صنعاء نيوز - أثارت الكارثة التي وقعت بمنجم “سوما” في تركيا، احتقانا اجتماعيا جديدا ضد رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان، قبل الانتخابات الرئاسية، في حين تتواصل عملية التعبئة وسط جهود مضاعفة من أجل انتشال آخر جثث العمال.
بيّنت صور نشرت، أمس الجمعة ، على شبكات التواصل الاجتماعي أن رئيس الوزراء، رجب طيب أردوغان، المعروف بنوبات غضبه، تهجّم جسديا على أحد المتظاهرين لأنه صب عليه جام غضبه، بيد أنه لم يتسن التأكد من صحة المعلومات من مصدر رسمي.
وزاد في إثارة الجدل، أحد مساعديه الذي ركل متظاهرا آخر طرحه أرضا شرطيون مدججون بالسلاح، حيث أثارت صورة المساعد صدمة واستنكارا داخل تركيا التي تعيش حدادا لثلاثة أيام ينتهي، اليوم السبت.
ونفى المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم نائب رئيس الحزب، حسين جليك، مزاعم ما نشرته بعض وسائل الإعلام حول قيام رئيس الوزراء بصفع أحد المواطنين في متجرٍ بمنطقة “سوما” بولاية “مانيسا”، غرب تركيا التي شهدت كارثة المنجم.
وقال، جليك، في تصريح صحفي، الجمعة، بمقر حزب العدالة والتنمية في العاصمة أنقرة، معلّقا على تلك المزاعم “ليس هناك أي مقطع يثبت ادعاءاتكم، وأنا شاهدت مقطع الفيديو الذي نشرتموه بهذا الخصوص، ولم أجد أية لقطة تثبت مزاعمكم، والآن أنتم تُعطون مصداقية لذلك المقطع ولا تُقيمون اعتبارا لشهادات مئات الناس الذين كانوا في موقع الحادث”.
وكانت مشاعر الحزن على مصرع مئات العمال في منجم للفحم قد تحوّلت إلى غضب شعبي عارم تجاه رئيس الوزراء، أردوغان، الذي يتوقع أن يعلن خلال الأسابيع المقبلة ترشحه للرئاسة والمزمع القيام بها في العاشر من أغسطس القادم.
ومنذ حدوث الكارثة، خرج آلاف الأتراك إلى الشوارع معربين عن استيائهم من الحكومة التي تتعرض لانتقادات والمتهمة بالإهمال وعدم الاكتراث بمصير العمال بشكل عام، لكن السلطات التي اهتزت بحركة تعبئة شعبية غير مسبوقة في حركة احتجاج دامت ثلاثة أسابيع في مختلف أنحاء تركيا خلال صيف 2013، حاولت تهدئة الخواطر واعدة بالتقصي وراء الحقيقة في أسوأ كارثة صناعية في تاريخ البلاد.
لكن نائب الحزب أوضح أن المنجم الذي قتل فيه 284 عاملا على الأقل خضع للتفتيش 11 مرة خلال السنوات الخمس الماضية ونفى وجود أية ثغرات في أنظمة سلامة التعدين في البلاد.
وكان، أردوغان، الذي توجه إلى مكان الحادث، الأربعاء، وعد بالقيام بتحقيق معمّق، لكنه ركز على أن الحادث عرضي، مستشهدا بأمثلة وقعت بداية القرن الماضي، ما زاد في تأجيج غضب الشعب، وقال قبل أن يقابله سكان المنطقة بهتافات استهجان رغم الانتشار الأمني الكبير المحيط به إن “الحوادث جزء من طبيعة المناجم”.
ووضعت الشرطة في حالة استنفار شديد بكافة أنحاء تركيا منذ الحادث وهي تقمع بشدة كل تجمع كما كان الحال، الخميس، في إزمير وإسطنبول، ما أسفر عن سقوط عشرة جرحى على الأقل، وفق وسائل الإعلام.
من جانب آخر، أكدت شركة “سوما هولدينغ” التركية، أمس، أن 284 شخصا لقوا حتفهم في كارثة منجم الفحم الحجري بمدينة سوما الواقعة غرب البلاد، فيما يعتقد أن 18 آخرين مازالوا محاصرين تحت الأرض، نافية في الوقت نفسه وجود إهمال وقالت إن السبب الدقيق للحادث ما زال لم يكشف بعد.
وقال، آكين جيليك، مدير المنجم “ما زلنا لا نعرف كيف وقع الحادث، ليس هناك إهمال من جانبنا في هذا الحادث ولقد عملنا جميعا بتفان”، كما أوضح أنه تم إجلاء 363 شخصا من المنجم بعد اندلاع الحريق، الثلاثاء الماضي، وأن 122 عاملا آخرين نقلوا إلى المستشفى.
وأشار إلى أن الحريق لم يكن مرتبطا بمحطة كهرباء فرعية كما نقلت بعض التقارير، لكن تراكم الحرارة تسبب في انهيار جزئي في المنجم.
من جانبه، أكد وزير الطاقة التركي، تانير يلدز، تلك البيانات، مرجحا بأن يكون 18 عاملا من المحاصرين قد لقوا حتفهم لترتفع الحصيلة بذلك إلى 301 أو 302 قتيلا، مشددا على أن الحكومة لن تتردد على الإطلاق في معاقبة كافة المقصرين الذين تسببوا في وقوع كارثة المنجم.
وفي سياق آخر، كلّف المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين في تركيا، 28 مدعيا عاما، من أجل تسريع الأعمال الخاصة بتشريح الجثث، في إطار التحقيقات الجارية على خلفية حادثة منجم الفحم.
وكانت رئيسة الحزب الديمقراطي الشعبي المعارض، صباحات تونجال، قد قالت في أول تعليق لها على فاجعة منجم “سوما”، إن “هذه الحادثة لو وقعت في بلد آخر لتسببت في استقالة الحكومة على الفور”، ووصفت في تصريحات للصحفيين عقب زيارتها للمصابين الناجين، هذه الواقعة بالأليمة للغاية وأنها تعتبر بحق “مجزرة كبرى”.
وأشارت، تونجال، إلى أن تركيا لم تشهد واقعة أليمة بهذا الحجم، كما أبدت استغرابها من عدم تقديم أردوغان وحكومته استقالتهم بسبب هذه الكارثة، أو على الأقل أن يتحمل وزير العمل والضمان الاجتماعي مسؤوليته كاملة عن الحادثة، إلا أن هذا الأمر لم يحصل، وفق وكالة “جيهان” التركية للأنباء.
وأوضحت إلى أن الحكومة تقول إنها تجري اختبارا بشكل مستمر لمعايير الأمن والسلامة في المنجم المنكوب، وأن آخر اختبار كان في شهر، يناير الماضي، حيث صرحت وقتها أن المنجم آمن ولا يحتوي على أي مخاطر، مشددة على أن الحكومة مسؤولة بشكل كامل عن هذه الفاجعة وعليها تحمّل تبعاتها.
في المقابل، شدّدت، تونجال، على أن المفروض أن يصل وزير العمل والضمان الاجتماعي إلى مكان الحادث ليتابع التطورات الجديدة، مؤكدة على أن الحزب الشعبي الديمقراطي وقف دائما إلى جانب العمال وسيظل كذلك، وسيتعهد بمحاسبة المسؤولين عن هذه الحادثة المؤلمة.
والجدير بالذكر إلى أن كارثة مشابهة وقعت عام 1992، أودت بحياة 263 عاملا في انفجار للغاز بمنجم “زونغولداك”، الواقع شمال البلاد. |