صنعاء نيوز د/خالد عبدالله أحمد الثور -
البعض يقول أن المبادرة الخليجية أتت حرصاً من اشقائنا في الخليج وخاصة "العربية السعودية" على إنقاذ اليمن من الكارثة التي كادت تعصف بنا، البعض الأخر يؤكد أن المبادرة الخليجية أتت لحماية عملأ "العربية السعودية" في اليمن نتيجة مسلسل الصفقات التي عقدتها "العربية السعودية" منذ اندلاع ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الخالدة والرابع عشر من أكتوبر المجيدة مع بعض القوى الرجعية والقبلية والعسكرية، واخطر تلك الصفقات توقيع النظام السابق على إتفاقية الحدود الظالمة، والتي مثلت احد الأسباب الرئيسية للثورة عليه!.
لم يقترف رئيس النظام السابق خطيئة عدم احترام الدُستْور والقانون فحسب بل تجاوز كافة مؤسسات الدولة وإرادة الشعب اليمني الذي منحه الثقة بالتفريط في حقوق الشعب ووحدة أراضيه. ناهيك عن خيانة الأمانة واستلامه مبالغ نقدية، هو ومن شارك معه في هذا الفعل الإجرامي، وكذلك العهود التي حصل عليها من "العربية السعودية" بحمايته، ومساندته لإخضاع الشعب اليمني، ودعم مشروع التوريث لنجله!.
وجاءت ثورات الربيع العربي مدويةً، افقدت طغاة الإستبداد قدراتهم، واعمت بصيرتهم، وكشفت عيوبهم، وبددت تحالفاتهم، وبخرت احلامهم، واضاعت مشاريعهم، واسقطت عروشهم، ودكت غرورهم، وهوت بهم إلى متحف التاريخ!.
جعلوا اليمن أكثر تخلفاً، واضعف قدرةً، واشد فقراً، واجهل نظاماً، واسقط معارضةً!. رغم ذلك .. كشفت الأحداث حقيقة الوطن العربي المسلوب الإرادة، والمنهوب الثروات، والمتهم ظلماً بالإرهاب، والجميع يعلم أن الإرهابيون هم أولئك الحكام الطغاة الذين دمٌروا بلدانهم ونهبوا ثرواتها، وهزموا شعوبهم وتأمروا عليها، ورغم ما فعلوا لا يزالون وبإصرار وصلف غير مسبوق يدٌعون الوطنية ويمارسون الحياة السياسية، بل ويضعوا الشروط رغم فسادهم المشين، ويجدون من يحميهم على حساب شعوبهم!.
الكارثة أن "العربية السعودية" وراء الأهوال والمصائب التي عصفت باليمن خاصة، وبالوطن العربي عامة على مدار قرن من الزمان، ولا .. زالت. وليس أدل على ذلك ماتشهده بلدان الربيع العربي!.
تحت مظلة المبادرة الخليجية، تفرض العربية السعودية سيطرتها وتتجاهل حقوق اليمن في معاهدة الطائف، وتحاول تأكيد تورط النظام السابق بالتنازل عن أي حقوق لليمن وفقاً لإتفاقية جِده، ويخذلها ذكائها أنها بهذا الفعل تضع قيادات النظام السابق أمام المسألة، كما تعلن تورطها وتضع نفسها أيضاً تحت المسألة، وإلا بماذا تفسر للشعب اليمني والعالم حمايتها لقيادات أفسد نظام في تاريخ البشرية؟!.
قيادات الأحزاب المشاركة في حكومة الوفاق والمكونات السياسية المشاركة في مؤتمر الحوار لم يطلب أيٌ منها تفسير إتفاقية الحدود وحقوق الشعب اليمني في أرضه المنهوبة!.
هاهم المغتربون اليمانيون في المملكة العربية السعودية يتعرضون لأبشع عمليات التنكيل والإبتزاز والظلم، ولا يجِدون من ينجِدهم ويحمي حقوقهم!. "العربية السعودية" تستغل رعايتها للمبادرة الخليجية، ولا تتردد في استخدام المغتربين وسيلة للتخلص من اخرين لا علاقة لهم باليمن، عندما يجد المغتربون أنفسهم، دون أي مسوغ قانوني، مع مئات من جنسيات اخرى على معابر الحدود داخل الأراضي اليمنية، وتنشر القاعدة في اليمن، وللأسف .. الحكومة اليمنية لا تحرك ساكناً!.
يصاحب هذا تهريب منظم للأطفال والنساء وتجارة الأعضاء والمخدرات وما خفى أعظم من اليمن إلى السعودية والعكس!.
"العربية السعودية" لم تكتفِ بذلك، بل صاحب فعلها المشين هذا اقدامها الفاضح، وبالتواطؤ مع مسؤولين وتجار يمانيين (أسماً) على الحدود، بالتخلص من النفايات المختلفة وارسالها إلى اليمن. وفجاءة يظهر السماسرة والعملأ بزي الأبطال ويدٌعون زوراً بأنهم قد حققوا انتصاراً!.
كان اخر هذه الإنتصارات المزيفة والإجرامية ضبط شحنة لحوم منتهية الصلاحية على حد تعبيرهم خلال الأشهر الماضية، وبدلاً من معاقبة الجهة المستوردة أوالتاجر المستورد، وبدلاً من إعادة الشحنة إلى العربية السعودية والمطالبة بعدم السماح بتصدير هذه النفايات مستقبلاً، يفاجئنا هؤلا العملأ عديمي الضمير بخبر لبطولاتهم الكاذبة بأنهم قاموا بأحراق هذه الشحنة في معبر الحدود داخل الأراضي اليمنية، ضاربين عرض الحائط الدُسْتور والقانون، وما يمثل فِعلْهم هذا من مخاطر على البيئة والصحة العامة!.
ولعل الأستيراد العشوائي للسلع والمواد الغذائية السعودية والغير مطابق للمواصفات يمثل حالة استثنائية يعاقب عليها القانون، فما بالك عندما يكون هذا العمل جزء من عملية منظمة للتخلص من النفايات، ومن لا يصدق عليه أن يكتشف بنفسه ما يحويه السوق من سلع ومواد غذائية وألات وغيرها، ويتكرر المشهد ويتفاقم الفعل ولا حياة لمن تنادي؟!.
ها هي نيوزيلاندا تعتذر هذا الشهر لتصديرها كمية كبيرة من الحليب إلى الصين والسعودية تم اكتشاف عدم مطابقتها للمواصفات واحتوائها على مواد سامة. ما يعنينا هو إذا كان ضمير الحكومات قد تم شرائه وبيعه، هل هناك أفراد ومؤسسات، احزاب ومكونات سياسية، رجال اعمال ومؤسسات استثمارية، منظمات مجتمع مدني، في البلدين لا يزال لديهم ضمير يمنعون تصدير هذه الشحنة السامة إلى اليمن؟!.
أو ليس الشأن السياسي أشبه بهذه الأفعال الإجرامية؟. بأي حجة وأي منطق يقبل عاقل مبادرة يتم تعديلها وفقاً لرغبات طغاة ولصوص، مبادرة يخط بنودها مُفسِد مستبد، مبادرة يشترط تفعيلها مجرمون وقتله!. أليس ما يتم في مؤتمر الحوار الوطني الشامل من خطوات لتقسيم اليمن من خلال استخدام وحماية الذين تسببوا في تدميره بعقد صفقات مشبوهه؟. هل يحق لهؤلا بعد ما فسِدوا وأفسدوا أن يؤمٌنوا على مستقبل اليمن؟!. هل من العدل محاكمة الوحدة ورعاية وحماية من عمل على تدميرها؟. هل من العدل أن يعود للسلطة من تسبب في انهيار الدولة ونهب ثرواتها وقتل أبنائها وفرط في أراضيها؟!.
أيام وتنتهي جلسات مؤتمر الحوار الوطني الشامل وتُكتْشف حقائق جميع هؤلا!.