت إلى إحداث نقلة شبه نوعية لمعظم مقاليد السلطة إلى أيادي أبناء المحافظات الجنوبية على حسابهم ليس هذا فحسب، لا بل وسعيهم بأنفسهم وراء تغليب حضور هذا العناصر في حصصهم الوزارية وتوزيع المناصب والمواقع القيادية.
- بالرغم من أن طبيعة هذه النقلة بالنسبة لحركة التغيير الوطني في اعتقادي هي مرحلية ومؤقتة التراجع خطوة والقفز خطوتين ليس إلا، فرضتها المعطيات الظرفية السائدة في البيئة الداخلية وأولويات المصلحة الوطنية العليا ضمن سياسية الهروب إلى الأمام المتبعة في اتجاه تجاوز كثير من العقبات، أما عن السبب فلأنها تقفز على كثير من الحقائق الدامغة على أرض الواقع عند محاولة وضع النقاط على الحروف.
- بصورة يمكن تفسيرها إلى حد ما كخطوة أساسية منها كان لابد منها باتجاه كسب تأييدها إلى جانبها مرحليا فقط لا غير، سيما أن أية عملية اعتراض على أسم من قبلها على ذلك يعني تهديد حقيقي ومباشر لمصالحها المتنامية في هذه الأجزاء من البلاد- من جهة- وباعتبارها خطوة مماثلة لا بد منها لمسايرة توجهات حركة التغيير الوطني بهذا الشأن ومحاولة إفراغها من محتواها- من جهة أخرى.
- وهذا ما بدأ واضحا منذ اندلاع إرهاصات مطلع العام 2011م من خلال حضور عناصرها الواسع النطاق في أدق حيثيات الملف السياسي والعسكري والأمني والشعبي الحالي على مستوى النظام نفسه، وخارجه بظهور أجنحتها العسكرية بارزة بشخوصها وكياناتها وأفكارها بدون رتوش، ابتداء بالجيش عموما و(الفرقة أولى مدرع، المنطقة الشمالية- الغربية،....) سابقا منها- بوجه خاص- والأمن (أجهزة وزارة الداخلية، جهاز الأمن السياسي،...) من خلال قياداته وعناصره المنضوية داخلها منذ عقود ماضية تحت مسئولية (اللواء المتمرد علي محسن الأحمر).
- ومرورا بعمليات تجنيد لعشرات الألوف من عناصر هذا الجناح داخل الجيش والأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية بصورة مخيفة ولكنها متوقعة في العامين الماضيين، وانتهاء بتلك العناصر العقائدية المنضوية داخل العديد من التنظيمات الإرهابية المسلحة التي تعج بها البلاد بسميات شتى كـ(تنظيمات القاعدة الإرهابية، الجماعات المسلحة الخارجة عن النظام والقانون، المليشيات المسلحة التابعة لحزب الإصلاح،....).
- وانتهاء بما تلعبه عناصر الجناح السياسي- الديني من أدوار مباشرة وغير مباشر في إرهاصات حيثيات العملية الأمنية الحالية التي تم تجنيد عشرات الألوف من عناصر حزب الإصلاح فيها منذ مطلع العام الماضي، مستغلة وقوع مرافق وموارد وزارة الداخلية تحت أيادي عناصرها كما أوردناها آنفا، بصورة مكنتها إلى حد كبير من إخفاء حقيقة علاقتها وأدوارها المشبوهة مع شتى التنظيمات الإرهابية والجماعات الخارجة عن النظام والقانون ومليشيات حزب الإصلاح التي وظفتها في تسيير معظم أجندتها السياسية في كافة مراحل العملية السياسية الحالية.
- وهذا ما بدأ واضحا للعيان من دورها الأساسي والمحوري في إبقاء واستمرار العملية الأمنية الحالية معلقة على ورق من قش وعلى حافة الهاوية ليس هذا فحسب، لا بل واستمرار تنامي حالات التوتر والاحتكاك الحادة بين عناصر الإصلاح والحراك في أغلب المحافظات والجنوبية منها- بوجه خاص.
- بصورة أفضت إلى حدوث بطئ شديد جدا في نتائج حيثيات العملية الأمنية الرسمية بالرغم من طبيعة ومستوى ومن ثم حجم الموارد والجهود المبذولة؛ جراء اضطرار قيادات حركة التغيير الوطني إلى الإمساك بالعصي من الوسط مراعاة منها لهذا الهيجان والاضطراب غير المسبوق في أجندة وحركة هذه العناصر، واستمرار تنامي حالات الاختراق الحادة التي تعيشها أجهزتها الأمنية والعسكرية حتى هذا اليوم.
- المحور الثالث.
- أما المحور الثالث فتدور حيثياته حول الملف العسكري والأمني الذي شكلت تحركات عناصر حزب الإصلاح- من جهة- واللواء المتمرد علي محسن الأحمر ورفاقه- من جهة ثانية- عنوانا رئيسا لها في ثلاثة اتجاهات رئيسة، الاول له علاقة بالدور الذي تلعبه هذه العناصر من خلال اللجنة العسكرية- الأمنية العليا المشكلة- وفقا- للمبادرة وآليتها.
- والاتجاه الثاني له علاقة بالأدوار التي تلعبها هذه العناصر ضمن سياسة تقاسم الأدوار في محاولة الإبقاء أو إعادة فرض هيمنتها على معظم مقاليد الجيش والأمن بصورة مباشرة وغير مباشرة، وصولا إلى دورها المحوري في ضعف وهشاشة ومن ثم بطئ الخطوات المنجزة إلى حد الآن في المجال العسكري والأمني كما أسلفنا آنفا.
- في حين الاتجاه الثالث يدور حول شتى المحاولات الحثيثة المبذولة من قبل عناصر حزب الإصلاح واللواء المتمرد علي محسن الأحمر في الآونة الأخيرة في اتجاه فرض عناصرهم في تشكيلة الخارطة العسكرية الجديدة (مناطق، محاور،..) والأمنية الجديدة (محافظات، مديريات،..) بحسب المصادر، التي تستعد القيادة السياسية إعلانها.
- والتي أتوقع أنه قد قدم كشوفا ليس بأسماء العناصر المنتمية للتيار التقليدي فحسب، لا بل وحدد فيها الأماكن التي يريدها، ضمن نطاق حدود المناطق الحدودية البرية والبحرية منها- بوجه خاص؛ بما يضمن له الهيمنة على معظم الفعاليات المشهد العسكري والأمني القادم.
- الطرف الخارجي (الإقليمي- الدولي).
- وانتهاء بإرهاصات حيثيات الملف الخارجي بشقيه الإقليمي والدولي بهذا الشأن في تطور سياسي جذري علني يغلب عليه الطابع الرسمي؛ تم الإعداد والتأسيس لمساراته الرئيسة باتجاه بناء وإرساء مداميك الدولة البحرية المدنية الحديثة المنشودة والجزء الأكبر والمهم من أدق تفاصيله منذ نهاية عقد التسعينيات على أيدي عناصر التيار الوطني المعتدل ورائده الزعيم علي الصالح (حفظه الله ورعاه) بالتعاون والتنسيق ومن ثم الشراكة مع أخيه الملك عبدالله أل سعود (حفظه الله ورعاه) (ولي العهد سابقا) بامتداداته الدولية والإقليمية، على عكس ما يظنه الكثيرين بأنه وليد ما يسمى بـ(ثورة الربيع العربي) المزعومة.
- وهذا ما بدأ وضحا في مضامينه وأبعاده في خارطة الطريق الجديدة للمرحلة الانتقالية الحالية ومن مواقف المجتمع الدولي والخليجي- السعودي التي تمثلها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة وقرار مجلس الأمن رقم (2014)، ليس فيما يتعلق بالحفاظ على وحدة اليمن نظاما وشعبا وأرضا فحسب، لا بل وبأدواره المحورية كشريك لضمان الانتقال الأمن باليمن إلى مصاف الدولة البحرية المدنية الحديثة بما يتفق مع أولويات المصلحة الحيوية لهذه الأطراف، فلو افترضنا على سبيل المثال لا الحصر أن مصالح هذا الأطراف تصب قلبا وقالبا بصورة رسمية وغير رسمية في البعد الاستراتيجي أكثر منه المرحلي ضمن إطار سيناريو إعادة تقسيم اليمن إلى دويلات كما يعتقد الكثيرين.
- فما الداعي من الأساس لمواقفها الحالية، التي تعمدت تضمينها في أول وأهم وثيقة رسمية على مستوى المنطقة في القرن الحالي تم الإعلان عنها في مراسيم قل نظيرها في تاريخ المنطقة، بحيث أخذت على نفسها عهدا وموثقا رسميا وألزمتها علنا أمام العالم بالحفاظ على وحدة اليمن واستقرارها وأمنها ليس هذا فحسب، لا بل وبدورها المحوري المباشر وغير المباشر بضمان الانتقال الأمن لها إلى مصاف دولة النظام والقانون، مادامت مصالحها مثلما يظن الكثيرين (وما يزالون) مع إعادة تقسيم اليمن إلى دويلات متناحرة ومتنافرة كما هو حاصل في المشهد الصومالي ؟ وما طبيعة حقيقة هذه المصالح بالضبط ؟
- بمعنى أخر أكثر دقة وتحديد يمكن الإشارة إلى أنه في الوقت الذي عجزت فيه بريطانيا قبل أكثر من 130 عاما من احتواء اليمن كلها وتحويلها إلى ممر وعقدة استراتيجية فريدة من نوعها في إمبراطوريتها العظمى، فقد فضلت التراجع خطوة إلى الخلف كي تتمكن من القفز خطوتين إلى الأمام من خلال تبني خيارا أخر أكثر أهمية وضرورة بهذا الشأن؛ يقضي بالسيطرة فقط على الأجزاء الحيوية (الجنوبية والشرقية) من البلاد، التي نجحت إلى حد كبير في تهيئة كافة الأجواء اللازمة ومن ثم فصلها من خلال سياسات تدريجية معدة لمثل هذا الأمر، سيما في ضوء ما حققته من نجاحات مهمة في طرد اغلب السكان منها وحصرهم في تلك الأجزاء المحدودة من مساحة اليمن (الشمالية والغربية)، أما عن السبب وراء ذلك ؟
- فإنه يكمن باعتقادي في طبيعة حيثيات التساؤل ذي الطابع الاستراتيجي لدي دوائر صنع القرار البريطاني الأكثر أهمية وإلحاحا بهذا الشأن الذي فرض نفسه بقوة على كل خياراتها المتاحة بعدما فشلت من السيطرة على الأجزاء الشمالية والغربية من البلاد، والذي تتمحور حيثياته حول طبيعة الأجزاء الحيوية المهمة من البلاد التي يجب احتلالها لضمان تحقيق الحد الأعلى من أولويات مصالحها ومصالح حلفائها، فكانت الإجابة على أرض الواقع واضحة جدا، واليوم باعتقادي فإن حيثيات هذا التساؤل تعيد طرح نفسها بقوة في إرهاصات المشهد الحالي الذي تعيشه البلاد منذ العام 2001م، فإذا كان الجواب عنها هو نفسه، بأن مصالح الأطراف الدولية والإقليمية كانت ومازالت إلى حد كبير تتركز في الأجزاء الجنوبية والشرقية.
- فإن المنطق- أيضا- يقول إنه من غير المعقول- وفقا- لذلك أن تقدم هذه الأطراف على تبني خطوة بهذا الحجم (المبادرة وآليتها) تقف قلبا وقالبا بالضد منها، سيما أن البيئة الداخلية والخارجية الحاضنة والمحفزة لإعادة تقسيم اليمن إلى دويلات قد أصبحت أكثر نضوجا بالمقارنة بما كانت عليه في الماضي زمن الاحتلال البريطاني؛ ابتداء مع وجود قرارين لمجلس الأمن صادرين في العام 1994م لدعم المطالب الانفصالية لثلة محدودة من أبناء البلاد.
- ومرورا بوجود جزء لا بأس به من الشعب اليمني وبعض قواه السياسية التي يمكن التعويل عليهما بهذا الشأن في دعم وتأييد هذه المطالب، وانتهاء بطبيعة الأجواء الدولية والإقليمية التي تصب قلبا وقالبا بهذا الشأن كـ(خرائط إعادة تقسيم المنطقة العربية وما يجاورها ضمن إطار حيثيات مشروع الشرق الأوسط الكبير وشمال أفريقيا والقرن الأفريقي الكبير...، وتقسيم السودان إلى دولتين ومن قبله الصومال إلى دويلات...الخ، أجواء ما أصطلح على تسميتها إعلاميا بثورات الربيع العربي،...).
- أما عن الشاهد في هذا الأمر فإنه يدور حول تلك الحقيقة الدامغة في أرض الواقع والتي تؤكد إلى حد كبير طبيعة ومستوى ومن ثم حجم الأدوار التي لعبتها قيادة حركة التغيير الوطني ورائدها الرئيس السابق علي الصالح في إحداث هذه النقلة النوعية غير المسبوقة في مسارات الموقف السعودي- الخليجي ومن ورائه الدولي والإقليمي إزاء اليمن نظاما وشعبا وأرضا وطموحا منذ العام 2000م، علي خلفية التغييرات الجذرية التدريجية الحاصلة في الموقف السعودي الذي يقف ورائه التيار الوطني المعتدل ورمزه الوطني الملك عبدالله آل سعود (ولي العهد سابقا) إزاء مشروع إرساء مداميك الدولة المدنية الحديثة المنشودة- أولا.
- وإعادة صياغة وبلورة العلاقات السعودية- اليمنية على أسس جديدة من التعاون والتنسيق ومن ثم الشراكة التي يغلب عليها الطابع المصيري- ثانيا- وأخيرا الحفاظ على وحدة اليمن وإعادة فرض الأمن والاستقرار فيها التي دخلت نطاق جديدا منذ العام 2009م، ولم تبلغ حد الذروة إلا في العام 2011م، في ضوء ما مثلته المواقف السعودية- الخليجية ومن ورائها المواقف الدولية والإقليمية من قفزة نوعية بهذا الشأن، كي يتحول أعداء وخصوم الأمس إلى أصدقاء وشركاء اليوم ومن ثم حلفاء المستقبل- وفقا- لمسارات جديدة يغلب عليها الطابع الاستراتيجي؛ تقوم على أسس جديدة من التعاون والتنسيق ومن ثم الشراكة الحقيقية القائمة على المصالح المشتركة.
- الطرف الأخير: الشعب "رؤية مقترحة".
- وتأسيسا على كل ما تقدم تتضح أمامنا حقائق دامغة في أرض الواقع حول طبيعة ومستوى ومن ثم حجم الأدوار التي لعبتها قيادة حركة التغيير الوطني ورائدها الزعيم علي الصالح (حفظه الله ورعاه) في تقرير مصير اليمن نظاما وشعبا وأرضا وطموحا- وفقا- للمدخل الأمثل الأكثر أهمية وواقعية (تأثيرا وتأثرا وأثرا) بهذا الشأن الذي تمثله قيم المصالح وسيلة وهدفا وغاية؛ من خلال أطرافها الأساسين الحاليين المؤثرين والأكثر تأثيرا في البيئتين الداخلية والخارجية (التيار التحديثي التحرري، التيار التقليدي المحافظ والمتطرف وشركائه، الأطراف الإقليمية والدولية صاحبة المصلحة الحيوية المشتركة).
- التي تبلورت ومن ثم اتضحت معظم مواقفها الحقيقية الضامنة لبقاء الوحدة واستمرارها إلى ما شاء الله؛ بغض النظر عن اختلاف طبيعة ومستوى ومن ثم حجم الأهداف والمصالح التي تحرك كل طرف عن الأخر ومدى موائمتها بأولويات المصلحة الوطنية العليا المنشودة- وفقا- لكل الدلائل التاريخية التي نعيش أدق تفاصيلها في المرحلة الانتقالية الحالية- كما أوردنا بعض أهم مؤشراتها الرئيسة في الرؤية التحليلية أنفة الذكر.
- إلا أن مما تجدر الإشارة إليه بهذا الشأن أن كل هذه الأطراف بالرغم من أهميتها كركائز مهمة لا يمكن تجاهلها أو تجاوزها عند الشروع بإعادة تصويب المسارات ومعالجة التشوهات باتجاه تمثيل الحد الأعلى من أولويات المصالح الوطنية العليا ومراعاة مصالح هذه الأطراف، فإنها سوف تظل إلى حد كبير لا تمثل- في المجمل النهائي- سوى كفة واحدة فقط من الميزان المنشود تعديل أدق أجزائه- وفقا- لأولويات مصالح اليمن العليا، كي يتسنى له أن يستعيد توازنه المفقود إلى حد كبير ومن ثم دوره الطبيعي والحقيقي ليقوم بعمله على خير ما يرام في تمثيل مصالح اليمن العليا نظاما وشعبا وأرضا وتاريخا وطموحا- أولا- ثم تمثيل مصالح هذه الأطراف لكن ضمن إطار أولويات المصلحة الوطنية العليا- ثانيا.
- أما الكفة الأخرى فهي مازالت فارغة إلى حد الآن إذا ما صح لنا القول ذلك بكل ما تحمله هذه العبارة من معاني ودلالات ومن ثم أبعاد ومضامين لها شأنها، والسبب باعتقادي هو أن الطرف الوحيد الذي يجب وليس ينبغي ان يشغلها؛ هو الشعب بفئاته الدنيا والوسطى التي تمثل الغالبية الساحقة من سكان اليمن (80%)، ليس لكونه الرقم الأصعب بين كل هذه الأرقام وصاحب المصلحة الحقيقية في كل هذا الأمر، ومن ثم القادر على ملئ هذه الكفة لوحدة شكلا ومضمونا، تمهيدا لانتقال تدريجي مرن وأمن لأبناء الشعب إلى الكفة الأخرى؛ بما يعيد للميزان قدرته وقدراته الحقيقية المنشودة- وفقا- لما تفرضه أولويات المصالح العليا لليمن فحسب.
- لا بل ولكونه باعتقادي الرقم الأكبر الضائع في المعادلة الداخلية الحاكمة للبلاد منذ خمسين عاما، التي عجزت كل الأرقام أن تملئ مكانه إلى حد اليوم بصورة أفضت إلى استمرار تنامي حالات الاختلالات الحادة في واقع اليمن؛ سيما في ضوء ما أصبح يمثله المتغير الشعبي في إرهاصات حيثيات المرحلة الحالية التي تعيشها المنطقة العربية من نقطة ارتكاز شبه محورية يصعب تجاوزها أو تجاهلها؛ وبما يسهم في تهيئة البيئة الحاضنة والمحفزة اللازمة لإعادة استيعاب الشعب ومصالحه العليا قولا وفعلا كمحور ارتكاز في المعادلة الداخلية كما يجب ان تكون.
- وهنا بالتحديد إلى حد كبير تتمحور حيثيات اقتراحي الذي أضعه بين يدي قائد حركة التغيير الوطني ورفاقه لإحداث قفزة نوعية وحقيقية في مسارات الوحدة وسيلة وهدفا وغاية في اتجاه تمكين الشعب ومصالحه بأن يصبح طرفا أساسيا ومحوريا تدور حوله كافة الأطراف وليس العكس، سيما ان تعديل وتصحيح مسارات الوحدة فكرا ومشروعا وأفرادا ومن ثم مصيرا لم ولن يتم بدون أن يصبح المواطن البسيط نفسه طرفا حقيقيا فيها؛ من خلال مصالح حقيقية فردية (خاصة) وجماعية (عامة)، بالاستناد إلى حقوق عديدة كالمواطنة الحقة والعدالة النسبية في توزيع الثروة والقوة بين أبناء الشعب؛ بما يسهم إلى حد كبير في تأسيس وإرساء ومن ثم تعزيز وترسيخ قيم الانتماء والولاء لليمن لديه، على خلفية ما يمثله متغير المصالح الخاصة من انتقاله نوعية في طبيعة ومدى ومن ثم حجم جاهزية الشعب واستعداده للتضحية من أجل الوحدة بكل شئ.
- سيما في الأشكال المصغرة لهذه المصالح الواجب الأخذ به حاليا نظرا لحاجتنا الماسة له على المستويين الخاص والعام وأهمية مر دوداتها على المدى القريب، الذي تمثله عملية إعادة توزيع الأراضي بين كل مواطني الدولة على سبيل المثال لا الحصر ضمن حيثيات استراتيجية وطنية عليا أشرت إلى البعض من ملامحها في عشرات المقالات المنشورة، فكل مواطن له الحق بأن يمتلك أرضا داخل محافظته وخارجها (واحدة أو اثنتين أو...)؛ وبما أن المساحة الأكبر من البلاد تقع إلى حد كبير في الأجزاء الجنوبية والشرقية فيجب أن توجيه هذه العملية باتجاهها، وهو الأمر الذي سوف يفضي إلى حد كبير في حسم الجزء الأكبر والمهم من مهام استكمال تصحيح وإرساء ومن ثم ترسيخ أهم مقومات الحفاظ على الوحدة واستمرارها على أسس ومعايير حقيقية ترتكز على معيار المصالح الوطنية العليا.
- بمعنى أخر أن ذلك يعطينا الحق في الرد العملي قبل أن نسأل ما الذي استفادة مواطني اليمن عمليا أكثر منه نظريا من تحقيق الوحدة وبقائها إلى حد اليوم، وصولا إلى المستقبل ؟ استطيع أن أجزم وأنا واحدا منهم لا شئ، فالشعب بمواطنيه على المستوى الشخصي والعام لم يستفد شيئا إلى اليوم، وكي أكون أكثر تحديد انحصرت مجمل الاستفادة المشار إليها آنفا ضمن نطاق حدود الجانب المعنوي المتعلق بالآمال والطموحات المنشودة فقط، أما الجانب المادي الملموس باليد كمصلحة شخصية أو جماعية فغير موجودة، بحيث عندما يتسنى لك أن تسأل عينة من مواطني الدولة هل أنتم مع الوحدة ؟ سوف يجيبون نعم قلبا وقالبا.
- وعندما توجه إليهم سؤالا أكثر تخصصا ما الذي حصلتم عليه بشكل عملي منها أو ما الذي تغير في مجرى حياتكم- وفقا- للغة المصالح الخاصة أكثر منها العامة قبل وبعد العام 1990م ؟ أظنهم سوف يجيبون لا شئ، فالدخل اليومي هو الدخل بزيادة بسيطة وهو عمليا لا يكفيني لتغطية احتياجات أسبوع واحد في الشهر؛ جراء زيادة طبيعة ومستوى ومن ثم حجم الالتزامات الحياتية أضعافا مضاعفة،....الخ، وأخيرا في حال طرحت عليهم سؤالا أخر إذا لماذا أنتم مع بقاء الوحدة واستمرارها ما دمتم ليس لكم مصلحة مادية حقيقية ملموسة فيها ؟ أتوقع أنهم سوف يردون ردا عفويا بالقول لأن فطرتي وديني يحتم علينا أن أكون مع الوحدة حتى ولو لم يكن لدينا مصلحة فيها ليس هذا فحسب، لا بل ومستعدون للتضحية من اجلها بالغالي والرخيص.
- أما عندما نصل إلى ذلك التساؤل الأكثر أهمية وإلحاحا بهذا الشأن أين ذهبت ثروات البلاد وخيراتها في العقدين الماضيين مادام حال الأغلبية الساحقة من الشعب قد ازدادت سوء عما كان عليه معظمهم ؟ أو من هو المستفيد الحقيقي من تحقيق الوحدة وبقائها واستمرارها ؟ أتوقع ان يكون الرد بأيادي تلك الفئة المحدودة من الشعب اليمني التي تتراوح نسبتها بين الـ(10-20%) منه كـ(الحكام، التجار، ورجال الأعمال، أصحاب رؤوس الأموال، كبار المشايخ والزعامات التقليدية، اللصوص والفاسدين،....)، التي استطاعت إلى حد كبير توظيف واستثمار هذه الأموال واستخدام هذا النفوذ في كل أرجاء البلاد وأجزائها الجنوبية والشرقية منها- بوجه خاص- مستفيدة في ذلك- من استمرار تنامي حالات الاختلالات المفتعلة التي عاشتها اليمن في العقدين الماضيين كي تصبح اليوم متحكمة بمصائر اليمن نظاما وشعبا وأرضا.
- وختاما سيدي زعيم اليمن ومنك إلى قيادة حركة التغيير الوطني هذا الأمر كله أضعه بين أياديكم فانتصروا لشعب اليمن اليوم كي ينتصر لليمن نظاما وشعبا وأرضا وتاريخا وطموحا حاضر ومستقبلا، ومنكم الإجابة انتظر وعلى الله تعالى جل في علاه التكلان قبل وبعد كل شئ... اللهم أني قد بلغت اللهم فأشهد.
[email protected] والله ولي التوفيق وبه نستعين