صنعاء نيوز/بقلم د غسان شحرور - كم هي بصمات قاسية وأليمة، تلك التي تتركها الحوادث المرورية، في حياة الفرد والأسرة والمجتمع، إنها تحصد سنوياً أرواح نحو 1.24 مليون شخص في العالم، وتؤدي إلى إصابة عدة ملايين أخرى بالإعاقة والتشوه الدائمين. وهي بلاشك أكثر أسباب وفيات الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 29 سنة.
نعم تؤدي هذه الحوادث إلى قتل ما يعادل سكان مدينة كبرى سنوياً، وتهدر نحو خمسمائة مليار دولار من الإقتصاد العالمي.
يحدد التقرير العالمي عن حالة السلامة على الطرق الصادر عن منظمة الصحة العالمية هذا العام 2013 عوامل الخطر الرئيسة المحدقة بالسلامة على الطرق وهي السرعة، والقيادة تحت تأثير الكحول، وعدم ارتداء الخوذات لمستخدمي الدراجات، وعدم الالتزام بأحزمة الأمان ونُظم تقييد حركة الأطفال.
لقد أوصى هذا التقرير العالمي بضرورة إصدار تشريع شامل يستوفي أفضل الممارسات بشأن جميع عوامل الخطر الرئيسة لمعالجة أسباب الوفاة والإصابات والإعاقة هذه التي يمكن توقيها، وتقديم ما يكفي من الموارد المالية والبشرية في مجال إنفاذ هذه القوانين باعتبارها عنصراً أساسياً من عناصر تكليلها بالنجاح. ويمكن أن يمثل رفع مستوى الوعي العام استراتيجية مهمة لزيادة فهم وتعزيزهذه الإجراءات التشريعية، كذلك العمل على تحسين حالة السلامة على الطرق التي تشمل تعزيز أمان البنية التحتية للطرق وتكثيف الأعمال الرامية إلى تحسين معايير أمن المركبات، وتحسين خدمات الرعاية اللاحقة للحوادث وتنسيق الإبلاغ عن البيانات المتعلقة بالإصابات الناجمة عنها.
بين التقرير أن معدل الوفيات الناجمة هي الأعلى في البلاد العربية لأنها تقع في الإقليم الإفريقي وإقليم شرق المتوسط اللذين يتصدران أعلى معدلات الوفيات الناجمة عن التصادمات على الطرق في حين بين التقرير أن الإقليم الأوربي هو الأقل عالمياً.
في كل عام تخلف حوادث السير في الوطن العربي أكثر من أربعين ألف قتيل ومئات الآلاف من الجرحى، معظمهم من الشباب، وترتفع نسبة حدوثها بشكل خاص في كل من السعودية والعراق وسورية ومصر وغيرها.
كثيراُ ما نغفل أن شرطة المرور لا تستطيع مهما بذلت من جهد، أن تمنع آلاف حوادث المرور هنا وهناك.. فالمرور الآمن مسؤولية الجميع، وهو أيضا من أجل الجميع، وتبدأ المسؤولية من المشاة والسائقين، وتمتد إلى عدة جهات مسؤولة عن فحص سلامة وسائل النقل، وسلامة طرق المرور، وكذلك الجهات التشريعية والقضائية والتربوية والإعلامية وغيرها.
وكثيراً ما نكتفي في مناسبة يوم المرور العالمي (الرابع من أيار/مايو من كل عام)، وأسبوع المرور العربي بإقامة المناسبات الاحتفالية والحملات الإعلامية التوعوية، ورغم أهمية ذلك فلا بد أن نواجه حقائق الحوادث المرورية المؤلمة في مجتمعنا من خلال إعداد تقرير ستوي دوري يرصد بكل دقة وأمانة ما يحققه مجتمعنا من إنجازات وما يواجهه من تحديات.
أستطيع القول في هذه العجالة أن المجازر المرورية تشكل تحدياً كبيراً لمجتمعنا العربي, وهذا ما دفعني منذ سنوات طويلة للكتابة عن جوانب مهمة في مواجهتها كالتربية المرورية، ودور الإعلام ومنظمات المجتمع المدني رغم عزوف المواطن العربي بشكل عام عن قراءة مثل هذه المواضيع، ولازلت أرى أن الحوادث المرورية شأنها شأن الكثير من القضايا الأخرى تشكل فرصة لتطوير العمل التشاركي الحكومي والأهلي والخاص، ليس فقط من أجل التغلب عليها وإنما أيضاً لاكتساب مهارات ومعارف العمل التشاركي المجتمعي المبني على الشراكة والمسؤولية في كل مراحل التخطيط والتنفيذ والتقويم والرصد والمتابعة، هذه المهارات والمعارف ضرورية لمواجهة كل التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تواجهها مجتمعاتنا وأجيالنا الصاعدة على وجه التحديد، إنها حقاُ تحديات تبدأ ولاتنتهي، ولانملك إلا مواجهتها والتغلب عليها.
منسق اليرموك للإعلام الخاص |