صنعاء نيوز/محمد عكروت -
الوطن الواحد كالأسرة الواحدة ، ومواطنيه كأفرادها ، ليس لأحدٍ منهم أن يتصرّف بما يرضيه ويسيء للآخرين ، كما لا يحق لأحدٍ أن يسلك سبيلاً يدمّر به كيان الأسرة أو يؤذيها أو يلحق بها ضرراً أياً كان حجم ذلك الضرر، وأي أسرة يقوم أحد أفرادها بتصرفٍ من ذلك القبيل لا تقبله فيها حتى وإن كان من لحمها ودمها ، بل تقع مسؤولية على عاتق كل فردٍ فيها ، ويتحمّل جزءاً مهمّاً حسب دائرته ومركزه ، فيقوم بالعناية والرعاية والدعم والتطوير في كل المجالات التي تخدم أسرته وترفعها .
هكذا الأصل أن يكون المواطن الصالح في وطنه ، والإنسان المخلص في بلده ، تعترض الوطن مشاكل بلا شك ، وعوائق بلا ريب ، لكن السؤال هو : ما دوري أنا كمواطن ؟ سؤال يلحّ على كل فرد ، أياً كان موقعه ، فكل شخصٍ مسؤول بحسب قدرته مهما كانت ، وما أعتقده أن كل إنسان يستطيع تقديم الكثير للوطن ، وخاصة في هذه المرحلة المهمة وفي هذا الظرف الخطير ، الذي يحتاج فيه الوطن لكل موقف شريف ، ولكل كلمة صدق ، هذا هو المطلوب اليوم ، وهذا هو واجب الوقت .
أمّا أن نظلّ نتباكى على الماضي ، أو ندّعي حب الوطن بالكلام الفاضي ، فهذا ما لا يليق الآن ، وللأسف نلحظ هذه الأيام ، الكثير ممن يسلكون هذا السبيل ، وهو سبيلٌ سهل وما أكثر سالكيه اليوم ، ممّن يدعون وصلاّ به ، ثم تراهم عند الشدائد يتنصّلون ، والذين يتباكون على ثراه ، وعندما تلوح لهم فيه فرصة يثأرون ، هؤلاء وللأسف اليوم كُثُر ، ولهم في الساحة حضور ، وفي رسْم مستقبل البلدِ رأي ، وهم يعلمون ذلك ، وعلى الوطن لا له يعملون ، وفي خاصرته بكل قواهم يطعنون .
وبرغم ألمنا مما يُفعل بالوطن أمام أعيننا من هؤلاء صباح مساء ، وبرغم أوجاعنا من مخالفة القول الفعل بهذا التباكي والإدّعاء ، إلا أننا كلّنا ثقة ويقين ، أن الوطن أكبر من حسابات هؤلاء المدّعين ، كما أنه أعظم شأناً وأعلى مقاماً من أن تؤثّر فيه أعمالهم سلْباً ، أو تؤخّره أبداً ، أو تقتله وأْداً ، لن يكون ذلك بفضل الله أولاً ، ثم بفضل أبناءه المخلصين ، فلا زال فيه بقيّه ، ولا زال بين أبناءه من يستشعرون المسؤولية ، ويحملون همّ القضيّة ، ولن يضرّه مع لطف الله مكْر ، أو يسرقه من بين يدي أبناءه لصّ .
وسيشهد التاريخ على المتاجرين بالوطن مهما طال الزمن ، وللتاريخ قوله الفصل ، وحكمه النافذ ، لن يرحم المسيئ ، كما لن ينسى المحسن .
كما أن للتاريخ في الدهر صفحتان ، يزجّ في أحدها بكل مدّعٍ كاذب ، ويسطّر في الأخرى كل صادقٍ عظيم ، ويكتب لكلا الصنفين حكاية ، تظل شاهدةً على مدى الزمان ، محفوظةً للأجيال ، لا تمحوها الآثار ، ولا تؤثّر في سطورها السنون .
[email protected]