صنعاءنيوز/حسين العواضي - -
* الشعوب التي لا تغني شعوبٌ مهمومة.. ومقهورة.. الغناء سر السعادة.. وحالة صفاء فرح وبهجة.. والغناء مقياس دقيق للحزن.. والألفة والتعاسة أيضاً.
* وإذا رغبت في أن تتعرف إلى أمة ابحث عن أغانيها وفنانيها.. حلّل الكلمات.. تأمل الألحان.. استمع للموسيقى لترى أي قوم هؤلاء.
* حين تأتي الأغاني باهتة سامجة وصارخة خاوية لا وقار فيها ولا عبرة.. لا معنى ولا قصة لا تهز المشاعر ولا ترضي النفوس.. فإن الأمة تعيش حالة الإحباط والانهزام.. تتنفس الخوف وتتجرع القهر والقلق.
* هذا مدخل.. والمخرج أن الثلاثي الكوكباني كان أحدهم طويلاً.. والثاني نحيفاً والثالث عريض حبّتين.
* أحدهم يعزف العود ببراعة.. وشقيقه يروض الطبلة بشغف.. والثالث يداعب الدف بحرفة وحنان.
* كل منهم له دور ووظيفة.. تنوع.. وتباين، لكن عزفهم متناغم وأصواتهم تندمج بسلاسة ورقة لتشكل وقعاً متكاملاً شجياً منسجماً لا مثيل له.
* كان غناؤهم المتدفق بعذوبة يشع الفرحة ينطلق رقيقاً محبوباً في اليمن مرغوباً في مدن العالم العربي، تطيب به ليالي السمر ورحلات السفر وأعراس الصيف المتألقة.
* فيض بديع من الأغاني الراقية ذات الإيقاع المتميز الذي لا نظير له.
* الهجر يومين أو ثلاث أيام.. أما ثمان يا تعب حالي
يا راعيات الغنم فوق الجبال أنتن لمحبوب قلبي ذكريات.
* وتطول القائمة الذهبية لثلاثي الأغنية اليمنية الرائع الذي غاب ولم يعرف أين مقره؟!
* لكنهم قالوا أن الثلاثي الكوكباني ذات يوم كئب - خزنوا - بقات سوطي بايت، وقرروا في لحظة حماقة نهاية حكاية جميلة أدهشت المستمعين وأطربتهم لسنوات طويلة.
ظن الثلاثي الطيب وبعض الظن مهلكة أن كل واحد منهم يمكنه أن يصير بمفرده فنانا عظيما وأنه لم يعد بحاجة للآخرين محطة غرور.. ولحظة صعود إلى الهاوية.
خاضوا التجربة الفردية الخاسرة.. فضاع كل شيء ولم نَعُدْ نسمع منهم أو عنهم شيئاً.
ما سبق حكاية بينه فيها عظة وعبره.. تنبهنا معشر اليمنيين أنه لا خيار لنا أما أن نغني معا لنطرب العالم وننثر السرور والأمل في صدور أحفادنا الصغار أو أنه لن يسمعنا أحد.
وهؤلاء الذين يغنون بمفردهم في الغرف المظلمة يالبشاعة أصواتهم.. ويالقُبْح ألحانهم.. بضاعتهم خاسرة مقلدة لا قيمة لها نفوسهم مهزومة وعقولهم مغلقة لا خير فيهم وبئس المصير.
واعلموا يا حضرات المتشنجين أنه لا مخرج لنا غير أن نغني معا فنطرب أو يغنوا علينا أغاني المآتم والنواح والرثاء المهين.
البحر من خلفنا والصحارى الموحشة وجدار الصعق الكهربائي من أمامنا.. ولا خيار غير أن تتآلف الأصوات ونتقارب المسافات.. وتنسجم الأغاني والألحان.
وهيا نغني لليمن معا وبصوت منسجم أغاني المحبة والتسامح.. والفجر الجميل.
آخر السطور
للشاعر عبدالصمد عبدالجبار
قولي لهم طيري الذي
يخطو على درب اللظى في كبرياء
يده على قيثارة الأحزان تعزف
والغناء
لا بد يفضح كل أنواع المكائد!