صنعاء نيوز/رصين الرصين -
أجبته: أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين.. أنا لا يمكن أن أتورط في الإسلام السياسي، بل أنا أكبر محاربيه، وأشد رافضيه..
حين انضممت للمؤتمر – عام 1992 – انضممت على أساس أنه حزب مدني علماني؛ لأني – مرة أخرى – ضد الإسلام السياسي بكل قوة.. ضد فكر الإخوان.. وضد فكر السلفيين السياسيين مؤخرا.. أرفضه وأرفض مزج السياسة بالدين، وأنا علماني في السياسة حتى النخاع.. كنت وما زلت وسأظل ضد الإصلاح وضد الزنداني وضد شرف القليصي وضد خطب الساحة الدينية.. كنت وما زلت وسأظل ضد الخطاب الديني في الثورة.. ضد تديين السياسة.. ضد دحابة وعمامته.. وضد اعتبار الثورة جهادا.. وضد النظرية والفتوى البلهاء الحمقاء – في حرب صيف 1994 - "قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار" وضد التعامل مع صالح على أنه أبوجهل سيد كفار قريش.. هذا المنطق الأحمق الأخرق، الذي أعطاه الغطاء السياسي لاتهام الثورة بالاتصال بالقاعدة.. ما جرى في البلاد خلاف سياسي، لا علاقة له بالدين.. ولا يجوز أن يكون له علاقة بالدين..
منذ سنة، حين وقفت في جامع التقوى الإصلاحي - بجوار بيتي - أذكر حكم الشرع في خيام الثورة أنه حرام، وأنه قطع لطريق المسلمين، أطفوؤا المكرفون، ولم يسمحوا لي بإكمال كلمتي.. بل هموا بضربي لولا هيبتي في الحارة، ولولا أنهم يعرفون من أنا ومن ورائي.. يومها قلت لفتحي العزب: متى تكفون سفهاءكم عنا؟ ومتى تقتنعون أن المساجد يتكلم فيها من شاء، وليس شرطا أن يكون إصلاحي الجنسية؟! فليست مساجد اليمن تركة ولا وريثة للإصلاح..
أفتراني فقدت عقلي؛ حتى أدخل في حزب تسيطر عليه لحى وباكورات لمشايخ الدين والقبائل.. معاذ الله؟!
كنا نظن أن صالح سيتعلم من أخطائه.. ويترك لنا المؤتمر نعيد إصلاح ما أفسد فيه.. لكنه أبى واستكبر.. ولما شعرت أن بقائي فيه عار لا يليق بي.. استقلت..
أما الإصلاح فهو ما زال جماعة دينية متخلفة، لو أردت الانضمام إليه فسيطلبون منك بيعة لا توقيع استمارة.. وفيه إرهابيون يفتون بأن المستقيل منهم حلال الدم.. وأن اغتيال جار الله عمر كان فريضة شرعية.. وأنه كان ينبغي أن يتم تصفية نصر طه مصطفى ونبيل الصوفي.. لكن الزمان – وقليلا من عقلاء الإصلاح – حالوا دون هذا الفكر أن ينتشر ويطفو على السطح.. ولكنه ما زال موجودا.. وما زال قائما.. صحيح أنه مرفوض من التيار المدني ومن التيار السلفي في الإصلاح.. لكنه ما زال يجد له أنصارا في الحزب.. ومشايخ يترحمون على أسامة بن لادن.. ويبررون أفعال المجرمين من القاعدة..
أما المؤتمر فهو حزب مدني علماني؛ ولذلك انضممت إليه.. وهو أفضل بكثير من حزب الإصلاح؛ فالذي يخالف صالح نعم مرفوض لكنه ليس كافرا حلال الدم، كالذي يخالف حسن البنا وسيد قطب ومشايخ الإصلاح..
يمكن إصلاح المؤتمر بطرد صالح وأسرته وتيار الصقور خارجه.. لكن الإصلاح – حتى هذه اللحظة – لم يقتنع بضرورة العلمانية، وأنه لا بد من فصل ما هو ثابت من الدين عما هو متغير من السياسة.. فاضطر لفتح الأبواب للتشيع، وهو المسؤول الأول عن تكريس الحوثية في اليمن..
ما زال الإصلاح لا يفهم أنه لا مناص من فصل ما هو حزبي سياسي، عما هو ديني دعوي.. ولا بد من طرد المشايخ من النوعين – دين وقبائل – خارج أي حزب سياسي لكي ينجح.. وهذا ما يعجز عن فعله الإصلاح – ولن يفعله ولو بعد مئة سنة.. لالا يا صديقي.. ليس الإصلاح..
الإصلاح حزب ديكتاتوري لا يتقبل النقد.. أسوأ من المؤتمر بكثير.. وإذا كانت مشكلة المؤتمر في صالح وفي العجز عن طرده، فإن مشكلة الإصلاح أعقد بكثير..
لقد كان الفكر الديني الفاسد - الذي يحمله الإصلاح - سببا في تشويه صورة الثورة، وحرف مسارها.. وسببا في فساد الأخلاق: فرأينا سب الابن لأبيه - على الملأ، وفي الفضائيات - كما فعل أبوذر عبده الجندي.. وسببا في إسقاط احترام التلميذ لأستاذه في المدارس والجامعات.. كما نرى ونسمع.. وأكبر دليل على صدق كلامي: تعليقات السفهاء، التي ستترى على منشوري هذا.. ومعظمهم من تلاميذي.. |