صنعاء نيوز /بقلم – أميمه العبادلة -
موضوع يراود أفكاري منذ مدة، ويعبَثُ بها.. وأحاول جاهدة ردعه لكنه أقوى من أن يُردع ببساطة هكذا.. الأنكى أن كل دقيقة تمر يحدث فيها ما يزيده تأصيلاً في تُربة أفكاري يوماً بعد يوم..
ملخص الفكرة أنني فعلياً، وجمع مثلي، لا نصدق أبداً "الثرثرات العربية" الجماعية أو الفردية حول فكرة الكُرْهُ العربي لما يسمى بـ إسرائيل والإسرائيليين.. ولعل السبب في ذلك عائد على تراكمات لأفعال ومشاهدات متواترة منذ بدء تكون إدراكنا وحواسنا، وفي غالبها تتلخص في مانشتات لأخبار مختصرة من قبيل:
شجب واستنكار عربي لحرق الأقصى.. صمت عربي إزاء جرائم الاحتلال اليومية.. تمادي في بناء مستوطنات دون تدخل قوي رادع.. الفتوى بتحريم زيارة الأقصى لغير الفلسطينيين -حتى يتحرر من تلقاء ذاته-.. مباحثات سرية لزعماء عرب في تل أبيب.. هبوط طائرة مروحية لابنة زعيم عربي سراً في إسرائيل.. تطبيع اقتصادي مع إسرائيل.. تهديد إسرائيلي بأشرطة فضائح جنسية ووثائق بيع لأراض عربية نفذها زعماء ومسئولون عرب.. تورط فنانين عرب في قضايا جاسوسية لصالح إسرائيل.. شراء أمير عربي لـ فيلا في إسرائيل، أسهم إسرائيلية في شركات فنية وإعلامية عربية.. وهلمجرا، وجميعكم تتابعون مثلها وأكثر..
في الحقيقة إن الرفض العربي لإسرائيل، فعلياً، ليس موجوداً إلا في السينما المصرية.. وحتى هذه، والتي تأخذ دور ممرض متطوع في تضميد بدائي لجراح ملتهبة، ليست سوى وسيلة مثيرة لغرائز التعاطف لدى جمهور متعطش لحل خيالي وسريع.. فيربح بمفعولها شباك التذاكر أكثر..
أما على المستوى السياسي فلا شيء من ذلك سوى مباحثات، ومهاترات، وتنازلات من الجميع دون استثناء..
لست متحاملة، ولست متشائمة وليست هذه المشكلة الوحيدة فقط، بل المشكلة أن جيل الزعماء المتخاذلين والمخذولين في آن واحد أنتجوا لنا جيلاً فاشلاً مثلهم لا يعرفون من كرههم لإسرائيل سوى حمل اللافتات بملابسهم الأنيقة لتكون الصور الفوتوغرافية التذكارية بهية، وبعض هتافات تقليدية ترددها ألسنة كألسنة الببغاء سرعان ما تلتهي وتنتهي بانتهاء المشهد المعد بإتقان مسبقاً..
حسناً لن أجمعَ الكل في ذات البوتقة القاسية هذه، ولن أتهم الجميع بالفشل الذريع في إفراز كم الكره المرجو صوب عدونا الأول كعرب وكمسلمين.. سأستثني بأمانة من رحم ربي، وهم في غالب الأمر إما في السجون كأسرى لدى إسرائيل وفي غياهب الجب في الدول العربية.. أو في مشافي المجاذيب تحت إقامة جبرية..