صنعاء نيوز بقلم / وهيب الذيباني -
الجمهورية اليمنية دولة موحدة تتكون من (21) محافظة وبالرغم من الخيرات والموارد التي تزخر بها ، والثروة البشرية الهائلة التي تفخر بها اليمن إلا إن حالة من التخبط تعيشها تلك الدولة النامية منذ أكثر من أربعة عقود منذ نيلها الاستقلال من الاستعمار البريطاني في نوفمبر 1967م والتحرر من الحكم الأمامي في سبتمبر 1962م .
فمنذ سبعينات القرن الماضي ظل الشعب وخاصة في المحافظات الجنوبية ينشدون الوحدة اليمنية وسط صراعات مناطقية في الجنوب وقبلية في الشمال وانقلابات عسكرية وحزبية ومواجهات حدودية بين الشطرين تسببت في إزهاق مئات الآلاف من الأرواح وخسائر مادية جمة حتى تحققت الوحدة اليمنية المباركة في الثاني والعشرين من مايو 1990م .
وبعد تحقيقها بعامين بدأت الخلافات والصراعات بين قيادة الشطرين في إطار الدولة الواحدة حتى أعلنت حرب صيف 1994م وأعلن الجنوب فك الارتباط واستمر الشمال بالحرب حتى انتصر الذين يسمون أنفسهم حينذاك بالشرعية في 7/يوليو/1994م وبدأت تصفية الحسابات وإقصاء رموز طرف لصالح الطرف الأخر .
وفي مطلع القرن الواحد والعشرين برزت الصراعات الحزبية والقبلية والمذهبية والمناطقية والعسكرية في وقتٍ واحد ولكن في مناطق متفرقة وزاد تدخل قوى إقليمية وعربية ودولية في شئون اليمن بشكل كبير وبدأت في دعم فئات وقيادات محلية لتأجيج تلك الصراعات ففي صعدة تكررت الحروب وفي الجنوب عاد مطلب الانفصال وبكل قوة من خلال ثورة انطلقت مطلع العام 2007م وفي ابين تشكلت القاعدة وحلفاؤها ... الخ .
جاءت بعدها الثورة اليمنية الحديثة في بداية العام 2011م ضمن المشروع الذي اطلق عليه الربيع العربي والتي استطاعت تلك الثورة من الاطاحة بنظام الرئيس السابق من خلال مبادرة خليجية تبنتها المملكة العربية السعودية بتأييد دولي وإقليمي وأنها نظام الرئيس صالح ولكن ثمة نفوذ قبلي واسع وقوة عسكرية ضخمة من عهده لازالت تسيطر على البلاد تحت مبرر حماة الثورة وتمارس تمييز عسكري وسياسي وديني وثقافي وشعبي بحق فئات من الشعب تحت اسم الثورة الشعبية اي انهم لأزلوا موجودين في الدولة الجديدة .
ومع بلوغ اليمن المرحلة الانتقالية بعد انتخاب المشير عبدربه منصور هادي رئيسا للجمهورية، وتشكيل حكومة الوفاق الوطني ، وانطلاق مؤتمر الحوار الوطني هذه الايام بمشاركة بعض القوى والتنظيمات السياسية الموجودة في الساحة اليمنية ومقاطعة أخرى ، الا ان هناك قوى ونافذين لازالوا يمارسون ضغوط جمة في سبيل بقاء نفوذهم وقوتهم من اجل حماية مصالحهم .
ومن الملاحظ لكل تلك المراحل التي مر ويمر بها اليمن خلال عقود من الزمن إلا إن الصراعات ظلت حاضرة بل إنها في تزايد مستمر خاصة في السنوات الأخيرة ، والتي لم يستطع اليمن بسببها التقدم في التنمية والبناء والنهوض والتطور ، وتحسين معيشة الشعب بالرغم من الوحدة التي تحققت قبل أكثر من عقدين من الزمن .
وأمام كل تلك الصراعات التي من الممكن إن نقول إن اغلبها ظهرت بعد إعلان الوحدة ، ومن ضمنها الحراك الجنوبي والحوثيون والقاعدة وغيرهم الكثير ، والتي اجمع الكل على إن هذه القضايا قد باتت معقدة جدا ، إلا إن بعض القيادات والساسة في البلد يصرون على معالجتها في إطار الدولة الواحدة ، ومع كل تلك المؤشرات تدل انه ليس باستطاعتهم ذلك نظرا لحساسيتها ووصولها إلى مستوى المبادئ الأصلية لحامليها .
فلماذا يشترطون بقاء الدولة الواحدة في ظل صراعات واختلافات جوهرية ففي الجنوب رفض شعبي كبير لبقاء الوحدة ، وفي صعدة يطمحون إلى تأسيس دولة إسلامية ، وفي تعز ينشدون بدولة مدنية حديثة ، وفي صنعاء يعملون على بناء تحالف قبلي واسع ، وفي أبين ولحج توجد مخططات لإعادة السلطنات ، وفي حضرموت يهدفون إلى بناء دولتهم القديمة ، وتهامة ... والدولة القعيطية.... وقضية مأرب ......الخ
وأمام كل تلك التحديات إلا انه لازال بعض أصحاب القرار في العاصمة صنعاء يصرون على استمرار وحدة الدولة ، وبالرغم من تحقيقهم تلك الوحدة منذ أكثر من عقدين من الزمن إلا أنهم لم يستطيعوا إن يقدموا شيء للشعب اليمني بل أنهم عمقوا الانقسامات والنزاعات وباتوا اليوم جزء من تلك الصراعات الموجودة وسببها الرئيسي .
فلماذا لو تخلينا عن وحدة الدولة العقيمة التي لم تنتج لنا سوا الصراعات وأعطينا الحق للشعب في تقرير مصيره وتأسيس حتى أربع أو خمس دول يمنية في ظل امن واستقرار وتنمية ، وبناء وتنافس اقتصادي لا عسكري ، وتقدم مدني لا قبلي ، وتحسين معيشة الشعب المتفرق لا مسئولي الدولة الواحدة .
كيف سيكون حالنا إذا تأسست تلك الدول حتى في أنظمة مختلفة ، وأعلام وعملات مختلفة ، وعاشت في حسن جوار، وتبادل مصالح، وبناء دفاع مشترك، وتأسيس مجلس التعاون اليمني يضم كل تلك الدول على غرار مجلس التعاون الخليجي الذي يضم ست دول إلا انه استطاع بناء اقتصاد قوي يضاهي دول العالم المتقدم ، وشعوبهم تعيش في ترف وراحة لا أول لها ولا أخر ونحن في اليمن برغم وحدتنا إلا إننا لم نحقق شيء من ذلك .
لماذا نتمسك بوحدة الدولة ونفرط بوحدة الشعب ونتمسك بسيادة الثروة ونفرط بسيادة البلد؟!! لماذا نحافظ على وحدة الدولة التي لم نجد منها سواء صراعات وانقسامات ؟!! ولماذا نرفض تأسيس عدة دول يمنية يمكن إن نجد بوجودها التآخي وحسن الجوار والتالف الشعبي وامن واستقرار أفضل من وحدة الدولة الحالية ؟!!
لماذا نفضل الدولة الواحدة على حساب معيشة الشعب وحقوقه التي يطالب بها ؟!! ولماذا الإصرار على إن الوحدة هي قوة اليمن والشعب يعيش في حرب وتفكك ، والوطن يتعرض للنهب واختراق السيادة ؟!! ماذا لو تم إعطاء للشعب الحق في تقرير مصيره في بناء دول متعددة قوية اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وسياسياً وعسكرياً وتكوين من خلالها مجلس التعاون اليمني ؟!! كيف سيكون حال اليمن حينذاك ؟!! |