shopify site analytics
مكاسب تركيا من التغيير في سوريا - من بين 43 جامعة يمنية،، جامعة عدن تحصل على الترتيب الثاني - تحقيق "هآرتس" الإسرائيلية - إدانة ممارسات نقاط الحزام الأمني في عدن - انه يكسب الوقت يا غبي - سورية ليست قندهار - السيد القائد عبد الملك...نرى فيك سيد الشهداء نصر الله ...يا "إخوة الصدق" - حرب الإبادة وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره - فنان أمريكي يتهم الولايات المتحدة وإسرائيل بتنفيذ إبادة جماعية بحق فلسطين - مسيرة نسائية حاشدة بذمار - مؤتمر صحفي لمؤسسة موانئ البحر الأحمر حول آثار العدوان -
ابحث عن:



صنعاء نيوز - فلسطين في الفكر السياسي الإماراتي

السبت, 23-مارس-2013
صنعاء نيوزمد/ سليم محمد الزعنون. -




ظلت الإمارات العربية المتحدة حكومةً وشعباً، تبذل جهوداً كبيرة من أجل نصرة القضية والشعب الفلسطيني ومساعدته؛ إيماناً منها بشرعية القضية الفلسطينية وعدالتها، إن تفسير هذا الجهد يكمن في توفر القناعة الراسخة عند القيادة والشعب الإماراتي بأن القضية الفلسطينية هي قضية حق الإنسان العربي المسلم في تراب وطنه، وواجبه في الدفاع عن مسرى الرسول(ص) وأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، إضافة الى مجموعة معقد ومركبة من الروابط التاريخية والجغرافية واللغوية ووحدة المصير؛ بوصفها عوامل دافعة هيأت البيئة الفكرية للنخبة باتجاه إعتبار الوحدة العربية ضرورة ملحة في مواجهة إسرائيل واسترداد الأرض والمقدسات؛ إلى جانب إعتبار العوامل الإنسانية بما تتضمنه من ويلا ت ومعاناه تعرض له الشعب الفلسطيني على مدار أكثر من نصفِ قرنٍ من عُمر الاحتلال محركاً آخر ترك بالغ الأثر على المستوى الرسمي والشعبي الإماراتي. نظراً لذلك لم تكن القضية فلسطينية محوراً أساسياً في الفكر الإماراتي فحسب؛ بل انتقلت من المجال النظري الفكري إلى واقع الممارسة العملية على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية؛ والأهم توظيف الآله الإعلامية في خدمة القضية الفلسطينية والدفاع عنها.

أولاً / محددات الاهتمام الإماراتي بفلسطين.

تأتي أهمية دراسة محددات سياسة الإمارات تجاه فلسطين من أنه يمكن من خلالها فهم طبيعة هذه السياسة؛ وانعكاس هذه المحددات على عملية صنع السياسة تجاه القضية الفلسطينية، وأدوات تنفيذها هذا من ناحية؛ ومن ناحية أخرى فإن دراسة المحددات تمكنا من التعرف على عناصر الثبات والتغير في منظومة السياسة الخارجية للإمارات، وفي هذا الصدد يمكن رصد عدد من المحددات على مستويات البعد الديني، والبعد الوحدوي، والبعد التاريخي والجغرافي، والبعد الإنساني.

1- البعد الديني.

يشكل البعد الديني أحد العوامل الدافعة لاهتمام دولة الإمارات وشعبها بالقضية الفلسطينية؛ فهي تتمتع بتجانس ديني يسود الشعب الإماراتي تجاه المقدسات الإسلامية؛ وأرض الإسراء والمعراج؛ إلى جانب رسوخ القناعات الدينية في وجدان القيادة السياسية والشعب الإماراتي؛ وقد جاءت تصريحات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان؛ معبرة عن هذه الرؤية قائلاً “إن دولة الإمارات لن تدخر جهْداً من أجل شدّ أزر الفلسطينيين ودعمهم ونصرة القضية الفلسطينية بكل ما تملك”؛ وأضاف “إن الدفاع عن الأراضي المقدسة واجب كل مسلم، وإن واجب الشقيق الوقوف إلى جانب شقيقه في السراء والضراء.

كما لم يتأثر ارتباط الإمارات العضوي بالمقدسات الدينية بتغير النظم والسياسات الإماراتية؛ وتؤشر تصريحات رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان على ذات رؤية السلف فيما يتعلق بالمقدسات الإسلامية في فلسطين من جانب؛ وعلى عمق البعد الديني في الفكر السياسي للنخبة من جانب آخر؛ ذلك عندما طالب “بتحرك جدي مسؤول لحماية المسجد الأقصى المبارك ومدينة القدس من المشروع الاستيطاني”؛ موكدأ على أنه في يوم ما ستشد الرحال إلى فلسطين لتحرير المقدسات من صلف الاحتلال قائلاً "... وأنتم أيها الأخوة يوم يدعو الداعي ستكونون مع أخوة لكم هناك ]في القدس[ على خط النار لاسترداد ما اغتصب من أراض وما انتهك من مقدسات" وأضاف " إن الأمة العربية ليست أمة معتدية أو ترغب في الحرب، بل إننا أمة تؤمن بالسلام، ولكننا لا نقبل أن يعتدي علينا أحد، ونحن لا نستهدف غير الوصول إلى حقوقنا المشروعة التي اغتصبها العدو الصهيوني ، وفقاَ لهذا المنظور تشكل المنطلقات الدينية في الفكر السياسي الإماراتي البعد الاستاتيكي الكامن وراء فهم الخطاب السياسي للقيادة الإماراتية تجاه فلسطين ومقدساتها.

2- البعد الوحدوي في مواجهة اسرائيل.

تعتبر فلسطين جزءً من الوطن العربي؛ والشعب الفلسطيني جزءً من الأمة العربية؛ ولطالما كان الواقع العربي المتردي دوماً بمثابة حجر عثرة في سبيل قضية الوحدة العربية، مما أثر سلباً على قضايا العرب الكبرى، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي تعد قضية العرب الأساسية، لقد أدرك الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان هذه الحقية وعبر عنها في مناسباتٍ عدة بقوله " إن التردي الذي يسود العالم العربي أمر محزن وإن دول مجلس التعاون انطلاقاً من مسؤولياتها القومية تجاه أمتها العربية بذلت - وما تزال - جهوداً كبيرة من أجل رأب الصدع وتنقية الأجواء العربية، لأن المصير واحد والمصلحة مشتركة.

إن قراءة الشيخ زايد لتجربة التاريخ ورؤيته للواقع المعيش جعلته قادراً على استشراف المستقبل، معتبراً قضية الوحدة العربية مسألة مصيرية؛ محدداً أمنياته الحقيقية التي يأمل في تحقيقها في أن يرى الأمة العربية يداً واحدة وصوتاً واحداً بحكم أن وحدة الأمة حقيقة ثابتة وأزلية؛ وفقاَ لهذا المنظور أدرك السيخ زايد أن هناك علاقة مركبة بين مشروع الوحدة العربية ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي واسترداد الحقوق العربية المسلوبه؛ عبر عن ذلك بـ "تأييده لجهود استعادة التضامن العربي وتعزيز العمل العربي المشترك"؛ ووفقاً لهذه الرؤية فإن اسرائيل ستعيد حساباتها وسوف تصبح أكثر جدية في التعامل والاستجابة للحقوق العربية قائلاً " إن إسرائيل لن تنصاع للحق والعدل إلا إذا كان العرب جميعا على قلب رجل واحد.

منذ سبعينات القرن الماضي آمن الشيخ زايد بمشروع الوحدة، وسعى جاهداً لنقل فكرة الوحدة من حيز النظرية إلى حيز التطبيق؛ فأرسى أسس مشروع الوحدة على مستوى دولة الإمارات العربية التي حققت نجاحات تعدُّ نموذجاً رائعاً لفكرة الوحدة بمعناها الشامل؛ ثم انتقل بالفكرة للمجال الأوسع فكان ركيزةٌ أساسية في إنجاح فكرة مجلس التعاون الخليجي؛ مدركاً أن نجاح التجربة قد يشكل حافزاً للوحدة العربية الشاملة من جانب؛ ومصدر قوة وعزة للعرب جميعاً؛ مؤمناً بأن مشروع الوحدة العربية إذا ما تحقق سوف ينعكس ايجاباً على أمن المنطقة واستقرارها؛ عبر عن هذه الرؤية قائلاً " إن الكثيرين لا يعرفون أنني أول الداعين لقيام دولة اتحادية في المنطقة، لأن الاتحاد سوف يكفل لهذه المنطقة أمنها

كما احتلت قضية الوحدة العربية مكاناً بارزاً في فكر الشيخ خليفة بن زايد كأساس لمواجهة اسرائيل واسترداد الحقوق؛ وشكلت منطلقات بارزة في سياسة دولة الإمارات العربية المتحدة، نظراً لارتباطها بموضوع أساسي وحيوي يتعلق بالوجود العربي بأسره ألا وهو الأمن العربي؛ عبر عن ذلك بقوله " إن معركتنا مع العدو الصهيوني تتطلب استمرار تضافر الجهود العربية والعمل المستمر وحشد الطاقات في كافة المجالات"؛ مضيفاً " إننا في دولة الإمارات العربية المتحدة نعتبر أنفسنا جزء لا يتجزأ من الأمة العربية وبالتالي فإننا لا ولن نبخل بالمال أو النفس في سبيل أية خطوة من شأنها تعزيز الصمود العربي واستكمال عوامل النصر وتحرير الأراضي المحتلة.

3- البعد التاريخي والجغرافي.

شكلت الجغرافيا والتاريخ والعقيدة المشتركة ووحدة المصير؛ أسساً ثابتةً في الفكر السياسي للنخبة الإماراتية، ما ألقى بظلاله على ديناميات الحركة والتفكير لدى القيادة السياسية؛ فقد ربط الشيخ زايد بين جميع هذه المقومات والقضية الفلسطينية قائلاً " إن قضية فلسطين هي قضية العرب أجمعين، وهي أمانة مقدسة في أعناقهم؛ إن إيماننا بقضية فلسطين بعض من إيماننا بعروبتنا تاريخاً ونشأةً وكياناً ومصيراً"؛ وفقاً لهذا المنظور فإن الشيخ زايد يؤمن بأن بلاده جزء من الأمة العربية وتربطها بشعوبها وشائج وطيدة من القرابة واللغة والتاريخ والتراث الحضاري والآمال المشتركة، لذلك كانت حركته شاملة ومستمرة من أجل الحفاظ على وحدة الصف العربي في مواجهة كافة التحديات.

ورغم أن دولة الإمارات تفصلها عن فلسطين من حيث الجغرافيا مئات الكيلو مترات إلا أن ذلك لم يشكلُ عائقاً أمام القيادة السياسية؛ من حيث معايشة ومتابعة تطورات القضية الفلسطينية على كافة المستويات؛ وقد عبر عن ذلك الشيخ خليفة بن زايد بقوله " تفصلنا مئات الأميال عن الأرض العربية المحتلة إلا أننا نقف في الواقع على خط المواجهة، لأن الأرض هي أرضنا وكل شبر فيها عزيز علينا ..... وعدو العرب في كل مكان هو عدونا.

4- البعد الإنساني للقضية الفلسطينية.

مارست إسرائيل ضد الفلسطينيين - ولا زالت - أبشع صور التنكيل والقتل في التاريخ الحديث والمعاصر؛ وفرضت هجرة قسرية عليهم بين عامي 1948-1967؛ وهدمت البيوت ودمرت مئات الآلف من الدونمات الزراعية؛ ما ترك أثراً مباشراً وعميقاً على مشاعر الإماراتيين قيادةً وشعباً؛ أثراً لذلك كان تحرك القيادة السياسية للإمارات باتجاه المجتمع الدولي ومخاطبة المؤسسات الدولية والدول الكبرى؛ موضحةً أن إسرائيل تشكل مصدر الخطر الرئيسي في المنطقة؛ وأن ما تمارسه بحق الفلسطينيين يؤدي حتماً لزعزعة أمن واستقرار المنطقة برمتها؛ في هذا السياق قدمت الإمارات رؤيتها القائمة على وضع حد للاعتداء الإسرائيلي؛ وحل دائم وعادل للقضية الفلسطينية؛ وقد عبر الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عن هذه الرؤية قائلاً " إن الدور الذي يمكن أن تلعبه الدول الغربية وغيرها من أجل تأمين واستقرار المنطقة يتمثل في العمل على إقرار حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية وفي وضع حد للعدوان الصهيوني المستمر على فلسطين ولبنان، لأن هذا العدوان هو مصدر الخطر الأساسي في المنطقة وهو الذي يهدد العالم بأسره.

وطالب الشيخ زايد الولايات المتحدة الأمريكية بأن تضغط على إسرائيل لإقرار السلام والعدل الدائمين في الشرق الأوسط وأن تتبنى موقفاً عادلاً لإقرار حقوق الشعب الفلسطيني وكافة الحقوق العربية المشروعة؛ ولم يجد حرجاً في أن ينتقد موقف فرنسا من القضية الفلسطينية أثناء زيارة الرئيس الفرنسي إلى الخليج.

وعندما حاولت إسرائيل وبعض الدول قلب الحقائق وإظهار الفلسطينين بمظر المعتدي من خلال الربط بين المقاومة الفلسطينية والإرهاب؛ أظهر الخطاب السياسي الإماراتي دقة بالغة في تحديد المفاهيم وتأصيلها موضحاً أن الإسلام كدين وشريعة حياة يرفض جميع أعمال الإرهاب في مختلف صوره وأشكاله؛ وقد أكد الشيخ زايد قبل رحيله في سياق آخر الكلمة له وجهها للأمة في الأول من ديسمبر/كانون الأول 2003 على ذلك المفاهيم قائلاً “ إننا نؤكد أن لا الشرائع السماوية ولا القانون الدولي ولاحقوق الإنسان، تعطي أي مبرر لممارسة الإرهاب، وأن أية محاولة لإستخدام الدين لتبرير هذه الأعمال محاولة خاطئة من أساسها لأنها تنافي كل الأسس والمبادئ والقيم والتعاليم الدينية والإنسانية” وأضاف “ إننا نرفض بكل شدة الدعوة إلى الكراهية والعنف ونشر الفرقة بين شعوب العالم ؛ وأكد أن إسرائيل هي من تمارس الإرهاب بحق الشعب الفلسطيني قائلاً " ... لم تكتف هذه الحكومة ]حكومة إسرائيل[ وقواتها المدججة بأخطر أنواع السلاح المُحرّمة دولياً، بترهيب الشعب الفلسطيني وممارسة أبشع أشكال القتل والاغتصاب والاعتقال والتنكيل وإعادة تشريد لأبنائه ونسائه وأطفاله وشيوخه وانتهاك حرمات أماكنه المقدسة، بل ذهبت نحو تدمير مؤسساته الاقتصادية والاجتماعية تدميراً كاملاً، وحرمانه من أبسط حقوقه الإنسانية الأساسية في التعلم والتنقل والعمل والحصول على إمدادات المساعدات الغذائية والدوائية الأساسية المُرسلة إليه من الدول المانحة ... .

وفي ذات السياق داعى رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد للتمييز بين النضال المشروع التي تجيزه الأعراف والمواثيق الدولية والإرهاب؛ رافضاً وصم المقاومة الفلسطينية بالارهاب مؤكداً أن " دول مجلس التعاون بحكم ميراثها الإسلامي والحضاري الذي تمتد جذوره في تاريخنا إلى مئات السنين الماضية ترفض وتدين أعمال الإرهاب في مختلف أشكاله وصوره لأن الأعمال اللامسؤولة تتنافى والأعراف والمواثيق الدولية، وكذلك الأخلاق والقيم ومفاهيم الحضارة الإسلامية " وأضاف أنه ينبغي أن يفرق العالم تفرقة واضحة بين تلك الأعمال اللامسؤولة وأعمال النضال المشروع ضد المغتصب لحقوق المناضلين، كأن تحاول بعض الدول التي تتعاطف مع إسرائيل إلصاق تهم الإرهاب المرفوضة بالإنسان العربي.

وتؤشر الممارسة العملية لدولة الإمارات أنها لم تتوقف عند حد الخطاب السياسي؛ وأنها تمكنت من ترجمة الخطاب السياسي لواقع عملي ملموس سواء في عهد الشيخ زايد بن سلطان أو الشيخ خليفة بن زايد؛ من خلال المئات من المشاريع الحيوية لدعم صمود الشعب الفلسطيني؛ والحفاظ على الهوية العربية الإسلامية للمناطق الفلسطينية التي تحاول قوات الاحتلال طمْسها، من خلال بناء وإعادة ترميم المستشفيات والعيادات الصحية والمدارس والمساجد ومشاريع البنية التحتية والخدمية الأخرى؛ إضافة إلى ترميم وصيانة المئات من المنازل المدمرة في مختلف مناطق فلسطين التي تعرضت لدمار شامل نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني .

نخلص إلى أن تفاعل الأبعاد الأربعة: البعد الديني، والبعد الوحدوي، والبعد التاريخي والجغرافي، والبعد الإنساني؛ شكلت الإطار الحاكم لسياسة الإمارات قيادةً وشعباً في بعديها الداخلي والخارجي تجاه القضية الفلسطينية والمقدسات الدينية.

مجلة الإمارات بعيون فلسطينية
د/ سليم محمد الزعنون.

دكتور العلاقات الدولية، جامعة الأزهر، فلسطين.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد

ملخصات تغذية الموقع
جميع حقوق النشر محفوظة 2009 - (صنعاء نيوز)