صنعاء نيوز /فكري قاسم -
بضربة حظ وجدتني -صيف العام1998م- أتجول-فجأة- في شوارع مدينة الإسكندرية الفاتنة، وأقول للرايح وللجاي "إزيَّكْ". ويستقبلني الجميع بعبارة "أهلاً يابيه" و"اتفضل ياباشا"بعد أن كانت أذني قد اعتادت لدهر سماع: "وخِّر يا جني" و"اطلع يا هيلوكس".
وكنت أيامها لم أزل خريجا طريا من كلية الإعلام (جامعة صنعاء) يعني من شارع الدائري حيث "زنقة" الظهيرة وأنت تبحث عن (رقبة) تقرحها لزوم الغداء والقات.. إلى"زنقة السِّتات" في ميدان منشية البكري في الإسكندرية، حيث الزحام هناك منعش، وعيونك تجلس طول الوقت "مبهررة" في أرداف الجميلات والقبيحات والعجائز معا.
في الإسكندرية -عموما- صادقتُ شباباً كثُر، سألني أحدهم مرة:
_ أنت جاي سياحة؟ (أجبته بحزم) لا. وأردف يسأل:
_ أكيد جاي تتعالج؟ أو جاي للدراسة؟ (أجبته بنفس الحزم) لا. وكمن وجد في وجهي الشاحط أيامها ملامح أبهة مخبأة، راح يسألني بلطف جَم:
_ أكيد جاي للاستثمار في البلد، صح؟
وأقسم بالله، ولولا الملامة –فقط- لكنتُ "غَوَّرتُ" لحظتها ملان الشارع، خصوصا وأنني منذُ خمس ساعات جالس في المقهى مرزوع في انتظار متى يطل قريبي الذي استضافني في الإسكندرية متى يأتي ليدفع حساب البوفية واخلص، قال تستمثر قال؟!
في الإسكندرية مكثت قرابة "50" يوماً أزاحت "الذَحَلْ" من وجهي تماماً، وأصبح عندي أصدقاء غير مهيوب وفارع وبجَّاش وهزاع وعُبده ومدهش (أسرد أسماءهم، كما لو أنني في برنامج ما يطلبه المستمعون من إذاعة تعز) ولأول مرة في حياتي أشعر بمتعة الهتاف وأنا أنادي "هيثم" و"رمضان" و"رفعت" و"مدحت" والأهم منهم جميعا، حين كنت أنادي ابنة الجيران: أزيك يا رباب.. يااااوه والطعم. رباب –بالمناسبة- مسيحية في منتهى الأناقة، وأنا مسلم في منتهى "البهررهة". ويوميا كنت أفتح شباك البلكونة المطلة على بيتها وأناديها -بهدف أو بلا هدف- المهم أناديها قرابة 40 مرة في اليوم الواحد. كان الهتاف باسمها ممتعا، خصوصا وأنني فيما كنت إلى ما قبل ذلك –وأنا في اليمن- البلد المزرور على الآخر، لا أستطيع مناداة أُمي نفسها باسمها الحقيقي، خشية أن يعرف أحد اسمها ويتسبب ذلك في زيادة توسع طبقة الأوزون مثلا ! (.................... يتبع غدا)
[email protected]