صنعاء نيوز/كفاح محمود كريم -
يبدو إن فايروسا خطيرا أصاب البعض من أعضاء مجلس نوابنا العجب فافقدهم وضعهم الصحي والنفسي الطبيعي، حيث بدأت أعراض هستيريا عصابية تظهر بشكل جلي على سلوكيات وتصرفات بعض أعضاء البرلمان، وخاصة أولئك الذين يرقصون على حبال مختار عصرنا السيئ هذا، وهم يشنون حربهم الكلامية من عل منابر البرلمان أو تلك الفضائيات، التي تتمتع بعرض هذه المشاهد المخلة بالذوق الديمقراطي والمخدشة لحياء العقلاء والحكماء في مهاترات ومزايدات واستعراض لمعلومات كاذبة مفبركة، من وزن قطع مياه دجلة أو إغراق بغداد أو زحف البيشمه ركه الى العاصمة لإشاعة الكراهية والأحقاد، خاصة وهم يخاطبون اناس تم تخديرهم طائفيا وعنصريا بأكاذيب وتشويهات غرضها التحضير لحرب قومية مذهبية مقدسة كما بشر بها مختار هذا العصر إبان أزمة ما يسمى بقوات دجلة!؟
كنا حلمنا قبل نيسان 2003م أن حالا جديدة ستبدأ بعيد الانتهاء من نظام صدام حسين، وان حقبة ملوثة ستنتهي بمجرد إسقاط ذلك النظام، لكننا نسينا أو تناسينا في معمعة الاحتلال وما رافقها من عملية اغتيال لكل مشروع الإسقاط، بتصرفات رعناء من القيادات العسكرية الأمريكية ومنسقها وريث صدام حسين برايمر، الذي لملم كائنات سياسية من الشوارع الخلفية لدول الجوار وما بعد الجوار، لا صلة لها بالشارع العراقي من قريب أو بعيد ليحولها إلى دمى وقطع شطرنجية يلعب بها هو تارة، أو يمنحها لمن صرح له أو خوله من دول الجوار المبتلى بها هذا البلد عبر التاريخ، قلت كنا قد حلمنا أو تصورنا إن تلك الحقبة الملوثة ستنتهي بمجرد سقوط رمزها وهيكل حكمه، لكننا بعد اقل من سنة واحدة من الحكم الدستوري أي بعد إقرار دستور متفق عليه من قبل الجميع ومصادق عليه من قبل ما يقرب من 80% من العراقيين، بدأت الفيروسات النائمة أو المنومة بالحركة بعد أن شعرت بدفء المكان ( السلطة والمال ) لكي تعيد ذات الثقافة التي حكمت هذه البلاد منذ عقود طويلة، متجاوزة دستور اقر بالنظام الاتحادي والشراكة الفعلية الحقيقية في القرار والثروة لكل أبناء وبنات العراق ومكوناته القومية والدينية والمذهبية على حد سواء، بما يمنح أي مكون كبير كان أم صغير الشعور بالانتماء له، لا العكس الذي بدأ يشعرنا حقيقة بصدق ما يقوله هؤلاء المسعورين بهوس حرب البسوس حيث التصريحات غير المسؤولة، التي تذكرنا بإعلام صدام حسين وطاقمه الانفعالي الذي مثله خير تمثيل وزير إعلامه الصحاف وهو يصف حال العراق بينما دبابات المحتلين قاب قوسين أو أدنى من منبره!؟
إن ما يحصل الآن في العراق وغيره من بلدان ما يسمى بالربيع العربي إنما هو تقهقر باتجاه إعادة صناعة دكتاتوريات جديدة بلبوس ديمقراطي، فالانقلاب على المؤسسات الدستورية واضح جدا وخاصة ما أعلنه رئيس الوزراء المالكي حول لا شرعية مجلس النواب وقراره بتجاوزه، والدليل الآخر على هذا النهج ما حصل في مصر حينما تولى الإخوان مقاليد السلطة باستغفال الغلابة في العشوائيات واخونة مصر، وكما حصل في العراق بتسطيح عقول ولد الخايبة بالمذهبيات المقيتة، وما يحصل الآن في سوريا الحضارة والإنسان، من تقتيل وتقهقر باسم الثورة والأديان، وكذا الحال في ليبيا الفوضى والعشوائيات الثورية، إنها عملية انقلاب مشرعنة ولكن باليات ديمقراطية كما كانت تفعل أنظمة الـ 99% من الأصوات المؤيدة للقائد وحزبه المقدام، وتخدير الأهالي بشعارات غرائزية مليئة بالأحقاد والكراهية وإقصاء الآخر وتشويه المختلف، بأساليب بدائية تستغل الأكثرية المغلوبة على أمرها بالفقر والعوز وقلة الوعي وضبابية الانتماء، لكي تمرر مشروعها بالتفرد والهيمنة بذات أساليب القائد الضرورة وملك ملوك افريقيا وأسد سوريا، حينما كانوا يستثيرون أولئك المغفلين بشعارات جوفاء لا حياة فيها إلا في مخيلتهم الفوضوية فقط، لاستخدامهم كوقود في حروب بسوسية، كما حصل في حروب الشمال مع الكوردستانيين أو مع اللبنانيين أيام الغزو السوري أو مع التشاديين وغيرهم بالغزو القذافي، وهكذا دواليك في حروبهم المخزية التي حرقت الأخضر واليابس واتت عليهم في آخر نيرانها؟
[email protected]
* نسبة إلى حرب البسوس في التاريخ العربي