صنعاء نيوز / حسين محمد ناصر -
- إلى -
كان الجو باردا في طرابلس وكان الجميع مشغولا باجراءات التوقيع على بيان ختامي عقب محادثات الرئيسين سالم ربيع علي (سالمين) والقاضي عبدالرحمن الارياني، وكان الشهيد إبراهيم الحمدي أحد مرافقي وفد الشطر الشمالي إلى ليبيا.
التفت الحمدي إلى سالمين وراه متأثرا من البرد فقام بخلع قميصه (الاوفركوت) واتجه إلى حيث كان يجلس صديقه سالمين واقسم عليه ان يرتديه حماية له من ذلك البرد!!
قام الحمدي بهذا الفعل الذي اثار تقدير جميع الحاضرين في القاعة دون أن يعرف أحد أنه مصاب بالتهاب اللوزتين وأنه سيغادر عقب التوقيع ليبيا متجها إلى ايطاليا للعلاج!!
إنه الإيثار وعمق العلاقة الوطيدة التي جمعت اثنين من زعماء اليمن لم تزل مكانتهما الكبيرة وأدوارهما مغروسة في وجدان الشعب قاطبة ويتذكرهما المواطن البسيط والكادح الفقير والجندي والطالب بفخر واعتزاز، وهناك من يشعر منهم أنه قد ملك الدنيا لمجرد أن يده صافحت أحد هذين الزعيمين في يوم من الأيام.
ولأن صداقتهما قديمة ويعرفان بعضهما من قبل أن يتحمل كل منهما مسؤولية القيادة ويصبح الرجل الأول في الشطر الذي يحكمه، فقد كان مجيئهما إلى رأس السلطة بداية عهد أمن واستقرار وتطور في حياة الوطن ومواطنيه. كان العهد الممتد من 69-78م بالنسبة للجنوب والعهد الذي جاء فيه الحمدي في الشمال حتى يوم اغتياله المشؤوم في 11 أكتوبر 77م مليئاً بالثقة وعوامل الاستقرار والعلاقات الحميمة بين الشطرين ورئيسيهما، وعزز من هذا التفاهم التربية النفسية والثورية للزعيمين وصدق التوجه لبناء اليمن الجديد الخالي من الاستغلال والفساد والجهل والتخلف حيث كانت هذه الظواهر السلبية في طليعة نقاط اجتماعات عديدة جمعت بين الرجلين في صنعاء وتعز وقعطبة وكوالالمبور والرباط، وكان تفكيرهما منصباً على كيفية الخروج من هذه الأوضاع التي تعيشها اليمن؟! وكيف يستطيعان أن يخرجاها من دائرة العصيد والكدر والبسباس على حد تعبير سالمين إلى مدار أبعد.. ويجعلا المواطن يأكل أكلا عرفه المواطن في الخارج قبل مائة عام!!
هكذا قال سالمين لأخيه الحمدي في أحد لقاءاتهما مضيفا أنه في مؤتمر قمة الرباط كان يبحث عقب كل استراحة عن أخيه الحمدي وكان الأخير يبحث عنه.
وعلل سبب ذلك إلى أن الملوك والرؤساء يتحدثون في جلساتهم عن آلاف الملايين بينما كنا نعض أصابعنا أنا والحمدي!!
هناك الكثير من تفاصيل علاقة الرئيسين الحميمة تقدم لهذا الجيل لأول مرة وستنشرها الصحيفة لاحقاً، تطرقت إلى بداية معرفة الزعيمين كل بالآخر وكيف لجأ سالمين إلى الشطر الشمالي ليسكن متخفياً في منزل آل الحمدي.. وكيف تلقى عبدالله الحمدي أمراً من صنعاء للقبض على صديق ربيع وكيف طلب منه الهرب إلى التربة بعد أن اتهمته صنعاء بالمشاركة في أحداث أغسطس وماذا قال وكتب الزميل سالم الحاج السكرتير الصحفي لسالمين عقب اغتيال إبراهيم الحمدي متطرقاً إلى أدق تفاصيل لقاءات الرئيسين وتأثر الحمدي ببعض الإجراءات التي تمت في عدن وإرساله لوزير التجارة الجباري إلى عدن للاستفادة من تجربة التجارة والتموين ومراكز البيع المنتشرة في عدن.
وفي ذاكرة الزميل سالم نغوص لنستخرج الكثير من الأسرار والأحداث التي تمت في عهدهما ونرى إلى أي مدى كانت علاقتهما قوية وعميقة الثقة والجذور؟!
كان الحمدي بطلاً شعبياً وهكذا كان سالمين .. كان سالمين رجلاًًً بسيطاً ومتواضعاً وهكذا كان الحمدي . كان الحمدي وسالمين رجلين استثنائيين عاشت اليمن في ظلهما بأمان واستقرار وانتعاش اقتصادي وبداية مسار ديمقراطي بدأ بانتخابات مجالس الشعب المحلية في الجنوب ولجان التصحيح في الشمال.
لقد كانا مشروعاً لحماية السيادة الوطنية وترسيخ الولاء والحب لليمن وتغليب مصالحها فوق كل المصالح.