صنعاءنيوز/ حسين العواضي -
محمد المساح كاتب مذهل لكنه كسول؟ لا أحد مثله يلاحظ الأمور بوضوح ويصفها بسهولة.
> الآن حصل المتمرد النبيل على ساعة أنيقة، يمكنه أن يضبطها على مواعيد صلاة الفجر.. ثم يرحل بين الناس ليكتب لنا أجمل الحكايات الصحفية.. وأكثرها رقة ونقاء.
> ويمكنه أيضاً أن يغادر صخب المدينة ويتنازل عن بريقها وينجو من خبثها.. وبخلها.. وقساوتها.. ويذهب إلى القرى والأرياف تماماً كما فعل الفنان الكبير أيوب طارش ذات صيف وعاد لنا بأشجى الألحان وأروع الأغنيات.
> أما زميله الوديع الزاهد المؤرخ الصحفي عبدالحليم سيف فقد برّأ ذمته.. وقال كلمته: لا قيمة للصحافة ولا معنى للإعلام ما لم يعترف الدستور الموعود بأن الصحافة مهنة ورسالة تتمتع بالاستقلال والحرية والمسؤولية وينص بوضوح أن الصحفيين رسل للتنوير والبناء والتغيير.
> اسعدتني لحظات التكريم المهيب لرواد الصحافة في مؤسسة الثورة للصحافة ورأيت شيوخ الصحافة وفتيانها ورجالها ونساءها.. وجلهم يغالب دموع الفرح وهو يحتضن درع الاستحقاق الأنيق.
> لكن اللقطة التي خطفت وهج العدسات وحركت مشاعر الحضور.. وهزت قاعة التكريم بالتصفيق المدوي كانت لحظة عناق علي ناجي الرعوي - رئيس مجلس الإدارة الأسبق.. والرئيس الحالي فيصل مكرم.
> جسدت في ثوانٍ عميقة معاني الوفاء.. والتسامح وسمو الاخلاق.. وأوحت للوزير الثائر علي أحمد العمراني أن يقول لن تبنى اليمن على الأحقاد.. والضغائن والثارات ولن تنهض وتزدهر بغير الحب والعمل والتسامح.. ومن يحقد لا يمكنه أن يسود حتى لو قذفت به الأحداث إلى الصفوف الأمامية.
وعلي.. وفيصل كلاهما رضعا المهنة من حقل الصحافة الميدانية وتدرجا حتى ارفع مراكز القيادة الإعلامية وكانا في البدء من الرواد النجوم للصحافة الرياضية الأول في الجمهورية - التي منحها ربيع عمره.. والثاني في الثورة - التي طارت به ليصبح أحد مراسلي وكتاب أشهر وأهم الصحف اليومية في العالم العربي.
> إن انفع وأجدى تأهيل للصحفيين هو العمل الميداني وبعد ذلك تأتي المؤهلات وسعة الاطلاع.. والصحافة قبل كل شيء جهد ومثابرة وعشق.. وفي مرات كثيرة فإن السلحفاة المثابرة تسبق الأرنب المتثائب على ثقل الأولى وخفة الثانية.
> وكنت قد كتبت في هذه المساحة أن الرياضي الأصيل لا يغيره بريق المنصب.. ولا تفجعه مغادرته.. فالمنصب عنده فاصل إعلاني، يعود بعده إلى قلمه وصحيفته وقرائه راضياً مطمئناً.. تعلمه الروح الرياضية أنه لا نصر يدوم.. ولا هزيمة تضر..
> عبدالرحمن بجاش.. عبدالله الصعفاني.. وسواهما تركوا مناصبهم.. ولم يتركوا أقلامهم.. والآن يكتبون لنا أشهى الأعمدة.. وأطيب الحكايات.
> الصحفي الجيد كالجواهري المجيد كلاهما رسام وفنان في مهنته ومن له الصحافة مهنة يعيش بلا عقد.. ولا حسد ويعيش عمراً قصيراً والأعمار بيد الله.
> هذه اللحظات النادرة من المودة.. والانسجام.. والتقدير والانصاف تضع المؤسسات الصحفية الناجحة في موقف يشعر فيه كل موظف بزهو أنه ينتمي إلى مؤسسة تغار عليه وترعاه.
والصحيفة كالرجل الفاضل لا يقدر أن يعيش على سمعة قديمة وحين تتلاشى مناخات الثقة والانسجام تتحول المؤسسة إلى مبنى مهجور وكشف مرتبات نصفه الأعلى أرقام وفيرة.. ونفصه الأخير أرقام صغيرة لا عدل.. ولا إنصاف.. كسل وخلاف.. وتثمر صحفاً باهتة ومطبوعات بائرة لا يقرأها غير الطباع.. والموزع ورئيس التحرير بحكم وظيفته ومسؤوليته.
آخر السطور
من «شجون العائد» للشاعر عبداله با كرمان
تمشي الهوينى لا ترى
أحداً سواك
تختار قافية وتنسى