صنعاء نيوز/ تحقيق وتصوير / عبد الواحد البحري -
سكان العاصمة هم من يشعرون بقساوة برد الشتاء هذه الايام وأطفالهم الصغار ايضا هم من يقيسون حجم الكارثة التي تنعكس على أجسادهم النحيلة الملتصقة بالبلاط فالكثير من الطلاب مصابون بأمراض البرد جلوسهم على البلاط.
فما يعانيه صغارنا يدفع بالكثير من الآباء الميسورين لنقل أبنائهم الى مدارس خاصة يضمن فيها مقعدا سليما لابنه والعلم ما تيسر..
وبقية الآباء وما أكثرهم مثل حالتي يتحرج كثيرا من زيارة فلذة كبده وهو يفترش البلاط هذه الايام والبعض تفرغ هذه الايام لمعالجة أبنائه في المشافي والعيادات جراء اصابتهم بأمراض في صفوف الدراسة.. التحقيق التالي نسلط الضوء على مخاطر الأمراض التي يصاب بها أبنائنا في المدارس نتيجة الزحمة .
بداية يؤكد الأخ محمد صغير – والد الطالب أحمد 7 سنوات بمدرسة الفتح في بني حوات – بأمانة العاصمة أنه أتخذ قررا لاعودة فيه ان يبقي ابنه في البيت دون تعليم لما تعرض له من أمراض كثيرة كانت ستودي بحياته الى الوفاة.
وقال صغير: انا والد لثلاث من الفتيات وهذا يعتبر الولد الوحيد حيث سبق وان توفى علي الكثير منهم وأحمد الله انه الى اليوم عايش ولهذا اتخذت قرار في نفسي أن الحقه بالمدرسة في نهاية برد الشتاء لايهمني تعليمه بقدر ما تهمني حياته وان يبقى سليما معافا, هذا لايعني اني لأحب تعليم أبنائي بالعكس بناتي الثلاث متعلمات فالكبيرة تدرس في الصف الثاني الثانوي لم يصبها المرض مثل شقيقها الذي يدرس بصف أول أساسي بسبب ان الطفل جسمه لايتحمل وخسارتي تجاوزت 18 الف ريال علاجات وأسعافات من قبل شهر ولهذا نصحني الاطباء بعدم الحاقه بالمدرسة كون الصف الذي يتعلم فيه بغير طياق ولايوجد لديه باب يغلق من لفحات البرد .
شرف الصورة
ويوافقه الأخ غالب القرش – عاقل حارة البطان الذي يؤكد ان حال المدارس اليوم يرثى لها ان وجد المعلم بقى واقفا مثل الألف لايستطيع الحركة بين التلاميذ نتيجة الزحمة طوال الحصة وان غاب يتم أغلاق الباب على الطلاب ولهذا فضل الوالد القرش عدم زيارة ابنائه في المدرسة لأن الاوضاع الذي هم عليها لاتسر ولهذا يقدر جهود الأخ مدير المدرسة خالد الشجرة الذي يعمل جاهدا على متابعة المدرسين والطلاب رغم ما تعانيه المدرسة من زحمة شديدة ونقص كبير في عدد المقاعد والمدرسين ايضا ويدعو الأخ عاقل حارة البطان مدير مكتب التربية ووزير التربية بزيارة هذه المدارس ليس لدعمها وتوفير المقاعد بقدر ماتعد زيارتهم لمثل هذه المدارس دفعة معنوية للمعلمين الذين يعملون في ظروف صعبة وكذا للطلاب الذين يفترشون التراب بدون مقاعد وان يلتقطوا الصور بجوار التلاميذ ليشعروهم أنهم يشاركونهم المعاناة بدلا من زياراتهم لمدارس الخمسة نجوم بمناطق مثل حدة وغيرها.
ويرى المربي القدير علي الشغدري- القائم بأعمال مدير مجمع عمر بن عبد العزيز التعليمي ان المدرسة تعاني من زحمة كبيرة خاصة طلاب الثالث الثانوي والأول الثانوي فطلاب الأول الثانوي موزعين على 13 شعبة والمدرسة تعاني من زحمة كبيرة كما ان معظم هذه الاعداد من الطلاب يفترشون البلاط في حجرات المدرسة على انها صفوف دراسية ونحن في ايام الشتاء ولكننا في انتظار وعود الأخوة في مكتب التربية بتوفير مقاعد للطلاب وأملنا في تقدير الأخ مدير مكتب التربية قائم لأن وضع الطلاب لايسر الكثير يقعد على البلاط ولابد من توفير الحد الادني من الخدمات التعليمية فهذا الوضع غير صحي بالمرة .
موجة الصقيع
الاستاذ خالد الشجرة – مدير مدرسة الفتح بمنطقة بني الحارث يرى ان العجز في المقاعد كبير جدا وما زال الكثير من طلاب المدرسة يفترشون البلاط والكثير من اولياء الامور منعوا أبناءهم من الحضور هذه الايام خاصة بعد تحذيرات الارصاد بموجة الصقيع في العاصمة .
واشار الشجرة إلى ان المدرسة بحاجة ماسة إلى توسعة حيث والكثير من التلاميذ يتعلمون في العراء والبعض منهم داخل غرف تفتقر لوجود نوافذ وابواب تقيهم لفحات برد الشتاء القارس.
واشاد الأخ المدير بدور الأخوة في المجلس المحلي بالمديرية الذين كان لهم الفضل في متابعة الصندوق الاجتماعي والبدء في تنفيذ التوسعة للمدرسة حيث يسير العمل في التوسعة ببطئ وهذا يعود الى كسل المقاول الذي ينفذ العمل وأملنا في تجهيز المبنى في أسرع وقت ممكن.
ويؤكد الأخ خالد الزنداني – مدير مدرسة سعد الاشول بمنطقة بني الحارث ان زحمة التلاميذ كبيرة جدا في مختلف الشعب الدراسية في المدرسة تقابلها غياب للمقاعد وهناك وعود من الاخوة مدير مكتب التربية بالمديرية ومدير التربية والتعليم بمكتب أمانة العاصمة وماتزال الأمال معلقة حتى يتم توفير المقاعد حيث وغالبية التلاميذ يفترشون البلاط.
يؤكد الأخ عبد الله الروني – مدير التربية والتعليم بمنطقة بني الحارث : مدارس المنطقة بحاجة إلى 10 مقعد دراسي وان نسبة العجز كبيرة جدا بالنسبة للمقاعد مبينا ان المنطقة تقع على مساحة جغرافية كبيرة تقدر 40 % من مساحة العاصمة صنعاء .. موضحا أن بعض مدارس المديرية تضطر إلى العمل ثلاث فترات بدلا من فترتين لحل مشكلة الازدحام التي تعاني منه غالبية مدارس المديرية حيث تفتقر المديرية لوجود مدارس أهلية وخاصة كثيرة تخفف من الزحمة على المدارس الحكومية.
60 الف مقعد
ويرى الأخ محمد عبد الله الفضلي – مدير مكتب التربية والتعليم بأمانة العاصمة ان
مشكلة المقاعد صعبة ومعقدة ويصل العجز في مدارس العاصمة الى حوالي 60 الف مقعد وأثنى الأخ مدير التربية على جهود الأخوة في المجالس المحلية بالأمانة وعلى رأسهم الأخ عبد القادر هلال امين العاصمة الذي اعتمد للمجلس المحلي ما يقارب 30 الف مقعد مدرسي هي في المصانع يجرى تصنيعها وفي طريقها إلى المدارس .
واضاف الفضلي أن الأخوة في المجالس المحلية بأمانة العاصمة استشعروا المسئولية كما تفاعل معالي الأخ الوزير الدكتور عبد الرزاق الاشول وزير التربية والتعليم الذي بدوره وعد بتوفير 10 الف مقعد مدرسي لمدارس أمانة العاصمة تخفيفا للنقص الذي تعاني منه معظم مدارس العاصمة وهذه الجهود كلها ستعمل بالتأكيد على تخفيف معاناة معظم مدارس العاصمة بالنسبة للمقاعد .
آلام في الأذن
وحول الأضرار التي تلحق بالتلاميذ جراء افتراشهم للبلاط بالصفوف الدراسية يؤكد الدكتور عبد الصمد ابو طالب – مدير مستشفى الروضة بصنعاء أن المرض المؤقت أو المستمر يؤثر بصورة مباشرة وغير مباشرة في تراجع مستوي التلميذ الدراسي ، فمن المعروف ان تكرار الإصابة بمرض ما, حتي لو كان بسيطا قد يبطئ قدرات الطفل الاستيعابية والانتباهية حتي لو كان طفلا ذكيا.
ويقول الدكتور ابو طالب: كثيرا ما نستقبل هذه الايام اطفالا لديهم ما يمكن ان يعيق إحدى حواس الطفل التي تستخدم في الاستيعاب والتي تعتمد عليها عملية التعلم, فعمليات التعلم في المدارس تعتمد بصورة كبيرة على حاسة السمع التي تستخدم أدوات مهمة مثل اللغة والتعبير اللفظي, فاذا تأثرت عملية السمع لدى التلميذ وتكرر ذلك بدأ التلميذ يفقد تركيزه نتيجة لنقص قدرته على المتابعة اللفظية السمعية للمعلومة كلها او الشرح, وفي هذه الحالة لا يمكن تعويض التلميذ بالشرح مرة أخرى إلا بعد تعافي الجزء المصاب وتمام العلاج
واضاف أن من اسباب انخفاض معدلات التحصيل المفاجئة بين الأطفال إصابة الطفل بعدوى فيروسية تؤثر على بعض الوظائف الدماغية بصورة مؤقتة أو دائمة نتيجة تغير (الوضع الحيوي) لكيمياء الدماغ في منطقة ما, وهي حالة نادرة مثل الالتهاب السحائي وبعض الالتهابات الأخرى والتي تؤدي إلى صعوبات تعلم مؤقته أو دائمه وذلك اذا تركت الأمراض دون علاجها.
الصغار بشكل أكبر
ويرى الدكتور / عبد الله السري - طبيب الأطفال بمستشفى الروضة ان خطر الإصابة لدى الأطفال في سن المدرسة تكون أكبر , نحن نعلم أن نزلات البرد تتطور لدى الطفل وأسرع بكثير عن الكبار، حيث أن الكبار يتمتعون بحصانة أو مناعة أقوى لمقاومة العائلة الواسعة من الفيروسات الأنفية ونزلات البرد، ولتجنب نزلات البرد المتكررة .
ينصح الدكتور السري بدور الاسرة في مساعدة الاطفال ومنع العدوى الفيروسية التي تنتقل اليهم من كثرة الزحام داخل الصفوف الدراسية خاصة ايام البرد وذلك بالحرص على نظافة أيادي الأطفال قبل ذهابهم إلى المدارس وتنشيفها على ان يكون الماء فاترا وليس ساخنا وتطهر اليدين باستمرار ، وتغطية الفم وقت السعال، مع تجنب لمس العين والأنف قدر المستطاع. وبالطبع محاولة تجنب الأطفال من أولئك المرضى الذين يلتصقون بهم داخل الصفوف حيث يبرز دور المعلم الذي يشرف التلاميذ وان يتدخل المعلم ويعطي للطالب المصاب بمرض ما اجازة حتى يتلقى العلاج ويشفى حرصا على سلامة بقية التلاميذ في الصف الدراسي.
علبة سردين
وأخيرا أنا واحد من هؤلاء الآباء الذي يشعرون بالتحرج حين أزور أبنائي في مدرسة الفتح او بناتي في مدرسة الشهيد المتوكل حيث الزحمة 180 طالبا داخل صف دراسي لاتتجاوز حجرته اربعة امتار, حينها أشعر ان وجود مقاعد سوف ينظم الحجرة الدراسية فلايمكن لهذا الصف الذي ينحشر فيه عشرات التلاميذ لتتحول الحجرة إلى علبة سردين يقف المعلم عاجزا عن العطا وتنتهي الحصة وهو لم ينته من تهدئة التلاميذ وإسكاتهم هذا حال التعليم في مدارس العاصمة التي لاتحظى بزيارة المسئولين في التربية والتعليم لأنها تفتقد للكثير من الخدمات والمستلزمات.
|