صنعاء نيوز /د. نادية الكوكباني -
ما اللقب الذي يمكنني أن أطلقه على عائشة عبدالمجيد الزنداني؟! هل الشيخة عائشة كونها ابنة الشيخ عبد المجيد الزنداني، فالأبناء والبنات يرثون أسماء ابائهم كما يرثون ألقابهم أيضا؟ أم أدعوها بالعالمة عائشة بحكم منصبها كعميدة لكلية البنات في جامعة الإيمان؟ أم الداعية عائشة بحكم ما تقوم به حاليا من محاضرات دعوية لنساء المجتمع ولطالبات المدارس تعرفهن من خلالها على أمور الدنيا والدين؟ أم الدلوعة عائشة باعتبارها الابنة المدللة لوالدها والتي نالت امتيازات واستثناءات كثيرة تبيح لها حرية الحركة والمشاركة في الحياة العامة علميا وسياسيا واقتصاديا وغيره، وهو أمر حباها به والدها الشيخ ويمنعه- في الوقت نفسه- عن بقية بنات جنسها، إذ يأمرهن بالجلوس في البيت. ولعل آخر ممارسات تدليل الشيخ لبناته هو مناقشة اسماء الشقيقة الكبري لعائشة رسالة الدكتوراه أمام أعضاء ذكور للجنة امتحان مباشرة دون حاجز وليس عضوات لجنة امتحان كما هو معمول به في الجامعات الاسلامية وهذا أحد الأمثلة الكثيرة على ميزة الاستثناءات والحصانة التي تتمتع بها البنات المدللات للشيخ الزنداني، عائشة واخواتها.
أرى من المناسب أن أطلق عليها أختنا في الله عائشة؟ وهو اللقب الأكثر ملائمة لما أريد نصحها به وتذكيرها بحديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "من كتم علما ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة".
أختنا في الله عائشة تقوم مؤخرا باستدعاء أوائل الطالبات والمتفوقات من المدارس بحجة تكريمهن واعطائهن شهادات تقدير وهدايا. ومن ثم تلقي فيهن كلمة تذيلها بما عرفته عن دراسات النوع الاجتماعي "الجندر" وعن بعض مفاهيمه والتي تصفها بعدم تماشيها مع ديننا الاسلامي الحنيف وعاداتنا الاجتماعية الحميدة، وتنهي عائشة خطبتها بمشهد تمثيلي تم اعداده لحفل زفاف العريس فيه حمار والعروسة امراة، والحاضرات يرددن في مشهد اكثر تمثيلية: يا اللللللللللللللله يا غوثااااااااااه... واترك للقارئ تخيل ما يراه مناسبا من صدمة تلقي هكذا صورة على الفتيات المتفوقات!!!
وهنا أوجه سؤالي لأختنا في الله عائشة؟ ما الذي يجعل من مصطلح النوع الاجتماعي ومفهومه غير متماشيا مع الدين الاسلامي وهو ليس سوى أداة علمية توجه العاملين في التنمية والسياسية وبقية المجالات إلى التعرف على أسباب عدم وصول النساء والرجال والأطفال إلى الموارد والمشاركة في المجتمع والحياة العامة بطريقة متساوية وعادلة. وحسب منظمة الصحة العالمية فأ
تعتمد عائشة في قراءتها للنوع الاجتماعي على مايردده رجال الدين من المسلمين والمسيحيين وغيرهم بأن النوع الاجتماعي هو رديف للمطالبة بحقوق المثليين. وهنا يجب التوضيح لهؤلاء بأن مفهوم النوع الاجتماعي كأداة تحليل علمي يشبه المعادلة العلمية للنيوترون، التي قد تستخدم في انتاج المفاعل النووي كسلاح أو قنبلة، أو قد تستخدم نفس المعادلة لإنتاج الطاقة الكهربائية والصناعات الأخرى المفيدة للحياة الانسانية. لا ذنب هنا للمعادلة العلمية في صنع القنبلة كما لا ينبغي تبجيلها لصناعتها الكهرباء. كذلك لا تمدح دراسات النوع الاجتماعي اذا استخدمت لغرض تنمية النساء ولا تذم إذا استخدمت لغرض حركة المطالب للمثليين. الذي يجب أن يمدحوا أو يذموا هم "المستخدمين" لأي اطار تحليل أو نظرية أو مفهوم. فإن أرادت عائشة أن تنتقد مفهوم النوع الاجتماعي وأطره التحليلية ودراساته المتعددة، فلتأتي بغيره كما يفعل النقاد من علماء الاجتماع أو السياسة أو الاقتصاد غير ذلك.
في اليمن أستخدم مفهوم النوع الاجتماعي في صياغة "الاستراتيجية الوطنية لتنمية المرأة اليمنية" الصادرة عن رئاسة الوزراء. كما أستخدم في صياغة الخطط الوطنية الخمسية للتنمية ومكافحة الفقر التي تسير عليها كافة خطط الدولة. فهل قرأتِ ما جاء في هاتين الوثيقتين الوطنيتين الهامتين أختنا في الله عائشة؟ واستوعبتِ المقاربات الاسلامية لمنظور النوع الاجتماعي من وجهة نظر الدراسات الاسلامية، وهي- بالمناسبة- كثيرة ومتوفرة على الانترنت. إضافة الى ما اوردته عالمة الانثروبولوجيا Ann Oakly حول المفهوم، وأيضا وما اوردته منظمة الصحة العالمية في تعريفها"الجندر" وهي بدايات لأختنا عائشة للبحث والقراءة.
أعتقد والله أعلم اختنا في الله عائشة أنه كان من الأجدر بها كامرأة مهتمة بالبحث والعلوم هو سؤال عضوات الحوار الوطني عن مفهوم النوع الاجتماعي وعلاقته بتنمية النساء في اليمن، باعتبار عضوات الحوار الوطني هن نخبة من نساء اليمن ويتمتعن بخبرة واسعة، ومشاورتهن في هذه الدراسات وعمل مقاربة اجتهاد للخروج بمقاربة نسوية يمنية للنوع الاجتماعي تفيد كافة المكونات. لكن ما فعلته اختنا في الله عائشة هو مقاطعة الحوار الوطني الشامل اولا و التركيز على طريقة لبس العضوات وأحاديثهن ومظهرهن الخارجي وابتسرت ديننا الحنيف على المظهر فقط اضافة الى وصف النساء فيه انهن ناشزات ولسن ناشطات.
يا أختنا في الله عائشة: التركيز على توعية النشء ليس بذكر ما تردديه في حديثك معهن وينأي قلمي عن كتابته، وهو لا يتعدى حالات فرديه شاذة في الغرب، قد خرج الغرب نفسه لمناهضتها وسن القوانين معارضة لمطالب المثليين من أجل حماية الصالح العام. وآخر تلك المظاهرات المناهضة لمطالب المثليين كانت مظاهرة في فرنسا في 5-5-2013.
وسؤال أخير لأختنا في الله عائشة يتبادر الى ذهن الغالبية: هل سبب حملتك هذه في جامعة الايمان وفي المساجد من أجل تشويه معنى النوع الاجتماعي والعاملات في هذا المجال يعود إلى عدم تمثيل هيئة علماء المسلمين، وعلى رأسها والدك الشيخ الزنداني، في الحوار الوطني، أم يعود إلى عدم دخولك انت للحوار الوطني الشامل؟
المرجح عند الكثيرين الذين لا يجدون منطقا لعملية التدمير لمفاهيم النشء وتضليله بأنصاف بل بفتات المعارف والمعلومات أن يكون السبب هو غيظك الشخصي- العائلي لقرار الاستبعاد من الحوار. فإن كنتِ على كل هذا النحو من الغيظ والغضب فانصحك بأن تستثمري طاقة الغيظ والغضب هذه في نقد الفساد والفاسدين، في نقد الحرب والصراعات وقتل النفوس، في توفير الكهرباء والماء والغاز والديزل لخمسة ملايين من أبناء وبنات شعبك الذين يعيشون تحت الفقر والحاجة.
اختنا في الله عائشة، إذا فعل كل مغتاظ سياسي ما تفعلينه، وأخشى أن يقوموا بذلك لسلطة الاقتداء التي منحتك اياها صفتك الدعوية، فإن النتيجة لن تكون سوى خراب وطني شامل يقودنا في الأخير إلى النظر في قرار استبعادكم من المشاركة في الحوار الوطني كقرار سديد منذ البداية.