صنعاء نيوز / بقلم : فائز سالم بن عمرو -
في اجتماع السلطة المحلية بحضرموت الأسبوع الماضي بعنوان " الأمن ضرورة مجتمعية " طلب من مديري الأمن بمحافظة حضرموت تقريرا أمنيا مفصلا عن الأوضاع الأمنية بالمحافظة وتشخصيها وتقديم الحلول والمعالجات ، فقدَّم مدير أمن حضرموت بالوادي والصحراء تقريرا وافيا ومفصلا متطرقا للأسباب والمعالجات ، خاتما تقريره بنقد المركزية الشديدة وضعف الإمكانات ، بينما اكتفى مدير أمن الساحل بتقرير شفهي لا يتجاوز كلمات معدودة عن ضعف الإمكانات وعدم التجاوب من المركز .
المشكلة الحقيقة في الفراغ الأمني بالمحافظة هي سيطرة العقلية الأيدلوجية التي ترى الأمن محصورا في قضايا جزئية كمحاربة القات والمخدرات ، ومطاردة العوائل في الأماكن العامة والحدائق تحت مبرر " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " ؛ هؤلاء القوم لا يحاربون الرذيلة ولا يخافون من انتشار الفاحشة بين المؤمنين ، كما يظن أصحاب النيات الحسنة . بل هو تجارة رائجة تدر ملايين الريالات ، فالجمعيات العابرة للأقاليم تحصد أمولا طائلة من الترويج لهذه الصناعة المربحة للسيطرة على المحافظة ومفاصلها الأمنية والإدارية والمالية ، كما أن مقتنيات قسم مكافحة المخدرات وخاصة السيارات والأموال تصادر ويتم تقاسمها غنيمة بين العاملين عليها . التاريخ يعود نفسه ويعرض عبره وعظاته بالمجان ، حينما كان الرئيس جمال عبد الناصر في حرب العدوان الثلاثي استعان الرئيس المجاهد بالمرشد العام الثاني للإخوان المسلمين حسن الهضيبي لمناصرته ورفع رأية الجهاد ضد الغرب المعتدين ، لكن الاخواني المتأسلم طلب فرض الحجاب على الطالبات في الجامعات المصرية شرطا لرفع لمناصرة الجيش والشعب المصري ، فأجاب الرئيس الخالد في خطبة شهيرة : بان الأمن منظومة متكاملة يعد الاقتصاد الأساس فيها ، فسبب الانحراف أفراد المجتمع ينتج عن النقص في تغطية حياتهم ومتطلباتهم اليومية ، مذكرا الهضيبي بفرض الحجاب على ابنته التي تدرس سافرة في الجامعة المصرية .
انتشرت ظاهرة غريبة منذ تولي مدير الأمن سطوة المليشيات الاخوانية التي تجوب أسواق القات والأماكن العامة فارضة قانونها وسلطوتها الترهيبية على المواطن ، وكأننا نعيش في أدغال أفغانستان ، لا تحكمنا قوانين ولا نخضع للوائح وتشريعات الدولة الحديثة التي تحفظ امن المواطن وكرامته ، وتجرم أي عمل أو سلوك خارج القانون واللوائح . إن المجتمع إذا هادن وسكت على سلوك وأفعال هذه المليشيات المدعومة من مدير الأمن الموقوف ، فسنجد حياتنا تمتلئ بالمليشيات والجماعات المنفلتة التي تمنع حتى الصلاة في مساجدنا بحجج دينية ومذهبية وسياسية وأيدلوجية . ظاهرة الاستعلاء الثقافي والأخلاقي التي انتهجها القائمون على الأمن بشيطنة وترهيب وتخويف وتخوين كلا من ينتقد الظواهر الخارجة عن القانون وإطلاق الأوصاف التفكيرية والاقصائية ضد كل من يخالفهم في قضايا تحتمل الخلاف والتباين وتعدد وجهات الرأي .
مدير الأمن كثير الكلام والتصريحات تتجاوز تصريحاته أفعاله على الأرض لمواجهة الانفلات الأمني ، فهو لا ينفك أن يذكرنا بمنشوراته الفوسوبوكية زهده في المناصب وحطام الدنيا ، ورغم السيمفونية التي يسمعها المواطن الحضرمي بضعف الإمكانات ، إلا أن الزاهد ما زال عاضا على الكرسي بالنواجذ ، ويرفض أوامر وزير الداخلية اليمني بالإيقاف ، مدشنا حملة إعلامية مساندة من المواقع الاخوانية وشبه الاخوانية لمهاجمة الرئيس ووزير الداخلية واصفة قرار التوقيف بالجائر والظالم . |