صنعاء نيوز - الأولوية للحجاب
تستعدّ تركيا لخلع ثوبها العلماني منذ عام 1923، ويمكن القول إنّها في طريقها إلى أن تكون جمهورية مدنية، مع طرح الحكومة مشروع تعديل دستوري، سيخضع لتصويت النواب في أواخر الشهر الجاري، وسينقل البلاد، إذا نال ثقة الشعب في استفتاء مرجَّح، من مرحلة الحكم شبه العسكري، إلى نموذج أقرب إلى المعايير الأوروبية.
فقد طرحت حكومة رجب طيب أردوغان، رسمياً، مسوّدة تعديل دستوري ظلّ أهم أهدافها منذ عام 2002، وانتظرت طويلاً التوقيت المناسب لطرحه من دون خوف، لا من عدم استعداد الشعب لتقبّله، ولا من غدر جنرالات الجيش والأحزاب المساندة له.
لكنّ التعديل المذكور، الذي تشير معظم التقديرات إلى أنه سيمرّ في استفتاء شعبي بغالبية لا بأس بها، ليس وليد الصدفة، بل هو تتويج لمسيرة إصلاحات مررتها الحكومة بالتقسيط منذ ثماني سنوات. إصلاحات أُقرَّت من دون ضجة، وطاولت صلاحيات العسكر (التعديلات على نظام مجلس الأمن القومي وإلغاء (بروتوكول التعاون للأمن والانتظام العام)، وإخضاع موازنة الجيش لرقابة الحكومة والبرلمان)، والحريات الفردية والجماعية (قضية الحجاب والانفتاح على الأقليات).
وبحسب صحيفة الأخبار اللبنانية تقدم أردوغان بطرح تعديل دستوري واسع النطاق، هو عبارة عن رزمة إصلاحات قُدمت أول من أمس، وتتضمّن تعديلات على 23 مادة دستورية، وحذفاً كاملاً للمادة 15 التي تحرّم محاكمة منفذي انقلاب عام 1980، وإضافة 3 بنود مؤقتة جديدة. وتظهر النية الحاسمة لحكومة أردوغان، في واقع أنّ مشروع التعديل يفرض التصويت إيجاباً أو سلباً على الرزمة كاملة، لا على كل بند على حدة، فإما يُرفَض التعديل كاملاً، أو يُقبَل كاملاً.
وتتضمن الرزمة مجموعة مهمّة جداً من العناوين الحسّاسة من ناحية تقليم أظافر العسكر في الحياة السياسية للبلاد. وأبرز ما تنص عليه، هو تعقيد عملية حظر الأحزاب، وتشريع محاكمة أفراد السلك العسكري أمام محاكم مدنية، وإعادة هيكلة كل من المحكمة الدستورية والهيئة العليا للقضاة والمدعين العامين، بطريقة لا تبقيان معها خاضعتين لسلطة العسكر والعلمانيين المتشددين، وإلغاء حظر ارتداء الحجاب الإسلامي في الجامعات الحكومية.
وسيصوت البرلمان التركي آخر الشهر الجاري مشروع الدستور ويُتوقَّع طرحه على الاستفتاء إذ يُرجّح أن ينال الثقة، وبالنسبة إلى المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين، ينص التعديل على تغيير بنيته وصلاحياته تغييراً كاملاً، إذ سيرتفع عدد أعضائه من 7 حالياً، إلى 21 (و10 أعضاء رديفين)، يرأسه وزير العدل ويكون نائب الوزير عضواً حكمياً فيه.
وتنبع قيمة التعديل من أنّ 4 من أعضائه سيعيّنهم رئيس الجمهورية، والعدد الباقي تعيّنه أو تنتخبه مجموعة الأجهزة القضائية (المحكمة الدستورية ومجلس شورى الدولة ومحاكم الاستئناف والتمييز...)، بطريقة لا تكون لأي جهاز سيطرة كاملة عليه. إضافةً إلى ذلك، ستكون قراراته خاضعة لمناقشات هيئات قضائية عديدة ويمكن استئنافها. هكذا، فإنّ المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين سيصبح، وفق التعديل الجديد، شبيهاً بنظيره في كل من فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، على حد تعبير وزير العدل سعد الله إرغن.
|