صنعاء نيوز /وديع العبسي -
الحقيقة أننا لا نزال ندس رؤوسنا في التراب.. نقصي إدراكنا ووعينا عن استيعاب معطيات واقعنا، ومواجهتها والتعاطي معها بإيجابية.
هكذا كنا وهكذا لا نزال، وهانحن اليوم نتحاشى مواجهة حقيقة أننا أمام مؤشرات في غير صالح التسوية، وإذا ما حذر أحدهم من إمكانية العودة إلى المربع الأول اتهموه بالبلطجة والقلقلة، فيما مؤشرات التشاؤم يعززها عودة العنف إلى السطح في كل البلدان التي شهدت انتفاضات التغيير، والسبب بكل بساطة أن النتائج اعطت الشعوب رسائل واضحة بأن خروجهم إلى الشارع بعد انتشار الفساد وتخلف اقتصاد الناس قد حقق غرض التغيير ولكن بإسقاط الحكام الشرعيين من كراسي الحكم فقط لا غير، ورغم قبول الناس بهذا التحريف لطموحهم على أمل أن الحكام الجدد سيأتون قبلا لخلق حالة من التوافق المجتمعي وتطبيع الحياة في ما بين المتصارعين والبدء معا في تغيير نمط حياة العوز التي كانوا يرزحون تحتها إذا بهم في مواجهة حقيقة صادمة وهي إنشغال الحكام الجدد بتسوية أوضاعهم وكيفية التخلص من (الفلول والبقايا) كشرط اولي للبدء في الإصلاح، وكان الأحرى بهم - اعني النافذون الجدد السيطرة على القرار- التخلص من هاجس الانتقام وتصفية الحسابات، وكسر حواجز الالتقاء مع الآخر بدلا من العزل والإقصاء وفي أحسن الأحوال التحجيم.
لهذا لم يكن مستغربا انفجار الوضع في مصر رغم الاعتراض على طريقة معالجة الوضع لأنها أعادت إنتاج ذات المشكلة في خلق الشقاق المجتمعي.
وكحال البداية حين كان حكامنا يستبعدون وصول انتفاضة الشعوب إلى مناطقهم يتكرر ذات التقليل من أهمية الأحداث والاعتقاد في لا إمكانية وصول هذا الرفض الشعبي لما سارت عليه الأمور والتسويات اليهم، لكنها بعد مصر وصلت تونس وبوادرها ايضا في ليبيا، أما لدينا فإننا رمينا بكل ثقل الاحتقان على مؤتمر الحوار المبجل، واجلنا النظر إلى حياة الناس واكتفينا بمخاطبتهم بالمواد الدستورية والقوانين التي من المفترض أنها ستنظم حياتنا في المستقبل، وهي على أهميتها لا تعني الناس الآن بشيء بقدر اهتمامهم باللحظة الراهنة ومعيشتهم فيها.
ثم وكأن معاناة الناس التي تسببت في خروجهم إلى الشوارع كانت تتمثل التشريع وليس في الفساد والتردي الاقتصادي، ونسينا أننا كنا دائما نتشدق بأن لدينا افضل القوانين وأفضل الدساتير وأن العيب هو في عدم التنفيذ فقط!!
[email protected]