صنعاء نيوز - رحلة شاقة قطعتها توكل كرمان للوصل الى عضوية "مؤتمر الحوار الوطني", رحلة كانت مليئة بالتناقضات قدر التناقض في شخصية الحائزة على نوبل, نفسها.
فقد أطلقت كرمان أمس وأمس الأول موقفا غامضا تجاه مشاركتها أو عدم مشاركتها في مؤتمر الحوار الوطني, رغم ما كشفته مصادر "الأولى" عن كونها كانت سعت لإدراج اسمها في قائمة الرئيس هادي.
وقالت الحائزة على نوبل في صفحتها على فيس بوك إن "هذا الحوار ليس هو الحوار الذي طالبنا به ودعينا اليه", كما صرحت لقناة فضائية بتصريح مماثل قائلة إن هذا الحوار ليس هو الذي "دعينا اليه" حسب تعبيرها.
وكانت كرمان أعلنت في فبراير الماضي, بشكل قاطع, أنها لن تشارك في "مؤتمر الحوار" وكتبت على صفحتها تقول: "الذهاب الى مؤتمر الحوار قبل إنهاء انقسام الجيش ومع بقاء علي صالح يزاول السياسة كرئيس للمؤتمر نكوص عن بنود واستحقاقات العملية الانتقالية, وهو ترحيل للمشكلات والتحديات والتي ستنفجر حتما بوجه الجميع, وهو ذهاب الى الحرب وانقسام اليمن, هذا ما اعتقده وأراه أمامي رأي العين".
مضيفة: "ولذلك ومن اجل بناء السلام لن اذهب الى مؤتمر الحوار قبل انهاء انقسام الجيش والأمن وقبل اعتزال علي صالح للعمل السياسي وبعد ذلك لن أذهب دون تمثيل حقيقي للشباب في المؤتمر, هذا ما يمليه علي واجبي وموقعي كناشطة في الثورة الشبابية السلمية وكحائزة على جائزة نوبل للسلام".
وبعد مضي أيام, ومع بدء نشر الأحزاب لقوائم ممثليها في المؤتمر, سارعت كرمان الى كتابة انتقادات غير مباشرة لحزبها (التجمع اليمني للإصلاح) بسبب خلو قائمته من اسمها وعدم ترشيحه لها الى المؤتمر.
وكتبت في التاسع من مارس تقول: "ما هو واضح جدا أن مؤتمر الحوار سيكون بدون الشباب", كما كتبت, قاصدة حزبها بشكل أساسي: "هل كان على شبابكم فقط أن يحرسوا الساحات ثم يموتون؟.. سؤال موجه للأحزاب التي لم تختر في قوائمها أحد من شبابها المرابطين في الساحات".
وكتبت في 9 مارس أيضا: "مؤتمر الحوار الوطني سيكون بدون شباب الثورة, إلا إذا كان هناك ثورة أخرى لا نعلمها".
وبشكل أوضح كتبت كرمان قائلة: "الشباب يستجدون المشاركة في مؤتمر الحوار ثم لا يمنحهم ولاة الأمر هذا الشرف العظيم, لا أكاد اعرف واحدا من القائمة الشبابية التي اقترحتها اللجنة المعينة لتمثيل الشباب في المؤتمر, وواثقة ان جميع شباب الثورة يشاركوني هذا الجهل الكبير بشخوص وأدوار ممثليهم المقترحين, هل هناك اقصاء أكبر من هذا وهل هناك ظلم اكثر قسوة واعظم فداحة, يا هؤلاء إنهم لم يطالبوكم بمقاعد الحكومة ولا السفراء ولا المحافظين ولم يحدث أن أخطأتم مرة واحدة في تعيين أحداهم, فقد اقتصرت كل تعييناتكم على تدوير المقاعد على الفاسدين وشبكات المحسوبية ومراكز النفوذ التي ثاروا عليها وقدموا لأجل اسقاطها اغلى ما يملكون, هم فقط يطالبون الجلوس في مقاعد المؤتمر, حتى وأن كانوا يعلمون أن حضور الجلسات للاستماع فقط ثم العودة الى البيت إذ أن ذلك هو هامش مشاركتهم المسموح به أيها الرفاق لا قلق سوف ننجوا جميعا واقسم اننا سننتصر".
وكانت بلهجتها الحادة هذه تخوض بعيدا عن الاعلام معركة أكثر حدة مع قيادات حزبها, احتجاجا على عدم ادراجها في قائمة الإصلاح.
في ذروة معركتها مع قيادات حزبها, كتبت 15 مارس تحديدا تقول: "للإصلاح مخزون استراتيجي من الكفاءات تسد عين الشمس.. لكنه وبطريقة مزعجة مثقل بهيمنة عدد من الأعيان والكبراء, وأحسب أن انطلاقه نحو المستقبل مرهون بالتحرير من تلك الهيمنة".
بعد يأسها من إمكانية تراجع حزبها عن استبعادها, توجهت عصر الجمعة الماضية, أي في الوقت الذي كانت فيه قائمة الرئيس عبد ربه منصور هادي في مخاضها الأخير, توجهت الى مبعوث الأمم المتحدة جمال بن عمر طالبة منه التوسط لدى هادي ليدرجها في قائمته.
وكشفت مصادر رئاسية لـ"الأولى" أمس أن كرمان اصطحبت مجموعة ناشطات والتقت بـ"بن عمر" وشكت اليه استبعاد من وصفتهم بـ "المتطرفين والراديكاليين" في حزب الإصلاح لها من المشاركة, وطلبت منه الضغط على هادي ليشملها في قائمته.
ونقلت المصادر أن كرمان الحت في مطالبها على بن عمر قائلة: "كيف يصلح ان يتم استبعادي وأنا أحمل جائزة نوبل وسيكون هذا مسيئاً لليمن ولسمعته" طبقاً لتعبيرها.
وبالفعل طلب جمال بن عمر من رئيس الجمهورية مساء نفس اليوم, الجمعة إلحاق توكل بقائمته وهو ما حدث.
وتقول المصادر أن ما أثار الاستغراب أن كرمان "بعد كل ذلك الإلحاح وحتى قبل أن يبدأ المؤتمر بانعقاده وبدأت بالتلويح بعدم المشاركة".
ولم تعلن كرمان صراحة بأنها لن تشارك وكتبت أمس الاثنين في صفحتها نصا غامضا كإجابة على مئات التساؤلات التي انهارت في صفحات التواصل الاجتماعي عن "أين ذهبت إعلاناتها بعدم المشاركة في مؤتمر الحوار", كتبت تقول:" مع بقاء الجيش منقسماً واختلال تمثيل الشباب والمرأة والمجتمع المدني في مؤتمر الحوار , حيث جرى تمثيلهم تمثيلاً ديكورياً وهمياً وغير حقيقي .. في الوقت الذي تنم فيه الزج بالكثير من المتورطين بقتل الشباب والمحرضين على قتلهم للمشاركة في المؤتمر!! لذلك ولغيره من الأسباب يمكن القول إن هذا ليس مؤتمر الحوار الذي طالبنا به ودعونا اليه!! وفي الوقت الذي سنبقى ندعوا فيه الى تصحيح مسار الحوار فإننا نتمنى للمتحاورين التوفيق, ونأمل من أطراف الحوار أن يحلوا مشاكلهم وخلافاتهم وأن لا ينقلوها الى مستقبلنا, كما أننا سنعمل من خارج المؤتمر على الضغط على الحكومة الانتقالية والرئيس الانتقالي ومراقبة أدائهم من اجل تحقيق أهداف الثورة الشبابية".
أي أنها حولت إعلانها من إعلان بـ "عدم المشاركة" الى إعلان بـ"تصحيح مسار الحوار".
وانتج موقفها هذا الكثير من التعليقات والانتقادات, وقال القيادي في أحزاب القاء المشترك أمين عام حزب الحق حسن زيد في صفحته أمس إن توكل كرمان والشيخ حميد الأحمر يمارسان "ابتزازا" للرئيس هادي فقط, وأنهما في النهاية سيشاركان. |