صنعاء نيوز -
يُعدّ حقل «التعليم» من أهم الحقول التي يُمْكِن أنْ يُقاس عليها مدى جديّة الدولة، أيّة دولة، في سياسة الاعتراف بتنوُّع مُكوِّنات نسيجها الاجتماعي. وفي اليمن يَشترط الاعترافُ بالتعدُّد المذهبي إعادة النظر في مناهج ومقرَّرات التعليم، لاسيما الأساسي والثانوي، بما يتوافق ومبدأ وقوف الدولة على الحياد من جميع المذاهب عبدالله السالمي -
يُعدّ حقل «التعليم» من أهم الحقول التي يُمْكِن أنْ يُقاس عليها مدى جديّة الدولة، أيّة دولة، في سياسة الاعتراف بتنوُّع مُكوِّنات نسيجها الاجتماعي. وفي اليمن يَشترط الاعترافُ بالتعدُّد المذهبي إعادة النظر في مناهج ومقرَّرات التعليم، لاسيما الأساسي والثانوي، بما يتوافق ومبدأ وقوف الدولة على الحياد من جميع المذاهب والتيارات التي تتشكل منها الخارطة الدينية في المجتمع.
وبعيداً عن الخوض في التفاصيل فإنّ مقرَّرات التعليم الأساسي والثانوي، ذات الصلة بـ«التربية الإسلامية» و«التاريخ»، وحتى بعض المقرَّرات التي تندرج ضمن «اللغة» وفنونها، ومقرَّرات أخرى، تتسم بأنها على قدرٍ كبير من أحادية الرؤية المذهبية وانحصارية المرجعية الدينية. والإشكال لا يتوقّف عند كونها لا تعكس التنوُّع المذهبي الكائن في المجتمع فحسب، وإنما أيضاً أنها تفتقر، في تناوُلِها لكثير من مسائل الخلاف، إلى روح التسامح مع مذاهب وتيارات ذات عمق تاريخي وامتداد يومي في المشهد الديني في اليمن.
لا مندوحة، إذنْ، عن إعادة النظر في مضامين المناهج والمقرَّرات التعليمية، ذات الصلة بالتعدُّد المذهبي، وإعادة صياغتها على أسسٍ ومعايير تجعل من الاعتراف بالتعدُّد المذهبي معطياتٍ ملموسة في هذه المناهج والمقرَّرات.
من جهة يتحقق الاعتراف بالتعدُّد المذهبي في مقرَّرات التعليم بالتركيز على القواسم المشتركة والعناوين الكلية التي هي محل إجماع بين المذاهب والتيارات الدينية. ومن جهة أخرى، وكلّما اقتضى الأمر التعريج على ما هو محلّ تنازُعٍ وخلاف، فإنّ سياسة الاعتراف بالتعدُّد تُوجِب أنْ يتمّ عرْض الآراء التي يتبناها كلّ مذهب، حيال المسألة موضع الخلاف، بالتساوي. إنّما باعتماد طريقة في العرض «تقدِّم الجميع بصورة حيادية، وتنمِّي عند أجيال المتعلمين منذ اليفاعة فكرة قبول التنوُّع، ورؤية المشتركات الأخلاقية والعرفية بين الأديان والمذاهب» بحسب تعبير الدكتور فالح عبدالجبار.
على هذه الشاكلة، وبتعميم الدولة سياسة الاعتراف بالتعدُّد المذهبي عبر التدابير التشريعية والإجراءات العملية في التعليم والإعلام والمناشط الثقافية المختلفة، إضافةً إلى اشتغالها على الإدماج السياسي، بموازاة تهيئة عوامل الانسجام بين مكونات المجتمع، وتخليق وتمتين مشتركات حيوية بين جميع مواطنيها، يغدو التعدُّد والتنوُّع المذهبي مصدر إثراء للشخصية اليمنية، ودليلاً على أنّ أفراد المجتمع يتمتّعون بمستويات عالية من الانفتاح الفكري والتسامح الديني.
[email protected]