صنعاءنيوز/د.عادل الشجاع -
في لقاء لي مع فريق العدالة الانتقالية وصلت إلى نتيجة أننا لم نستوعب بعد معنى الحوار.. هناك من ينتحب باسم المدنية والبعض الآخر باسم الثورة, وجميع هؤلاء ليس لهم علم لا بالمدنية ولا بالثورة.. إنهم يطفحون بالحقد والكراهية باستثناء قليلين ممن يعون سبب وجودهم في مؤتمر الحوار وماالذي يتوجب صنعه في المرحلة القادمة.. البعض يتكلم بانفعال ويردد شعارات الثورة, والبعض الآخر يتحدث عن الجنوب وآخرون يتحدثون عن تعز, كل هؤلاء لم يستطيعوا التفريق بين مخيمات الاعتصامات وفندق موفنبيك الذي يضم مؤتمر الحوار.
ولست بحاجة للقول إن مؤتمر الحوار تحول إلى تقصي للحقائق. أصبحت لجان الحوار تنتشر في المحافظات والوزارات والمؤسسات تجمع معلومات. ومن العجيب أن ترى فريق استقلال الهيئات والتنمية المستدامة في محافظة البيضاء, وفريق الحريات في وزارة الصحة. وغداً سنسمع أن فريق القضية الجنوبية استأنف عمله في إحدى العواصم العربية. أما فريق بناء الدولة فقد ظهر بعضه في محافظة تعز واقتصرت لقاءاته بالتكتلات الثورية. ودار الحديث حول شكل الدولة وهويتها الإسلامية وكيفية تقسيم اليمن إلى فيدراليات وارتفعت الأصوات بأن الفيدرالية هي الحل, وكأن المشكلة جغرافية. وهذا يذكرني بما طرحته بعض القوى في نهاية الستينيات من أن الاشتراكية هي الحل ثم جاء الإسلاميون وقالوا الإسلام هو الحل والليبراليون قالوا الليبرالية هي الحل. ولم تحل مشاكلنا حتى هذه اللحظة, لأننا لم نقدم دراسات علمية اقتصادية واجتماعية لواقعنا اليمني.
إن مشكلتنا الأساسية في هذا البلد هي مشكلة اقتصادية وغياب العدالة, ومع ذلك لم يتكلم أحد عن شكل الاقتصاد الوطني ولا عن العدالة الاجتماعية.
كنت قد كتبت في هذه الصحيفة عن “غياب فضيلة الحوار بتاريخ 27 يونيو 2009” وقلت إننا بأمس الحاجة إلى خلق حوار عقلاني لأن الحوار العقلاني يساعدنا على تعزيز القواسم المشتركة وتفعيلها بما يحقق المصالح المشتركة ويراعي التنوع المناطقي ويضمن الارتقاء بالإنسان اليمني ويحقق السلام العام والأمن المشترك للجميع والاستقرار النافع للوطن.. بمعنى أوضح علينا أن نجعل الموتمري والاشتراكي والاصلاحي والحوثي والسلفي عند الحديث عن الدولة يحدد ماهو موقفه من الحقوق المدنية وماهو موقفه من الاستخلاف ومن الإنسانية بشكل عام. إذا أردنا أن نخلق حواراً مؤسسياً بين كل الأطراف والفئات, علينا أن نبني علاقتنا على أساس التنوع وليس التعدد, وأن نغادر منطقة الكذب ونعترف أن الوطن مايزال غارقاً في الأمور المؤلمة وأن الجيش الذي هيكلناه يتحول تدريجياً إلى مليشيات. وما يجري في مأرب يتساوى مع ما يجري عاصمة الثقافة تعز ، أصبحت العقد الحزبية هي المحرك لما يجرى في تعز وأصبحت عاصمة الثقافة منغمسة في العنف وأصبح المثقفون في تعز ينتجون الفشل ويسعون للتفوق فيه ويزرعون التعصب بالجامعة والمدرسة ويثورون على محافظهم ومحافظتهم بلا وعي وبلا منهج سوى أنهم صدقوا أنهم يقودون الثورة. كيف لتعز أن تقع أسيرة بيد القبائل والإخوان؟ وكيف لها أن تستمرئ أن تلعب دور الفورية التي تدمرها. لماذا تخلت تعز عن دورها الوحدوي فلا تجد مدينة ولا ريفاً في أنحاء الجمهورية إلا وتعزي فيه أستاذ أو تاجر أو طبيب أو عامل. لماذا استسلمت هذه المدينة .
ما يمكن أن نخلص إليه هو أننا مطالبون جميعاً وبوحي من القيم الإنسانية والاستخلاف في الأرض بغرس قيم التسامح واحترام الآخر في نفوس وضمائر أبنائنا, وبما يحقق إمكانية التعايش ونبذ ثقافة الكراهية والتعصب والعنف والعداء. فالجميع مطالبون بتحمل مسؤولية العمل من أجل حوار حقيقي يفعل مفهوم المواطنة وتوزيع الثروة بشكل عادل وفق منطق الكفاءة وإعادة توزيع الفائض على البنية التحتية وإعادة الاعتبار لهيبة الدولة من خلال تفعيل وإعمال القانون. ويبدأ ذلك من ملف السفراء الموقف منذ أكثر من عام بسبب المحاصصة.
وهنا نقول إن الأمر يستدعي أن نثبت أننا مع الكفاءات وليس مع التقاسم ووزارة الخارجية فيها من الكفاءات من مختلف الأحزاب والمناطق. ما على المسؤولين سوى إعمال القانون المتبع في وزارة الخارجية وهو قانون عادل ومنصف لأنه يعتمد على الأولويات وليس على الوساطة والمحسوبية.
علينا أن نؤسس لثقافة الحقوق بوصفها تشكل دعامة أساسية للنظام الديمقراطي ولدولة المؤسسات لأن التقاسم أصبح مرتعاً خصباً لمن أراد إشعال نار الفتنة تحت لواء المناطقية.