صنعاء نيوز/حسين العواضي -
-
* للفراغ علامات وأسباب والدول تقاس هيبتها ومكانتها بقدرتها على سد فراغاتها، وللدول الحريصة الحصيفة معايير دقيقة تقيس هذا الفراغ – ان وجد – لأنها تدرك أنه كلما زاد عمقه وطال أمده، ارتفع خطره وصعب ردمه.
* المتابع المتأمل يكتشف ببصره وبصيرته – فراغ – لا يخفى على حصيف .. في شؤون كثيرة تحيط بنا، وبعض من هذا الفراغ خطير ومدمر يذهب بنا إلى المجهول.
* في السويد توصل علماء الأرصاد والسياسة إلى أنه حين تصبح الدولة خالية .. أو هشة .. أو ضعيفة أو فارغة يدق ناقوس الخطر .. ويرتفع مستوى تهديد النسيج الوطني والاجتماعي من اللون البرتقالي إلى اللون الأحمر.
* والأحمر .. ورانا .. ورانا .. المنتخب يلعب اللون الأحمر فيخسر وكثير من المنافقين المتآمرين يصرخون في الفضائيات العبث باليمن خط أحمر .. ثم يتآمرون عليه .. ويرسمون الخرائط الخبيثة لتقسيم أوصاله .. وتشتيت أبنائه.
* وبائع البطيخ يقسم لك على رأس عياله أن البطيخة من داخلها حمراء قانية .. فتصدقه وتحملها على كتفك حتى إذا اجتمعت الأسرة وفتحتها وجدتها غير ذلك..
* حتى أن بحار الدنيا زرقاء .. و متوسطة .. وسماوية ووحده بحرنا اطلقوا عليه البحر الأحمر لأنهم كانوا يعلمون أن الأحمر لون حياتنا من الميلاد .. إلى الميعاد.
* ما علينا هذه مقدمة تسوقنا إلى صلب الموضوع، ما هي أنواع الفراغ .. وما أسبابه .. وكيف يسد الفراغ .. ومتى يخشى من أعراضه وعواقبه.
خذوا مثلاً الفراغ العاطفي .. وهذا قطاع خاص لا شأن للدولة به .. وحين تظهر أعراض هذا الفراغ فإنه لا أغاني فيصل علوي على عذوبته ولا كليبات نانسي عجرم على دلالها تطفي لهيب أو تخفف لظاه .. والبعض يسده بالانتحار والبعض الآخر بمليون لايك على الفيس بوك.
*وخطورة الفراغ العاطفي – قطاع خاص – أنه حين يظهر هذا النوع من الفراغ تفقد الشعوب شيمتها .. وتصل كراهيتها لقاداتها وزعمائها إلى مرحلة الذروة .. اللون الأحمر بحسب تصنيف الاتحاد الدولي للطوارئ.
وما جرى في البيع العربي أن الشعوب ملت حكامها .. وكرهتم فثارت لتغييرهم .. لكن الأنظمة والأوضاع لم تتغير .. والحال بقى كما ترون فقط تغير مسمى شرطة المرور إلى شرطة السير.
* ومن أخطر أنواع – المذكور أعلاه – الفراغ السياسي وأعراضه أنه حين يختلف المتحاورون والسياسيون .. وزعماء الأحزاب يستدعون (ابن علوان) لسد فراغ خلافاتهم الطاحنة.
* يجلس المدعو له بالصحة والسعادة على رأس الطاولة عابس الوجه .. منفوخ العينين .. عريض المنكبين .. يقترح ويؤلف .. يتوعد .. ويهدد .. ولا نفهم مما يعرض شيئاً.
* أما الفراغ الأمني فتعرفونه .. وتخشون عواقبه يضرب قلب العاصمة .. وأقسام الشرطة .. والإذاعات المحلية وأنابيب النفط وأبراج الكهرباء .. وخطوط الاتصالات.
عمق هذا الفراغ يتجلى حين تتراخى الدولة .. ويتواكل مسؤولوها .. فتنكمش وتخلي مواقعها .. ومسؤولياتها لكيانات أخرى .. لها علمها .. ونشيدها .. وأحلامها الزائفة.
* الفراغ الرياضي أن يصل تصنيفنا الشهري للمنتخبات الوطنية لكرة القدم إلى المرتبة (179) وهي المرتبة الأسوأ في تاريخ كرة القدم اليمنية.
ولهذا ا لا عتب على المشجعين اليمنيين الذي يزينون سياراتهم ومحلاتهم التجارية .. والمطاعم .. وصوالين الحلاقة في صنعاء وعدن .. وإب والمكلا .. بأعلام برشلونة .. وريال مدريد.
*وعاد القائمة تطول .. وهذه المساحة تضيف فراغاً .. في العقول .. وفراغاً في الحلول .. فراغاً في السفارات وفراغاً في الحوارات .. فراغاً في الرؤوس .. وفراغاً في النفوس.
* فراغ جوي تملأه طائرات بلا طيار .. لا يردعها برلمان ولا حوار .. لأنه لا نرى سلاحنا الجوي الوطني .. ولا ندرك وجوده إلى حين تسقط طائرتنا الكسيحة فوق أحياء المدينة.
* وفراغ زراعي .. يسده الجراد .. وآخر فضائي تسده قنوات الفتنة .. وفراغ علمي تردمه جامعات الشقق المفروشة وفراغ قضائي يستعاض عنه بالمراضاة والعرف القبلي.
* ومع بالغ الحزن والأسى فإنه حين وصلنا إلى مرحلة الجد والحسم وحين احتاجت اليمن أكثر من أي وقت مضى إلى عقالها وحكمائها اكتشفنا هول الفاجعة فراغ .. فراغ .. فراغ.
* حتى بعض الذين كنا نظنهم قامات سامقة نمتدح فيهم الرزانة والحكمة والإيثار طلعوا مثل أقرانهم .. تبعية وعناد.
المفجع أنه حين يتسع الفراغ .. وتبدو العقول خاوية والضمائر فاضية يتسرب الداء إلى أوصال الأمة، وتصبح كسيحة رهينة، ضعيفة، واهية، لا تقوى على مقارعة الطامعين وما أكثرهم .. وأبغضهم .. وأشرسهم في هذا الزمان.