صنعاء نيوز - مليارا ريال أنفقت باسم المخربين.. و500 مليون دولار اعتمدت لذات الغرض
الحراك السبئي يتهم الحكومة بإثراء المخربين وقصف منازل المواطنين
براقش نت .. حميد دبوان- رصد ميداني عبد الوهاب نمران ومحمد الشريف
فجر مسلحون قبليون في محافظة مأرب أمس أنبوب النفط لترتفع حصيلة الهجمات التي تعرض لها الأنبوب الذي ينقل النفط من حقول صافر عبر محافظة صنعاء وصولا إلى ميناء رأس عيسى في البحر الأحمر إلى 24 عملية و25 محاولة منذ مطلع العام الجاري، وسط ترقب محلي للمبلغ الذي قد تعلن الحكومة هذه المرة إنفاقه باسم حماية الأنبوب بعدما أنفقت أواخر العام الماضي أكثر من ملياري ريال لذات الغرض. المسلحون ينتمون إلى قبيلة آل حتس "عيال سعيد" ومطالبهم لا تتجاوز صرف مرتبات قرابة 35 موظفا سبق للحكومة وأن استكملت إجراءات توظيفهم بغية حماية أنبوب النفط الذي يمر عبر مناطق حباب بمديرية صرواح مروراً بوادي عبيدة حيث تتركز قبائل آل شبوان ومن بعدها قبائل الدماشقة وآل طعيمان وانشر ومن ثم قبائل بدبدة وصولا إلى حدود صنعاء. وهذه القبائل رغم الصراعات القبلية التي تعصف بها إلا أنها وجدت من الأنبوب الذي ينقل قرابة 300 ألف برميل من النفط الخام يوميا هدفا سهلا لتنفيذ المطالب التي تتلكأ الحكومة في تنفيذها حتى إشعار التفجير. نفذت قبائل آل طعيمان في منطقة جهم قرابة 4 تفجيرات هذا العام ومثلها قبيلة آل حتس وقبائل الدماشقة وآل شبوان وآل هاديان، في حين نفذت قبائل آل هذال 3 تفجيرات وعددا من المحاولات، وتوزعت بقية التفجيرات ومحاولات التفجير بين قبائل آل كريان وقبائل انشر وجميعها باتت تتنافس على تسجيل رقم قياسي في "ماراثون التفجير هذا"، خصوصا في ظل الإغراءات المالية التي تقدمها الحكومة للقبائل لتوقيف مسلسل التفجيرات كحل مؤقت، ينشط مع رغبة الحكومة في ممارسة "الابتزاز السياسي وإنفاق مبالغ مالية جديدة"، كما يرى مراقبون.
++++++++++++ مكافآت مالية بعد التفجير
آل كريان التي نفذت قرابة 3 تفجيرات هذا العام، اتهم شيخها مرزوق بن كريان وزارة الكهرباء ومحافظ مأرب بالوقوف وراء تلك التفجيرات، مشيرا إلى أن المسئولين الحكوميين وعدوا بتوظيف قرابة 35 من أبناء القبيلة واستكملوا إجراءات التوظيف لكنهم رفضوا صرف المرتبات، مما دفع بالقبيلة -التي يمر الأنبوب من أراضيها- إلى تفجيره لإشعار الحكومة بالاتفاق. يضيف بن كريان لـ"اليمن اليوم": "تعهدت لنا الحكومة بدفع قيمة شحنة الأسلحة التي صادرتها قبل أشهر لكنها لم تنفذ، بذلنا ما في وسعنا للبحث عن حلول سلمية لكنهم أجبرونا على التفجير"، ويشير بن كريان إلى أن مطالبهم تلقى تجاوبا من قبل كل المسئولين الحكوميين بعد التفجير بساعات: "نتلقى اتصالات من وزراء، والمحافظ يحثنا فيها على ضبط النفس والسماح للفرق بإصلاح الأضرار وكذا دفع مبالغ مالية رمزية لشيوخ القبيلة لكن ما إن ينتهي الإصلاح حتى تتلاشى مطالبنا من عقولهم".
بالنسبة لقبائل آل شبوان فإن كل مطالبها منذ مطلع العام لا تتجاوز إعادة عدد من أبنائها الذين فصلوا "بشكل تعسفي" إلى الخدمة في إحدى الشركات النفطية وصرف مستحقاتهم الموقوفة منذ العام 2011، كما هي حال كلفوت الذي يبحث عن من أسماهم في تصريح "قتلة ابنه وابن أخيه"، متهما الحكومة بالإخلال بالصلح الذي تبناه البرلمان في وقت سابق وقضى بدفع 100 مليون ريال: "الحكومة احتالت علينا ولم تصرف سوى 17 مليونا فقط". يتساءل كلفوت: "هل علينا الاستمرار في التفجير حتى تنفيذ المطالب؟".
الأمر مختلف بالنسبة لقبائل آل نمرة التي ترابط على بعد بضعة كيلو مترات من المحطة الغازية ولا تزال تعيش في الظلام، وقال أحد شيوخ قبائلها لـ"اليمن اليوم" إنه سبق لهم وأن طالبوا الحكومة بتوصيل خدمات المياه والكهرباء وتلقوا وعوداً لم تنفذ: "تتعامل معنا الحكومة وكأننا لسنا متضررين من خطوط الضغط العالي وأنابيب النفط لذا هل علينا أن نفجر حتى تنفذ مطالبنا".
++++سياسة إهدار ثروة
بالنسبة لشركة صافر فإن الخسائر اليومية جراء التفجيرات التي تستهدف أنبوب النفط تقدر بمائة ألف برميل يوميا وبما يجعل حصيلة توقف ضخ النفط عبر الأنبوب -وفقا لبيان أصدرته منتصف هذا العام- تتجاوز خسارة 310 ملايين دولار يوميا. لكن بالنسبة للحكومة فإن الخسارة كما تبدو في توقف مسلسل التفجيرات، فهي بذلك سجلت على الأقل نهاية العام المنصرم مبلغ ملياري ريال باسم شراء رضى شيوخ قبائل مديرية صرواح فقط. تلك المبالغ سلمها لشخصيات اجتماعية قائد المنطقة العسكرية الوسطى حينها في مأرب محمد علي المقدشي على نقله إلى قيادة المنطقة السابعة. بينما أعلنت الحكومة في بيانها المالي لموازنة العام 2013 عن تكبد اليمن لخسائر تصل إلى 500 مليون دولار خلال العام 2012 جراء تفجيرات أنبوب النفط، مشيرة إلى أن المعدل اليومي للخسائر يتجاوز الـ15 مليون دولار، ناهيك عن إعلانها عن إهدار مليار دولار من الربح في العام 2012. ومع ما تمر به اليمن من أزمة سياسية وغياب المؤسسات التشريعية الكفيلة بمراقبة ما يصفها مراقبون بـ"سياسة إهدار ثروة" وإيجاد تحقيقات شفافة فقد أوجدت تفجيرات الأنبوب مبررا للحكومة لإثراء الفساد واتساع رقعته بحيث احتلت اليمن المرتبة الثالثة عالميا، وفقا لتقرير منظمة الشفافية الدولية الذي أعلنته في يوليو من العام الجاري.
++++++++++++++++ علاقة مضطردة بين المخربين والحكومة
أثارت المبالغ الضخمة التي تعلن الحكومة عن إنفاقها لوقف التفجيرات المتكررة لأنبوب النفط استياء واسعا في مأرب وبدأت أصوات معارضة لسياسة الإنفاق التي عمقت الفساد باسم أبناء المحافظة، كما يقول أحد قيادات الحراك السبئي. يشير محمد ميقان في تصريح لـ"اليمن اليوم" إلى أن ثمة توجها حكوميا لإضعاف الأمن في مأرب، معتبرا التعويضات التي تدفعها الحكومة "للمخربين" الدينامو المحرك لتنامي ظاهرة استهداف أنبوب النفط "الحكومة تتحاشى إيجاد حل نهائي لمطالب الناس وكل ما يتم عبارة عن دفع مبالغ مالية لإخماد غضب القبائل مؤقتا". وأكد ميقان استعداد قبائل مأرب لحراسة أنبوب النفط مقابل مطالب زهيدة مقارنة بما تعلن الحكومة عن إنفاقه "لكن الحكومة تنظر لهذا العرض من زاوية ماذا سنكسب لو توقف التفجير". يضيف: "نحن نتساءل عن أسباب الأمان الذي ينعم به كل من فجروا الأنبوب وهم يتجولون بكل حرية في شوارع المدينة، في وقت تقصف فيه الطائرات منازل المواطنين الأبرياء"، الحكومة تغذي الصراع القبلي للتمويه على رئيس الجمهورية وتغطية المبالغ التي تنفقها باسم حماية الأنبوب"، موضحا: "ثمة كما يبدو علاقة بين مسئولين حكوميين ومخربين". بنظر ميقان تكمن حلول إيقاف التفجيرات في تلبية مطالب الناس والتعامل معها بجدية: "حقوق الناس مهدورة والحكومة تكافئ المخربين"، مشيرا إلى أن أبناء مأرب وحدهم من يدفعون الثمن: "ندفع ثمن التخريب وثمن التلوث ناهيك عن القصف العشوائي الذي يطال منازلهم في أحيان كثيرة".
+++++++++++ تواطؤ عسكري وأمني
يعتبر مسعود اليوسفي -أحد الشخصيات الاجتماعية في المحافظة- التخريب مدعوما بتواطؤ أمني وعسكري، مشيرا إلى أن اجتماعات عدة عقدت في المحافظة وضمت شيوخ قبائل وشخصيات اجتماعية هدفت للحد من أعمال التخريب، لكن انعدام هيبة الدولة واستمرار تراخيها وفرضها لواقع جديد يتمثل بشراء ولاءات القبائل بغية مصالح حزبية ضيقة مستقبلا كان السبب في عدم التوصل إلى حلول. يضيف نائب رئيس فرع المؤتمر الشعبي العام في المحافظة لـ"اليمن اليوم": "هناك تقصير في تعقب الجناة والمبالغ المالية التي تدفع للمخربين تنشط التفجيرات".
تقارير أمنية اطلعت عليها الصحيفة كشفت عن أن من تم تسجيل أسمائهم كمتهمين في تفجير أنبوب النفط منذ مطلع العام الجاري لم يتجاوزوا الـ50 شخصا في حين تم تسجيل عمليات تفجير أخرى تم حلها وديا ضد مجهول. وتشير التقارير إلى أن وزارة الداخلية لم تعتقل آيا من المتهمين .كما لم تحل ملف أي متهم إلى النيابة، سبق وأن صرح بذلك وزير الكهرباء.
*نقلا عن صحيفة اليمن اليوم |