صنعاء نيوز/اسكندر المريسي -
تمر الدولة القُطرية على امتداد الوطن العربي المجزأ منذ عقود الخمسينات من القرن الماضي بواحد وعشرين دولة باعدت خلال نصف قرن مضى من الزمن بين تحقيق أبسط صيغة للتكامل والتعاون المشترك بين العرب ولم يكتف الاستعمار القديم بإبقاء العرب الى تلك الدويلات المتعددة والمتناثرة في سياساتها الداخلية والخارجية وان كانت منضوية في اطار الجامعة العربية ، حيث فشلت كل دولة منفردة في تحقيق التنمية السياسية والاقتصادية لمواطنيها القاطنين فيها . فيما ظل ذلك الاستعمار يوسع من أنشطته الداخلية ويصعد من حفرياته داخل الدولة القُطرية ويستقطب النخب الثقافية ويبني اشكال متعددة من المنظمات المدنية والاحزاب السياسية ساعيا الى ايجاد استخطاطيات تجزئة المجزأ ضمن تصعيد جديد لعمل تفكيك لكل دولة بمفردها وما ذلك الا استجابة لتسريع الموجة الثالثة للعولمة والمتمثلة بدخول الامبريالية أعلى مراحل الهيمنة لاستكمال السيطرة المطلقة على مقدرات العرب وثرواتهم النفطية وتقسيمهم الى نصفين أثرياء تحت سيطرة البورصات المالية الغربية وفقراء ينتظرون دعم المانحين الغربيين. تلك هي أهم اشكالية الدولة القُطرية في مأزقها الراهن ، خاصة ومن المعضلات والمعيقات تحديد الواضحات فقد آل وضع العرب مع التبعية والارتهان بعد حركة الربيع العربي أكثر تبعية وارتهان قبل حركة الربيع وبدلا من الحالة الماضية التي كان الاستعمار يأتي اليهم ويقدم لهم المشاريع الاستثمارية باسم التنمية المستدامة صار العرب بالظرف الراهن يذهبون الى الاستعمار ويقدمون طلبية استعمارية. ان ذلك بالتأكيد يظهر حدود الفرق الواضح بين التبعية النسبية والتبعية المطلقة ، انهيار النظام الاقليمي العربي الرسمي بدولته القُطرية ليس بسبب الربيع العربي الا أداة مشرعة لسببين جوهريين الفساد الداخلي والتدخل الخارجي الوجه المكمل للازمة القائمة في الدولة القُطرية قبل حركة الربيع العربي لتتسع تلك التبعية بعد تلك الحركة ، وأصبح ذلك الاستعمار هو الذي يدير المكونات ويشكلها . وهو ما يعني عودة العرب الى مرحلة ما قبل سياسي ، وفقدان الاستقلال يظهر نقل التبعية من المرحلة السرية لحكام العرب الى العلنية في المجالس والمكونات التي تشكلت في عهد الربيع العربي من الفرد العميل الى العميل المجموع وما ذلك الا احدى الصور المعبرة عن مأزق الدولة القُطرية ماضيا وبعد حركة الربيع العربي تحديدا.