صنعاء نيوز/ عبدالله الدهمشي [email protected] -
ما هي أقوى معوقات المشاركة السياسية للمرأة اليمنية؟ وما أهمية التعرف على هذه المعوقات في معرفة سُبل تجاوزها أو وسائل تعزيز المشاركة السياسية النسائية؟ هذه التساؤلات تقودنا إلى أن أقوى العوائق التي تحدُّ من المشاركة السياسية للمرأة هي العوائق ذات الطبيعة الاجتماعية الثقافية، حيث الصورة النمطية للمرأة جدُّ متجذرة في الوعي الجمعي.
الصورة النمطية للمرأة لا تعزلها فقط عن المجال العام، بل هي ترسِّخ التدرُّج في المراتب الاجتماعية والتقسيم التقليدي للأدوار، حيث يعود المجال العام للذكور وتنحصر الإناث في المجال المنزلي، بعيداً عن الشأن العام والمعترك السياسي الذي لايتلاءم مع طبيعتها، وهذه الصورة مجسدة ومتحركة في المظهر الخارجي للمرأة اليمنية، وتحديداً في اللثام.
"لا يتلاءم العمل السياسي مع طبيعة المرأة"، هذه المقولة تتجذر في الوعي الجمعي وتتجسد في الحضور اليومي للحياة العامة التي تميز المرأة اليمنية بطبيعة خاصة عنوانها اللثام، فحيث يكون الوجه عنوان شخصية الإنسان وعلامة تميزه والتعريف به، يكون اللثام علامة دالة على طبيعة خاصة للمرأة، ومظهراً يجسد خصوصية هذه الطبيعة، ويكرس عزلتها عن المحيط الاجتماعي والشأن العام.
مهمة اللثام أن يحجب شخصية المرأة ويمنع معرفتها في المجال العام، وأن يجعل كلَّ الناس في صورة نمطية واحدة، لا تقتصر دلالتها على المظهر الذي أريد أن يكون باللون الأسود فقط، بل تكرس التمييز وتحدد المراتب والأدوار، فللنساء طبيعة خاصة، لا تتلاءم مع مقتضيات الشأن العام، وهذا واقع متجذر في الثقافة العامة والوعي الجمعي والسلوك الخاص والعام، وهو من القوة بحيث لا يمكن تجاوزه بالدستور أو القوانين، ولا سبيل لتجاوزه إلا بتحرير المرأة اليمنية من ظلمات اللثام، وتغيير صورته النمطية في الوعي والسلوك.
ربما تكون الكوتا وسيلة لتعزيز المشاركة السياسية للمرأة اليمنية، ولكن الأهم والأولى منها أن تتمتع المرأة بشخصيتها الإنسانية أولاً، حتى تتشكَّل بإنسانيتها شخصيتها السياسية، المعروفة في مجتمعها، والمعترف بها رسمياً وشعبياً، في صورة موثقة ببطاقتها الشخصية، لذلك فالأفضل للمرأة والأقدر على تحقيق إنسانيتها وحقوقها السياسية، هو صدور قانون يحظر اللثام في المجال العام، بدلاً من الكوتا، والتي هي أيضاً تكرس التمييز حتى بالدلالة اللفظية لاسمها، فالكوتا عند ترجمتها تعني "الحصة التمييزية".
إنسانية المرأة تتركز بسمات الوجه، واللثام طمس لهذه الإنسانية وتنميط لصورة المرأة، بما يجسد عزلتها ويجذر الوعي الجمعي بطبيعتها الخاصة،التي لا تلائم الشأن العام والمعترك السياسي.