صنعاء نيوز/حاوره/ عبدالله مصلح - دعا المؤتمر للتصالح مع ذاته ومع رفقاء دربه السياسي وطالبه بالشفافية والتعامل البناء مع مخرجات مؤتمر الحوار, وهاجم القيادات المؤتمرية التي تحنّ إلى الماضي متوعداً بتصفية حقيقية لأصحاب المصالح في المؤتمر العام الثامن, وعبّر عن خشيته في أن تأتي نتائج الانتخابات القادمة في غير صالح التنظيم..
عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام/ د. يحيى الشعيبي- لـ(اليقين):
• المؤتمر بحاجة إلى قيادة جديدة ومطالب بالتحول إلى حزب
حاوره/ عبدالله مصلح
- بداية ما الدافع وراء رسالتك الأخيرة للمؤتمر الشعبي العام؟
الدافع الرئيسي لرسالتي كان حول أهمية أن يتصالح المؤتمر الشعبي العام مع نفسه أولاً، وأن يعترف أنه نجح في بعض المهام حين كان يدير الدولة قبل وبعد الوحدة، ولكن في نفس الوقت أخفق في كثير من الأمور، وعليه أن يعترف بذلك إذا أراد أن يصحح مساره في المستقبل، وثانياً عليه أن يتصالح مع رفقاء الدرب السياسي، فالخصومة في هذه المرحلة لن تفيد المؤتمر بشيء وإنما تشغله عن إعادة بناء أطره السياسية وهيكله وبرامجه.
- لكن البعض فهم تلك الرسالة بأنها نوع من التشهير إن لم تكن بداية انسحاب من المؤتمر؟
بالعكس، فهي ليست للتشهير وإنما كما قلت الاعتراف هو أصلاً مصالحة مع الذات أولاً ومن ثم الانطلاق إلى أفق سياسي أوسع. أما الانسحاب فهذا لا وجود له مطلقاً في مخيلتي، فأنا عضو في المؤتمر منذ عام 88 ولن أنسحب من التنظيم الذي شاركته حلوه ومره خلال ربع قرن من الزمن.
كما أن أعضاء اللجنة العامة تعودوا أن تكون اجتماعاتنا وكذلك طروحاتنا صريحة وقوية، وأن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية مادام الهدف هو مصلحة التنظيم والوطن، وأن الأمور تحسم دائماً بالتصويت إذا ما اختلفنا، ولكن كما قلت أنه قد حان وقت التغيير والتجديد في قيادات المؤتمر الشعبي العام، وأنا سأكون سعيداً أن أكون فقط عضواً لا قيادياً إذا ما اقتضى الأمر ذلك.
- هناك من يتساءل عن السر وراء هذه الرسالة في هذا التوقيت بالذات؟
هذا التوقيت له دلالة خاصة؛ أولاً أننا أنجزنا مؤتمر الحوار الوطني.. وهذا يتطلب إعادة التفكير بالآليات التي سيتبعها المؤتمر لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وكما تعلم أن هناك العديد من الأمور التي لم يوافق عليها المؤتمر وحلفاؤه، ولكنها أصبحت مخرجات يجب أن يتعامل معها، فهل سيتوافق مع مختلف المكونات السياسية وخصوصا تلك التي كانت ضاغطة ضد أي دور للمؤتمر الشعبي العام في المرحلة القادمة؟ كيف سيتعامل معها؟ وكيف سيخفف من أثر بعض القرارات التي وضعت أصلاً ضد اهتمامات المؤتمر وتطلعاته؟ وثانياً نحن على وشك الإعداد للمؤتمر العام الثامن، وكان يجب أن يكون هناك ضغط شديد من كوادر المؤتمر وعلى مختلف الصُّعد بأن يخرج المؤتمر الثامن بقيادات جديدة وجادة وأن يتحول التنظيم إلى حزب وأن تكون هناك شفافية في إدارته للمرحلة القادمة وقبل ذلك يجب أن يعترف أنه أخفق في كثير من الأمور رغم أنه أنجز الكثير وجنّب اليمن الولوج إلى أتون الحرب الأهلية.
- لماذا لم يتم طرح هذه الرسالة داخل الأطر التنظيمية للمؤتمر؟
كان المفروض أن يتم تداول هذه الأمور من خلال الأطر التنظيمية، لكن أعتقد أن الأخوة في اللجنة العامة غير مستعدين في هذه المرحلة لاستماع ذلك، وعندما حاولت أن أضع بعض هذه الأمور في آخر اجتماع للجنة العامة أثناني البعض عن عرض الموضوع في هذا الوقت، ولكن بعد عودتي إلى ماليزيا حيث أقضي التفرغ العلمي فحبيت أن أنشر على صفحتي تلك الرسالة التي تحتوي بعض الاعترافات التي يجب أن يفكر فيها أعضاء المؤتمر وتكون محل نقاش على نطاق أوسع قبل انعقاد المؤتمر العام الثامن والذي أتمنى أن يكون قريباً جداً.
- بعض تلك الاعترافات لا ينكرها المؤتمر وسبق أن تم تناولها في بيانات وخطابات سابقة، مثل صعدة والفساد والشباب وغيرها، ما قولك في ذلك؟
صحيح أن بعض الأمور قد تم طرحها ولكن لم تتم من خلال مناقشات جادة ومن خلال الأطر التنظيمية ولم تناقش على أساس نقد ذاتي يهدف إلى تصحيح الأمور والبناء عليه، فأنا لم أرَ ذلك مطلقاً.
- ألا ترى أنك بالغت في تلك الاعترافات، بل وحمّلت المسؤولية المؤتمر بعيداً عن حلفائه التاريخيين؟
بالعكس، فبالنظر إلى طول الفترة التي حكم فيها المؤتمر فإن ما تم طرحه هو الشيء القليل. أما بقية الأحزاب التى كانت مشاركة في الحكم فهذا يرجع لهم، فالناس يعلمون جيداً تلك الأمور وعلى جميع الأحزاب التي شاركت في الحكم أن تراجع تاريخها ومهامها وتنتقد أداءها إذا أرادت أن تصحح مسارها، فهذا متروك لتفهمها لذلك.
- كيف تقول بأن المؤتمر ما زال يعاني من صراع المصالح داخله، رغم أن قياداته تؤكد خروج وتساقط جميع أصحاب المصالح من المؤتمر، ولم يعد المؤتمر حزب الخزينة؟
ما زال هناك صراع مصالح داخل أروقة الحزب يجب أن لا ننكر ذلك، والتصفية الحقيقية يجب أن تتم في المؤتمر العام الثامن.
- يلاحظ في رسالتك أنك أطلقت على المؤتمر إسم (تنظيم) وليس (حزب) لماذا؟ وما العائق أمام تحولّه إلى حزب من وجهة نظرك؟
المؤتمر الشعبي العام ما زال تنظيماً ولم يتحول بعد إلى حزب ولا يوجد أي صعوبة في التغيير، وأتوقع أن يتم ذلك في المؤتمر العام الثامن إن شاء الله.
- ألا ترى أن هناك صعوبة في عقد المؤتمرات العامة، حسبما تقوله جميع الأحزاب السياسية بلا استثناء وليس المؤتمر فقط، بحجة أن ظروف البلد غير ملائمة لانعقاد مؤتمرات عامة على مستوى الجمهورية؟
هذه أعذار ليس إلا، وأعتقد بعد إنجاز مؤتمر الحوار الوطني فلا يوجد أي عذر خصوصاً أن هناك استحقاقات عديدة في الطريق، والوقت الحالي هو الوقت المناسب لانعقاد المؤتمرات العامة للأحزاب.
- هل كانت تلك الرسالة بمثابة مصارحة مع الذات؟ أم مغازلة لأبناء الجنوب والحزب الاشتراكي؟ أم إعلان انضمام إلى جناح الرئيس هادي داخل المؤتمر؟
كانت الرسالة موجهة أولاً وأخيراً لأعضاء المؤتمر الشعبي العام، وهدفها واضح تتركز أصلاً بنقد الذات خصوصاً بعد انتهاء مرحلة كان المؤتمر الشعبي العام هو الحزب الحاكم للبلاد، والآن أصبح مشاركا بنسبة 50٪ في الحكومة، وهناك استحقاقات قادمة أهمها الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وإذا لم يتمكن المؤتمر من إعادة البناء والخروج أمام الجماهير بوحدة القيادة والتنظيم وبرؤية واضحة المعالم وبرنامج انتخابي مقبول من الشعب فإن وضع التنظيم أو الحزب لاحقاً سيكون في وضعية غير مريحة، وأخشى أن تكون نتائج الانتخابات ليست في صالحه، لذا كان لا بد أن يدق ناقوس الخطر من الآن. وأعتقد شخصياً أن الرسالة قد وصلت، ولكن كيف سيتم التعامل معها خلال هذه المرحلة؟ سننتظر ونرى.
- لماذا لم تتطرق في رسالتك إلى موقف المؤتمر مما يجري في محافظتك (الضالع) والتي لم يغفلها حتى قرار مجلس الأمن مؤخراً؟
فيما يخص محافظة الضالع أعتقد أن المؤتمر الشعبي العام وجميع الأحزاب السياسية كانت ردود أفعالها لما يعتمل هناك واضحة للعيان, والكل مع أمن واستقرار المحافظة. وأعتقد أن الثقة أصبحت معدومة بين المواطنين واللواء، ولذلك يجب سحب اللواء من الضالع؛ لأن المشاكل ستستمر ما دام اللواء الحالي موجود هناك. وأنا شخصياً ضد استخدام السلاح الثقيل في محافظة الضالع من قبل الجيش أو أي محافظة أخرى، وأعتقد أن قيادة أي لواء لم تتمكن من كسب حب وتقدير أفراد أي محافظة يعتبر فشلاً كبيراً ويصبح التغيير ضرورة ملحة.
- قلت في رسالتك أن هناك قيادات في المؤتمر "تحنّ للعودة إلى الماضي وتعمل جاهدة لعرقلة أي مساعٍ قد توصلنا إلى المصالحة الوطنية" من تقصد بذلك؟ هل هذا كان استباقاً منك لقرار مجلس الأمن للتبرؤ من قيادة المؤتمر كما فهمه البعض؟
ثق بأن هذا الموضوع سيطرح في المكان والوقت المناسب، ولا أحب أن أستبق الأحداث في هذه المرحلة.
- من تقصد بكلامك هذا؟
من أعنيهم هم يعلمون ذلك جيداً، ولكل حدث حديث.
- برأيك ما هو الحلّ الأفضل للخلافات التي وصفتها بالعميقة بين قيادات التنظيم العليا، وتحديداً (هادي وصالح)؟
حلّ الخلافات سيتم من خلال سرعة الدعوة لانعقاد المؤتمر العام الثامن والخروج بقيادات جديدة للمرحلة القادمة مع أهمية أن يكون لشباب المؤتمر وعضواته دور قيادي هام للمرحلة القادمة.
- هل أنت مع بقاء صالح رئيساً للمؤتمر؟ أم مع أن يكون الرئيس هادي هو رئيس الحزب حسب لوائح المؤتمر؟ أم مع تغييرهما الاثنين في المؤتمر العام الثامن؟
فيما يخص القيادة العليا للمؤتمر الشعبي العام وخصوصاً الشخصيات الكبيرة في السن، وخصوصاً على مستوى الأمانة العامة واللجنة العامة وقيادة التنظيم العليا، فقد حان الأوان أن يترك الجميع مواقعهم التنظيمية ويتم عمل تعديل في النظام الأساسي للمؤتمر الشعبي العام، يقرّه الموتمر العام الثامن، وذلك بإضافة تشكيل مجلس استشاري للتنظيم يكون قوامه هذه القيادات، التي يمكن أن يستفيد التنظيم من خبراتهم الطويلة في قيادة العمل السياسي والتنظيمي للفترة السابقة، وأنا شخصياً مع التجديد وضخّ دماء قيادية جديدة لقيادة التنظيم للمرحلة القادمة.
- هل تلقيت ردود فعل من قبل رئاسة وقيادة المؤتمر حول تلك الرسالة؟
لم أستلم أي ردّ من أحد سوى بعض التعليقات في المواقع الإلكترونية، وأنا شخصياً لا أريد ردوداً لما طرحته، وإنما ما أريده هو أن تفكر قيادة المؤتمر بالأمر وتناقش فحوى الرسالة إذا ما أدركت أن عملية النقد الذاتي تؤدي دائماً إلى النجاح، أو تحاسبني إذا ما وجدت أن ما طرحته يجافي الحقيقة.
- ما صحة الأنباء أو الإشاعات حول استقرارك خارج اليمن (ماليزيا)؟
حول استقراري في ماليزيا فهذه ليست إشاعة وإنما حقيقة كوني حصلت على تفرغ علمي من جامعة صنعاء لمدة عامين واخترت أن أقضيها في ماليزيا، وسأعود بعدها إلى الجامعة مقر عملي أستاذاً للكيمياء التحليلية في قسم الكيمياء كلية العلوم.
- وماذا عن تعيينك في التعديل الوزاري المرتقب، كما يتوقع البعض؟ هل ستوافق على ذلك؟
طبعاً لن أقبل بأي منصب وزاري في هذه الحكومة أو الحكومات القادمة، فأنا قد خدمت ما يقارب الخمسة عشر عاماً في ست حكومات، وأعتقد أن هذا يكفي، ولكني سأكون جاهزاً إذا ما طُلب مني أن أؤدي أي مهمة من أجل الوطن فلن أتردد على أن لا تكون في أي منصب وزاري أو حكومي.
- هل أفهم من كلامك أنك مرشح لمنصب سفير بلادنا في ماليزيا مثلاً؟
هذا الموضوع غير مطروح على الإطلاق ولا أسعى إليه شخصياً.
- كلمة أو رسالة أخيرة تودّ أن تقولها؟
أودّ أن أقول أن الوقت يداهم الوطن، فعلى الرئيس سرعة تشكيل لجنة صياغة الدستور والاستعداد للاستحقاقات اللاحقة وعلى الأحزاب والمكونات السياسية أن تعمل وفق ميثاق شرف من أجل المصالحة الوطنية وتهيئة الظروف لإنجاز المهام والاستحقاقات المقبلة، وأن الخلافات والصراعات والإعلام المنفلت لن يخدم الأحزاب أو الوطن ولن يساعد على تحسين الأوضاع الأمنية أو الاقتصادية وإنما سيزيد الأمر من سيء إلى أسوأ، وكل ما نخشاه أن يوصل الوطن إلى ما لا يحمد عقباه.
|