د.محمد احمد جميعان -
رسائل متتالية وصلتني تحضني الكتابة في الشأن المحلي وممارسات الحكومة خصوصا،وتسألني لماذا لا اكتب في هذا المجال تركيزا ؟ ويبدوا انها مرسلة الى كل كاتب،تعبر عن استيائها وضجرها المفعم بالغرابة والاستهجان من بقاء الحكومة واستمرارها على هذا النحوالذي يثير حفيظتهم ،وهم يرون من اساء وتهكم وافتعل البلبلة والتخبط على شاشة التلفاز يتسعرض نفسه كالمنتصر..
في السياسة،مصطلح يعبرعن عمق الخطرالقادم اوالمحدق،وهو " دق ناقوس الخطر"الذي يدلل على مؤشرات اومعطيات مقلقة او مرعبة،وعندمايقيم الوضع على اساسه تعلن حالة الطوارئ"السياسية"للمعالجة او الرحيل لتأتي حكومة وطنية قادرة على المعالجة والانقاذ.
تدق نواقيس الخطر لدينا وعلينا ومن حولنا يوميا، وليس ناقوسا واحدا فقط ،وحكومة الرفاعي تلعب الشطرنج لوحدها ،تحرك البنادق والقلاع والاحصنة ويحاصر وزرائها وتفكهم عبر رقعة الشطرنج ذاتها التي تتحكم بها ،ثم تعلن او يعلن عنها عبر بعض مراكز الدراسات انتصارها وتعاظم شعبيتها ،وهكذا دواليك ، ولا عجب فقد قيل ان من لايسمع الا نفسه اويعتمد على ترجمانه فقط يعتقد ان الجميع يمدحونة ما داموا صامتين امامه او اداوروا ظهورهم له ..
منذ اليوم الاول الذي ولدت فيه الحكومة،دق ناقوس الخطر حين انهال الاعلام والاحزاب والنخب والكتاب يتحدثون عن غياب البرلمان والاعتزال السياسي للاب الذي تزامن مع تشكيل حكومة الابن ، وبدأؤا يحذرون ان حكومة الرفاعي "الابن " تذكرنا بحكومة "الاب" وما جرى لها،وان التوريث لم يعد مقبولا على مستوى الحكومات لان الاردن اصبح مليئا ومترعا بالكفاءات واهلها بل ويصدر الكثير منها الى الخارج،وحكم النبلاء والاثرياء والبزنس لم يعد مقبولا،وان الفساد الاكبر الذي اساس مصيبتنا هو في تولي اصحاب او شركاء او مدراء الشركات الكبرى رئاسة الحكومة اوتوزيرهم لان سلطة المال عندما تجمع مع سلطة النفوذ لايمكن لها الا ان تزرع وتنبت الوبال والمحن والفساد والازمات المتتالية ، وهكذا هو حالنا !
وبدأ المشوار، تدق معه نواقيس الخطر تباعا،والحكومة غارقة في رقعة الشطرنج ذاتها،تقيم نفسها بنفسها،وسلسة الغلاء المحرق،وتصاعدية اسعار المشتقات النفطية الذي يترافق معه ارتفاع كلف المعيشة الذي يحرق القلوب ،ويصدع الرؤس ، ويثير الاعصاب الذي معه تتأزم العلاقات الاجتماعية والاسرية وترتفع معه حوادث الشجار والاشتباك والشغب والقتل والدم على ابسط الاسباب او دون اسباب جوهرية تذكر .
كل ما يجري،ومانسمع ، وما نشاهد، وما يخفى على الاعلام يوميا من ازمات ودماء ومشاجرات واحتجاجات وتعطل الدراسة في الجامعات والمدارس وبيانات وتجمعات واجتماعات وتصريحات وضجر واحتقان وغلاء وتفجر ،ووو..،كلها عادي ؟! ولا شيء يستحق التغيير او التعديل ؟!بل مزيد من التصريحات والتصريحات والكلام ، وقد نسيت الحكومة او تناست ان هذا يذكرنا بالمثل الشعبي المعروف " قليل العقل يرضيه الكلام " ولا اعتقد ان اهلي وربعي الذين اعتز بهم وافتخر يرضيهم الكلام ؟!
بقاء الحكومة على هذا النحو سر عميق .. اعجز عن تفسيره ...؟!
ولكنني احاول التذكر ،فكل ما بقي لدينا هو الذاكرة،ان الحكومة استهلت عهدها بتعيين احد ابناء غزة بمنصب حكومي رفيع ، وهوالذي تجنس حديثا ولم يتشرف ولم يمارس ولم يكابد العمل الحكومي والعسكري ، بل ولم يبلغ الحلم القانوني في التعيين لمناصب الدولة ،ان لم يكن في ذلك مزاحمة لابناء الوطن واهله الذين يكابدون شظف العيش ومرارة التقاعد في ريعان شبابهم على راتب لا يسد رمقهم وهم اصحاب الكفاءة الحقيقية وعجول الارض الاصيلة وربع الكفاف الحمر،الذين يؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة وحاجة..
وما زلت اتذكر ، بعض التغييرات والتعيينات في هذا السياق ، وما يقال عن تعديلات للقانون الانتخابي ليسحب اصوات من هنا ليعطيها هناك وما ادراك ما هناك على اساس ديمقرافي وليس جغرافي ؟! ثم ما يقال عن بطاقة احوال جديدة تحذف اسم العشيرة وتبقي الاسم الثلاثي للمساواة مع من ؟!ولا اريد الاسترسال فالقائمة طويلة في هذا الاتجاه ..
وكلها امتدادات لسلسة حوارات الامريكان في وسط عمان حول التوطين والمحاصصة والمناصفة والمزاحمة لتصفية القضية الفلسطينية على يد ابنائها اللاهثين وراء المال والمناصب والالقاب والنجومية والشهوات في الوقت الذي تجوع غزة الصامدة الابية ويقتل فيها اخوتهم وابنائهم وابائهم واعمامهم واهليهم امام اعينهم على شاشات التلفاز وهم يفتشون عن متعهم واهوائهم وارض تحتويهم كوطن بديل..؟!
لقد نسي من نسي،ان من ينتقد الحكومة الان ويحتج عليها ليست المعارضة ، ولا طامحي الدوار الرابع ، بل هم الاوفياء المخلصين الذين جزعوا وانتفضوا وانتقدوا وارتفع صوتهم وكان آخر صوت دوى عاليا ،صوت الرجال الرجال الذين ما عرفوا الا الله والوطن والملك ، ليقولوا كلمتهم ، كلمة الفصل ، كلمة من دفع ضريبة الوطن صادقة وتقاعدوا من مدرسة العز في جيشنا العربي الاردني .
لا فائدة من الاسترسال والحديث ، فقد اشبعنا الحديث حديثا ،واكلناه بديلا عن الخبز والطحين،وكان الامل القادم سريعا من مدينة الموقر التي انتشى بها عرار الاردن ، وهذه المرة من ابطال معركة الكرامة ،من المتقاعدين العسكريين يهتفون باسمنا وينادون بصوتنا ان كفى، ولا بد ان توضع النقاط على الحروف ، ببيان اجزل واوصل الرسالة بكل وضوح وقوة ،ولا بد لكل منصف غيور صادق وطني ان يطلع عليه ويتفاعل معه ، وبعدها هل بقي شيء من الكلام ؟!
[email protected]
www.drmjumian.co.cc