صنعاءنيوز/منصور شايع -
ابدأ هذه التناولة المتواضعة بمقولة احد الاخيار " ويل لشعب يأكل مما لا يزرع ويلبس مما لا يصنع " فعن اي امن غذائي نتحدث ونحن نستورد معظم ان لم نقل جميعها احتياجاتنا الغذائية الاساسية والكمالية من العالم الخارجي ، على سبيل المثال نستورد ما يقارب 95 % من احتياجات الاستهلاك المحلي من القمح وبنسب متفاوتة بقية اصناف الحبوب من الذرة والشعير والبقوليات وأن الاراضي الزراعية التي كانت تغطي تقريبا معظم احتياجات السكان من الحبوب بأنواعها ومنها القمح ويتم تصدير الفائض الى الخارج قد اجتاحتها وسيطرت عليها اشجار القات ومنها الاراضي والقيعان الزراعية الخصبة كقاع جهران بمحافظة ذمار والوديان والقيعان الزراعية الخصبة المروية والمطرية في محافظة اب التي تعتبر سلة غذاء اليمن وكان يضرب بها الامثال ومنها "سحول ابن ناجي والسياني ومساحات زراعية واسعة في محافظات صنعاء وعمران وحجة والمحويت وتعز والضالع وصعدة وغيرها .. كانت الى وقت ليس ببعيد تزخر بزراعة اجود انواع الحبوب والخضار والفواكه وأصبحت للأسف اليوم تتآكل وتزحف عليها زراعة تلك الشجرة الملعونة مدعومة بالصمت المريع من قبل الجهات المعنية ولو من باب النهي عن المنكر وعدم تطبيقها لقانون او القرار الحكومي لم اتذكر هل صدر على شكل تشريع واقر من قبل مجلس النواب ام لا والذي يقضي بمنع زراعة القات في القيعان الزراعية الخصبة الى جانب اللهث من قبل المزارع وراء الربح الوهمي والسريع . فالمطلع على البيانات الزراعية الرسمية يجد ان مساحة زراعة القات هي الوحيدة من بين مختلف المساحات الزراعية النباتية تتسع حتى تجاوزت في العام الماضي 167 الف هكتار وكل ذلك على حساب المساحة الزراعة الغذاء المحدودة اصلا وتستهلك نحو 30 % من الموارد المائية ومعظمها من المياه الجوفية .. ولو ان شجرة القات يعيش علية ما يزيد عن 6 ملايين نسمة تقريبا قد يزيد هذا الرقم او ينقص من السكان في مناطق زراعته والعمليات التالية لها وتسويقه .. غير انه يفقد اليمن مسألة الامن الغذائي الاستراتيجي وتكون تحت رحمة الدول الخارجية التي ترفض مساعدة اليمن في بعض المشاريع الزراعية قبل التخلص من شجرة القات وتقول ان احلال الزراعة الغذائية محل القات قد تسد الفجوة الغذائية التي تعاني منها ، كما ان زراعة القات لا تمثل رقما يذكر في الاقتصاد الوطني كونها سلعة محلية يتم تداولها محليا ولا يستفاد منها للتصدير الخارجي حتى يكون لها تأثير في الميزان التجاري والاقتصاد الوطني .
عن اي امن غذائي نتحدث وحفارات المياه تجوب الارض شرقا وغربا دون حسيب او رقيب تنخر جوف هذا الوطن ليلا ونهارا وبصورة غير مشروعة تستنزف ما تبقى من المياه الجوفية المخزنة منذ ألاف السنين لري القات ولا يوجد حتى خطط على الواقع تنفذ لتعويض الفاقد .. فيما الجهات المعنية في الحكومات المتعاقبة منشغلة بإعداد الاستراتيجيات والخطط والمشاريع الزراعية واستجداء عطف المانحين لتمويل تلك الخطط التي تكاليفها خلال العقد الماضي لو نفذت في مشاريع زراعية مباشرة كبناء السدود لتجاوزنا الكثير من الصعاب المتعلقة بحصاد المياه ودعم المزارع بصورة مباشرة ولكنها في اعتقادي فقط استراتيجيات تزرع الوهم في نفوس المزارعين بدلا من التوسع وتطوير زراعة المحاصيل الغذائية التي يتطلع اليها فهو يسمع الجعجعة ولا يرى طحينا فكم من خطط واستراتيجيات وورش عمل ودورات تدريبية تلتها لم يلمس المزارع نتائج مباشرة ومستمرة اثرة في حياته المعيشية وطورت من انتاجه راسيا وأفقيا ، وليسمح لي القارئ الكريم بسرد عدد منها منذ العام 2000م فقط بدأ من اجندة عدن والتي لم ينفذ منها مشروع على ارض الواقع واستمر الى اليوم بل انتهت بانتهاء الاموال المعتمده لها وما صرفت على من قام بإعداد اوراقها والتنظير فيها ، مرورا بالرؤية الزراعية 2000م – 2025م . الى جانب سياسات وزارة الزراعة والري 2005م – 2009م ، ثم استراتيجية وزارة الزراعة بشان الثروة الحيوانية 2010م والإستراتيجية الوطنية للري .. هل هذا يكفي ام اذكر القارئ والمهتم وحتى المسئول بالإستراتيجية الوطنية لقطاع المياه وبرنامجها الاستثماري 2005م والمحدثة في عام 2008م والإستراتيجية الوطنية لقطاع الزراعة 2012 2016م ، وأخيرا الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2013م وغيرها .. فهل يكفينا استراتيجيات ورؤى وخطط نظرية وتمويلات وورش عمل غير ذي جدوى لهذا القطاع الغالب على امرة والتي تنتهي ان نفذ منها شيء بانتهاء مخصصات المشاريع الزراعية الممولة من قبل الدول الشقيقة والصديقة .. وكنا نتمنى ان تستمر تلك المشاريع بعد انتهاء فترة الممول الاجنبي سواء بتبني الحكومة لتلك المشاريع او القطاع الخاص من اجل احداث تنمية زراعية حقيقية نستطيع ولو بالحد الادنى تقليص الفجوة الغذائية التي تعاني منها اليمن وإحداث تقدم بسيط نحو ما كنا علية من انتاج للغذاء في فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي .. وهذا في رأيي لن يتأتى سوى من خلال اتخاذ الحكومة ممثلة بالجهات المعنية خطوات عملية اولها منع زراعة القات في القيعان والوديان الزراعية الخصبة الى جانب منع الحفر العشوائي للمياه الجوفية وتنفيذ السدود والحواجز المائية لحصاد مياه الامطار وتغذية الابار الجوفية لتعويض الفاقد منها الى جانب دعم المزارع الصغير ومحاولة ايجاد له البديل عن زراعة القات حتى يتوفر له دخل جيد يقارب المردود من زراعة القات حتى نقلص من مساحة زراعته او وقفها عند ذلك الحد على الاقل .
|