صنعاء نيوز/منصور شايع -
المتتبع والمتأمل لفعاليات مهرجان التصالح والتسامح الذي عقد في مدينة عدن في 13 يناير الجاري وما رافقته من شعارات انفعالية وانفصالية في نفس الوقت وإشهار لأعلام دولة الجنوب سابقا والخطابات والبيانات المنددة بدولة الوحدة والدعوات العلنية لما يسمى بفك الارتباط أو الاستقلال كما يحلو للبعض ، يشعر السواد الأعظم من أبناء اليمن وفي جميع المحافظات بالحسرة والغبن لما وصل إليه الحال من تدهور وتراجع مخيف لمسألة لم شمل أبناء الوطن الواحد والاستمرار في اطار دولة موحدة وقوية ، أما مسألة التصالح والتسامح بحد ذاتها خطوة طيبة يجب أن يتحلى بها جميع اليمنيين في سبيل تجاوز ما رافق الفترة الماضية من اختلالات وسلبيات عمت أرجاء الوطن وليس المحافظات الجنوبية فحسب والذي كان من نتائجها قيام الثورة الشبابية الشعبية التي أفضت الى التغيير السلمي لنظام الحكم وتوصل اليمنيين بحكمتهم الى حل وسط حقن دمائهم وجنب الوطن ويلات الصراعات والدمار .
انا ما يحدث على أرض الواقع من حراك انفصالي مباشر وغير مباشر ومشاعر الحقد والكراهية والنعرات المناطقية المقيتة التي بدأت رائحتها تفوح في بعض المحافظات الجنوبية ضد أشقائهم من المحافظات الشمالية والتي بدأت للأسف تتدحرج وتكبر مثل كرة الثلج تغذيها وسائل الإعلام المختلفة المحلية والخارجية ، تنفيذا لأجندات خارجية وبأموال حرام ، وما تستوحى من قصص يرويها من زاروا تلك المحافظات مؤخرا وما يحدث لهم من إزدراء وكلام جارح قد تصل الى استهداف السيارات التي تحمل أرقام المحافظات الشمالية بالأفعال وليس بالأقوال فحسب ، إنما هو دليل قاطع على ضبابية المرحلة المقبلة في تاريخ اليمن الموحد.
كل ذلك يحدث مع الاسف وسط صمت مخيف ومطبق لولاة الأمر وذوي الحل والعقد وجميع التيارات السياسية والمنظمات المختلفة مشغولة بتقاسم حصص المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني ، مع غياب تام لصوت العقل من أبناء تلك المحافظات وغيرها لتعديل ذلك المنحنى الخطير الذي يستهدف تفتيت شمل اليمنيين .. وما نخشاه اليوم من عودة براميل التشطير قبل عقد مؤتمر الحوار الذي يشكك الكثير من المحللين بنجاحه وسط تلك الانقسامات والتجاذبات حتى على مستوى الحزب الواحد .. البعض يقول هذا كلام مبالغ فيه لكن ما يحدث ويشاهد في مدينة عدن مثلا من رفع للأعلام الشطرية في كل مكان حتى على المصالح الحكومية ولا يوجد لعلم الجمهورية اليمنية أي حضور فيها .. ماذا يعني هذا ؟ سؤال نطرحه على كل الخيرين والوحدويين في هذا الوطن وعلى رأسهم فخامة الأخ المشير عبد ربة منصور هادي رئيس الجمهورية وحكومة الوفاق الوطني الموقرة ونقول لهم لمصلحة من مثل هذا العبث والتصرفات غير المسئولة بعد مرور 23 عاما على تحقيق وحدة الوطن .
لذا فاليمنيين جميعا بحاجة ماسة لعقد مؤتمر عام للتصالح والتسامح يشمل كافة أبناء الوطن وليس لجزء منه ، ولعل مؤتمر الحوار القادم يعتبر في اعتقادي مناسبة مواتية للتحاور والتصالح والتسامح ونسيان الماضي وويلاته بعيدا عن الانتقام وغالب ومغلوب والتطلع لمستقبل مزدهر تحت مظلة الجمهورية اليمنية الدولة المدنية الحديثة يتساوى فيها الجميع أمام الدستور والقانون والذي يعد من أبرز نتائج ذلك المؤتمر ان كتب له النجاح .