صنعاء نيوز /استطلاع: إيمان عامر -
v نظرة المجتمع الدونية لنا كانت اشد وطأة علينا مما نعانيه واهالينا من فقر وجوع وحرمان
v أصداف الانسي: حلمي بان اصبح كغيري من بنات القبائل, لا يمارس المجتمع ضدي العزل والتهميش
v اسماء البزاز: الفتاه المهمشة كغيرها من فتيات الدنيا لديها قدرات وامكانات ذهنية وعقلية وابداعية وبإمكانها ان تصنع المعجزات
v منى ابراهيم: اكتسبت الامل والطموح والاصرار من والداي وهدفي كان اكبر من ظروفي ومن واقعي ومعوقاتة
v طالبة اعلام: أمامي هدف كبير وسامي وهو ان اعمل بعد تخرجي على نشر معاناة ومظالم المهمشين واوصل صرخاتهم للعالم اجمع
رغم عدم وجود قوانين تمنع او تعيق الفتيات المهمشات (الاخدام) من الاندماج في المجتمع والمشاركة في ادارة شئونه وصناعة التحولات في مجالاته المختلفة والمتعددة – الا ان النظرة الدونية القاصرة التي يواجهنها من قبل المجتمع وما يترتب عليها من تمييز عنصري وشتائم وتجريح واهانات وانتهاكات مختلفة, الى جانب عدم تحمل الدولة مسئولياتها تجاههن, فضلا عن معاناتهن الناتجة عن الفقر والعوز الذي تعيشه اسرهن وغير ذلك من التحديات والمعوقات المجتمعية – حالت جميعها دون تحقيق احلامهن وطموحاتهن, وجعلتهن يعشن في (محوي) من العزلة والجهل والتهميش.
الاستطلاع التالي يقدم مجموعة من الفتيات ممن ينتمين الى هذه الفئة المهمشة – واللاتي استطعن بإصرارهن وعزيمتهن وما يمتلكن من آمال وطموحات ان يقهرن التهميش ويصلن الى مراحل تعليمية متقدمة, حالمات بتسخير انفسهن وجهودهن المستقبلية في سبيل اعادة الاعتبار لبنات جنسهن ولفئة المهمشين عموما .. فإلى الحصيلة:
الارادة والتصميم
بداية تحدثت الينا مني ابراهيم الجمل – طالبة في كليه الشريعة والقانون - مستوي رابع قائلة: الحقيقة أن الظروف المادية ليست العائق الاكبر امامي وزميلاتي من المهمشات فنحن نذهب للمدرسة بدون مصروف يومي ونحتمل الجوع باليوم واليومين, وقد واصلت دراستي باقل المتطلبات والامكانات حتي وصلت لآخر سنه بالجامعة والحمد لله - وطموحي ان اكون محاميه اترافع عن الفقراء والمظلومين واعيد لهم حقوهم بإذن الله, لكن الامر الاكثر صعوبة والاشد ألماً من الفقر هو النظرة الدونية التي يواجهنا بها المجتمع والناس التي بالفعل تجعلنا نتألم كثيرا وتقتل أي طموح او تطلع في داخلنا, فقد عانيت منها كثيرا ولا ازال اعاني, لم انسي مدرستي بالصف التاسع عندما طلبت منها ان تعيد لي فقره من الدرس فنهرتني بقولها اسكتي يا خادمه .. رديت عليها (انا خادمه احسن منك) فطردت من الفصل وطلبت مني مديره المدرسة ان اعتذر لمدرستي, لكنني رفضت الاعتذار وانتقلت لمدرسه اخري وكثيره هي المواقف المؤلمة التي اتعرض لها واواجهها على الدوام .. لكنني وبصراحة اقول انني وطوال فترة دراستي في الجامعة لم اتعرض للإهانة من قبل اساتذتي أو زملائي على الاطلاق ولم توجه لي أي عباره جارحه من تلك التي اعتدت على سماعها خارج الجامعة.
وعن طموحها واهدافها تقول: مني الحقيقة ان هدفي كان اكبر من ظروفي ومن واقعي, فقد اكتسبت الامل والطموح والاصرار من والداي الذين شجعوني وساندوني ووقفوا الى جانبي كثيرا .. امي تقول لي دائما "مؤذن الرسول صلي الله عليه وسلم (بلال بن رباح)يا بنتي كان عبد اسود, واختلاف الوان الناس لا يعني تمييز بعضهم عن بعض, والله سبحانه وتعالي يقرب منه الاكثر منا تقوي والتزاما وليس الاكثر مالا او بياضا وجمالا .. وهذا الكلام كان يمثل لي دافع كبير.
وعن الرسالة التي توجهها لفئة المهمشين تقول منى: "اقول لكل شابه وشاب وطفل مهمش انت انسان مكرم فلا تستسلم ولا تنهزم ولا تتأثر بما تواجهه من اعانات او تحقير من قبل المجتمع والناس, كن واثق بنفسك وواصل كفاحك في الحياة, وثق تماما انك اذا ما امتلكت العزيمة والاصرار ستحقق كل احلامك وطموحاتك.
وتتساءل منى اخيرا: لماذا كل هذا التحقير والتهميش لنا من هذا المجتمع؟ والى متى سيتمر؟ ومتى سيعي اليمنيون خطورة ما يقومون به تجاهنا من تحقير وتجريح واهانات؟! اتمني ان يعاملونا بأخلاق وسلوكيات ديننا الاسلامي الحنيف .. واشكر كل من وقف بجانبنا وناصر قضايانا واقول لهم جزاكم الله عنا كل خير.
اصرار على النجاح
أما الطالبة اسماء محمد البزاز - سنه اولي - كليه اللغات والآداب – فاستهلت حديثها بالقول: معاناتي اثناء دراستي المرحلة الاساسية والثانوية اقتصرت على نظره المدرسين المحتقرة لي ومعاملتهم لي بأساليب وطرق مختلفة عن زميلاتي .. ومع ذلك فقد واصلت دراستي وتجرعت المرار وفي ظل ظروف شديدة القسوة لم تتوفر لي فيها ابسط المتطلبات الدراسية ولكن اصراري على ان اكون انسانه ناجحة انفع نفسي وابناء جلدتي من المهمشين ووطني كان اكبر من كل الصعوبات والتحديات.
وتضيف اسماء: الفتاه المهمشة مثلها مثل كل فتاه في هذه الدنيا لديها قدرات وامكانات ذهنية وعقلية وابداعية ولديها طموح وتطلع .. وبإمكانها ان تصنع المعجزات وتتفوق وتحقق مالم تتمكن من تحقيقه قريناتها من الفتيات الاخريات .. لذلك اقول لأخواني من اليمنيين كفاكم امتهانا وتحقيرا لإخوانكم السود انظروا العالم كيف يتعايشوا, زمن التمييز العنصري ولى, واقول لاخواني من المهمشين والمهمشات لا تثنيكم عبارات التجريح والاحتقار التي تواجهونها على الدوام, لا تستسلموا لأية ظروف كانت ماديه او معنوية, امضوا صوب اهدافكم وتأكدوا انكم ستصلون وستحققون كل امانيكم وتطلعاتكم.
تمييز مجتمعي فج
وتوافقها الرأي أصداف محمد الانسي - طالبه بالصف الثالث ثانوي وتضيف: اتعرض دائما للتمييز بيني وبين زميلاتي وعبارة (يا خادمه) تلاحقني دائما – وهذا الامر جعلني ابقى معزولة حيث لا توجد لدي صديقات من زميلاتي, واغلب اوقاتي اقضيها في المدرسة وحدي فزميلاتي لا يصدقنني باننا نصلي ونصوم .. كل يوم احضر الى المدرسة بدون مصروف ومع ذلك انا احمد الله انني طالبه مدرسه ولا أمد يدي لسؤال الناس كغيري ممن قهرتهم الظروف المعيشية .. حلم عائلتي ان اكمل تعليمي انا واخوتي, وحلمي ان اكون محاميه أعمل علي نصره المظلومين والفقراء, اجتهد واذاكر واهتم بدروسي من اجل ان أحقق حلمي بان اصبح كغيري من بنات القبائل, لا يمارس المجتمع ضدي العزل والتهميش, وامنيتي ان يستطيع كل المهمشين تعليم ابنائهم وان يتجاوزوا كل الظروف المادية والاجتماعية والنفسية التي يواجهونها من قبل المجتمع – فأنا ادرك انه بالتعليم وحده نستطيع الخروج من المحوي الذي سجنا به من قبل المجتمع.
وتستطرد اصداف: الغالبية ينظرون الينا في المدارس باعتبارنا (شحاتين وسرق) ويقولوا عننا اننا نأكل موتانا, خلال سنوات دراستي الاولي كانت زميلاتي يرفضن الامساك بيدي عند انتهاء الطابور والدخول الى الصف لأني حسب قولهن خادمه, وفوق ذلك نتعرض للشتم والإهانة والتجريح على الدوام ليس في المدرسة وحسب وانما ايضا في الشارع وفي كل مكان .. وتنهمر دموع اصداف بحرقه وهي تضيف: نحن بشر مثلكم فلماذا تدوسوا ادميتنا ولا تتعاملوا معنا بأخلاق كما تتعاملوا فيما بينكم؟!
وتختم اصداف حديثها قائلة : اتمني ان لا ينظر الينا الناس ويصنفونا على اساس لون بشرتنا وفقرنا وان تكون احكامهم علينا مبنية على اسس الاخلاق والتعامل والسلوك (واذخريني لك يا اكرم امه).
تصالح مع الذات
واخيرا التقينا الطالبة (أ – هـ) التي اشترطت عدم ذكر اسمها - تدرس سنه اولى كلية الاعلام وكسابقاتها تقول: عانيت الكثير اثناء دراستي بالمدرسة وعندما دخلت جامعه صنعا كطالبه قررت ان اتصالح مع نفسي ولا اهتم بالمضايقات التي اتعرض لها فأمامي هدف اكبر واسمى من كل شيء في الحياة, فانا اطمح بأن اعمل بعد تخرجي على نشر قضايا مشكلات ومظالم كل المهمشين في اليمن وانشاء الله اوصل صرخاتهم ومعاناتهم للعالم اجمع.
وعن من شجعها على مواصلة تعليمها تقول: شجعتني والدتي علي مواصلة تعليمي وحين كنت ارفض الذهاب الى المدرسة بسبب ما اواجهه من معامله قاسية وتمييز وشتائم كانت امي تعاقبني, وعقابي لم يكن بحرماني من المصروف اليومي كما يعمل بقية الاباء مع ابناءهم فانا لم يكن لدي مصروف يومي اصلا, وعقاب امي كان من خلال صمتها وعدم الكلام معي, وهذا بصراحة مالم اكن احتمله, وقد كانت عندما نتصالح تشجعني على الذهاب الى المدرسة وتقول لي التعليم وحده سيجعل حياتك افضل وحين تتخرجي وتتوظفي لن تعاني مما نعانيه نحن اليوم.
وعن ما تواجهه في الجامعة تقول: بصراحة في الجامعة لا اتعرض لأية إهانة او إساءة ولا اقول اني مهمشه .. لكنني لا احضر الكلية بشكل منتظم انا وغيري من المهمشات لعدم توفر اجره المواصلات فأباءنا يعملون بالأجر اليومي ويوم لهم وايام عليهم الا انني اذاكر باجتهاد واحاول اعوض عما يفوتني من الدروس من خلال المذاكرة والقراءة المستمرة .. وتختتم حديثها بالقول : اطلب من كل المهمشين والفقراء ان يحرصوا على تعليم ابنائهم فليس هناك شيء مستحيل وها نحن امامهم اصدق مثال.
|