صنعاء نيوز/احمد صالح الفقيه - تواترت الانباء في الصحافة اليمنية والعربية عن قيام رجال دين اسلامويين بتجنيد شباب يمنيين للقتال في سوريا بتسهيلات لوجستية تركية. ويشكل رجال الدين في اليمن حالة تشبه الى حد كبير شركة بلاك ووتر الامريكية التي تجند المرتزقة لخدمة المصالح الامبريالية.
أُنشئت شركة "بلاك ووتر" عام 1996 والتى تعتمد فى تأسيسها على مبدأ "الإلتزام بتوفير طلبات الحكومة المتوقعة من حيث الأسلحة والتدريب على النواحى الأمنية". وبلاك ووتر شركة متخصصة فى هذا المجال تستخدم عسكريين انتهت خدماتهم لسبب او آخر كما تدرب المدنيين المنتسبين اليها تدريبا يقارب إلى حد كبير تلك التدريبات التي تتلقاها الجيوش النظامية من أجل خلق جيل جديد من المرتزقة يعملون كأداة للقتل والتخريب.
وقد أنشأها المليونير المسيحى من كثلة المحافظين الجدد إيريك برينس والذى عمل سابقاً فى البحرية ويوبر سبيل أسره غنية من ميتشجان. وساهمت هبات ايريك وسخاء عطاياه المالية فى صعود اليمين الدينى وثورة الجمهوريين عام 1994. وقد سطع نجم الشركة في مرحلة ما يسمى بـ"الحرب على الإرهاب". وفى فترة أسبوعين تقريباً، من اعتداءت 11 سبتمبر-ايلول 2001 صارت الشركة لاعباً رئيسياً فى الحرب الشاملة في افغانستان وفي العراق فيما بعد .
وصارت الشركة خلال السنوات التالية من أكثر المستفيدين من "الحرب على الإرهاب" وربحت حوالى بليون دولار أمريكى فى عقودها السرية مع الحكومة أغلبها بالتكليف المباشر وبدون الدخول فى أى عطاء أو منافسة.
ويوجد لدى شركة "بلاك ووتر" حالياً 2,300 مليون فرد يعملون فى جميع أنحاء العالم ولديها أسطول جوى يقدر بـ 20 طائرة بما فيها طائرات الهيلوكبتر المقاتلة وجهاز خاص للإستخبارات كما أنها تقوم بتصنيع مناطيد المراقبة وتحديد الأهداف. ويصل دخل الفرد فى هذه الشركة ومثيلاتها من الشركات إلى 900 دولارا يوميا اي مايقرب من ثلاثين الف دولار في الشهر الواحد كما أنهم يتمتعون بحصانة من الإدانة فى المحاكم على العكس مما يحدث مع الجنود الأمريكيين.
وتسعى الشركة مستخدمة فى ذلك ما لديها من جماعات ضغط لكى تتحصل على عقود فى إقليم دارفور بالسودان لتعمل كقوة سلام ، وفى مسعى من الرئيس جورج بوش لتمهيد الطريق أمام شركة "بلاك ووتر" من البدء فى مهمة تدريبية هناك قام برفع العقوبات عن الجزء المسيحى من جنوب السودان ، وفى شهر يناير من العام الماضي أشار ممثل إقليم جنوب السودان فى واشطن أنه يتوقع أن تبدأ شركة "بلاك ووتر" أعمال تدريب قوات الأمن فى جنوب السودان فى وقت قريب جداً.
وكان "خوسيه برادو" رئيس مجموعة العمل فى الأمم المتحدة لشئون المرتزقة قد قال فى التقرير الذى أعده فى فبراير من العام الماضي بأن المرتزقة فى العراق شكلوا القوة العسكرية الثانية بعد القوات الأمريكية حيث فاق عددهم عناصر القوات البريطانية.
وأشار إلى أن هناك أكثر من 160 شركة من هذا النوع كانت نعمل فى العراق، ويقدر أن عدد المرتزقة التابعين لهذه الشركات فى العراق كان قدبلغ حوالى 40 ألف مرتزق، غالبيتهم من عناصر شرطة وعسكريين سابقين يتم تجنيدهم من الفلبين وجنوب أفريقيا وبعض دول أمريكا اللاتينية مثل بيرو والاكوادور.
بلاك ووتر الاسلامويين:
بدأ نهج بلاك ووتر الاسلاموي من خلال ارتباط الحركيين الاسلامويين بالسعودية سواء في ذلك المنتمون الى جماعة الاخوان المسلمين او الخارجون من عباءة الاخوان كقادة للحركات الجهادية. ولم يكن استقبال آل سعود للاخوان المسلمين في الستينات في سبيل الله تعالى، بل كان نكاية في جمال عبدالناصر ونكاية بالدول الأخرى التي كانت تتبنى مشاريع لا تعجب ابن سعود.
وقد استخدمت الولايات المتحدة القيادات الاسلاموية من خلال السعودية والانظمة التي تدور في فلكها كاليمن ومصر لتجنيد الشباب المسلم البسيط ودفعهم للموت في حروب امريكا باسم الاسلام من افغانستان الى الشيشان الى يوغوسلافيا السابقة واليمن الجنوبي ..الخ، ولكن ليس في فلسطين على الاطلاق. ولا تزال السعودية تستخدمهم ضد من تتصورهم خطرا عليها كسوريا والحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان، وان كانت تميل الى استخدام السلفيين الوهابيين بصورة اكبر هذه الايام.
والخلاصة هو ان هذه القيادات الاسلاموية عرضت خدماتها في التغرير بالشباب المسلم لمن يدفع سواء في ذلك الولايات المتحدة وضمنا اسرائيل، او العائلة السعودية السابحة في الفلك الامريكي. وآخر مشروعاتهم هو تصدير الشباب الى سوريا للقتال جنبا الى جنب مع جنود شركة بلاكووتر الاميركية التي فضح الكاتب محمد حسنين هيكل انخراطها في الفتال ضد الحكومة السورية. واذ تفعل القيادات الاسلاموية ذلك فانها تتصرف تماما كشركة بلاك ووتر الاميريكية ومثيلاتها من مقاولي الحروب، ولكن دون ان يكلفها ذلك الرواتب الباهظة التي يتلقاها العاملون مع تلك الشركات الغربية، فالشباب المسلم ينتحر او يقتل مجانا في سبيل امريكا وهو يظن انه في سبيل الله بينما يجني رجال الدين الاسلامويون الثروات الطائلة.
شهادة كاشفة:
أكدت صحيفة "الصريح" التونسية أن الشبان التونسيين والعرب باتوا سلعة يتاجر بها السماسرة وتجار الدين ويبيعونها في تركيا للانضمام للمجموعات الإرهابية في سورية وتحديدا ما يسمى "جبهة النصرة" تحت شعار "الجهاد".
ونقلت الصحيفة عن شاب تونسي يدعى محمد بن تمنصورت وهو في الثلاثين من العمر عاد إلى تونس مؤخرا قوله في سياق تقرير لها إنه كان في تركيا منذ عام 2006 وبعد اندلاع الأزمة في سورية تم نقله للعمل في أنطاكيا على الحدود التركية مع سورية في إحدى الوحدات الصناعية التابعة للشركة التي يعمل بها والتي أصبحت تختص في صناعة الملابس لمقاتلي المجموعتين المنضويتين تحت مسمى "الجيش الحر وجبهة النصرة" مضيفا أنه بعد عدة أسابيع أصبحنا نعيش على وقع ما يجري في سورية حيث بتنا نتعامل بشكل مباشر مع بعض القيادات الميدانية لـ"الجيش الحر" و"نشاهد على مرأى من الجميع كيف يتم تجميع الشباب وأغلبهم من المغرب العربي استعدادا لتهريبهم بعلم من السلطات التركية إلى الأراضي السورية للقيام بما وصفه "واجب الجهاد".
وقال بن تمنصورت: "في البداية كان الأمر ملتبسا أمامي ولكنني سرعان ما انبهرت بما يدور حولي ولكن فترة الانبهار لم تدم طويلا إذ سرعان ما دخلت في نقاشات مباشرة مع أحد المحسوبين على قيادة ما يسمى "الجيش الحر" والذي تبين لاحقا بأنه سمسار يجند الشباب مقابل أموال طائلة تدفع له".
وروى الإرهابي التونسي المضلل بأنه توجه إلى التنظيمات الأصولية وارتبط بشخص يدعى عصمان الملقب "بأبي قتادة" الذي نقله إلى أحد معسكرات التدريب في جنوب مدينة أنطاكيا وقبل أن يتم تهريبه إلى الأراضي السورية بدأت الغشاوة تزول عن عينيه حيث شاهد أبو قتادة وهو يتحدث باللغة التركية مع بعض المحسوبين على ما يسمى "الجيش الحر" ويتشاجر معه حول مبالغ مالية لم يتسلمها لقاء تجنيده لعشرات الشبان أغلبهم من ليبيا وتونس.
وأكد "بن تمنصورت" أن أدعياء "الجهاد" هؤلاء كانوا يبيعون ويشترون الشبان كأنهم خرفان ليصل سعر الشاب الذي يسلم إلى إحدى مجموعتي "الجيش الحر" أو "جبهة النصرة" ما بين ألف إلى ألفي يورو.. ومن يدفع أكثر يتسلم البضاعة.. موضحا أنه حصل في أحيان كثيرة أن تم تحويل وجهة دفعة من المقاتلين إلى الجهة التي تدفع أكثر.
وشدد على أن ما يجري هو تجارة رابحة وقودها المغفلون من أمثاله لافتا إلى أنه وعلى عكس ما يتوقع الناس فإن "المقاتلين التونسيين" في سورية لا يحظون بمعاملة حسنة داخل هذه المجموعات بل تمت في كثير من الأحيان معاقبة بعضهم وجلدهم بدعوى ارتكابهم لتجاوزات "مخالفة للشرع" مدللا على ذلك بجروح في جسده أصيب بها إثر وقوعه في إحدى المرات وبأنه بدلا من أن يسعفه هؤلاء ممن معه بالمجموعة وقادتها أقدموا على التهكم عليه والسخرية منه ووصفه بنعوت قبيحة.
وكشف أنه "تمنى في لحظة يأس أن يزحف الجيش العربي السوري على معسكر التدريب الذي يقيمون فيه فجأة ويسحق هؤلاء ويخلصه منهم موضحا أنه فعلا سقط عدد من العناصر في كمين للجيش العربي السوري وعندها وجد فرصة سانحة للتراجع إلى الخلف والفرار باتجاه إحدى القرى المجاورة ومن ثم العودة إلى أنطاكيا بمساعدة بعض القرويين".
وأضاف بن تمنصورت أنه "خدع كغيره من الشباب التونسي فحمل السلاح وبعد أن اتضحت الصورة أمام ناظريه وتبين له زيف الخطاب التعبوي واكتشف حجم الفساد الذي يرتكب تحت مسمى "الجهاد" حمل أمتعته وما تبقى من جسده المثخن بالجروح والألم ورجع إلى تركيا ومنها إلى تونس ليكون شاهدا على ما وصفها بأكبر محرقة ترتكب في حق شباب الأمة باسم الدين".
يذكر أنه تم اكتشاف العديد من الشبكات التي تقوم بتجنيد الشبان التونسيين وإرسالهم إلى سورية للقيام بجرائم إرهابية دموية تعيث قتلا ودمارا وتخريبا فيها تحت مسميات وشعارات تضليلية بعنوان "الجهاد" بينما كشفت صحيفة الصباح الأسبوعي التونسية في تحقيق لها أمس عن أن جهات عربية وإقليمية وعلى رأسها "دولة خليجية صغيرة" تحاول الاضطلاع بأدوار تفوق حجمها الجغرافي والسياسي في المنطقة العربية قامت بتخصيص تمويلات بنحو ثلاثة آلاف دولار عن كل شاب تونسي ينخرط في القتال إلى جانب "المعارضة المسلحة" في سورية وإلى جانب جهات أخرى تونسية لم تجد حرجا في العيش من "تجارة الموت" من خلال تولي عمليات تجنيد هؤلاء الشبان والإشراف بالتنفيذ والمتابعة على عمليات نقلهم حتى إيصالهم إلى سورية.
|