صنعاء نيوز/عبد الواحد الشرفي * [email protected] -
دأبت بعض وسائل الإعلام على تمجيد وثيقة الحلول والضمانات للقضية الجنوبية والتي يطلق البعض عليها وثيقة بن عمر كونه مهندس الوثيقة وعارضتها معظم القوى لكن اليوم استكملت التوقيع عليها , ولم تعدل فيها أي نص وأصبحت ملزمة ولها حجة قانونية على الأطراف الموقعة عليها وستصبح وثيقة أممية , وجاء بيان رئاسة الحوار كمسكن إعلامي فقط لإيهام الشعب الذي أبدى تشاؤمه من الوثيقة وبناءا على تصريحات انتقدت الوثيقة من المعارضين لها الموافقين عليها مؤخرا!
البيان لم يأتي بجديد يذكر سوى تأكيده على مرجعيات الحوار المتفق عليها وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية , وقضايا عدم إيجاد كيانات شطرية ..الخ وهذا لم يكن محل خلاف بين المتحاورين , فضلا على أن الهدف الرئيس من البيان هو تمرير الوثيقة لحفظ ماء وجه الموقعين عليها لاحقا في حضرة الرئيس .
وعند المقارنة العابرة بين ما تضمنه البيان والقضايا التي تم رفضها في الوثيقة نجد أن البيان لم يشر إليها فضلا على عدم حجيته بالتوقيع على الوثيقة بنصوصها دون إجراء أي تعديل فاللذين رفضوا تفويض الرئيس لتشكيل لجنة لتحديد الأقاليم ما بين إقليمين إلى ستة أقاليم ويكون قرارها نافذا خلافا للنظام الداخلي لمؤتمر الحوار قام الرافضون بالتوقيع ولم يتضمن البيان الرئاسي أي إشارة لذلك بل إنهم وافقوا على نص الوثيقة بالتفويض للرئيس وهيئة رئاسته , وإذا كانت المشكلة في تحديد شكل الدولة وأن حلها بيد الرئيس ولجنة الأحزاب السمينة لم نكن بحاجة لمؤتمر حوار توكل إليه هذه المهمة كان سيتفق هؤلاء ويقرروا مصير البلد ويتحملوا مسؤولية ذلك , ليس باسم مؤتمر الحوار الذي تم إفراغ نظامه الداخلي من محتواة!
المعضلة في هذا التفويض هو انتهاك لإرادة المتحاورين وتحويلهم إلى كومبارس واختراق النظام الداخلي لمؤتمر الحوار ومن جانب آخر إذا اختلف الرئيس ولجنته في تحديد الأقاليم إلى من سيتم الرجوع إلية لحل الخلاف وماهي آلية ذلك لم يحدد ولم توضع أي معايير علمية اقتصادية أو اجتماعية لتحديد الأقاليم.
فيما يتعلق بالمادة التي تقول إن الشعب حرّ في تقر يرٌ مكانته السياسيةٌ وحرّ في السعي السلمي إلى تحقيقٌ نموّه الاقتصادي
والاجتماعي والثقافي عبر مؤسسات الحكم على كلّ مستوى، وفق ما نٌص عليهٌ العهد الدولي للحقوق المدنيةٌ والسياسيةٌ والعهد الدول للحقوق الاقتصاديةٌ والاجتماعيةٌ والثقافيةٌ اللذانٌ وقّعهما اليمٌن , لم يوضح البيان الرئاسي تفسير لهذه المادة التي يفهم من خلالها حق تقرير المصير للجنوبيين وما يؤكد ذلك أن الجزء الأول من العهد الدولي المادة (1) تقول لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها, وهي بمقتضى هذا الحق حرة في تقرير مركزها السياسي وحرة في السعي لتحقيق نمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
ولم يعدل نص الوثيقة بحسب اعتراضات الموقعين والذين هللوا لإسقاط هذا الخيار بل تم التوقيع عليها بهذا النص الملزم .
تم رفض الوثيقة لعدم تحقيقها لمبدأ المساواة والعدالة والمواطنة المتساوية حيث تضمن نصوصا تمييزية ومنها صن المادة الثالثة في الوثيقة "خلال الدورة الانتخابية الأولى بعد تبني الدستور الاتحادي يمثل الجنوب بنسبة خمسين في المائة في كافة الهياكل القيادية في الهيئات التنفيذية والتشريعية والقضائية، بما فيها الجيش والأمن، التي يتم التعيين فيها بموجب قرارات يصدرها رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء، ويمثل الجنوب كذلك بنسبة خمسين في المائة في مجلس النواب، "
ولم يلغي البيان الرئاسي نصوص التمييز في المواطنة على أساس مناطقي مع تأكيدنا على حق اليمنيين جميعا في إطار الدولة الواحدة وبالذات الجنوبيين في تسنم مناصب قيادية بناءا على معايير الكفاءة والنزاهة فالنص يؤسس لمشكلات قادمة ولصراعات بعيدا عن تحقيق العدالة لأبناء الشعب
المادة (8) الخاصة بالثروة والتي عليها بعض الملاحظات حيث جعلت الموارد الطبيعية ملك الشعب في اليمن ، ولم تقول إنها ملك للدولة وفيها دلالة واضحة ملك الشعب في اليمن ونصت على" الموارد الطبيعية ملك الشعب في اليمن تكون إدارة وتنمية الموارد الطبيعية، منها النفط والغاز، وبما فيها منح عقود الاستكشاف والتطوير، من مسؤولية السلطات في الولايات المنتجة بالتشارك مع السلطات في الإقليم والسلطة الاتحادية، وفق ما ينص عليه قانون اتحادي، وبموجب القانون نفسه يكون تنظيم عقود الخدمات المحلية من مسؤولية السلطات في الولاية المنتجة حصراً. وتراعى في كل ما سبق المصلحة الوطنية العليا لضمان إدارة الموارد الطبيعية بشفافية وكفاءة وفاعلية واستدامة، وبموجب القانون نفسه تؤسس هيئة وطنية مستقلة تضم جميع السلطات المعنية على مستوى الإقليم والولاية والحكومة الاتحادية مهمتها تطوير السياسات العامة وتمكين الولايات والأقاليم المنتجة بإدارة الموارد الطبيعية بكفاءة يحدد قانون اتحادي، يصاغ بالتشاور مع الأقاليم والولايات، معايير ومعادلة لتوزيع عائدات الموارد الطبيعية، بما فيها النفط والغاز، بطريقة شفافة وعادلة لجميع أبناء الشعب في اليمن، مع مراعاة حاجات الولايات المنتجة بشكل خاص وتخصيص نسبة من العائدات للحكومة الاتحادية."
الملاحظة الثانية في هذا النص هي في توزيع عائدات الموارد الطبيعية لجميع أبناء الشعب في اليمن مع مراعاة حاجات الولايات المنتجة بشكل خاص وتخصيص نسبة من العائدات للحكومة الاتحادية فالنص لم يحدد ماهي حدود حاجات الولاية المنتجة و يمكن أن تطرح الولاية المنتجة مشاريع تنموية توازي أو تتفوق نسبة إنتاجها وبالتالي لن يحصل بقية أبناء الشعب على أي شيء من العائدات ولم تحدد أيضا نسبة العائدات للدولة الاتحادية وكان يمكن النص على سيادية الموارد الطبيعية مع تحديد نسبة للولاية المنتجة .
وهناك ملاحظات لم يتم التطرق إليها ولم يشير إليها البيان الرئاسي وخلاصة القول فقد أجبرت معظم المكونات للتوقيع على الوثيقة المقدسة دون إجراء أي تعديل لها بل أنها اكتفت ببيانات خارج الوثيقة الموقع عليها لتبرير توقيعها وقد وقعت البعض منها لتحقيق مكاسب سياسية آنية ليس أكثر وليس عن قناعة أو توافق الذي قام علية مؤتمر الحوار وبالتالي فقضية تطبيقها على ارض الواقع لن يكتب لها النجاح وستستمر الأزمات لان الحلول التي تضمنت الوثيقة لاتؤسس لمواطنة متساوية لأبناء وطن واحد فحسب بل إنها حلول فرضت لم تتمخض عن حوارات جادة ومعمقة وتوافقات وتفاهمات محل رضا بين جميع المتحاورين , ولا يمكن لحالات التهريج الاعلامي ولبرقيات العسكريين والموظفين الحكوميين أن تؤسس لحل دائم لمشكلات اليمنيين .
*عضو مؤتمر الحوار الوطني