صنعاء نيوز /بقلم:المحرر السياسي محمد صالح الشاعري -
يمكن لأي مراقب جنوبي ان يعتبر البيان الصادر عن الحكومة اليمنية يوم الأربعاء 20أغسطس الجاري ، وطرق التذاكي في صياغته والتلاعب والحرفنة الخبيثة بعباراته ، أنه اعتذارٌ مجرد من النوايا الصادقة حول قضية الجنوب بالرغم مما تعلنه الحكومة اليمنية . فقبل الخوض في الحديث عن مدى جدية هذه الحكومة وصدق نيتها بالتعاطي مع هذا البيان(الاعتذار) وقبل التعرض لتوقيت هذا الاعتذار والمغزى منه بهذا الوقت بالذات يجب ان نقر ان ثمة محاولة لاستمالة بعض الاطراف السياسية الجنوبية من خلال ذلك والتأثير على مسار الحوار شكلياً وسيكولوجيا دون المس بجوهر قضية الجنوب .
ولهذا يجب قراءة الاعتذار ذلك من زوايا سياسية- قانونية فقط بهدف المطالبة باسترداد كافة الحقوق السياسية لدولة الجنوب التي تم مصادرتها بناء على نتائج تلك الحرب وأول الحقوق تعني تمكين شعب الجنوب من استعادة دولته باعتبار ان تلك الحرب قد أنهت الوحدة القائمة على الشراكة .
وماعدا ذلك فان هذا الاعتذار يأتي كما اسلفنا في اطار مساعي شركاء الحكم في صنعاء للظهور بوجه آخر يمهد لتسويق مشاريع حلول القضية الجنوبية التي اختصروها بالنقاط العشرين والفدراليات الخمس . ومن زاوية أخرى وبغض النظر عن ملابسات صدوره وبغض النظر عن ان القوى التي شنت الحرب على الجنوب ونهبته وكفرته هي ذاتها التي لاتزال تحكم وتعتذر اليوم , فانه - أي الاعتذار- من ، دون شك إدانة صريحة للقوى الغازية على الجنوب وينسف كل المزاعم التي تسلحت بها قبل وأثناء وبعد الحرب, وبراءة واضحة - حتى وان لم يكن الجنوب بحاجة لها- لكل التهم والافتراءات التي سيقت ضد الجنوب وشعبه بما في ذلك الحزب الاشتراكي وقيادته في ذلك الوقت .
نعلم جيدا ان هذا الاعتذار لن يكون له خطوات لاحقة وجادة لاحترام حق الجنوب في تحقيق مصيره وذلك لسبب بسيط وواضح وهو ان من اطلقه هي ذات الجهة التي تمثل شركاء الحرب والنهب والتكفير, وهي ذاتها التي لا تزال تمارس وتوغل بذات الخطأ الذي اعتذرت عنه وهذا الاعتقاد لا يحتاج إلى ذكاء فيكفي التوقف عند عبارات ومفردات هذا الاعتذار التي تحتوي في بعضها على لغة ناعمة للتهديد والوعيد المبطن لنفهم ان النوايا ليست صادقة البتة ، هي من أعدته وهي من ستمسخه
لاشك اذن ان صنعاء ستعتبر هذا الاعتذار تنازلا كبيرا من قبلها وستسعى الى مطالبة الجنوبيين بالثمن لقاء ذلك, وهذا ما يجب ان يتنبه له الجنوبيون بكل أطيافهم ومواقعهم. فهذا الاعتذار لا يجب ان ينظر اليه على انه عمل أخلاقي لسمو النفوس وصفاء القلوب ..
بل هو مجرد امتصاص غضب لتسويق مشاريع محددة للالتفاف على قضية الجنوب في استرداد دولته
- وتوقيت هذا الاعتذار لا يمكن فهمه خارج قراءة الوضع المتداعي الذي تعيشه سلطات الحكم بصنعاء ويترنح معه حوارها الوطني هناك والضغوطات التي يمارسها المحاور الجنوبي بالموفنبيك حتى وان نظر البعض إلى تلك الضغوطات والتهديدات على إنها تكتيكية ربما وغير جادة ونهائية ليس اكثر .. إلا ان صنعاء تأخذها على محمل الجد وتخشى من حشرها في الزاوية من جنوبيين اعتبرتهم تحت معطفها خصوصا مع بدء العد التنازلي لزمن مدة الحوار الذي شارف على الانتهاء دون ان تلوح بالأفق اية بوادر لحل أية قضية من قضاياه الرئيسة ، وفي طليعة تلك القضايا القضية الجنوبية . هذا فضلا عن اقتراب نهاية الفترة الانتقالية لحكام ما بعد المبادرة الخليجية واحتدام الخلافات الاستباقية بينهم على كرسي الرئاسة مع عدم الدعم الكافي لتمديد المرحلة الانتقالية وما يقتضي من اجراء التمديد للرئيس لهادي .
بالمجمل نقول ان ما يهم الجنوب من هذا الاعتذار هو توظيفه التوظيف الصحيح وألا تفوت القيادة الجنوبية التأكيد على ان أي اعتذار لا يأتي في سياق تمكين شعب الجنوب في تحقيق أهدافه واستعادة حقوقه يصبح اعتذار للترويج السياسي لمشاريع مراكز القوى في صنعاء لإجهاض ثورة الجنوب واحتواء اهدافها الحقيقية . |