صنعاء نيوز / بقلم عمر حيمري -
إن العلمانيين الجدد أفلسوا فكريا وعلميا وإيديولوجيا وأصابهم مرض باركنسون ( الخرف ) ، فلم يعودوا قادرين على التجديد والتنظير لعلمانيتهم ، التي أعلن الربيع العربي عن فشلها ، بل عن موتها . كما لم يعودوا قادرين على الحوار المتمدن الراقي ، ولا يملكون أصلا آدابه . يصعب عليهم أن يتقبلوا ويستوعبوا كون القرآن نزل ليحكم ويسوس وأن الإسلام عقيدة وشريعة ، نظام ومنهج كامل ، دين ودولة ، فلسفة شاملة للحياة والسياسة ، قانون واقتصاد ، دعوة واجتهاد وجهاد به تستقيم الحياة وتنظم شؤون المجتمعات ويعم الأمن ويسود العدل ، فتستقر البلاد . إن النشاط الدعوي الإيجابي للإسلاميين وللمؤسسات الإسلامية وانعكاسه على النتائج المشجعة والمفرحة ، التي أفرزتها صناديق الاقتراع الانتخابي ، حرك حقد العلمانيين الدفين ضد الإسلام ، وأوحى إليهم أن حاربوا الإسلام وأهله ، كما دفعهم إلى اللجوء إلى محاولة إقصاء الإسلام ، من كل مجالات الحياة وعلى رأسها طبعا السياسة ، فاعتمدوا إستراتيجية الكتابة والإعلام والدعاية والفن الماجن والسينيما الساقطة … تحت غطاء مجموعة من الأقنعة والستائر، بهدف إخفاء الأيادي الغربية الخفية ، التي توجههم وتمولهم ، وبهدف التستر على أهدافهم الرامية ، إلى التشويش والتشكيك والطعن في الثوابت الدينية والوطنية والتعريض بإمارة المؤمنين ومحاولة الإيقاع بينها وبين المواطنين المؤمنين الصادقين والمحبين لوطنهم وملكهم . هم لا يريدون الصدام المباشر مع المجتمع المسلم ، لأنهم يخشون غضبته ورد فعله ، الذي يعلمون أنه لن يرحمهم ، ولذلك فهم يفضلون التظاهر بالحياد العلمي والتفكير المنطقي والعقلي الموضوعي ، بل التظاهر بما أطلقوا عليه : الإسلام المتسامح ، الحر ، المستنير، المتقدم والاشتراكي ، وللتمويه والمخادعة رفعوا شعار الإسلام المشترك بين المواطنين ، على اختلاف اعتقادهم ومذاهبهم ، وهم الذين يشركون بالله ولا يؤمنون برسالات رسله ولا باليوم الآخر . هذا الأسلوب الحربائي في تصورهم ، هو الأسلوب الناجح في إسقاط وإفشال الطرح الإسلامي ومشروعه ، وهو القادر على مواجهة النموذج الإسلامي والطعن في مصادره وتمييع منطلقات الأمة ومسلماتها . إن أسلوب الوعد الكاذب والاتهام الباطل والمكر والمخادعة والتطبيع والتبليس ، الذي يعتمدونه في مواجهة العلماء المسلمين والرد على الفكر الإسلامي المتأصل والتشكيك في الثوابت العقدية والنصوص القرآنية . هو من وحي رائدهم إبليس . الذي جربه مع أبينا آدم عليه السلام فتحقق له المراد والمبتغى ، ولقد سجله لنا ربنا ليكون لنا عبرة وليوجهنا ويعصمنا وينبهنا ويحذرنا من كيد الشيطان وكذبه ووسوسته ، حتى لا نسقط في المعصية والفساد ونشترك معهم في عالم النار والظلام والعذاب وما يحبذه الشيطان . فقال سبحانه وتعالى { ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما وري عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما من الناصحين فدلهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلك الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين } ( الأعراف 19-22) . إن العلمانيين الجدد استوعبوا الدرس جيدا ، من نتائج الربيع العربي المتمثلة في صعود التيار الإسلامي ، وإقبال الشعب على الإسلام باعتباره الحل لمشاكله وأزماته المختلفة ، فراحوا يبحثون عن استراتيجية تمكنهم من مواجهة التيار الإسلامي الواعد بجرف العلمانية وقبرها إلى الأبد ، فاهتدوا إلى ما اهتدى إليه قبلهم ملهمهم ابن سلول فلبسوا أثوابا من النفاق وألوانا من الأقنعة ، أولها وأخطرها ادعاؤهم بأن الإسلام دين مشترك بين العلماني والمسلم، ومن ثم فهم يصلون أحيانا الجمعة والأعياد والتراويح ويضحون بكبش العيد ويؤدي بعضهم فريضة الحج والعمرة وإن كانوا لا يزكون ويعتبرون الصدقة جريمة حسب منطقهم الفاسد ، الذي لا يستقيم . لأنها كما كانوا يعلموننا بالثانوية تؤخر ثورة الشعب وانتفاضاته على النظام . يفعلون كل هذا وذلك نفاقا للتضليل والخداع ولمحاربة الدين بالدين . ليس في نظرهم الحق ، لأحد أن يجرد أي مغربي مهما كان طعانا في الثوابت الدينية من الانتماء إلى الإسلام وقد طالب أحد العلمانيين بخطبة الجمعة وإمامة المسلمين كمطلب ديمقراطي من حق أي مواطن ، مهما كان انتماؤه السياسي ، أو قناعته الدينية ومهما كانت الشعارات ، التي يرفعها ويؤمن بها متعارضة مع المبادئ الإسلامية . كما طالب بتجريد المسجد من رسالته الأساسية ، ألا وهي خطبة الجمعة بحجة الحياد . ومن أقنعتهم المضللة ، التشكيك مع التأويل للنصوص القطعية من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ، بما يتفق مع هواهم ، قصد زعزعة عقيدة المسلم ، وكذا الطعن في الأحكام الفقهية ، لتقليل الثقة فيها وفي الشريعة بصفة عامة . ومن أمثلة ذلك اتهام الرسول صلى الله عليه وسلم بالإرهاب انطلاقا من رسائله الدعوية للحكام وملوك عصره ، ونفي العصمة عن الأنبياء والرسل، مع العلم أن الله سبحانه أمرنا بالأخذ دون تردد عن الرسول فقال : { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب } ( سورة الحشر آية 7 ) وقال : [ من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا ] ( سورة النساء آية 80 ) . ولو كان صلى الله عليه وسلم ، غير معصوم أو معرض للخطيئة ، لما أمرنا وألزمنا ربنا سبحانه وتعالى باتباعه والاقتداء به في ديننا ودنيانا على السواء . وإلا كان الله سبحانه وتعالى منطقيا هو نفسه غير معصوم ومعرض للخطأ ، كما هو الأمر بالنسبة لإله بني إسرائيل ، الذين أجازوا في حقه الخطأ وعدم العصمة والندم على فعله والأمر بالسرقة والتعصب .. . ( تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ) . أما ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم من مثل [ أنتم أعلم بأمور دنياكم ] ( الحديث المروي عن عائشة وعن ثابت ورواه مسلم عن أنس ، فقد ركبه العلمانيون الملحدون ليلبسوا الحق بالباطل ولينفوا العصمة عن الرسول صلى الله عليه وسلم . وإن كان المقصود بالحديث الشريف في تقديري والله أعلم ، التشريع لإباحة الاجتهاد لكل فرد وما يتناسب مع تخصصه وعلمه التقني ، بغض النظر عن عقيدته أو انتمائه القبلي ، أو السياسي ، وتعليم الناس بطريقة عملية تطبيقية ، أن العلوم التقنية ليست حكرا على أحد ولا خاصة بعقيدة معينة . على غرار التشريع لإباحة الزواج من طليقة الابن بالتبني في قوله تعالى : ) : [ وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المومنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا ] ( سورة الأحزاب آية 37 )…. ومن كفرهم ونفاقهم إباحة الجنس خارج العلاقات الشرعية ، بدعوى الحرية الجسدية ، وإباحة القمار واليانصيب واللوطو وألعاب الحظ الأخرى ، بحجة كونها مورد رزق للعديد من الأسر ، غاضين الطرف عن ما يسببه القمار من تدمير للقدرة الشرائية للأسر والعائلات وتشريد الأطفال أو إهمالهم في أحسن الأحوال . أضف إلى ذلك تدمير الاقتصاد الوطني، ولتعايش آفات القمار وتحياها عن قرب أنظر البرنامج الهادف ( قصة الناس : ألعاب القمار حطمت حياتي مدي 1تي في بتاريخ 632013 ) . والدعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام ، وتحريم تعدد الزوجات ، في مقابل تشجيع الزنا والانصراف إلى الخليلات وشرب الخمر باعتباره مشروب روحي حسب تعبيرهم ، كما شجعوا على ظاهرة المهرجانات الماجنة والخليعة باسم الفن وعرضوا النساء للاختلاط والعري باسم الأناقة والجمال والموضة والحرية الشخصية والتحرر من العقد النفسية والديمقراطية إلى درجة إقناعهن بالتظاهر عاريات إلا من الديباردور ، أو نشر صورهن على الأنترنيت ومواقع الفيس بوك وهن عاريات تماما ، كما فعلت علياء المهدي المصرية والتونسية أمينة تيلر وسهلوا الزواج المثلي مع تمكينهم من تبني الأطفال اليتامى أو المتخلى عنهم ، وتبادل الزوجات عن طريق تبادل مفاتح السيارات والفيلات ، وشجعوا على استعمال العازل الطبي ووزعوا كنينة الهلال بالمجان .( موانع الحمل ) وأنشأوا جمعيات لحماية الأم العازبة ورعايتها تشجيعا لظاهرة الزنا كل ذلك باسم التخلص من الكبت والعقد النفسية والغيرة باعتبارها مرض نفسي . ومن أقنعة العلمانية وعباءاتهم المتعددة الألوان والأكثر تمويها وإخفاء للحقيقة وخداعا للناس حتى يصرفهم عن دينهم إن استطاعوا ، ما يسمونه بالمجتمع المدني ، لأن هذا المصطلح يجد قبولا عند الناس ويسهل إقناعهم به ، لأنه يوحي لهم بالتخلص من حكم العسكر المتسلط ، الذي عانوا منه ردحا من الزمن وكذا بحرية الرأي والتعبير والديمقراطية …. ومن أقنعتهم ومكرهم كذلك تشويه سمعة رجال الدين وعلى رأسهم الفقهاء ورميهم بكل نقيصة ، بهتانا و كذبا وزيرا لينفروا الناس منهم وليحاصرهم من كل الجهات وفي كل الأمكنة ، لأنهم يمثلون ضمير الأمة ، ولابد من هدم هذا الضمير لإبعاد الناس وصرفهم عن دينهم وتعميق الهوة بينهم وبين علمائهم وفقهائهم الذين وهبوا أنفسهم لحماية الدين والبلاد والعباد . كما أطلقوا أبواق دعايتهم على حكومة الإسلاميين ليشككوا في مقدرتها على الإصلاح وليوهموا الناس بأن الإسلام ليس هو الحل ، وهم الذين يعرقلون وعرقلوا كل خطوة من خطوات الإصلاح وهم الذين ظلوا يتدخلوا لمصلحة الفساد والمفسدين عوض التدخل لمصلحة القانون وعدم عرقلة محاربة الفساد … أقنعتهم كثيرة ، وكيدهم أكبر، ومخططاتهم الماكرة الجهنمية لا تعد ولا تحصى . لكن يجب أن لا نخاف من العلمانيين وعلينا أن نقاومهم ونفضح خداعهم ، لأن ذلك فرض عين علينا ومجابهتهم واجبة ، وتقوانا وصبرنا على مجابهتهم ضروري . وصدق الله العظيم إذ يقول : [ إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا ] ( سورة آل عمران آية 120 ) بقلم عمر حيمري |