صنعاء نيوز -
تطرق محلل الشؤون العسكرية في موقع ‘يديعوت أحرونوت’ على الإنترنت (YNET)، رون بن يشاي، أمس الأحد إلى قضية قرار الولايات المتحدة الأمريكية بإغلاق سفاراتها في أكثر من 15 دولة، من بينها في تل أبيب أيضا، وحذو عدد من الدول الأوروبية، حذوها، مشيرا إلى أن هذا الإغلاق يُشكّل يشكل انتصارا أكيدا من الناحية المعنوية والتوعوية لتنظيم القاعدة.
وكانت واشنطن قد أعلنت منذ يومين، عن قرارها بإغلاق 22 بعثة دبلوماسية حول العالم بسبب تهديدات من هجمات إرهابية محتملة، في مراحلها التخطيطية الأخيرة يعد لها تنظيم القاعدة.
وأصدرت تحذيرًا عالميًا بشأن السفر، محذّرة الأمريكيين من احتمال أن تشن القاعدة هجمات في الشرق الأوسط، وشمال إفريقيا. وكشف مسؤولون أمريكيون أنّ مخاوف الهجمات المحتملة لا تقتصر على أهداف أمريكية، فحسب، بل قد تستهدف منشآت غربية أخرى.
وتابع المحلل الإسرائيلي، صاحب الباع الطويل في المؤسسة الأمنيّة في تل أبيب قائلاً إنّه بعد تفجيرات الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) 2001 وبعد قتل السفير الأمريكيّ في ليبيا، فإن الإدارة الأمريكيّة ترفض وبشكل منهجي أن تأخذ على عاتقها مخاطر، وأنْ تُقامر في حياة رعاياها.
واعتبر بن يشاي أن التحذير الذي أصدرته الولايات المتحدة لرعاياها والقرار بإغلاق سفاراتها، يشكل في واقع الحال إنجازا كبيرا لمن أسماهم بالإرهابيين، وذلك بسبب رغبة إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، التصرف والعمل بشكل مضمون لتفادي هجمات وعمليات ضد أهداف ومواطنين أمريكيين في منطقة الشرق الأوسط. علاوة على ذلك، لفت المحلل إلى أن هذا الموقف والإنجاز يمنح للإرهابيين دون أن يحرك هؤلاء أنفسهم أو يقوموا بأي حركة تُعرّض عناصر تنظيمهم للخطر، ذلك أن مجرد إغلاق السفارات الأمريكية، من جهة، وتحذير المواطنين الأمريكيين من السفر لبلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هو بحد ذاته نصر يحرزه تنظيم القاعدة في وعي العالم برمته، على حد تعبيره.
وقال أيضا إن التحذير الأمريكي وإغلاق السفارات ناتج عن قيام المخابرات الأمريكيّة بإسقاط رسائل متبادلة بين قادة القاعدة، بالإضافة إلى ذلك، لفت إلى أن قائد التنظيم، أيمن الظواهري، نشر في أحد المواقع الجهاديّة مناشدة علنية لأفراد القاعدة يطلب فيها منهم توجيه الضربات العسكريّة ضدّ أهداف أمريكيّة، وذلك انتقامًا على عمليات الاغتيال الممركزة التي يقوم بها الجيش الأمريكي في أفغانستان، اليمن، وباكستان بواسطة الطائرات بدون طيار.
ورأى المحلل أن أمريكا وبريطانيا تُركّزان في هذه الفترة بالذات على تنظيم القاعدة في اليمن، ذلك أن المعلومات السرية التي حصلت عليها المخابرات الأمريكية تؤكد على أنّ فرع القاعدة في اليمن، هو الذي يُخطط لإخراج عمليات إرهابيّة ضد الأمريكيين والبريطانيين، ولكنّه مع ذلك، أضاف أنّه يُستشف من التقسيم الجغرافي للسفارات التي تمّ إغلاقها من قبل واشنطن والغرب بأنّ أمريكا تخشى تلقي الضربات من ثلاثة أمكنة: القاعدة في المغرب العربي، القاعدة في سوريّة والعراق، والتي تُشكّل أيضًا خطرًا على الدولة العبريّة، والثالث هو فرع القاعدة في شبه الجزيرة العربيّة، الذي يتخذ من اليمن مقرا له.
وتابع بن يشاي قائلاً إنّه من المرجّح أنْ تكون الخطوة الأمريكيّة ترتكز على التنصت لمكالمات هاتفيّة بين قادة التنظيم ورسائل بينهم عبر البريد، ولكنّ المشكلة تكمن، كما أكّد بن يشاي، في أنّ قادة القاعدة يتكلمون بينهم بلغة مُشفرة، الأمر الذي يجعل من مهمة المخابرات في تحليل المكالمات صعبة للغاية، كما أن اللغة التي يستعملونها غير مفهومة بالمرة، وذلك عن سبق الإصرار والترّصد،على حدّ قوله.
وكشف بن يشاي النقاب عن أنه بسبب صعوبة اللغة المستعملة والمشفرة فإنّ أجهزة المخابرات القويّة جدً، مثل الأمريكي، يرتكبون أخطاءً جسيمة عند تحليل المكالمات والرسائل، وبالتالي، فإنّ عدم فهم الرسائل التي التقطت، دفعت الولايات المتحدّة إلى اتخاذ القرار الجارف والقاضي بإغلاق السفارات الأمريكيّة، وتابع قائلاً إن هذا المشهد العبثيّ وغير المعقول، الذي بحسبه تريد إدارة أوباما أنْ تسير بأمن وآمان، يمنح من الناحية الأخرى للإرهابيين إنجازًا هائلاً جدًا، على حدّ تعبيره، وعمليًا، أضاف المحلل الإسرائيلي، فإن إغلاق السفارات وتحذير الأمريكيين من السفر إلى دول معينّة، هو نصر معنوي وتوعوي كامل لتنظيم القاعدة، على حد تعبيره.
ورأى المحلل أن تنظيم القاعدة يشهد في هذه الفترة بالذات تطورات إيجابيّة بعد أنْ تمكّن من استيعاب مقتل أسامة بن لادن، وذلك بسبب الانسحاب الأمريكيّ من العراق، والحرب الأهليّة الدائرة في سورية، والانسحاب المتوقّع من أفغانستان، هذه الأمور مجتمعة لم تمنح التنظيم دعمًَا معنويا فقط، بل فتحت أمام مناطق أخرى لكي يقوم بتنفيذ أعمال إرهابيّة فيها، وهذه المناطق تُشكّل حاضنة لأفراد التنظيم، وبالتالي فإنّ التنظيمات المحسوبة على القاعدة، باتت قويّة جدًا، وبإمكانها استرجاع قوتّها العملياتيّة، لتنفيذ الضربات العسكرية.
الموجعة التي تلقاها التنظيم من الجيش الأمريكي، الذي تمكن في الشهر الماضي من تصفية 15 قائدًا لتنظيم القاعدة، ثلاثة منهم في اليمن، كما أنّه رفض الاعتقاد السائد بأنّ التوقيت يرتبط بعيد ميلاد الرئيس الأمريكيّ أوياما.
ولفت بن يشاي إلى أن هذه هي ليست المرة الأولى التي يقوم بها تنظيم القاعدة بالتخطيط لاستهداف السفارات الأمريكيّة، ففي العام 1998 هاجم في كينيا وتنزانيا، وقام حينها الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، بهجوم صاروخيّ على معقل للقاعدة في أفغانستان، ولافت إلى أنّ إسقاط الرسائل من قبل المخابرات الأمريكيّة لم تكن لتحصل لولا المنظومات المتطورة التي تقوم بتشغيلها وكالة الأمن القوي (NSA)، والتي كشف عنها إدوارد سنودان، عميل (CIA) سابقًا. وفي نهاية تحليله تساءل بن يشاي وماذا مع إسرائيل، ورد بالقول، إنّ الدولة العبريّة في هذه القضية بالذات تتواجد على هامش الهوامش، وأكبر دليل على ذلك أن السلطات الإسرائيليّة ذات الصلة لم تتخذ إجراءات ولم تُصدر توصيات للإسرائيليين بعدم السفر إلى أماكن في العالم، وهذا يؤكّد، برأيه، على أنّ الأجهزة الأمنيّة في تل أبيب على قناعة تامّة بأن القاعدة لم تُخطط لاستهداف سفارات إسرائيل في العالم أو في إسرائيل، على حد قوله. |